العدد 3388 - الجمعة 16 ديسمبر 2011م الموافق 21 محرم 1433هـ

اتفاق «دربان» ربما لا يسهم كثيراً في خفض معدل ارتفاع حرارة الأرض

هناك توقعات بأن ترتفع حرارة الأرض وأن ترتفع مناسيب البحار وأن تحدث الظواهر المناخية المزيد من الدمار لكن الاتفاق الجديد الذي توصلت إليه حكومات الدول في مدينة دربان لخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري لن يساهم كثيرا في الحد من هذه الخسائر. تشير بيانات مناخية من وكالات الأمم المتحدة إلى أن تراكم الغازات المسببة للاحتباس الحراري سيرتفع خلال السنوات الثماني القادمة -أي قبل الموعد المقرر لبدء تطبيق النظام المتفق عليه لخفض الانبعاثات- لمستويات تجعل كوكب الأرض على مسار تصادمي مع تغير بيئي دائم.

ووافقت دول من أنحاء العالم يوم (الأحد 4 ديسمبر/كانون الأول 2011) على صياغة اتفاق جديد يجبر للمرة الأولى كل الدول الكبرى التي تمثل اكبر مصادر للتلوث على خفض انبعاثات هذه الغازات بحلول عام 2020. لكن البعض يقول إن هذه الخطة تسير بخطى بطيئة للغاية في كبح جماح ظاهرة ارتفاع حرارة الأرض.

ويقول محللون إن من الضروري كي يكون لأي خطة لخفض انبعاثات الغازات أثر حقيقي إثناء الصين -وهي أكبر مصدر للغازات الضارة- عن استخدام مصادر الطاقة التي تعتمد بشدة على الفحم والتي تخنق الأرض بثاني اكسيد الكربون كما يجب ان تنفق الدول المتقدمة مبالغ كبيرة لتغيير مصادرها للحصول على الطاقة. لكنهم لا يرون إرادة سياسية تذكر لتنفيذ تلك الخطط المكلفة ويقولون إن عملية الأمم المتحدة أظهرت خلال اسبوعين من المحادثات في مدينة دربان بجنوب افريقيا عجزها بصورة كبيرة عن إحداث تغيير كاسح.

من جهتها، قالت مديرة البرنامج الدولي للمناخ في صندوق الدفاع عن البيئة جنيفر هافركامب وهي مجموعة أميركية تحارب التلوث: «التحدي هو أننا نبدأ المحادثات انطلاقا من أدنى نقطة في تطلعات كل طرف». وأضافت: «حتى تنجح هذه المساعي لابد أن تكون الدول طموحة في التزاماتها وأن ترفض استخدام هذه المفاوضات كمجرد أداة أخرى معرقلة».

ومن غير المرجح نظرا للقيود السياسية المحلية تنفيذ وعود دربان بإقامة المزيد من المشاريع الصديقة للبيئة في العالم المتقدم وتكثيف المساعدات للدول النامية، وذلك نظرا لمشكلات التمويل الحكومي في اوروبا والولايات المتحدة واليابان.

وخلال مفاوضات استمرت نحو 20 عاما لم تسفر عملية الأمم المتحدة سوى عن اتفاق واحد ملزم حول خفض الانبعاثات وهو بروتوكول كيوتو لعام 1997.

وينظر له على أنه اتفاق يزداد ضعفا ولا يحكم إلا عددا محدودا من الدول المتقدمة التي تمثل حاليا 25 في المئة فقط من الانبعاثات العالمية وأعطاه اتفاق دربان شريان حياة.

ومن شأن الاتفاق الجديد ان يمدد العمل بالقيود على الدول المتقدمة والتي كان من المفترض أن تنتهي العام القادم رغم أنه ينظر لها على نطاق واسع باعتبارها لا تساهم كثيرا في إحداث خفض في الانبعاثات.

ويعرف الاتفاق الجديد باسم «أساس دربان» ويعد بالتوصل إلى اتفاق ملزم قانونا بحلول عام 2020 ويرسم خارطة طريق لتحقيق هذا الهدف.

ويقول محللون إن مصدر القلق هو أنه بحلول الوقت الذي تسري فيه أي بنود جديدة سيكون اثرها قد تقلص في المفاوضات لدرجة تجعلها بلا معنى.

