العدد 3379 - الأربعاء 07 ديسمبر 2011م الموافق 12 محرم 1433هـ

مصر على أعتاب الديمقراطية (2 - 3)

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

تنافس في دائرة جنوب القاهرة (4) 14 حزبا وكتلة و122 مرشحا فرديا. ومما يتوجب ذكره أن لكل كلتة ومترشح فردي رمز (مثل الزهرة والسفارة) حيث يدرج الاسم الرباعي وصورة ورمز المرشح كتلة أو فردا في أورقة الاقتراع.

ومن أهم الأحزاب المتنافسة: 1 - حزب الحرية والعدالة (إخوان مسلمون) 2 - الوسط (إسلاميون إصلاحيون) 3 - النور (إسلاميون سلفيون) 4 - الكتلة المصرية (ليبراليون مسلمون ومسيحيون) 5 - الوفد (ليبرالي) 6 - المحافظون (ليبرالي) وفي حين ان حزب الحرية والعدالة هو الأقوى حيث يقدر أنه فاز بـ 45 في المئة من الأصوات ويتواجد في جميع الأحياء السبعة، فإن حزب النور يتفوق في الأحياء الفقيرة (البساتين والخليفة ومصر القديمة والسيدة زينب) وقد حصل على 20 في المئة من الأصوات، في حين ان الحضور القوي للكتلة المصرية هو في الأحياء الأرقى وذات التواجد المسيحي (المعادي، والمقطم، وحلوان) ونصيبها 20 في المئة وكذلك أحزاب الوسط والمحافظون والوفد. والتي اقتسمت الـ 10 في المئة الباقية من الأصوات.

وإذا كان هذا التوزيع في النفوذ صحيحا إلى حد ما فيما يخص الأحزاب والكتل المتنافسة، فإن الأمر أكثر تعقيدا بالنسبة للمرشحين الأفراد (122 مرشحا) حيث تتدخل عوامل عديدة ومنها الانتماء الحزبي، وشخصية المرشح، وقدراته على الحشد والتمويل والتنظيم، وسمعته، حيث انه إلى جانب المنتمين إلى أحزاب هناك القريبون من الأحزاب والمستقلين. الملاحظ هنا انعدام المرشحات على قوائم الأحزاب الإسلامية ووجودهن المحدود على قوام الأحزاب الليبرالية، وكذلك محدودية المترشحات الفرديات، وبالطبع فإن المرشحين المسيحيين قليلون جدا ولا تتناسب نسبتهم العددية ويقتصر حضورهم على الكتلة المصرية والوفد.

والى جانب أصوات المقترعين في مصر، يحق للمصريين المغتربين أن يدلوا بأصواتهم في السفارات والقنصليات لانتخاب الكتل والمترشحين الأفراد في الدائرة التي ينتمون إليها، وبهذا تضاف أصواتهم إلى أصوات مقترعي الدائرة.


مهمة مثيرة

من خلال تجربتي في مراقبة الانتخابات في البحرين وبلدان عربية أخرى، أعتبر أن مراقبة الانتخابات في الجولة الأولى من الانتخابات أكثرها إثارة وإرهاقا. كان يتوجب علينا التواجد في مركز اقتراع فرعي قبل الساعة 8 صباحا حتى نحضر فتح صناديق الاقتراع. ونظل ننتقل من مركز اقتراع فرعي إلى آخر حتى إقفال الصناديق ما بعد الساعة 9 مساء في اليوم الأول وما بعد الساعة 7 مساء في اليوم الثاني، حيث ننتظر حتى آخر مقترع ونشهد كتابة محضر الإغلاق وختم الصناديق ونقلها إلى الغرفة الآمنة المحروسة.

المسئول عن العملية الانتخابية ثلاث جهات هي الجيش والأمن والقضاء ويتوجب موافقهم على دخول المراقبين الدوليين لمراكز الاقتراع الفرعية، حيث زودنا ببطاقات تعريف من اللجنة العليا للانتخابات. ورغم أننا لم نمنع من دخول أي مركز فرعي وكان هناك تعاون جيد من قبل القضاة، فإن البعض رفض ان نصورهم والبعض رفض التصوير مطلقا، وفي إحدى الحالات طلب ضابط حي الجيش والأمن مسحنا صور صناديق الاقتراع، وفي حين أن غالبية القضاة أجابوا على أسئلتنا فإن قليلا منهم رفض الإجابة.

ما أدهشنا هو حماس المصريين بمختلف مستوياتهم رجالا ونساء، شيبا وشبانا مسلمين ومسيحيين، متعلمين وأميين للمشاركة الواسعة في الانتخابات، وهذا ما جعل اللجنة العليا للانتخابات تمدد الانتخابات إلى يوم ثان. لقد شاهدنا طوابير الناخبين تمتد إلى مئات الأمتار وأفادنا البعض بأنهم انتظروا لأكثر من أربع ساعات، وبعض النساء يحملن أطفالهن. كما شاهدنا البعض يحمل المقعدين الى مراكز اقتراع فرعية في الدور الثالث مثلا.

وقد عمدت اللجان المشرق الفرعية الى تقديم كبار السن للاقتراع. ومن أجل تجنب حرج النساء أو التحرشات فقد خصصت مراكز اقتراع للنساء وأخرى للرجال. والملاحظ بالنسبة للنساء في جنوب القاهرة (4) هو طغيان المحجبات وكثرة المنقبات، وقلة الشابات (تحت سن 30 عاماً)، أو قد يكون الكبر المبكر هو السبب. كما لاحظنا ارتفاع نسبة النساء الأميات مقارنة بالرجال مع ارتفاع الأمية في الأحياء الفقيرة (البساتين والخليفة).

الحملة الانتخابية حامية جدا واستخدمت فيها كل الوسائل واستمرت عمليا حتى خلال يومي الانتخاب، بما في ذلك السيارات الجوالة أو المتوقفة أمام مراكز الاقتراع وميكروفوناتها تلعلع دعاية للمرشحين وقصاصات الدعاية الانتخابية توزع علنا في طوابير الناخبين وحتى داخل حرم المدارس.

بالطبع فإنه من الصعوبة بمكان على شخص نصف متعلم أو أمي ان يختار حزبا من 14 حزبا متنافسا أو (2) مرشحين فردين من قائمة 122 مرشحا. لهذا فإن لقصاصات الدعاية وحديث الدعاة في طوابير الانتظار تأثيرا على الناخب الحائر. كما أن للعزف على نغم الوازع الديني والثواب والعقاب تأثيرا أيضاً، وكذلك العصبيات الدينية والقبلية. وكذلك تأثير الكثير من الأزواج على زوجاتهم وتأثير رب العائلة على أفرادها. من بعض الطرائف التي صادفتنا هو ان امرأة أمية جاءت إلى القاضي وطلبت منه أن يختار مرشحين (حلوين) أي يخافوا ربنا وبالطبع امتنع القاضي فما كان منها إلا أن أشرت عشوائيا على الحلوين، وهناك من بادرت إلى غمس يدها في الحبر باعتبار أنها بذلك صوتت، وآخر عرض على مراقبة بولندية جميلة من فريقنا ان يتزوجها، وعندما سألته عما إذا كانت هي الزوجة الأولى رد بضحكة «لا إنت التانية».

هناك بالطبع نواقص مثل الطوابير الطويلة، والاكتظاظ في غرفة الاقتراع وكون المعزل لا يوفر السرية، عدا أن البعض يملأ الاستمارة علنا على الطاولة، وتأخر بدأ الاقتراع، وإغلاق الأبواب أمام مقترعين، والتأثير على الناخبين، وإقحام الدين، والتشهير الشخصي ببعض المرشحين، والخناقات فإن الشعب المصري قد أبهر العالم بإقباله على الانتخابات وانضباطه وهو الذي حرم من انتخابات حقيقية ونزيهة طوال 40 عاما.

ومن خلال البيانات التي جمعناها من القضاة والعاملين في الانتخابات في مراكز الاقتراع الفرعية، والتي تجاوزت الأربعين، فإن من يحق لهم التصويت في كل مركز اقتراع يتراوح بين 900 و1500. وفي حين أن أغلبية المقترعين أدلوا بأصواتهم في اليوم الأول (ما بين 40 في المئة إلى 60 في المئة)، فإن البقية (ما بين 15 في المئة إلى 30 في المئة) أدلت بأصواتها في اليوم التالي، ولكن هناك بعض المراكز الفرعية شهدت إقبالا كثيفا حتى في اليوم الثاني، ونسبة المقترعين من الرجال أعلى من النساء، بسبب تحميل المرأة أعباء الأسرة لكن نسبة المقترعات عالية مقارنة ببلدان أخرى.

بالنسبة لأفراد السلك القضائي والنيابة العامة المشرفين على مراكز الاقتراع الفرعية، فإن غالبيتهم من الرجال مع وجود عدد محدود من النساء. كما ان غالبية العاملين بالانتخابات من الرجال، لكن نسبة النساء أعلى في مراكز اقتراع النساء، ليتعاملن بسلاسة مع المقترعات وكذلك تدقيق هوية المنقبات. أفراد الجيش كله من الرجال وقليل جدا من النساء في أفراد الشرطة. أما بالنسبة لمسئولي اللجنة العليا للانتخابات واللجان المركزية للانتخابات والفرز فكلها من الرجال. وكما ذكرنا فإن عدد النساء المرشحات قليل جدا واقتصر على لوائح الأحزاب الليبرالية، ومترشحات فرديات غالبيتهن تنتمي أو ذات هوى ليبرالي. مما هو جدير بالذكر أن قانون الانتخابات يفرض غرامة 500 جنيه على من يتخلف عن الانتخاب دون عذر جبري، وهو ما دفع الكثيرين للتصويت رغم انه لا يمكن عمليا تطبيق الغرامة فمسلسل الانتخابات المصرية طويل فبعد الجولة الأولى لانتخابات مجلس الشعب تمت الإعادة في 5 - 6 ديسمبر وتبتعها الجولة الثانية في 13 - 14 ديسمبر وتبتعها الإعادة ثم الجولة الثالثة يوم 1 - 2 يناير 2012 وتتبعها الإعادة ثم تبدأ 3 جولات وإعادة لانتخابات مجلس الشورى، تبدأ في 15 يناير 2012 وبعدها ينعقد مجلسا الشعب والشورى، ليصار بعدها لانتخاب هيئتي مجلس الشعب والشورى، وقيام حكومة منبثقة من هذين المجلسين. وبعدها يصار إلى تعديل الدستور أو عدم تعديله وانتخاب رئيس للجمهورية يرجح ان يجرى في يونيو/ حزيران 2012، وهو الموعد الذي وعد المجلس العسكري الأعلى بتسليم السلطة كاملة للمدنيين فيه

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 3379 - الأربعاء 07 ديسمبر 2011م الموافق 12 محرم 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً