العدد 3354 - السبت 12 نوفمبر 2011م الموافق 16 ذي الحجة 1432هـ

سماسرة السجلات يحولون «العمالة الوافدة» إلى أرباب عمل

ينتشرون في مختلف مناطق البحرين

المشكلة ليست مقتصرة على البحرين فحسب فهي منتشرة  في دول الخليج العربي
المشكلة ليست مقتصرة على البحرين فحسب فهي منتشرة في دول الخليج العربي

«التستر التجاري»، ويقصد به تأجير السجلات التجارية على الأجانب، هو ظاهرة خطيرة على الأفراد وعلى الاقتصاد الوطني.

وانتشرت هذه الظاهرة في البحرين كما في دول الخليج، الأمر الذي يستدعي، للقضاء عليها، تضافر جميع الجهود في المجتمع سواء من جانب الجهات الرسمية أو غير الرسمية وكذلك الأفراد والجماعات وجمعيات النفع العام.

وأولت حكومة مملكة البحرين هذا الموضوع اهتماماً خاصّاً، فأصدرت المرسوم بقانون رقم (1) للعام 1987 بشأن بعض الأحكام المتعلقة ببيع وتأجير المحلات التجارية ووضعت عقوبات محددة لمرتكبي هذا النوع من المخالفات للتصدي لهذه الممارسات الخاطئة، حيث حددت المادتان الثانية والثالثة من هذا المرسوم عقوبات لمرتكبي مثل هذا النوع من المخالفات (لكل من المؤجر والمستأجر الأجنبي)، بهدف الوقوف في وجه مثل هذا النوع من الممارسات الخاطئة، ومن هذه العقوبات:

  • إخطار التاجر بالمخالفة مع منح الوزارة الحق في غلق المحل إداريّاً.
  • الحبس لمدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تتجاوز ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين لكل من أنذر بسبب ارتكابه هذه المخالفة ولم يزلها خلال المهلة المحددة له من قبل وزارة الصناعة والتجارة، أو عاد ثانيةً لارتكاب هذه المخالفة على رغم إنذاره سابقاً.
  • محو قيد الشخص بالسجل التجاري وإغلاق المحل التجاري الذي وقعت فيه المخالفة.

وعلى رغم كل ذلك؛ فإن الظاهرة أصبحت آفة تأكل الأخضر واليابس بعدما انتشرت بشكل كبير جداً في دول الخليج كافة وما البحرين إلا أنموذج لاستفحالها، ما أدى إلى تضخم «المارد الأجنبي» في البلد والذي بات يهدد المواطن والاقتصاد الوطني بالدرجة الأولى.

ولتسليط الضوء على هذه الظاهرة في البحرين؛ كانت لنا وقفة مع بعض القصص والنماذج الواقعية.

بيجو (45عاماً) جاء إلى البحرين من الهند وهو ضمن مئات الأشخاص، وافق، بعد جهد جهيد، أن يروي لنا فصلاً من حكايته الطويلة، وهنا أشير إلى أن الكثير من الوافدين رفضوا حتى اللقاء بهم عن هذا الموضوع، وامتنع آخرون عن كشف الكيفية والطريقة للتنامي المطرد لنفوذهم بالبحرين، لذلك لم يكن من السهل عليّ دخول هذا العالم الكبير والغوص فيه للبحث والتقصي عن ذلك الأمر.

عشرات المرات تلك التي قمت فيها بزيارة بيجو خلال شهرين في محله لبيع المواد الاستهلاكية والغذائية حتى تمكنت بعد عناء وتعب شديدين من إقناعه بالمشاركة في هذا التحقيق شرط أن يتم تمويه صورته حتى لا يتم التعرف عليه ويتحمل تبعات الإشكال القانوني جراء استئجاره أحد السجلات التجارية من قبل أحد المواطنين، وكان له ما أراده وكان لي ما أردته.

فور وصول بيجو إلى البحرين كان من المفترض أن يشغل مهنة بسيطة مع أحد المواطنين بمحل لبيع المواد الاستهلاكية والغذائية، إلا أنه وبعد فترة من الزمن اكتشف أنه يسير عكس الاتجاه، وكان لابد أن يصحح ذلك بطريقة اتبعها الكثيرون ومازال يتبعها غيره حتى استطاعوا خلال فترة وجيزة من جمع أموال طائلة.