والصين والولايات المتحدة والهند أكبر ثلاثة مصادر في العالم لغاز ثاني أكسيد الكربون وهناك تقديرات بأنها تمثل نحو نصف انبعاثات العالم من هذا الغاز وهي ليست ملتزمة بكيودو ولن تكون ملتزمة بأي أرقام مستهدفة حتى عام 2020 على الأقل.

وتتهم جماعات الضغط المدافعة عن البيئة الدول الثلاث منذ سنوات بمنع اتخاذ إجراءات صارمة. وتتعلل هذه الدول بأولويات داخلية في مجال الدفاع.

ويحتاج مجلس الشيوخ الاميركي أغلبية كافية للموافقة على المعاهدات العالمية وليس به تحالف واسع للموافقة على أي معاهدة دولية للمناخ.

وقالت كل من الهند والصين إن خفض الانبعاثات سيضر باقتصادها ويعرض مئات الملايين من السكان للخطر في وقت يسعون فيه للخروج من الفقر. لكن من يطالبون بقيود أكبر على الانبعاثات يقولون إن هؤلاء السكان معرضين لخطر أكبر مع التغير المناخي.

وقال ألدن ماير من اتحاد العلماء المعنيين «سكان العالم أكبر طرف خاسر لأن الحكومات تذعن لدى اتخاذ إجراء أكثر حسما لمصالح الشركات اكثر من إذعانها لمصالح الناس».

ودعا ماير وهو مخضرم في محادثات المناخ التي تجريها الأمم المتحدة لرفع سقف خفض الانبعاثات والدعم المالي للتغير الصناعي وإلى «روح تعاون أكبر مما شهدناه في مركز مؤتمرات دربان خلال الاسبوعين المنصرمين».

ويقول علماء ومبعوثون من دول مختلفة لعملية المناخ التي تشرف عليها الأمم المتحدة إن هناك حاجة للحد من المتوسط العالمي لارتفاع حرارة الأرض إلى درجتين مئويتين على الأقل مقارنة بعصر ما قبل الصناعة للحيلولة دون حدوث أخطر مظاهر التغير المناخي. لكن جماعات مدافعة عن البيئة تقول إن حتى هذا المعدل غير كاف. وقال برنامج الأمم المتحدة البيئي في تقرير الشهر الماض

ي إن الانبعاثات توشك أن تتخطى حد الدرجتين المئويتين ويحذر محللون من ان تأجيل خفض انبعاثات الدول المتقدمة والحد من المعدل الكبير لنمو الانبعاثات في دول نامية رئيسية يعرضان الكوكب للخطر بشكل متزايد.

وقال ماير: «نحن على مسار زيادة من ثلاث درجات مئوية إلى ثلاث درجات ونصف إذا لم نحقق خفضا كبيرا بحلول 2020» . «وليس هناك ما يشير إلى أن هذا الاتفاق سيغير ذلك».

وتشير تقارير للأمم المتحدة إلى أنه مع ارتفاع الحرارة ترتفع أيضا الخسائر والتي تشمل تلف المحاصيل وزيادة حمضية المحيطات لدرجة تمحو أنواعا من الكائنات وارتفاع مناسيب البحار لدرجة محو جزر من على الخريطة.

وقالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إن متوسط حرارة الأرض سيرتفع ما بين ثلاث وست درجات مئوية بحلول نهاية القرن ما لم تحتو الحكومات الانبعاثات وهو ما من شأنه أن يحدث دمارا دائما للأنظمة البيئية.

واعتبرت جمعيات الصليب الاحمر والهلال الأحمر أكبر شبكة إغاثة في العالم اتفاق دربان فشلا جماعيا في القضاء على الدمار الذي يسببه التغير المناخي لأكثر السكان تأثرا في العالم.

وقال الأمين العام للشبكة ، بيكيلي جيليتا في بيان: «من غير المقبول بصراحة أن نعجز جميعنا عن الاتفاق بينما يتعلق ذلك بأرواح كثيرين».

ولكن سلوين هارت كبير مفاوضي تحالف من مجموعة دول صغيرة مكونة من جزر أبدى ثقة قائلا: «إن هناك على الأقل اتفاقا على مواصلة المحادثات مضيفا، كنت أريد الحصول على المزيد لكن على الأقل لدينا شئ يمكن العمل به... لم نفقد كل شئ بعد»

العدد 3388 - الجمعة 16 ديسمبر 2011م الموافق 21 محرم 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً