العدد 3378 - الثلثاء 06 ديسمبر 2011م الموافق 11 محرم 1433هـ

ماذا بعد؟

أحمد الصفار comments [at] alwasatnews.com

-

سؤال مشروع يوجهه المفصولون من القطاعين العام والخاص إلى الحكومة بصفتها الجهة الأولى المسئولة عن المواطنين والمعنية مباشرةً بتوفير سبل العيش الكريم لهم وحمايتهم من العوز والحاجة والفقر، فبعد سلسلة طويلة من الاعتصامات أمام أبواب وزارة العمل منذ بدء الفصل التعسفي أواخر أبريل/ نيسان 2011، لاتزال الإجابة على هذا السؤال مغيبة بل تكاد تكون معدومة على الإطلاق.

الآن نحن أمام قضية تتجلى فيها كل معاني الإنسانية، تمثل وصمة سوداء على جبين العمل النقابي لما تم فيها من انتهاك صارخ لقوانين العمل والأعراف المهنية التي تتطلب على أقل تقدير النظر في صحة الاتهامات المنسوبة إلى أي عامل، ومن ثم فرض العقوبة وفقاً لحجم المخالفة بناءً على التدرج، غير أن ما حصل كان أشبه بالماراثون، تسابقت فيه الأفئدة والجوارح لإيقاع أكبر قدر من الضرر بالطبقة العاملة، بلا أدنى خوف أو خشية من محاسبة، ما دفع الكثيرين من المسئولين إلى تصيد الأعذار والاستناد إلى شهادات من هنا وهناك للتخلص من الموظفين بأي شكل من الأشكال.

ومع بدء عمل اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق في منتصف يوليو/ تموز 2011، وقع هؤلاء المسئولون في ورطة كبيرة، فالنصوص القانونية لا تدعم موقفهم، وحجج العاملين وشهاداتهم ضد زملائهم لم تصمد فوق أرضيتها الرخوة الهشة، فتداعت كل الأسباب وتساقطت الواحدة تلو الأخرى ولم يبقَ ما يبرر تجويع المئات من الأسر البحرينية المتعففة الكريمة.

في هذه الأثناء، خرج رئيس اللجنة محمود شريف بسيوني في أكثر من تصريح عبر الصحافة المحلية يناشد فيه تنفيذ أوامر عاهل البلاد بإرجاع المفصولين، مؤكداً أن الفصل من العمل يتعارض مع الدستور والمواثيق والمعاهدات الدولية التي وقعتها البحرين.

وبتاريخ 28 أغسطس/ آب 2011، وجه عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة خطاباً إلى الشعب بمناسبة العشر الأواخر من رمضان، وجه فيه إلى إرجاع جميع المفصولين في القطاعين العام والخاص إلى أعمالهم، وأكد حينها جلالته أنه لا يرضى أن يتعرض أي من أفراد الشعب بما يمس أمنه وحريته ومصدر رزقه وتحصيله العلمي بما يبقي في نفسه مرارة تؤثر على عطائه لوطنه، وكان الجميع يترقب اتخاذ خطوات عملية لكن لم تنفذ التوجيهات الملكية الصادرة إلى الجهات الرسمية.

وبعد مراجعة مفصولي القطاع العام وزارة العمل في الأشهر التالية، تعذرت بأنها معنية فقط بمفصولي القطاع الخاص، وأن من لديه تظلم منهم فعليه أن يتوجه إلى ديوان الخدمة المدنية، ولم تَصرف لهم التأمين ضد التعطل على رغم مساهمتهم في دعم الصندوق من رواتبهم شهريّاً.

من جهتها، أبدت الوزارات التي سرحت موظفيها عدم قدرتها على الفصل في شكواهم أو إرجاعهم - في مخالفة واضحة للتوجيه الملكي - وطلبت منهم رفع دعوى قضائية في المحكمة الإدارية وذلك استناداً إلى فتوى هيئة التشريع والافتاء القانوني، مع العلم بأن كل الجهات من المفترض أن تكون خاضعة وماثلة لتوجيهات قائد البلاد، لكنها تجاهلت كل ذلك ولم ترجع أي مفصول.