يعتبر بيجو نفسه محظوظاً بكفيله الذي لم يجد خياراً غير أن يوافق على طلبه باستئجار السجل، وذلك نظير مبلغ مادي يتسلمه منه نهاية كل شهر، ويوفر بذلك عليه عناء المسئولية، فضلاً عن أنه لن يتحمل تبعات الخسارة فيه.

ظل بيجو مستمراً في إدارة المحل حتى تمكن بمهارته وحسن إدارته أن يكوِّن له فوائد مجزية وتمكن على إثرها من فتح عدة محلات أخرى، بل وقام بتوظيف عدد من أبناء جلدته في تلك المحلات التجارية.

عندما سألت بيجو عن كيفية تدارك التفتيش المفاجئ من قبل الجهات المختصة للمحل، أجاب بأن الأمر بسيط؛ فالمحل ليس محله ولا السجل التجاري يحمل اسمه، فمكالمة واحدة لكفيله ليأتي على الفور ويبصم بالعشر على أن المحل محله وليس مؤجراً لأحد الأجانب، وبذلك ينجو بيجو من المساءلة القانونية بحيلة يجهل فيها صاحب السجل التجاري الكثير من السلبيات المترتبة جراء ذلك ومن أهمها تزايد النفوذ الحتمي للأجانب في البلد ما يؤثر بدوره على الاقتصاد، ويتضرر المواطنون بسبب منافسة الأجانب لهم في الكثير من المواقع.

القصص كثيرة، البطل والمخرج والمنفذ فيها هو ذلك الوافد الذي أتى إلى البلاد ليشغل مهنة بسيطة إلا أنه ومع مرور الوقت يصبح الآمر والناهي، ويتزايد نفوذه ليكون هو صاحب العمل، وتتحدث وزارة الصناعة عن هذه الظاهرة المتنامية بعدم قانونيتها، ويمكن قياس سلبيات انتشارها على المواطن واقتصاد البلاد، إلا أن الحل لايزال بعيداً كما يبدو مع استمرار الكثير من المواطنين في تأجير سجلاتهم التجارية على الأجانب من دون وضع أي اعتبار للنتيجة المترتبة على ذلك الأمر.

المشكلة ليست وليدة اللحظة وهي منتشرة في دول الخليج العربي كما أسلفنا وما البحرين إلا أنموذج لاستفحال هذه الظاهرة التي باتت تنخر في مقدرات البلدان الخليجية واقتصادها، والمشكلة هنا في البحرين تبدأ من المواطن الذي يوافق على تأجير السجل التجاري للوافد الأجنبي نظير عائد مادي بسيط من دون أن يضع في اعتباره تبعات وتداعيات هذا الأمر، وصولاً بالوافد الأجنبي الذي وافق بدوره على استئجار المحل وإدارته، ولا ينتهي الأمر عند القوانين الفضفاضة، وعدم وجود آلية رقابة صارمة من قبل الجهات المختصة على المحلات التجارية بصورة دورية.

محمد إقبال: أمتلك الآن عدة صالونات بعد أن كان واحداً فقط

بدا محمد إقبال (46عاماً) في حال يحسده عليه الكثيرون من أبناء جلدته، فبالإضافة إلى عمله حلاقاً بصالون حلاقة رجالي بإحدى القرى في البحرين؛ فهو لديه سيارته الخاصة وعدة هواتف محمولة، بل أصبح إقبال يمتلك الهاتف الذكي (الآي فون) ما أثار فضولي للدخول إلى عالمه، والذي لم يكن أسهل من سابقه بل استغرق الأمر مني عدة أشهر واضبت فيها على الحلاقة لديه، حتى تمكنت من نيل ثقته لأطرح أسئلتي عليه.

أجاب إقبال على أسئلتي محاولاً إقناعي بضرورة إخراج سجل تجاري حتى أقوم بتأجيره إياه نظير مبلغ مادي أتسلمه نهاية كل شهر منه، مؤكداً أن في ذلك فائدة وراحة لي.

محمد إقبال بدأ حكايته بقوله: «منذ أن جئت إلى البحرين وأنا أعمل في هذا الحلاق وكانت البداية صعبة لي قبل أن يوافق صاحب السجل التجاري على العرض الذي عرضته عليه، بتأجير السجل نظير مبلغ مادي بسيط، وبعد أن وافق انفتحت لي أبواب الخير لأدخل من أوسعها، حيث إنني تمكنت خلال فترة بسيطة من جمع مبالغ مالية كبيرة حتى تمكنت من فتح عدة صالونات للحلاقة موزعة على أنحاء متفرقة في البحرين، وجمعت من خلالها آلاف الدنانير لم أتمكن جمعها في بلدي خلال سنين».

المواطن شريف الحمر: خسرت 46 ألف دينار لامتناعي عن تأجير السجل

شريف الحمر مواطن بحريني امتهن التجارة في العام 2004، وتمكن من إدارة مؤسسته جيداً حتى حظيّ بالعديد من مناقصات المشاريع الخاصة، بيد أنه لم يتوقع أن يفاجأ بتقاعس العمال عن تأدية عملهم ثم توقفهم عن العمل لأسباب مجهولة.

ظل الحمر مستغرباً من تصرف العمال وخصوصاً أنه لم يبخل عليهم بالرواتب الجيدة، بالإضافة إلى أنه لم يتأخر في صرف رواتبهم... إذاً ما الذي يحدث؟ ولم كل هذا؟

ذات يوم جاءه الجواب، وذلك عندما أتاه مندوب وكله العمال ليتحدث باسمهم عنده، حيث أوضح له رغبتهم في استئجار السجل التجاري من عنده ليتكفلوا هم بتنفيذ الاتفاقيات المبرمة مع الشركات، ويرتاح هو بذلك من عناء الإدارة.

لم يصدق الحمر ما قد سمعه، وكأن الأرض دارت به في لحظات، فالمشكلة لا تكمن في عدم موافقته على عرض العمال، بل إن المشكلة هي أن مبادئه لا تسمح له أن يكون مساهماً في استفحال هذه الظاهرة الخطيرة والتي تؤثر على الاقتصاد وعلى المواطن البحريني، لذلك كان الرفض عنواناً رئيسيّاً لعرضهم والنتيجة كانت سحب الشركات المشاريع التي أرسيت على مؤسسته لعجزها عن إنجازها وخسر بذلك 46 ألف دينار بحريني المبلغ المستحق لتلك المشاريع والسبب هذه الآفة.

أم عبدالله: خسرت كل ما أملك نتيجة إيجاري السجل التجاري لأجنبي

«تمنيت لو أنه كان حلماً مزعجاً ليس إلا» بهذه الكلمات بدأت أم عبدالله لتسرد لي معاناتها مع ظاهرة تأجير السجل التجاري لأحد الأجانب، حيث خسرت الشركة وتحملت التكاليف المترتبة على ذلك.

وأضافت أم عبدالله «قمت باستخراج سجل تجاري لي لشركة دعاية وإعلان وفي بادئ الأمر وفقت في إدارتها قبل أن يزداد الضغط عليّ وتتراكم عليَّ الأعمال، ولم أتردد لحظة ما في موافقتي على تأجيري السجل التجاري بما فيه لأحد المسئولين بالمكتب وذلك إثر نصيحة أحد الأقرباء بهذه الخطوة حيث الراحة من عناء العمل، والحصول على مبلغ عند نهاية كل شهر».

بداية استئجار السجل؛ كانت جميع الأمور تسير على ما يرام قبل أن يخبرني ذات يوم بقرب سفره، ولأنني لم أكن مطلعة على ما فعله طوال هذه المدة، لذلك كان وقع الأمر عليّ مثل الصاعقة؛ إذ فوجئت بمستحقات فواتير الهواتف وغيرها تقدر قيمتها بالآلاف، لم أتمالك نفسي فوقعت على الأرض مغشىً عليّ، بيد أن ذلك الأمر لم يشفع لي إذ تفاجأت أيضاً بمديونيات عليّ لعدة جهات وعليها تم تحويل القضية إلى المحاكم التي حكمت بدورها عليّ حيث إنني من يتحمل التبعات القانونية لعدم شرعية تأجير السجل التجاري لأجنبي».

أصحاب الأعمال

ويتحدث رجل الأعمال وعضو غرفة تجارة وصناعة البحرين عبدالحكيم الشمري عن تنامي النفوذ الأجنبي في دول الخليج العربية كافة والبحرين من خلال انتشار ظاهرة استئجار السجل التجاري، يقول: «لاشك في أن الأنظمة والقوانين تنص صراحة على تجريم تأجير السجلات التجارية بل وتتعدى ذلك لتحمل صاحب السجل التجاري جميع التبعات القانونية والمالية المتعلقة بالأمر».

ويوضح الشمري «عندما وضع المشرع النصوص الخاصة بتجريم ظاهرة تأجير السجلات التجارية وضع في اعتباره بالدرجة الأولى حماية المواطن والاقتصاد من اختراق العمالة الوافدة وتنامي نفوذهم في البلد، وهذه القوانين جاءت بالدرجة الأولى لحماية المواطن من أي ممارسات خاطئة من تزايد وتنامي العمالة الوافدة، وباعتقادي أن الأنظمة والقوانين موجودة ولكن يبقى الأمر منوطاً بالجانب الرقابي والتنفيذي لتلك القوانين».

وعن الحد من هذه الظاهرة يؤكد الشمري أن «تقوم وزارة التجارة والصناعة ببث الوعي لدى المواطن بسلبيات انتشار هذه الظاهرة وذلك من خلال إبراز بعض القضايا التي تورط بها بعض المواطنين جراء هذا التجاوز».

البعد الاقتصادي

ويتحدث الاقتصادي تقي الزيرة عن هذه الظاهرة قائلاً: «هي ظاهرة اجتماعية، ثقافية، اقتصادية، سلبية ومنتشرة في البحرين وبدول الخليج العربي بشكل كبير، حيث يقوم بعض أصحاب المؤسسات بتأجير السجل التجاري بشكل باطني على الأجانب الأمر الذي يؤدي بدوره إلى تداعيات وتبعات خطيرة على الاقتصاد والمواطن وخصوصاً فئة الشباب الذين يعانون من عدم حصولهم على فرصة وظيفية».

ويتابع «بالإضافة إلى أن المستأجر الأجنبي للسجل بطريقة باطنية سينافس أصحاب العمل من البحرينيين الذين يديرون مشاريعهم بأنفسهم، ولأن المنافسة ستكون غير متكافئة ما ستؤدي إلى تنامي النفوذ الأجنبي في البلد «.

وأضاف «أعتقد بضرورة وجود قانون على هيئة مشروع مشترك، كما أن محاربة انتشار هذه الآفة مسئولية مشتركة بدءاً من المواطن ووصولاً إلى الدولة، ومعالجتها تتطلب وجود قوانين وأنظمة صارمة توكلّ مهمتها إلى إحدى الشركات المتخصصة لاستئصالها من جذورها بعد دراسة أسباب انتشارها».

البعد القانوني

ويوضح المحامي فريد غازي البعد القانوني لهذه الظاهرة فيقول: «بعض الأحكام المتعلقة ببيع وتأجير المحلات التجارية جاءت واضحة وصريحة فيحظر على أي تاجر – فرداً كان أو شركة – أن يؤجر السجل التجاري لأجنبي، وتوجد عشرات القضايا المنظورة أمام المحاكم بما فيها محاكم التمييز التي تقر صراحة ببطلان تأجير السجلات التجارية على الأجانب».

ويؤكد أن «مئات البحرينيين كانوا ضحايا تلك العملية غير القانونية والتي ترتب عليهم مديونيات بآلاف الدنانير بعد أن تورطوا في مثل تلك القضايا».

وختم حديثه قائلاً: «أعتقد عن انتشار هذه الظاهرة مسئوليتها بالدرجة الأولى تقع على المواطن الذي ينتظر الربح السريع متجاهلاً التبعات القانونية والمشاكل التي قد تتفاقم عليه جراء تأجيره السجل التجاري لأجنبي، ولهذا يجب على الجهات المختصة توعية المواطنين عبر بث المشاكل القانونية المترتبة على المواطنين جراء ذلك، كما أنني أتمنى من المواطنين اللجوء إلى أي مكتب قانوني لطلب الاستشارة القانونية قبل أن يقدم على تلك الخطوة».


«التجارة»: مستمرون في تكثيف الحملات التفتيشية

قالت وزارة الصناعة والتجارة بشأن المراقبة والحملات التفتيشية إنها «وبما يتوافر لديها من موارد بشرية محدودة؛ مستمرة في تكثيف الحملات التفتيشية على المحلات التجارية للتأكد من قيام أصحاب السجلات التجارية بمزاولة الأنشطة المرخصة لهم بأنفسهم أو من خلال العمال المسجلين على كفالة صاحب السجل. وليس عندها آلاف المفتشين لزيارة كل موقع وإنما لابد لمن يعيش ويشاهد التجاوز أن يطلع الجهة الرسمية عنه حالا»ً.

