العدد 3354 - السبت 12 نوفمبر 2011م الموافق 16 ذي الحجة 1432هـ

حرب الأرزاق أولها خلاص وآخرها ألم

أحمد الصفار comments [at] alwasatnews.com

-

قضية المفصولين يمكن حلها باتصال هاتفي لا يتعدى الثواني، وإن استعصى الحل فبأوامر مباشرة تخط إلى الوزارات والشركات ومؤسسات القطاع الخاص، فليس أسهل من طي هذا الملف على وجه السرعة، إن توافرت الإرادة الحقيقة لتنفيذ التوجيهات الملكية وأوامر سمو رئيس الوزراء، ولكن في بلدنا كل شيء مؤجل ومرحل إلى الارشيف، يطبع على وريقات الصحف في صيغة مشروعات فورية، ومن ثم يترك للدهر لمداواته على علاته ومصائبه.

وإن كانت الدولة جادة في حسم الموضوع لتداعياته السيئة على الأسرة البحرينية اجتماعياً واقتصادياً ومعيشياً، وأثره السيئ في تفتيت اللحمة الوطنية - حين يأخذ المرء موقع أخيه المفصول - فإن الشركات للأسف لم تترسخ لديها هذه القناعة بعد.

وعلى رغم كل الاجتماعات واللقاءات التي نظمتها وزارة العمل، لاتزال شركات وطنية كبرى من المفترض أن تتحلى بكل معاني الوطنية، تتعمد إذلال المفصولين لتطفيشهم ومحو أي رغبة لديهم للرجوع، وزرع اليأس والإحباط في ثنايا نفوسهم.

أقول هذا الكلام ليس من وحي خيال ولا هي رواية من بنات الأفكار، فلدينا عقليات لاتزال لديها نوايا مكبوتة تتحين الفرصة للانتقام وإنزال الضرر بالآخرين، ومن لا يصدق ما يثار عن وجود تعسف في استخدام السلطة يمكنه الاستماع إلى أنات عدد من المفصولين تم إرجاعهم إلى أعمالهم في إحدى الشركات الكبرى ولكن ليس إلى مواقعهم السابقة ولا مسمياتهم الوظيفية ذاتها، بل طلب منهم التقدم إلى 3 وظائف في أقسام أخرى خلال فترة لا تتجاوز نهاية يناير/ كانون الثاني 2012، فإن رفضوا فعليهم العودة إلى قواعدهم سالمين، أي الجلوس في منازلهم وضرب الراح بالراح، وإشباع جوع أولادهم من ماء البحر.

هل هذه هي الاستجابة المرجوة لتوجيهات القيادة السياسية؟ هل هذا فعلاً ما ننتظره من شركات تمتلك الحكومة حصة كبيرة منها إن لم تكن تملكها بالكامل؟ وإذا كان هذا حال شركات وطنية ذات ثقل اقتصادي كبير وللدولة السيطرة عليها فما حال الشركات الأخرى التي ليس لها حصة فيها؟

الاستهانة بقضية المفصولين ومحاولة الالتفاف عليها وتسييسها لخدمة نفوس مريضة لا تود الخير للبحرين ولا أهلها للاستئثار بمواقع الآخرين، سيجرنا إلى صبيحة سوداء يتناحر فيها الناس، المقتدر فيها يناكف الفقير، فالجوع كافر ومتى ما ترك الإنسان أسيراً لحاجاته وفي رقبته مسئوليات وعيال والتزامات وغيرها من مقتضيات الحياة الأساسية، فسيتجه لاسترجاع حقوقه بالوسائل الدستورية المتاحة، وقد يخرج عن صوابه إن استمرت الحرب عليه في قوت يومه، فما أصعبها من لحظات يجد فيها ابنه مريضاً ولا يملك أن يشتري له دواء أو يبرد فلا يبتاع له كساء أو يبكي فلا يجد منديلاً يمسح به دمعته.

