العدد 3389 - السبت 17 ديسمبر 2011م الموافق 22 محرم 1433هـ

رئيس تونس الجديد... تحوّل في المواقف أو تطوّر

سليم مصطفى بودبوس slim.boudabous [at] alwasatnews.com

-

بدأت شخصية المنصف المرزوقي الحقوقي والسياسي تشدّ الانتباه أكثر فأكثر، وتسيل حبر الصحافة المكتوبة بقدر ما تستهوي أحباء الصحافة الالكترونية والسمعية والبصرية عموماً. لكن التحوّل الأبرز في مسيرته، والشيء الذي لم يكن يتوقعه هو شخصياً قبل 14 يناير/ كانون الثاني 2011 أن يصبح رئيساً للجمهورية التونسية.

ولئن كان المقام لا يستدعي تعريفاً موسّعاً به لكثرة تداول ذلك في وسائل الإعلام، فإن ما يشد المحللين إلى شخصيته الحقوقية مواقفه التي عرفت بدرجة كبيرة من الصرامة، وخصوصاً في فترة ما قبل نجاح الثورة في تونس، لكن المتابع يمكن أن يلحظ بعض التغير في مواقفه.

والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: أيعتبر هذا التغيّر في المواقف تناقضاً أم تطوراً اقتضاه الموقف السياسي داخليّاً وخارجيّاً؟

هذا الرأي السريع لا يمكن أن يحيط بكل مواقف الرجل، ولا يدعي الإجابة عن السؤال قطعياً وإنّما الغاية منه محاولة بسيطة لفهم شخصية المنصف المرزوقي.

أما داخليّاً فلقد نقد حركة النهضة في عديد من المناسبات، وخصوصاً في مسألة توظيفها المساجد للدعاية السياسية أو الإكثار من الأعمال الخيرية الاجتماعية ابّان الحملة الانتخابية كتنظيم حفلات الزواج الجماعي أو موائد الإفطار الجماعي في رمضان أو حفلات الختان وغيرها... ورأى فيها دعاية سياسية أكثر من كونها أعمالاً خيرية اجتماعية. وما هي إلا أشهر قليلة حتى رأى أنّ التحالف مع حزب حركة النهضة هو الخيار الأسلم، حتى أن أنصاره من قواعد حزب المؤتمر من أجل الجمهورية أو بعض القيادات القديمة منه بدأت تتوجس خيفة من هذا التغير، ورأت فيه تناقضاً واستسلاماً لأغراض سياسية أكثر منه خدمةً لمصلحة البلاد في فترة عصيبة تمرّ بها تونس. وها قد شكّل مع حركة النهضة وحزب التكتل حلفاً ثلاثيّاً قويّاً عُرف في تونس بـ «الترويكا»، وفي المقابل تباعدت المسافة بينه وبين الأحزاب ذات التوجهات اليسارية أو ذات المواقف التي كانت بالأمس القريب أقرب ما تكون لمواقف المرزوقي.

ومن مواقفه الصارمة القاطعة في فترة الحملة الانتخابية، رفضه لما عرف بـ «توظيف المال السياسي» لغايات حزبية لدى المعارضة، وخصوصاً مواقفه من الحزب الديمقراطي التقدمي وحزب الاتحاد الوطني الحر وحتى تيار العريضة، حيث رأى أن هذه الأحزاب كانت توظّف أموالاً مشبوهةً مموّلةً من أصحاب أعمال يحاولون الحفاظ على مصالحهم مع هذه الأحزاب التي تتعاون معهم. لكن بعد أن تولى رئاسة الجمهورية؛ دعا الجميع وخصوصاً ما صار يعرف بالمعارضة وعلى رأسها الحزب الديمقراطي التقدمي إلى العمل يداً بيد من أجل تونس.

وليس بعيداً عن هذا، وعلى الصعيد العربي والعالمي، فإن مواقف الرجل تتغيّر تطوراً لا تناقضاً: فمنذ فرار الرئيس المخلوع والمرزوقي لا يفتأ يطالب -كغيره من التونسيين- البلد التي آوت ابن علي بتسليمه إلى القضاء التونسي بعد أن ثبتت عليه تهم الفساد بما لا يدع مجالاً للشك فيها وعلى مسمع ومرأى العالم كله. غير أن هذا المطلب الجازم في مواقفه لم يكن حاضراً في خطابه الرسمي الأول. ولئن كان قد ألمح إلى ضرورة تطبيق مقتضيات العدالة الانتقالية فإن مواقفه كرئيس يمثل كل التونسيين وعلم البلاد دعته إلى مراجعة موقفه تقديماً لحسن علاقة الإخاء بين المملكة العربية السعودية والجمهورية التونسية.

إذن، فالمواقف السياسية تتغيّر في اتجاه التطور الإيجابي سواءً في الداخل تغليباً للمصلحة العامة على المواقف الشخصية والحزبية وتلك هي لعبة الديمقراطية، أما في الخارج فتقديماً للعلاقات الأخوية الطيبة التي تجمع تونس بأغلب البلدان العربية إن لم نقل كلها

إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"

العدد 3389 - السبت 17 ديسمبر 2011م الموافق 22 محرم 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 11:49 ص

      تونس والبحرين

      علاقات أخوة دائما
      إلى الزائر 7
      أعلمك أن رئيس الحكومة التونسية احتفل مع السفارة البحرينية في تونس بالعيد الوطني للبحرين فضلا عن حضور شخصيات أخرى مهمة في الدولة الجديدة

    • زائر 7 | 8:43 ص

      وماذا عن موقفه من البحرين؟

      كانت له مواقف سابقا مع الاحتجاجات

      هل تغيرت أيضا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

    • زائر 6 | 7:56 ص

      فعلا يستحق الدراسة المعمقة

      اثلجت صدري بالمقال في يوم بارد
      اشكرك على الدراسة والتمعن في اغوار الرجل-الرئيس

    • زائر 5 | 7:53 ص

      مواقف متطورة في رأيي

      طبعا مواقفه كرئيس تختلف عن مواقفه كزعيم حزب

      طبعا مصلحة البلاد فوق كل اعتبار ولا بد من مراعاة أمور كثيرة في ذلك

    • زائر 4 | 7:25 ص

      جلب المخلوع

      فمنذ فرار الرئيس المخلوع والمرزوقي لا يفتأ يطالب -كغيره من التونسيين- البلد التي آوت ابن علي بتسليمه إلى القضاء التونسي بعد أن ثبتت عليه تهم الفساد بما لا يدع مجالاً للشك فيها وعلى مسمع ومرأى العالم كله.
      لا بد من جلب المخلوع ليكون عبرة لمن يعتبر

    • زائر 3 | 2:02 ص

      سؤال يطرح نفسه

      أيعتبر هذا التغيّر في المواقف تناقضاً أم تطوراً اقتضاه الموقف السياسي داخليّاً وخارجيّاً؟

      نرجو أن يكون تطورا إيجابيا كما حللت

      شكرا على المقال

    • زائر 2 | 1:23 ص

      الرئاسة غير

      لا شك أن الرئاسة تجب ما قبلها
      والرجل صار اليوم يمثل الدولة لاالحزب

    • زائر 1 | 12:02 ص

      نتفهم ولكن...

      نحن نتفهم خطابه ولكن نتمنى الا تكون بداية التغير في مواقف الرجل الذي نحترمه كثيراُ. الله يحفظ تونس ويكتب لها الحرية والنهضة.

اقرأ ايضاً