وأشارت الوزارة إلى «وجود تحرك للتصدي لهذا النوع من المخالفات، وذلك بالتعاون مع عدد من الجهات الرسمية، فقد شكلت لجنة مشتركة لهذا الغرض برئاسة الوكيل المساعد للتجارة المحلية بوزارة الصناعة والتجارة وممثلي كل من: غرفة تجارة وصناعة البحرين ووزارة العمل وهيئة تنظيم سوق العمل والنيابة العامة، وقد تنضم إليها جهات رسمية أخرى خلال الأيام المقبلة، واجتمعت اللجنة واقترحت عدة اقتراحات تصب في صالح معالجة هذه الظاهرة».

وأضافت أنها «تدرس حالياً إعداد وتنظيم حملات تثقيفية وإلقاء محاضرات توعوية على الفئات المستهدفة والمستغلة لاستخراج سجلات تجارية باسمها مثل ربات البيوت وكبار السن وذلك من قبل قسم الإرشاد التجاري بإدارة السجل التجاري لشرح الجوانب الإيجابية والسلبية المرتبطة بالسجلات التجارية، والعواقب الوخيمة التي قد يواجهها صاحب السجل التجاري عند مخالفته قوانين وأنظمة السجل التجاري ولاسيما تأجير السجل على أجانب. كما يتم الإعداد لإصدار كتيبات ونشرات وإعلانات توعوية لتحقيق هذا الهدف، بالإضافة إلى ما تطبقه وزارة الصناعة والتجارة حالياً من إجراءات».

وعن الإجراءات التي تقوم بها وزارة الصناعة والتجارة عند طلب استئجار سجل تجاري؛ ذكرت أنها تشترط حضور صاحب السجل شخصياً عند تقديم طلب استخراج الترخيص التجاري أو أي تأشير يطرأ عليه باستثناء التجديد، وإلزام مقدم الطلب بتزويد الوزارة بالبيانات والمستندات كافة المطلوبة، مثل إثبات توافر الملاءة المالية وشهادات الخبرة والمؤهلات لدى طالب الترخيص، وأن أحد الأهداف من فرض هذه الاشتراطات؛ هو التأكد من أن صاحب السجل هو من سيدير النشاط لمحله التجاري بنفسه، كما قامت الوزارة وبالتنسيق مع وزارة العمل بالتعميم على جميع البنوك بأن الحسابات المصرفية لأي محل يجب أن تصدر بالاسم الشخصي أو الاسم التجاري لصاحب السجل طبقاً لما هو مدون بشهادات التسجيل الصادرة عن الإدارات المعنية بوزارة الصناعة والتجارة.

وذكرت الوزارة أن هناك متابعة أولية من قبل قسم التفتيش التجاري بإدارة السجل التجاري. فخلال الشهور الأولى من إصدار السجل التجاري يقوم القسم بمطابقة الرقم الشخصي لصاحب السجل مع الرقم الشخصي لشاغل المحل «المستأجر» بالنظام الآلي لوزارة الكهرباء والماء للتأكد من الصدقية، كما يقوم بالتفتيش على المحلات التجارية للتأكد من مزاولة النشاط ووجود اللافتة بالمحل وبمواصفات محددة، وأن المحل يدار من قبل صاحب المنشأة بنفسه أو من قبل موظفيه، وكذلك التأكد من أن العمالة المجلوبة للمنشأة مسجلة بالكامل لدى هيئة التأمينات الاجتماعية، وإذا ما ثبت وجود أي نوع من المخالفات؛ فإن إدارة السجل التجاري المعنية بوزارة الصناعة والتجارة لا تتردد في اتخاذ الإجراءات الإدارية والقانونية ضد مرتكبي هذه المخالفات، وإعطاء السجل التجاري لطالبه يكفله الدستور والقوانين في البلاد متى استوفى طالب العمل الإجراءات الحكومية المطلوبة.

وأشارت الوزارة إلى متابعات مستمرة يقوم بها قسم التفتيش التجاري بإدارة السجل التجاري بوزارة الصناعة والتجارة بعد إصدار الترخيص. فهناك حملات تفتيشية شاملة أو متخصصة على أنشطة معينة وبصورة مستمرة طوال العام بالتعاون مع الجهات الرسمية الأخرى مثل التفتيش العمالي بوزارة العمل وهيئة تنظيم سوق العمل للتأكد من أن المحلات التجارية تعمل ضمن متطلبات وشروط أنظمة السجل التجاري بما في ذلك التأكد من أن المحل يدار من قبل صاحب السجل أو موظفيه، ووقف جميع المحلات التجارية المخالفة لأنظمة واشتراطات الترخيص بالسجل التجاري.