ومع اشتداد أزمة المفصولين، استمروا في التوافد على مقر اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق في العدلية، على أمل أن ينصفهم التقرير ويرجع إليهم حقهم الطبيعي في العمل بكرامة، وكانت هناك لقاءات للجنة مع عدد من المسئولين في الوزارات والمؤسسات الرسمية لحلحلة الوضع وإرجاع المفصولين، لكنها لم توفق في ذلك.

في يوم الإثنين (25 أكتوبر/ تشرين الأول 2011)، وجه نائب رئيس الوزراء سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة خلال الاجتماع الذي ترأسه في قصر القضيبية إلى الانتهاء من قضايا المفصولين في القطاعين العام والخاص على إثر الأحداث الأخيرة، وذلك تنفيذاً لتوجيهات عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، والأمر الصادر عن رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، وأيضاً لم يتغير شيء على أرض الواقع.

وفي تاريخ 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011، سلمت اللجنة تقريرها إلى جلالة الملك، وأكدت مشروعية الإضراب الذي تم على خلفية الأحداث في فبراير/ شباط ومارس/ آذار الماضيين، كما أكد محتوى التقرير وجود تعسف في اتخاذ قرارات الفصل والانتقام من العمال الذين شاركوا في الاعتصامات والمسيرات وعبروا عن رأيهم بمختلف الوسائل المتاحة، وجاءت إحدى التوصيات مؤكدة ضرورة إرجاعهم إلى أعمالهم.

ومنذ ذلك الحين، والبحرين تشهد اعتصامات تلو الاعتصامات لشريحة واسعة من المفصولين تشمل أطباء ومهندسين وفنيين ومعلمين وأساتذة في الجامعة، يمثلون خيرة الطبقة الكادحة في هذا البلد، وللأسف فإن هناك من يتفرج عليهم ويحاول تمييع قضيتهم حتى تتقادم وتمسح من ذاكرة الزمن، لكن التجارب أثبتت أن التقادم يثبت الحقوق ويجعل أصحابها أكثر تمسكاً بها ولا يمكن مسحها من تاريخ الوطن، والحل يكمن في ضمان إرجاع أبناء البحرين المفصولين بكرامة وفقاً لكل التوجيهات والتوصيات الصادرة في هذا الشأن

إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"

العدد 3378 - الثلثاء 06 ديسمبر 2011م الموافق 11 محرم 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 4:52 ص

      ليس الرجوع فقط

      لان الرجوع يمكن من بعده المضايقات و الفصل
      و لكن يجب محاسبة منتهكي الحقوق لانه سيكون الرادع لمن تسول له نفسة الاعتداء على الغير

    • زائر 9 | 3:11 ص

      كل يوم يمر دون إرجاعهم يؤكد بجلاء أن الإنسانية نزعت من قبل أصحاب الشأن

      لم نرى في أي دولة حصل فيها إضرابات أو حتى تخريب على قولت الحكومة أن تم فصل الموظفين من أعمالهم وغربلتهم في حياتهم ... هذه تصرفات تنم عن حقد دفين وعدم وجود أدنى درجات الإحساس والجدية من قبل الجهات الرسمية في حل هذا الموضوع ... كيف تحل الموضوع وهي من تسبب فيه .... كل تهم الموظفين الإضراب أو التجمهر ... والله عيب عيب على جبين كل مسئول في هذه البلد تجويع الناس وحرمانهم من أبسط الحقوق ... أمر مخجل جداً

    • زائر 6 | 1:22 ص

      أنا أقول لك ماذا بعد؟

      يجب ان تفصل الطائفة بأكملها حتى يكون الحل جذريا
      لأن هناك من لا يرى لهذه الطائفة من الحق في الحياة
      فقط لأنها طالبت بحقها يجب ان تباد بأكملها

    • زائر 5 | 12:58 ص

      العودة للوظائف السابقة والتعويض

      العودة يجب ان تكون بدون شروط وتكون للوظائفنا السابقه مع التعويض.

    • زائر 3 | 12:06 ص

      -

      اي نعم
      لابد من ارجاع المفصولين كلهم وفي نفس وظائفهم وتعويضهم عن هذا الانتهاك الصارخ ومحاسبة المنفذين

    • زائر 1 | 11:11 م

      الظلم!!!!!!!!!!!!!!

      إياك وظلم من لا يجد عليك ناصرا إلا الله
      حوبة الفقير كبببببببببببببييييييييرررررررةةةةةةةةة

اقرأ ايضاً