العدد 3376 - الأحد 04 ديسمبر 2011م الموافق 09 محرم 1433هـ

أن تكون متفائلاً

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

عنوان هذه الكتابة يتطلّب أن تتصدَّرها مقولة بيرون: «المتفائل، إنسان يرى ضوءاً غير موجود، والمتشائم أحمق يرى ضوءاً ولا يصدِّقه».

الضوء دليلك إلى الجهة أو المسار. الضوء عكّازك للوصول، تماماً كالعصا التي تهش بها على العتمة كي تتجنّب ارتطاماً؛ أو وقوعاً في حفرة، وإن كنت في تيه من المكان، تتجنّب الوقوع من وادٍ سحيق.

التفاؤل هو الآخر عصا نهش بها على إحباطات ومنغصات وانكسارات بالجملة تعترض حيواتنا؛ أو نكون نحن طرفاً في صنعها من دون أن نشعر بذلك.

التفاؤل عكّاز نتكئ عليه حين يدلهمُّ وقت، ونحاط بأسوار من تقلب الدهور والأنفس والقناعات. حين نكاد نهوي ونستسلم بضعفنا بالدرجة الأولى، ومؤثرات خارجية لها عظيم التأثير ومحاولة حرفنا عن مسارات رسمناها وقررنا المضي إليها حتى آخر الشوط.

رؤية المتفائل للضوء وإن لم يكن موجوداً، مصدر احتياطي ومشيمة أخرى تربطه بأسباب الحياة والذهاب إليها مسلحاً بقدرته على المواجهة وصنع واقعه. واقعه الذي يرتضي ويريد ويطمح.

أن ترى ضوءاً من عدم. ضوءاً في عتمة مستحكمة، ذلك دليل قدرتك على صنع وقتك، وتجاوز زمن مفروض عليك، والانتصار على تفاصيل ذلك الزمن واشتراطاته وهيمنته.

واحد من شروط قدرة الحياة على الانتصار هو قدرة البشر على الانتصار أمام ما يحاول إسقاطها واستدراجها إلى أفخاخ تؤدي بها إلى نهايات لا أثر يدل عليها.

عدد ليس قليلاً من أولئك الدين قادوا العالم إلى البصر والبصيرة وهم في العمى الظاهري أتاحوا للعالم خرائط رؤية ووصول وخرائط استكشاف من عتمتهم الظاهرة، فيما هم في حيزهم وقابليتهم وانفتاحهم على الحياة والعمل على صنع الفارق فيها يكتنزون بكون من الرؤى والأضواء. كأنَّ كل عين تبصر تبدأ منهم، وكأنَّ كل طريق تسلك مردُّها إلى علاماتهم.

وقبالة ذلك، المتشائم قارات/ كون من عتمة ولو امتلك أكثر من عين مبصرة. بصره في غياب بغياب ما يدل عليه، بغياب بصيرته وإرادته في أن يرى، بالتحايل على الظاهر من المعاين وأحياناً المُتَوهم. أن يقفز على المرئي بما يراه هو. حمق المتشائم يكمن في عدم رؤيته لما يمكن أن ينتصر به. أدوات نصره في غياب هي الأخرى.

في نص التفاؤل وفي التفاؤل نفسه قدرة كل منا على الانتصار للحياة وبالحياة بكل تفاصيلها المفرحة التي تراكمها. وفي نص التشاؤم وفي التشاؤم نفسه عجز كل منا عن مجرد النظر إلى الحياة باعتبارها أمَ معنى ورابط جدوى وقيمة بها نرى ما لا يرى.

في التفاؤل قدرتنا على أن نمنح الحياة أرواحاً احتياطية حين يحاصرها المتشائمون ويحاولون الإجهاز عليها بموتهم الذي يعايشونه كل لحظة وبعماهم الماثل في التعاطي مع ضوء الحياة

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 3376 - الأحد 04 ديسمبر 2011م الموافق 09 محرم 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 10:51 ص

      تعمى قلوبنا من ظلم الآخرين فنضيع الطريق

      قول تعالي في سورة الحج"فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور" قلائل من يملكون نعمة البصيرة ومنهم من فقدوا نعمة البصر ولكنهم لم يفقدوا نعمة البصيرة التي يرونها بقلوبهم. والذين يملكون البصيرة هم من يملكون الضوء للإنارة الطريق المعتمة لنا.
      ولو رجعنا لأنفسنا وقسنا الأعمال والتصرفات التي قمنا بها في حياتنا فكم نسبة العمى فيها على الرغم إننا نملك نعمة البصر؟؟؟

    • زائر 2 | 1:27 ص

      الحياة الم دواؤها الامل

      صباح الخير صباح الامل والتفاؤل تفائلوا بالخير تجدوه فكل يوم ينقضي نأمل بعده ان نصبح على يوم جديد اكثر اشراقا وان يعدي على خير كما يقولون وان لا تعتريه المآسي والاحزان التي لابد ان نتغلب عليها بالنفاؤل والامل

    • زائر 1 | 11:58 م

      اسعد الله صباحك

      يبنيتي تفائلو بلخير تجدوه التفائل هو وقود الامل وكيف نحيا بدون الامل يبنيتي النخله عندما يزرعها العكار نواة الى ان تثمر تحتاج قربه سبع لثمان سنين فلو لا التفائل والامل يبنيتي ا رأيتي الباسقت الشوامخ تحيط باوال من كل مكان وعندما يقف كسيح امام جبل شامخ ويقرر ان يصل الى اعلى قمه فيه لو الامل والتفائل لما استطاع تسلق صخره من صخوره مره ثانيه صباح الامل والتفائل يبنيتي

اقرأ ايضاً