حل المشكلات لا يستقيم بإيجاد مشكلات جديدة، فذلك يدخل البلد في دوامة لا يمكن الانتهاء منها أبداً، ويستنزف المدخرات ويهرب رؤوس الأموال والمشروعات الاستثمارية الكبيرة إلى بلدان مجاورة، والحل يكمن في تحمل كل جهة مسئوليتها وواجبها في تغليب المصلحة العليا للوطن لا الانحياز إلى معادلة الربح والخسارة أو النزول عند الرغبات الشخصية والفئوية.

إن الاستماع إلى خطاب التطرف الذي يصدح به دعاة الفتنة وجر الوطن إلى القسوة على أبنائه لن يؤتي بالخير لأحد، بل إن شرره سيطال الجميع وأذاه سيمس كل فرد، فالمجتمع كالبناء لا يمكن أن يرتفع وأحد أعمدته مكسور، بل لا يمكن أن يصمد شامخاً وأساسه ضعيف، فمن يريد إفقار فئة من الناس بسلب رزقها من فمها، فعليه أن يعي أنه ينخر في القاعدة الصلبة التي يرتكز عليها النسيج الاجتماعي، فإن تزعزعت أو تضررت فلا فائدة من النواح والعويل بعد ذلك.

نصرخ كل يوم، لا لأننا نحب الرقص على جراح الآخرين، ولا لأننا نتلقف معاناة البشر لنحقق مآرب خاصة، بل نفعل ذلك على أمل أن ترفع السدادة عن آذان العقلاء الذين يزنون الأمور ويتعاملون مع الظروف القاهرة بتدبر وتأن، ويطيبون الجراح بمعالجة هادئة بعيدة عن النفس الطائفي والحس الإقصائي التخويني، والذين افتقدناهم هذه الأيام بشدة فغاب صوتهم وتلاشت مواقفهم الصادقة التي تحتاجها البحرين في هذه المحنة العصيبة.

نخاطب ضمائرهم لتتحرك وتعيد للوضع إيقاعه الطبيعي بعد أن فقدت البوصلة وأصبحت الغلبة للصوت المتطرف الذي يبحث عن المكاسب والمغانم، مهما كانت الخسائر التي سيتكبدها الوطن وأهله.

البحرين وطن الجميع، السني والشيعي والمسيحي واليهودي والبوذي، ولا نرضى بأن يتضرر أي منهم بوخزة إبرة، وندافع عنهم كلهم على قدم المساواة بلا تحيز لدين أو مذهب أو معتقد، فدماؤهم وكرامتهم وعرضهم حرام علينا إلى يوم الدين، وهذا هو النهج الذي تستقيم معه السليقة والفطرة الإنسانية القويمة وما عدى ذلك يعد خروجاً عن النسق السليم.

ومن يزايد على النوايا الصادقة لمعالجة قضية المفصولين وسائر القضايا الأخرى التي تدمي جسد البحرين، انطلاقاً من تلوث فكري طارئ وتحزب وقتي مريب حتى يحرف مسار الأمور لصالحه ويثني الدولة عن إرجاع الحقوق لأصحابها، نقول له: تأهب، فالله خصمك يوم الحساب فيما تقول وتفعل، ودعاء المظلوم لن يخطئك

إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"

العدد 3354 - السبت 12 نوفمبر 2011م الموافق 16 ذي الحجة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 15 | 5:46 ص

      تنظيف القلوب

      الا يوجد دواء شافي لمرض القلب العليل لمدواة الحقد والضغينة في قلوب بعض الناس . جاوبوني

    • زائر 14 | 5:41 ص

      عجبي كل العجب

      عجبي كل العجب ، الا تستحي الشركات الكبيرة والدولية بما فعلتها وتفعله بحق المفصولين . أليس هذا سبب و سيسبب ضرر بليغ في سمعتهم , أليس هذي التصرفات تسمى حماقة . اعقلوا يا أدارات الشركات . 

    • زائر 13 | 5:27 ص

      لا يعلم المرجعين في احدى الشركات

      ماذا ستفعل فيهم الشركة المذكورة في المقال ، لانهم يريدون التخلص من المرجعين بأي شكل أهذي شركة ام عصابة.

    • زائر 12 | 5:22 ص

      كم دعوه من المظلومين نحتاج

      كم دعوه نحتاج ليصحه ضمير السراق والإدارات اللتي نخر فيها الفساد .

    • زائر 11 | 5:20 ص

      سراق الوظائف !!!

      هل نحتاج الى فتوى تحرم سرقة الوظائف ام ماذا ! يا سراق، المال المسروق الزائد لن يكون فيه بركة . أنتبهوا الله يمهل ولا يهمل.

    • زائر 10 | 5:15 ص

      أدارات الشركات

      ماذا تفعل أدارات الشركات ؟ كيف يرضى المسئول صاحب الضمير ان يرضى بظلم عماله وأذلالهم ؟ أليس أبسط شي يفعله هو بتقديم الاستقاله?

    • زائر 9 | 12:41 ص

      كل الوعود سراب

      انقضت كل مواعيد ارجاع العمال و تبخرت كل الوعود

      من هو المسؤول عن ارجاع العمال ..؟؟؟؟

    • زائر 8 | 12:13 ص

      هل هو انتقام ام هو عقاب ام هو تعذيب وتأزيم

      قلت وأقول ان من خلق ملف الفصل لا ولن يدرك ابعاده وقد خلق في النفوس ما لا تعرف نتائجه
      وللاسف لا زال البعض يرقص الزار كما قال احد الكتاب امس يرقصون على انات الجياع والمحرومين
      وهذا الذي جعل الوضع يتأزم من قبل فقد كان التمييز يمارس والنفوس تشحن والاحباط يزداد شيئا فشيء
      حتى وصلنا الى بداية الازمة
      فقد حذر الجمري وغيره من الكتاب من قبل الازمة مما سوف يؤدي اليه هذا الوضع ولم يكن احد يستمع لكلامهم وتحذيرهم

    • زائر 6 | 11:12 م

      الشركات شبه الحكومية

      قامت الشركات شبه الحكومية بفصل العمال بناء على اوامر عليا و لم يكن من تلقاء نفسها.

    • زائر 5 | 11:10 م

      توضيح

      اقرت وزارة العمل أن فصلنا تعسفيا و قامت بمخاطبة الشركة بذلك فكان رد إدارة الشركة بما معناه أن اوامر الفصل جاءت بأوامر عليا و إرجاعهم الى العمل لابد وأن يكون بأوامر عليا واضحة وليست توجيهات او كلام إعلام.
      ثانيا:بدل التعطل لم يصرف لنا مع اقرار الوزارة بان فصلنا غير قانوني.والكل يعلم ان صندوق التعطل العامل يساهم فيه بنسبة 1% من راتبه وفي حالة فصله غير قانوني يستلم بدل تعطل.فلماذا يحرم منه؟
      للعلم مر على فصلنا أكثر من 7 شهور من دون راتب ومن دون بدل تعطل مع وضوح فصلنا غير القانوني كما تقر به الوزارة

    • زائر 2 | 10:10 م

      شكراً لك

      أشكرك جزيل الشكر
      على حرصك
      والصغط على الحكومة عن قضيت لمفصولين
      وتكرار الضغط من خلال الكتابة بأكثر من مقال في نفس الموضوع ولكن بصراحة بأساليب مختلفة
      بارك الرحمن فيك ولك ع بذل هذا المجهود
      نصرنا الله وإياكم

    • زائر 1 | 9:53 م

      مايبون يرجعونا

      والله لو يبون يرجعونا جان رجعونا من اول خطاب للمك بس مايبون يبون يذولن ويمرمرونا في عيشتنا

      لكن ما نقول الا الشكوى لله لا لغيره

      والوعد يوم القيامه والله مابسامح اللي فصلني واللي ساهم في فصلي واللي عظل رجوعي الى عملي.

اقرأ ايضاً