العدد 3335 - الإثنين 24 أكتوبر 2011م الموافق 26 ذي القعدة 1432هـ

المطالب مشروعة والوطن يستحق التنازلات المتبادلة

شوقي العلوي comments [at] alwasatnews.com

.

لو سألت أحداً أياً كان ومن أي طرف كان، سواء من هو في السلطة أو من هو مصنف على أنه موالٍ للسلطة أو من هو في المعارضة أو من هو مصنف على أنه موالٍ للمعارضة، وكذلك من يمكننا تصنيفهم على أنهم لا هنا ولا هناك، وهم الذين أعتقد من يستحق أن نطلق عليهم بالفئة الصامتة، لو سألت أحداً من أي من هذه التصنيفات، عما إذا كان راضياً ويعجبه الحال القائم الآن في الوطن أم لا، بالتأكيد أنك لن تجد من بين هؤلاء جميعاً من سيرد عليك بنعم. البعض منهم سيضيف إلى إجابته (ولكن)، وبعدها يكمل، فبعض من هم في السلطة وما حولها سيقول: فعلوا وقاموا وتآمروا وتخابروا مع دول معادية إلى آخر هذه الاسطوانة، وكلها اتهامات موجهة لقطاع واسع من مكونات الوطن، وعلى وجه الخصوص إلى الفئات الناشطة، وبذلك يحولون قطاعاً واسعاً من الشعب إلى عميل ومتآمر ومجرم. هل يعقل أن يكون قرابة النصف من الشعب هو كذلك؟ لو سلمنا جدلاً أن هناك البعض من هؤلاء كذلك، فهل يعقل أن يكون ما ينطبق على هذا البعض يشمل المجموع؟

إن مثل هذه المعالجات ومثل هذه الخطابات، لن تعمل سوى على توسيع رقعة الانشقاق المجتمعي وإطالة مداه، وبذلك نزيد من معاناة الوطن وإبقائه ممزقاً ومنع عودته إلى عافيته. كيف يكون لي حوار مع من يوجه لي مثل هذه الاتهامات التي تصل إلى درجة الخيانة. الحوار يجري حول خلافات للوصول إلى قواسم مشتركة، أما أن تعبئ ذاتك وتعبئ قسماً كبيراً من المجتمع بمثل هذه الخطابات، فإنك بذلك تبني سدوداً بين مكونات الوطن من الصعب هدمها، وبذلك فأنت تقود الوطن إلى الهاوية.

على الضفة الأخرى وبعد أن يجيبك بلا وبعد أن يضيف إلى رده (ولكن) سيكمل رده موجهاً سيلاً من الانتقادات والاتهامات للسلطة وما حولها. بل في ظل ما يمارسه الطرف المقابل له، يجعل الطريق مسدوداً أمامه، الأمر الذي سيمكن المتطرفين في أوساطه أن تكون لهم الريادة والقيادة، الذين سيزدادون تطرفاً.

قليلون جداً ونادرون ممن هم واقفون في إحدى الضفتين سيتوقف عند ذاته وينتقد ممارساته مثلما ينتقد الطرف المقابل له، وإن وجدت أحداً منهم سيكون انتقاده لذاته على استحياء وخجل. لكل ذلك نحن ندور في حلقة مفرغة، فالسلطة التي قالت في مرحلة من المراحل إن المطالب مشروعة في أغلبها، لم نجد منها على صعيد الواقع في ممارساتها أنها قد وضعت وبحثت بشكل جدي تلك المطالب وحددت موقفاً واضحاً منها، وأن هناك آليات وزمناً محدداً للتجاوب مع تلك المطالب، بل وجدنا منها تصعيداً متنوعاً غير مبرر، يتناقض تماماً مع إقرارها بمشروعية النسبة الكبيرة من تلك المطالب. بالمقابل لم نجد في المعارضة حتى الآن ما يشير إلى دراستها لواقع الخريطة التي أنتجت انقساماً مجتمعياً حاداً. لا يمكن لنا القول في ظل هذا الانقسام إن شعارات وبرامج المعارضة المطروحة تلاقي إجماعاً وطنياً مقبولاً. كما أن المعارضة حتى الآن لم تستطع أن تكون واضحة تماماً في رفضها ونقدها للكثير من الخطابات والممارسات المتطرفة من بعض من يصنفون أنفسهم على أنهم المعارضة الحقيقية، الأمر الذي يجعل من يريد الطعن في كل المعارضة أن يضع الجميع في سلة واحدة، ذلك يعطي هؤلاء الفرصة لتشويه صورة المعارضة وسهولة التأليب عليها ضمن خطة مرسومة.

عندما نقول إن شعارات المعارضة وبرامجها المطروحة لا تلاقي إجماعاً وطنياً مقبولاً، ذلك لا يعني عدم مشروعية تلك المطالب، نعني بذلك عدم مشروعية توقيتها وعدم تناسبها للمرحلة الراهنة ضمن موازين القوى القائمة محلياً وإقليمياً.المطلوب من المعارضة أن تعيد حساباتها وأن تعيد صياغة برامجها وخطاباتها بما يحفظ للوطن تماسكه. وبالمثل مطلوب من السلطة في المقابل أن تعيد دراسة ما قامت به وتقوم به من إجراءات، بما يحفظ للوطن وحدته ومكوناته التماسك.