إجراءات ضد المخالفة بـ «التستر التجاري»

وقالت وزارة الصناعة والتجارة إنه إذا ثبت لدى الوزارة ارتكاب صاحب السجل التجاري مخالفة «التستر التجاري»؛ فإن الوزارة تنفذ إجراءاتها على المخالف. وتتمثل في: تحرير محضر بالمخالفة من قبل المفتش في موقع المحل، إدخال المخالفة على قيد السجل بالنظام الآلي للسجل التجاري ووقف جميع إجراءات صاحب السجل المخالف مع الجهات الرسمية الأخرى المرتبطة آليّاً بنظام السجل التجاري بوزارة الصناعة والتجارة، إخطار التاجر خطياً بالمخالفة وتحديد مهلة أسبوع واحد لتصحيح الوضع وإزالة أسباب المخالفة، فإذا لم يستجب المتجاوز ويزيل أسباب المخالفة خلال المهلة المحددة، يحال موضوعه إلى النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة وإذا كانت المخالفة خطيرة يحال الأمر إلى النيابة العامة فوراً، وفي حالة الإدانة يتم شطب القيد من السجل التجاري، وحرمان صاحب السجل من إصدار أي سجلات مستقبلية.

وزارة الصناعة ترحب بأي مقترحات

إلى ذلك؛ رحبت وزارة الصناعة والتجارة بأية مقترحات قد تساهم في رصد هذه المخالفة والحد منها، وسبق لها أن دعت جميع المعنيين بالجهات الرسمية وغير الرسمية لأخذ دور فعال في مكافحة هذه الظاهرة.

أين المشكلة إذاً؟

المشكلة تكمن في أن السجلات باسم بحرينيين، وبالتالي فإن ملكية السجلات هي لبحرينيين، لكن هناك الكثير منها مؤجر وهو ما يعني ملكية للأجانب بطريقة غير مباشرة وهو ما يطلق عليه اسم «التستر التجاري»، ولذلك فإن إثبات هذه المخالفة وتوثيقها صعب بل يكاد أن يكون مستحيلاً على الجهات المعنية كي تتمكن من إحالة هذه الحالات إلى القضاء، وربما جاز لنا أن نطلق على هذه المخالفة مصطلح «السهل الممتنع»، فبقدر ما نسمع أن هذه المخالفة تعتبر ظاهرة متفشية؛ فإن المختصين في وزارة الصناعة والتجارة يجدون صعوبة في إثباتها وتوثيقها، فتراخيص المحلات التجارية تصدر فقط لمن يسمح لهم القانون مزاولة الأنشطة التجارية، إلا أن بعض هؤلاء قد يلجأون إلى التأجير من الباطن إلى أجانب والذين غالباً ما يكونون تحت كفالتهم. ففي مثل هذه الحالات فإنه لا يمكن للوزارة اتخاذ أي إجراء بحقهم لعدم وجود الأدلة والمستندات المؤيدة التي تساهم بالجزم بحدوث هذه المخالفة.

ولذلك فإن الحد من هذا النوع من التجاوزات والمخالفات يتطلب تضافر جهود الجميع، سواء جهات ومؤسسات رسمية أو غير رسمية وكذلك أفراد المجتمع لتوعية الجمهور بخطورة مثل هذا التصرف على الاقتصاد الوطني عامة وعلى المرخص له خاصة، حيث يتمتع الأجنبي (مستأجر السجل) بمزايا وفوائد الترخيص، في حين تلقى التبعات والمسئوليات القانونية على المؤجر (صاحب الترخيص).

العمالة الوافدة استطاعت أن تخلق فرص عمل «لها ولأسرها»

عندما نصنف السجلات المؤجرة على أنها ملكية أجنبية من الباطن؛ فإن العمالة الوافدة تسيطر على الغالبية من ملكية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وإذا كان السجل مؤجراً إلى عامل وافد، فإنه من الطبيعي أن يستقدم أهله وأصدقاءه للإدارة والتسويق. ما يعني هيمنة العمالة الوافدة على قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة امتلاكاً وإدارة وتسويقاً تحت مظلة ما اصطلح عليه اقتصاد الظل أو (التجارة المستترة) وذلك نتيجة تفشي ثقافة ظاهرة السجلات التجارية في مملكة البحرين.

وبحسب إحصاءات رسمية؛ فقد استحوذت العمالة الأجنبية على نسبة تتراوح ما بين 85 و95 في المئة سنوياً من إجمالي الوظائف التي يولدها القطاع الخاص من 2006 حتى 2010.

وأوضحت إحصاءات لهيئة التأمينات الاجتماعية أن عدد العمالة الأجنبية المؤمن عليها، قفز من 271 ألف عامل في 2006 إلى نحو 372 ألف عامل في 2010.

وأكدت إحصاءات التأمينات أن نسبة 79 في المئة من عدد العمالة الأجنبية البالغ عددها 292 ألف عامل، تقل رواتبها عن 200 دينار.

ولهذا فإن العمالة الوافدة من خلال قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، استطاعت أن تخلق فرص عمل، لـ «نفسها ولأسرها»، وربما اليوم الذي يكون فيه المارد الأجنبي متحكماً في الاقتصاد والتجارة في مملكة البحرين بات قريباً جداً، والسبب في ذلك يعود بالدرجة الأولى إلى المواطن الذي ساهم وساعد بدعم النفوذ الأجنبي في بلده.

مكافحة هذه الظاهرة مسئولية الجميع

يمكن لبعض الجهات أن يكون لها دور فاعل في مكافحة هذه الظاهرة مثل: الصحافة التي عليها أن تنشر جميع القضايا المتعلقة بتأجير السجلات أو المحلات التجارية المحالة إلى المحاكم وإبراز حجم الضرر المادي والمعنوي الذي لحق بالمؤجر أو المواطن نتيجة تأجيره سجلاً أو محلاً تجارياً لأجنبي، الأجهزة القضائية وذلك عن طريق إدراج الشق الخاص بمخالفة المرسوم بقانون رقم (1) للعام 1987 بشأن بعض الأحكام المتعلقة ببيع وتأجير المحلات التجارية إدراجاً تلقائيّاً في قضايا المطالبات المالية أو غيرها والتي ترد عليها بسبب تأجير السجلات التجارية لأجانب، الأجهزة الأمنية وذلك بإيجاد آلية معينة لملاحقة الأجانب المتورطين في معاملات استئجار السجلات أو المحلات التجارية بعد مغادرتهم، كما أن الأدباء والكتاب يستطيعون المساهمة في مكافحة هذه الظاهرة عن طريق كتابة ونشر الروايات والمسرحيات والقصص القصيرة عن المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي نجمت عن تأجير السجلات التجارية لأجانب، كذلك فإن هيئة الإعلام تستطيع من خلال إنتاج الأفلام والمسلسلات التوعية بمخاطر تأجير السجلات التجارية، والتبعات المالية والقانونية التي تحملها المواطن «المؤجر لسجله التجاري» نتيجة استحواذ المستأجر الأجنبي على المنافع المادية للمحلات التجارية وهروبه لوطنه بالأموال تاركاً المواطن المؤجر يغرق في الديون التجارية التي أبرمها الأجنبي المستأجر باسم المواطن المؤجر.

لنقل كلمة هنا

بعد أخذ إحصائية لشهر سبتمبر/ أيلول من الموقع الرسمي لوزارة التجارة والصناعة البحرينية عن كمية السجلات الجديدة أو المستخرجة لها أفرع خلال هذا الشهر؛ تبين أن عدد السجلات بلغ نحو 554 شركة نشطة والجداول تبين لنا تلك الإحصائية خلال شهر واحد فقط، ومقارنة مع صغر حجم البلد والتضخم المطرد لاستخراج السجلات التجارية، الأمر الذي يطرح بدوره عدة أسئلة عن ماهية تلك السجلات، وكم هي عدد السجلات من ضمن ذلك الرقم الكبير مؤجرة لأجانب بطريقة باطنية وغير قانونية، ولذلك تبقى المسئولية الملقاة على عاتق الجميع مسئولية ضخمة وحلها يبدأ من المواطن ولا تنتهي عند الدولة، فهل سنرى انتهاء هذه الظاهرة عما قريب، نتمنى ذلك

العدد 3354 - السبت 12 نوفمبر 2011م الموافق 16 ذي الحجة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 8:33 ص

      عجب

      قوانين هالوزراة تحديداً أقرب منها للفوضى ، لا يوجد إلا بضع دكاكين يملكها أصحابها فعلاً و هناك بعض المحلات من المستحيل أن تجدها لمواطن ..
      و للعلم في قريتي هناك مجموعة آسيويين يديرون أكثر من 3 محلات و لديهم في قرى أخرى بل و تراهم يتغيّرون كل 3 أشهر !!

