العدد 3336 - الثلثاء 25 أكتوبر 2011م الموافق 27 ذي القعدة 1432هـ

حزب النهضة التونسي والامتحان الديمقراطي

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

تشير نتائج الانتخابات التونسية لحد الآن إلى فوز تاريخي لحزب النهضة في أول انتخابات ديمقراطية لاختيار جمعية تأسيسية، وسارع زعيم الحزب الشيخ راشد الغنوشي إلى توجيه رسائل تطمينية إلى داخل وخارج تونس بشأن توجهات الحزب الذي يمثل الحركة الإسلامية التونسية منذ أربعة عقود.

حزب النهضة تمت تصفيته تقريباً في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وتحول حينها إلى حركة سرية، بينما عاش الغنوشي مع عدد غير قليل من أنصاره في المنفى في لندن وباقي الدول الأوروبية وغير الأوروبية. وفجأة أطاح الشعب بالمستبد «بن علي»، وفجأة أيضاً يخرج حزب النهضة من تحت الأرض ليفوز بـ 40 في المئة من أصوات التونسيين بحسب النتائج التي ذكرت حتى مساء أمس.

الغنوشي قال إن حزبه يقف ضد الاستبداد ومن أجل المساواة والحرية والكرامة، وإن هذه الانتخابات ليست مهمة فقط بالنسبة إلى تونس، ولكنها محورية لكل المنطقة العربية وخارجها، وهي تمثل فرصة لدحض الفكرة التي تتحدث عن «الاستثناء العربي» من البيئة الديمقراطية التي ينعم بها الآخرون.

الغنوشي قال إنه يؤمن بالديمقراطية من خلال مؤسسات وآليات تضمن الحريات الشخصية والعامة، وتضمن الانتقال السلمي للسلطة عبر الانتخابات، وتضمن حماية حقوق المرأة، والفصل بين السلطات، واستقلال القضاء، وحرية الإعلام، وحماية حقوق الأقليات، وإن كل هذه تعتبر من مبادئ الإسلام الحاثة على العدل والشورى والمساءلة.

لاشك في أن السنوات الطويلة التي قضاها الغنوشي في لندن لها أثرها المختلف عما شهدناه لدى آخرين. فبدلاً من التسطيح أو التطرف الذي أصاب بعض الحركات الإسلامية، راح الغنوشي ينظّر ويسعى لتأصيل مفاهيم التعددية والديمقراطية في الإسلام. وكنت من الذين يسعدون بالاستماع إليه في الندوات النوعية التي كانت تنظم باستمرار في بريطانيا، وشخصياً أعتبر نفسي من المتأثرين بعدد من الأفكار والمقاربات التي كان الغنوشي وناشطو حزب النهضة يطرحونها باستمرار في المهجر.

التعددية لدى الإسلاميين تنطلق من جذور كثيرة تتواجد في التراث الإسلامي، من بينها «التعاقد الاجتماعي» الذي نراه واضحاً في «صحيفة المدينة» التي أصدرها الرسول (ص) عندما أقام حكومته في المدينة المنورة، كما أن القرآن الكريم يوجه إلى توثيق معاملة بسيطة مثل الاستلاف «إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه» (البقرة / 282)، فكيف الحال بالنسبة إلى شئون الدولة والمجتمع الكبرى؟... يبقى أن هذا كله في الجانب التنظيري، والآن فإن على حزب النهضة أن يثبت ذلك عملياً وعلى أرض الواقع

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 3336 - الثلثاء 25 أكتوبر 2011م الموافق 27 ذي القعدة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 1:45 ص

      لامخاوف

      انا كذلك التقيت بالشيخ راشد الغنوشي و سمعت منه و لكن ليس كثيرأ, إلا أنني اتفق معك فالشيخ بأفكاره المنفتحة و ثقافته الواسعة و سنوات لندن الطويلة, لا أراه يسمح للتطرف الاسلامي أو غيره أن يفشل المشروع الاصلاحي التونسي و يضيع بذلك نتيجة نضال قضي عمره لاجله.

      لديك قابلية تحليل عميقة يادكتور و انا أشيد بها.

    • زائر 2 | 12:38 ص

      نتمنى يادكتور الازدهار والتقدم لتونس ومصر

      دكتور انشا الله تكون ديمقراطيه ومو ديموخراطيه لا ن الدمقراطيه على لسان المسؤليين احلى من العسل عنما يتكلمون فقط ولاكن الافعال هي اقرب الى الديمخراطيه اخذوا يجترون قشور الديمقراطيه ورموا بلبابها في سله مهملاتهم وهذا ما ضيعنا وضيعهم يا دكتور

    • زائر 1 | 11:53 م

      كلام جميل وكبير ويحتاج لتأمل

      القرآن الكريم يوجه إلى توثيق معاملة بسيطة مثل الاستلاف «إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه» (البقرة / 282)، فكيف الحال بالنسبة إلى شئون الدولة والمجتمع الكبرى؟

اقرأ ايضاً