العدد 3387 - الخميس 15 ديسمبر 2011م الموافق 20 محرم 1433هـ

انتشال الوطن من محنته يبدأ من وحدتنا

أحمد الصفار comments [at] alwasatnews.com

-

ما أحوج الناس إلى الوحدة والتكاتف في هذه الأيام التي يشهد فيها الوطن مرحلة مفصلية حرجة، تتطلب وجود قوة مجتمعة على هدف واحد وعزيمة راسخة، تتخذ من حب البحرين قاعدة صلبة تنطلق منها لترميم جسور التلاقي التي هدمت، وتقرب المسافات بين كل القوى المتنافرة.

الثابت أن أي وطن لا يمكن أن يتقدم خطوة وهو يعيش صراعاً مستعراً، تديره أطراف ذات مصالح فردية، تبتغي الخروج منتصرة وحدها ومعها رتل من المغانم والمكاسب بصرف النظر عن آلام ومعاناة الآخرين.

وفي ذلك غياب مفجع للضمير الحي في نفوس هؤلاء الذين يدفعون الساحة في هذا الوقت إلى المواجهة على أساس فزعة وهمية ليست لها أية مسوغات أو دوافع واضحة، سوى الانحياز لحميَّة الجماعة ومحاولة تسجيل أكبر قدر من النقاط على الطرف الآخر كعدو وهمي مفترض.

كل البحرينيين شركاء في الدم والدين والعروبة، وبينهم مصاهرات ونسب وزيجات تضم مختلف الطوائف والانتماءات، وغالبيتهم على وعي وإدراك بما يجري من تحريض طائفي لتمييع المطالب المشروعة وتضييع الحقوق الثابتة، وإشغال المجتمع بصدامات تعلي من شأن الطرف المتطرف وتخفي الصوت المعتدل.

أي حل سياسي ومخرج ينقذنا مما نحن فيه، بات مرفوضاً من جماعة ترى أنها مهددة، وهذه الفكرة من صنع المتمصلحين الذين يعتبرون انتهاء التوتر في الساحة، بمثابة إصدار شهادة وفاة لخطاباتهم اليومية التحريضية المتكررة، والتي لا تبتعد عن سياق محدد أشبه بالاسطوانة المشروخة المملة في صحن مذياع مغبر.

المؤذي في الأمر أن ثقافة الكراهية وتصدير الاتهامات التخوينية أصبحت ملتصقة بطوائف وجماعات، مهما قدمت من شواهد وإثباتات تؤكد ولاءها والتصاقها بالبحرين، فإنها بحاجة إلى تقديم المزيد من صكوك البراءة حتى يقتنع الطرف المقابل بأنها على حق، ولا يشفع لها مشاركتها في مواقع التنمية وقطاعات العمل على مدى عقود طويلة لإثبات وطنيتها وانحيازها إلى وحدة البلاد واستقرارها بعيداً عن المطامع الأجنبية.

واستئصال هذه الثقافة لن يفلح معه تعديل المناهج الدراسية، وتضمينها دروساً تاريخية تحكي عن واقع الأجداد في حقبة مهمة كانت فيها البحرين أمام استفتاء عام على استقلالها وعروبتها، انتهى بإجماع وطني شارك فيه كل البحرينيين من شيعة وسنة ومسيح ويهود وهندوس وأصحاب الديانات الأخرى.

وبالتالي نحن كشعب متحضر واع متفهم، علينا أن نساهم في نسف هذه الفكرة من عقول أبنائنا، فبعد أن تمر السنوات وتترسخ أكثر في عقولهم، لا يمكننا إنقاذ أي شيء، وحينها سنكون في مواجهة مع جيل مفخخ، مجزأ، متشبع بمفاهيم إقصائية وجاهز لصراع آخر لسنا أبطاله بل إننا من صنعه حين تخاذلنا عن القيام بواجبنا وتركنا التطرف يأخذ طريقه بلا عوائق، فيتوغل في المدرسة والبيت والجامعة والطريق مهدداً أجمل ما عرف عنه هذا الشعب الطيب من وحدة وتآزر في السراء والضراء.

الفئة التي تعمل على التأجيج معروفة، وأغراضها مفضوحة، ونواياها لا تخفى على أحد، ولن تهدأ أبداً إلا والناس كل منهم يقبض في زمام الآخر، ولا سبيل للقضاء عليها إلا بمواجهتها بجرأة لثنيها عن إشعال ما تبقى من أوراق مخضرة في مسيرتنا الوطنية.

من ينظر إلى المشهد البحريني اليوم، يصاب بالحسرة والأسى على الحال التي وصلنا إليها، فسيرتنا تتناقل على الألسن وتحكى في المجالس، وصفة التسامح خسرناها، وزيارة إلى أقرب دولة تكشف لنا فداحة اتخاذنا وقفة المتفرج إزاء ما يحصل من استنزاف واضح لما تبقى من سلمنا الاجتماعي وعلاقاتنا الإنسانية، والمطلوب أن ننتقل من مربع الجمود إلى فسحة العمل والبناء لإنقاذ الوطن

إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"

العدد 3387 - الخميس 15 ديسمبر 2011م الموافق 20 محرم 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 3:01 ص

      Zainab Radhi

      فعلا من ينظر الى المشهد البحريني اليوم يتألم و كأنما نحن الذين بنينا هذا المجتمع طوبة تلو الاخرى و أخذنا مقتطع وقت لنطالب بحقوقنا , يأتي من هو يخاف على نفسه فيهدمها , كم نحن بحاجة لتلك الوحدة لأن ننقذ وطننا , بحريننا تستغيث , و هناك من لا زال غير واع بما يحدث, بوركت أخي على تلك الكلمات العطرة

اقرأ ايضاً