    • زائر 6 | 4:12 ص

      المواطن هو المسئول اكثر من الدولة

      نحن المواطنون مسئولون امام الله عندما لانقنع برزقنا ونقوم بجلب الاجانب ونؤجرهم السجلات التجارية ويقوم هؤلاء بتصدير رؤوس الاموال الى اوطانهم وبالتالي يضعف اقتصاد البلد ويمتع قوم على حساب اخرين وقد زرت بلدانا عدة فلم اجد هذه الظاهرة الا في دول الخليج

    • زائر 5 | 3:22 ص

      اصحاب السجلات كلهم يشتغلون

      في احدى السنوات طبقت وزارة العمل على موظفيها الغاء السجلات لكل من يمتلك سجلا تجاريا من الموظفين والا ستتخذ ضده الاجرات القانونية وقام الموظفون بتحويل سجلاتهم باسماء اقاربهم كالزوجة او الام او الاخت وهكذا دواليك فالفساد مستشري في البلد حيث ياتي الاجنبي ويستاجر السجل سواء سجل بناء او برادة او ملحمة وفي خلال اشهر يصبح لديه راس مال ليقترح على صاحب السجل ان يفتح فرعا اخر ويصدر تاشيرة عمل اخرى لكي يقوم المستاجر الاجنبي بجلب احد اقاربه ليصبحو بعد فترة من اصحاب رؤوس الاموال

    • زائر 4 | 3:17 ص

      في شركتنا نسبة البحرنة 6%

      هناك عمال بلغو سن ال 60 ومازالوا يحصلون على تجديد وهناك أميين لا يجيدون القراءه والكتابة يعملون بوظيفة سكرتارية ويمكن كشفهم بعمل مقابلة أثناء التفتيش وسؤالهم عن طبيعة العمل وهناك توظيف بحريني لمدة تدريبية ثلاث شهور يفصل عندها الموظف البحريني ويحتفظ صاحب الشركة بالفيز وهناك أتصال المفتشين قبل الحضور بما يعطي الوقت الكافي لأخفاء المخالفات وكذلك طلب كشوف الحسابات لصاحب السجل لمعرفة أذا كان السجل شغال لحسابة أو لغيره وغيرها من الأمور يعمي في النهاية المشكلة مشكلة الوزارة بمفتشيها

    • زائر 3 | 2:57 ص

      طريقة التفتيش فاشلة

      وين منحصل وظائف والمفتشين يتصلون قبل لايحظرون المفروض يكون تفتيش مفاجئ وكذا مره مب مره بالسنة والمفروض وزارة العمل تقلل من عدد الفيز الممنوحة لصاحب الشركة يعني مثلا تكون نسبة البحرنة بالشركة 80% والتأكد من أن البحريني يعمل فعلاً بالشركةمن خلال عمل مقابلة للموظفين وكذلك أغلبية الشركات توظف وبعد الفيز تفنشهم ويجب عمل كشف لحساب الشركات لصاحب الشركة لمعرفة مايدخل ويخرج في حسابة للتأكد بأنه يعمل ، هناك حلول كثيرة ولكن قلة المؤهلين في الوزارات وعدم التشدد هو اللي مخلي كل من هب ودب ينهش في ديرتنا

    • الفاروق | 12:20 ص

      لا جدية من قبل الوزارة لحل المشكلة

      هناك امور ادارية بسيطة تكشف اذا كان السجل مؤجر ام لا .
      على الوزارة طلب كشوف حسابات لصاحب السجل و متابعة حركة الايداع و السحب لمدة 6 اشهر .
      ليس من المعقول أن من يملك عدة سجلات تجارية و معاملاته بالاف الدنانير , لا يتحرك حسابه الا مرة او مرتين فى الشهر و بمبلغ بسيط وهو مبلغ
      (اجارة السجل) !!! من المفترض ان تكون ىعملية الايداع و السحب شبه يومية .
      ثم المصيبة الكبرى, كيف توافق ادارة السجل ان تمنح سجل مقاولات و برمجة حاسوب و ادارة معارض لنساء فوق الخمسين وغير ملمين بالقراءة و الكتابة !!!

    • زائر 1 | 12:10 ص

      الباب خراب

      الحل بسيط ان تقوم وزارة العمل بعدم التجديد لعمال القدمه الدين عمل اكثر من خمس سنوات وفي هدي الحله سوف لن يوجزف اي عمل اجنبي بستجار من الباطن

اقرأ ايضاً