العدد 3379 - الأربعاء 07 ديسمبر 2011م الموافق 12 محرم 1433هـ

عاشوراء البحرين 1433هـ

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

هذا أول شهر محرم يمرّ بعد انطلاقة ثورات الربيع العربي، وما شهدته البحرين من هزّات، ألقت بظلالها على مختلف شئون الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية... ومن بينها موسم عاشوراء.

عاشوراء البحرين موسمٌ تشارك فيه نسبةٌ كبيرةٌ من السكان، من مختلف المناطق والأعمار والطبقات، وتسير الحياة خلالها على إيقاعٍ خاصٍ حزين. مئات المآتم تفتح أبوابها لاستضافة المعزّين، وتُقام مجالس العزاء للنساء والرجال.

هذا العام أغلب الخطباء من البحرينيين، إذ لم يُسمح بدخول الخطباء العراقيين إلا في اليوم الأخير من ذي القعدة بعد تصريح وزير الداخلية، فلم يتسنَّ الاتفاق إلا مع عددٍ محدودٍ جداً.

الأعوام السابقة شهدت تراجعاً في الحضور، وكانت المؤسسة الدينية تشعر بالقلق جراء ذلك، هذا العام شهد عودةً ملحوظةً للمجالس الحسينية، مع زيادة إقبال المجموعات الشبابية، هاجس الاستهداف والإحساس بالخطر كان عاملاً أساسياً في هذه العودة.

كان الجمهور يُقبِل على بعض الأسماء البارزة ذات الخطاب الديني المنفتح والمتنوع، فتشهد زحاماً شديداً واختناقات مرورية، وتزدحم الشوارع الرئيسية والفرعية بطوابير السيارات. هذا الجمهور طالبُ معرفةٍ وثقافةٍ وتاريخ، فيأتي من مناطق بعيدة، من جزيرة سترة شرقاً ومن المناطق الغربية إلى السنابس أو البلاد القديم مثلاً، ويحرص على الحضور كل مساء رغم برودة الجو هذا العام. آباء هؤلاء كانوا قبل ثلاثين عاماً يقصدون المنامة لسماع الشيخ الوائلي أو السيد جابر أو البكّاء أو المقدسي. جمهور العام 1433هـ كان طالبَ خطابةٍ حسينيةٍ، يُغرق فيها همومه وأحزانه لما مرّ به من آلام ومعاناة... «فالجرح يسكنه الذي هو آلمُ».

عاشوراء هذا العام محطةٌ تطهرية، يسترجع فيها المستمع قصص كربلاء، ويتقمّصها في داخله بكل مشاعره، يجد الشاب فيها معنى البطولات ويتذكّر رفاقاً غابوا، وتتذكّر كثيرٌ من الأمهات أولادهن، والزوجات أزواجهن. الشهادة أصبح لها معنى آخر محسوس هذا العام... وليست معنى مجرّداً في الفضاء.

في يوم الثامن من المحرم، يخصّص الخطباء مجلساً للقاسم بن الحسن، وتجرى مراسم لزفافه تُضاء فيها الشموع ويُنثر المشموم. وهي حادثةٌ غير تاريخية، لكن دأب الناس على تنظيم هذا الزفاف الرمزي لشابٍّ لم يتجاوز الحادية عشرة، وحُرم من الزواج. زفاف القاسم هذا العام كان مختلفاً للكثيرات، أمهات وأخوات وجدات وأجداداً. كميات المشموم التي نُثرت للشباب من مختلف المناطق هذا العام، كانت أضعاف ما يُنثر كل عام.

المرأة حاضرةٌ بقوةٍ في سيرة كربلاء، من اليوم الأول لانطلاق قافلة الثورة، لا يخلو يومٌ من ذكرها والإشادة بمواقفها، فقد كانت صنواً للرجال. تذكر زوجة حبيب بن مظاهر وزهير بن القين، وتبرز طوعة في قصّة سفير الحسين (مسلم بن عقيل)، ويتردد ذكر أخوات وبنات وأمهات الشهداء، وعلى رأسهن أم المصائب زينب. كثيراتٌ هذا العام كنّ يحتجن للالتصاق بها وتقمص آلامها والتماهي مع شخصيتها.

بعد مقتل الرجال، ساق الجيش الأموي النساء أسيرات إلى الكوفة، وبعدها إلى الشام. أسيرات كثيرات ترددت أطيافهن وتماهت مع قصص أسيرات كربلاء... فهذه أول مرةٍ في تاريخ المنطقة التي تُسجن فيها النساء.

هل هذا كلّ ما حفلت به عاشوراء البحرين 1433هـ؟ أم هناك لقطات تسجيلية أخرى؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3379 - الأربعاء 07 ديسمبر 2011م الموافق 12 محرم 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 13 | 1:01 م

      ستراوية

      هذا العام كان مختلفاً، كلما ذكر القاسم ذكرنا علي الشيخ وكلما ذكر الأكبر ذكرنا علي المؤمن
      لله درك يا سيدتي زينب، أدركت هذا العام أكثر من أي عام مضى كيف كنت كعبةً للرزايا.. أمهات الشهداء متجلدات بذكركم يا أهل البيت

    • زائر 12 | 7:59 ص

      بحريني مقهور حده .

      مأجورين جميعا بمصاب سيدي و مولاي أبي عبدالله الحسين عليه الصلاة و السلام .
      ليلة الثامن من شهر محرم كنت قريب جدا لمضيف بقرب الكنيسة , المضيف يقع على شارع باب البحرين , رأيت بعيني جميع الطوائف حتى المسيحيين و الهندوس كانوا متأثرين بما يشاهدونه من زفة القاسم , و كانوا يأكلون من المضيف و الكل يحترمهم , و بعضهم يستأذن من الشباب لكي يصور ما يراه , و الشباب بكل أحترام كانوا متعاونين مع الجميع , خصوصا مع غير المسلمين للإثبات لهم إننا شعب مسالم و محب لكل الناس .

    • زائر 11 | 6:40 ص

      للاسف بعض القنوات الفضائيه تحجم عشوراء و كان لها قضيه مع الحسين

      لفت نظري خبر مكتوب في الشريط الاخباري لاحدى القنوات التي تملكها احدى الدول الخليجيه في اليوم العاشر من المحرم و هذه القنات تزعم انها منبر من لا منبر له والخبر كتب كالاتي " الطائفه الشيعيه في كربلاء تحي عشوراء الامام الحسين" و لا كان الملايين في انحاء العالم في البحرين و ايران و العراق و لبنان و اليمن و تونس و مصر و باكستان و افغانستان و الكثير من الدول احيت هذه المناسبه"
      على الاقل كونو احرار في دنياكم

    • زائر 10 | 4:51 ص

      بارك الله فيك ياايها القلم الحر

      نعم هذا مالمسناه في هذا العام من توجه حسيني بحت يذكرنا بالماضي . فلك الشكر على هذا المقال الذي يستحق الوقوف عنده ليس فحسب هذا المقال بل كل ماتخطه انامك عين التقدير يااستاذ قاسم

    • زائر 9 | 4:47 ص

      تلوث

      تم تلويث موسم عاشوراء هذا العام بالشحن الطائفي السياسي ..فهل يستحق الحسين ان يزج بأسمه لمصالح سياسية مختلف عليها؟

    • زائر 6 | 2:27 ص

      أتدري ان البكاء لقضية البحرين كان في كثير من البلدان

      هناك الكثير من المجالس الحسينية التي أبكت فيها قضية البحرين عيون الحاضرين والمستمعين!!

    • زائر 5 | 12:03 ص

      أنا ملاية

      أردت أن أذكر لقطة تسجيلية للعزية التي أقرأ فيها حيث زاد عدد المعزيات الشابات بالإضافة للمعزيات الدائمات ويتفاعلن كثيرا مع المراثي الجديدة لكبار الرواديد والتي تبثها الفضائيات ، وكان حافزا لي لتطوير قدراتي.

    • زائر 3 | 11:41 م

      عاشق الحسين

      ابدعت سلم قلمك فسلام على الحسين الى قيام يوم الدين ونموت ويبقى ذكر الحسين خالدا

اقرأ ايضاً