عرضت قناة التعليم الأميركية «TLC» حديثاً برنامج تلفزيون الواقع الجديد «المسلم الأميركي الكامل» وسط دوي كبير داخل وخارج الجالية الأميركية المسلمة. يركّز المسلسل الذي تقع أحداثه في مدينة ديربورن بولاية ميشيغان، وهي مدينة مشهورة بسكانها المسلمين والعرب بشكل كبير، يركّز على المسلمين المولودين في أميركا، ويهدف إلى الإجابة على السؤال: «ماذا يعني أن يكون الإنسان مسلماً في أميركا؟»

سكان أميركا المسلمون متنوعون في أعراقهم وطبقاتهم الاجتماعية وتقاليدهم الدينية. يعرض حضور صلاة الجمعة أو، بشكل أفضل، احتفالات العيد، هذا التنوع في أفضل صوره. أميركيون أتراك إلى جانب أميركيين من البوسنة، إلى جانب بنغلادشيين وماليزيين وإندونيسيين وهنود وباكستانيين وفلسطينيين وأميركيين من أصول إفريقية. القائمة طويلة ومستمرة. هناك هؤلاء الذين يذهبون إلى المسجد للصلاة بشكل منتظم، وآخرون يأتون إليه للاختلاط اجتماعياً أثناء العطل والمناسبات.

ورغم أن محطة «TLC» لا تدّعي أنها تمثل جميع الأميركيين المسلمين في المسلسل، إلا أنها من خلال التركيز فقط على الأميركيين المسلمين من الشيعة من أصول لبنانية يعيشون في مدينة ديترويت، وبعنوان يدّعي الحديث نيابة عن «جميع الأميركيين المسلمين»، يبرُز بالتأكيد السؤال بشأن ما إذا كان المسلسل يمثل تجربة الأميركيين المسلمين بشكل عام.

يعكس اختيار هؤلاء الأميركيين الذين يقدمهم البرنامج رغبة من قبل المنتجين بأن يمثلوا الكثير من القضايا التي يواجهها الأميركيون المسلمون، مثل عرض الضغوطات الأسرية والدينية عندما يعود الأمر إلى الزواج عبر الديانات أو حسنات وسيئات لبس الحجاب.

أبدعت قناة «TLC» بعرضها أعداداً متساوية من النساء المسلمات اللواتي يلبسن الحجاب واللواتي لا يلبسنه، وهو تمييز قد لا يكون الأميركي العادي على وعي به. إلا أن الخيار باستخدام العرب كشخصيات في المسلسل أحبط الكثير من الأميركيين المسلمين وخيب آمالهم لأنه خيار يدعم الفهم الخاطئ بأن العرب والمسلمين هم مجموعة واحدة. ويمكن للكثير من الأميركيين الاستمرار في عدم معرفة أن هناك أعداداً كبيرة من العرب المسيحيين واليهود من ناحية، وأن نحو ثلث المسلمين الأميركيين فقط، في الواقع، هم عرب، من ناحية أخرى.

بغض النظر عن موضوع التمثيل، تشكّل شخصيات البرنامج قيمة ترفيهية جيدة. وبوجود بعض الشخصيات النسائية القوية، يلقي المشاهدون نظرة مقربة على دور المرأة في الإسلام، الذي كثيراً ما يساء فهمه. تضم الشخصيات النسائية الرئيسية صاحبات أعمال وربات بيوت ونساء يلبسن الحجاب وغيرهن بأوشام على أجسامهن.

الاحتمال هو أن الكثير من القرّاء يشككون مثلي بتلفزيون الواقع. تُظهِر البحوث أنه يجب عدم الوثوق بتلفزيون الواقع، فمن شخصياته إلى أعمال التحرير فيه، هناك الكثير من أساليب تشكيل المنتج النهائي والتحكّم بوجهات نظر المشاهد. ولكن الأمر الواعد هو أن الأميركيين المسلمين بدأوا يظهرون في جميع أنواع البرامج التلفزيونية، من تلفزيون الواقع إلى المسلسلات الكوميدية إلى قنوات الطعام.

قد تكون هذه بداية توجّه جديد في الإعلام. وقد يكون إعطاء المزيد والأكثر إيجابية من تقديم الأميركيين المسلمين سيشجع ويدعم المزيد من الفهم بشأن مدى تنوع الجالية والأدوار الكثيرة المختلفة التي يلعبها المسلمون داخل المجتمع الأميركي.

لقد سئمْت قول ذلك كلما لاحظت توجهاً جديداً نحو المسلمين في الإعلام الأميركي. ولكنني سأقولها مرة أخرى، هذه هي البداية. ينجح مسلسل «مسلم أميركي كامل»على الأقل في نبش السطح لثقافات فرعية متعددة واسعة داخل الجالية الأميركية المسلمة.

وهو ينجح في عرض تنوع الجاليات المسلمة إلى ما وراء صورة المرأة التي تلبس الحجاب مقابل المرأة التي لا تلبسه. وهو يضم مسلمين يشربون الخمرة ويبيعونها (وهو أمر محرّم في الإسلام) وهؤلاء الذين لا يفعلون ذلك، ويقدّم مسلمين يصلّون خمس مرات في اليوم وآخرين لا يفعلون ذلك.

إذا استطاع منتجو البرنامج إشغال الجالية في حوارات بنّاءة بشأن بعض القضايا التي لم يحلها مجتمعنا بعد، مثل كيف يعرّف المسلمون أنفسهم كمسلمين، رغم أنهم لا يمارسون دينهم ولا يذهبون إلى المسجد، فهذا بحد ذاته إنجاز له أهميته.

يشكّل البرنامج بوابة محتملة للأميركيين لرؤية التنوع المدهش داخل دينهم، والذي يُعرَض أحياناً بشكل سلبي في الإعلام. هنا يرى المشاهدون المسلمين الأمور نفسها التي تريدها معظم الأسر حول العالم: أن ينشأ أبناؤهم سعداء وأن يفعلوا ببساطة الأمور الصحيحة تجاه بعضهم بعضاً وتجاه إيمانهم