الغياب الخطير في المعادلة الوطنية هو غياب دور من يقع بين هاتين الضفتين، هذه الفئة التي يجب أن يكون لها الدور الوطني المؤثر، الدور الذي يمكن أن ينزع الكثير من فتيل التوتر والهدم الذي يتم للوطن. المطلوب من هذه الفئات أن تخرج من سلبيتها إلى دور وطني ينقد الوطن مما وصلنا إليه، من دون أن نعرف له نهاية.

نحتاج إلى برنامج وطني يلبي مصالح الوطن ويعيد اللحمة بين أهله ومكوناته، ذلك لا يمكن أن يتم من دون تنازلات متبادلة.

علينا أن نعمل وأن نتفق، فالوطن وأهله لا يتحملان ما يجري وسيجري

إقرأ أيضا لـ "شوقي العلوي"

العدد 3335 - الإثنين 24 أكتوبر 2011م الموافق 26 ذي القعدة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 13 | 6:19 ص

      غريب امرج يا بلادي

      هذي جديدة عدم مشروعية التوقيت!!! مقال غريب في طرحه

    • زائر 12 | 5:34 ص

      اعادة الحسابات الوطنية

      عندما نقول إن شعارات المعارضة وبرامجها المطروحة لا تلاقي إجماعاً وطنياً مقبولاً، ذلك لا يعني عدم مشروعية تلك المطالب، نعني بذلك عدم مشروعية توقيتها وعدم تناسبها للمرحلة الراهنة ضمن موازين القوى القائمة محلياً وإقليمياً.المطلوب من المعارضة أن تعيد حساباتها وأن تعيد صياغة برامجها وخطاباتها بما يحفظ للوطن تماسكه. وبالمثل مطلوب من السلطة في المقابل أن تعيد دراسة ما قامت به وتقوم به من إجراءات، بما يحفظ للوطن وحدته ومكوناته التماسك................. كلام جميل تشكر عليه.

    • زائر 11 | 4:49 ص

      زبدة الكلام وصح لسانك

      المطلوب من المعارضة أن تعيد حساباتها وأن تعيد صياغة برامجها وخطاباتها بما يحفظ للوطن تماسكه. وبالمثل مطلوب من السلطة في المقابل أن تعيد دراسة ما قامت به وتقوم به من إجراءات، بما يحفظ للوطن وحدته ومكوناته التماسك

    • زائر 7 | 12:55 ص

      وهل هناك برنامج وطني أفضل من الراصد؟؟

      نحتاج إلى برنامج وطني يلبي مصالح الوطن ويعيد اللحمة بين أهله ومكوناته...

    • زائر 5 | 12:21 ص

      استاذ شوقي ضعنا بين المتمصلحين والجبناء

      عندما يكافاء من اشتغل على شق الصف عينك عينك عندما تعتقل النساء بطريقه حتى في زمبابواي ما تصير ويطلع لك من يدعى قربه من الله حرصه على الوطن ويصرح بان الديره ابخير بعد ان طحنت الازمه 43 ضحيه بينهم من هو في عمر الزهور ويقبض المقسوم خلاص سوى اللي عليه ناسي و متناسي انه يعيش في القرن الواحد العشرين وانه يعيش بين اوادم الافضل وعيا في العالم

    • زائر 4 | 12:12 ص

      منذ زمن وهذا التعامل موجود - رمتني بدائها

      كنا ولا زلنا مشكوك فينا فنحن كالديون المشكوك في تحصيلها دائما لها خانة في ميزانيات الشركات والمؤسسات كذلك نحن مهما بدلنا ومهما قدمنا ومهما فعلنا يظل البعض يشير الينا ببنان الشكوك وهؤلا كما يقول المثل العربي رمتني بدائها وانسلّـت اي انها تتهم غيرها بما هو فيها
      وهذا احد اسباب الازمة ما لم يتم التعامل معنا على حد سواء مواطنين كغيرنا

    • زائر 3 | 11:48 م

      المصلي

      لاحياة لمن تنادي واسفا على هذا الوطن الغالي نتمنى من الله العلي القدير ان يجمع كلمتنا ويوحد صفوفنا يارب العالمين وترجع البحرين كما كانت واحسن فعلا نحتاج وفي هذا الوقت بالذات برنامج وطني بحوار جاد يلبي مطالب الشعب ويعيد اللحمة الوطنية بين مكونات المجتمع وهذا لايتأتى الا بتقديم تنازلات متبادلة تقوم على اسس سليمة لبناء الدولة الحديثة واخد الدروس والعبر بما يجري بالساحة العربية

    • زائر 2 | 11:42 م

      التضحيات جسام

      هل من طريقة اخرى يريده الواشون او يملكه الرافضين لمطالب الناس من مكانة تليق بالفرد من اهل البلد والتاريخ لم يذكر ان تجلس في بيتك وتنتظر الحقوق .

    • زائر 1 | 11:25 م

      ما المقصود بعدم مشروعية التوقيت

      يا ترى متى التوقيت المناسب الذي يمكن للمعارضة ان تطرح المطالب الشعبية او قل المطالب فقط ان اعتبرنا ان المطالبين بها فئة معينه دون اخرى، هل ننتظر عشر سنوات اخرى ليكون الفساد قد اكل كل البحرين وخصخصة حتى الهواء الذي نتنفس. هذه المطالب اصبحت من مسلمات الأمم المتقدمة كما حقوق الإنسان.

اقرأ ايضاً