العدد 3391 - الإثنين 19 ديسمبر 2011م الموافق 24 محرم 1433هـ

نزف الروح!

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

تستطيع أن توقف نزيفاً مّا في جسدك، وقد يشفى الجسد من هذا النزف وقد لا يشفى، ولكن من الصعب إيقاف نزف الروح، لأنّ هذا النزف لا يمكن أن يُرى أو يُعالج أو يُلمَس بسهولة نزف الجسد.

نزيف الروح أتى من المعشوقة «البحرين» وهو نزفٌ مؤلمٌ يصل إلى عظام الجسد، ولكن دون وجود طبيب الروح حتى يوقفه، فما أن تُصاب بهذا النزف حتى تعلم بأنّ بينك وبين المعشوقة حبّاً كبيراً، حتى وإن كنت غاضباً منها أو ملفوفاً بجراحات قد سبّبتها لكَ من جرّاء جفاء أو خيانة، وفي الأخير أنتَ والمعشوقة تخسران!

هذه المعشوقة التي وضعتَ كل أحلامك الوردية والحمراء فيها، ورسمت خطّة طريق لإصلاحها، ولم تكن يوماً بخيلاً في مشاعرك اتجاهها، جشعاً من أجل مصحلتك بعيداً عن مصلحتها، بل وضعت نصب عينيك «هي» أوّلا، ومن ثمّ أنتَ والجميع ثانياً، لكنّك تجدها اليوم بخيلة عليك بالسعادة كما لم تبخل عليكَ من قبلُ، كارهة لك الألم الذي يعتصر قلبك، لكنّها واقفةٌ لا حراك حتى تأخذ بيدك من أجل اصلاح ما حدث بينكما، فأنتَ مجروح وهي ضائعة، وكلاكما في دوّامة لا تعرفان كيف تخرجان منها.

تنظر الى «البحرين» فلا تستطيع النظر بعمق اليها، مخلوطة مشاعرك بين حبٍّ عظيم وألمٍ أعظم، وتصرخ في وجهك متى ستنظر اليّ؟! والى متى هذا الهروب من النظر في وجهي؟! وأنتَ قابعٌ مكانك لا تستطيع الرد ولا تستطيع السكوت ولا حتى الصراخ في وجهها.

«معشوقتي البحرين» ذهبتُ الى شوارعها بالأمس، وكنت بين النّاس أفرح لعرسها بالعيد الوطني، وأتألّم لحالها مع غفير من أحبّوها، ولا يخفى عليكم، فالبكاء كان أسهل الطرق لإراحة الروح من النزف الذي بداخله، فلا دواء يداوي ولا طبيبُ.

ولا أعلم إن كنتُ سأهرب من هذا الحب حتى لا تتصدّع العلاقة أكثر أم سأتحدّى نزف الروح لأحاول إصلاح الشق الغزير الذي حدث بمساعدتها، إذ إنّني أرى الجميع مغتاظاً على «معشوقتي»، ولم أرَ أي محاولة لِلَملَمة جراحها أو جراحي أو جراح من أحبّها، وما هي الاّ لحظات حتى نرى هذه المعشوقة تذبل في وسط مستنقع الشد والربط.

وأعتقد بأنّها هي نفسها لا تعرف الحل المثالي لمشكلتنا، فتارة تغتاظ وتارة تواجه وتارة تتكلّم وفق أحاسيسها القديمة، وهي متذبذبة لا تريد خسارة أحد، ولا تبتغي أن تؤلم أحداً، لكنّها آلمتنا جميعاً بسكوتها وسلبيّتها.

أأُناشد... أأُطالب... أأرفض... أأُوافق... أأُيّد... لا أعرف بعد ماذا تريد منّي هذه المعشوقة، فما إن أدنو منها تبتعد، وما ان ابتعدتُ حتى دنت منّي، لأنّها موجودة داخل الروح وبين الأضلاع، ولو كنت كاتبةً للشعر، لعبّرتُ عن حبّها بكل كلمات الهيام.

ولكن كلمات الهيام اليوم لا تنفع معشوقتي، وإنّما العمل على اصلاح الوضع هو ما تريده، والعمل لا يتم بيد واحدة، بل بأيادٍ عدّة وبتضحيات مُرهقة، لأنها لن ترضي الجميع، فلو أرضت فئة بما تطرحه معشوقتي، لن ترضَى عنه فئة أخرى، وما زلتُ أنا وهي في دوّامة الحب والغضب والرفض والتخبّط

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 3391 - الإثنين 19 ديسمبر 2011م الموافق 24 محرم 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 17 | 12:17 م

      نزوح الروح

      الي الحبيب المصلي لوسمحت الله يخليك الاية ليست هكذا انما ان الله لا يغير ما بقوم حتي 0000

    • زائر 16 | 10:29 ص

      المصلي

      لايفيد البكاء على اللبن المسكوب اختي مريم بأمكاننا ان نبني البحرين اذا حسنت النوايا وازلنا ما بداخلنا فالآية واضحة ولا لبس فيها حيث قال الله تعالى في محكم كتابه المجيد ( لايغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم صدق الله العلي العظيم) وسنة الحياة هكذا اذ لاتستقيم امورنا جميعا حاكمين ومحكومين الا اذا ارسينا قيم العدل والتسامح واحترام الآخر في دينه ومعتقده فالكل سواسية امام القانون لافرق بين ابيض واسود وسني وشيعي الكل متساون في الحقوق والواجبات لاتمييز ولاتهميش ولاطائفية حتى يأمن المواطن على قوته

    • زائر 15 | 10:16 ص

      يكفينا الما يابحرين

      عندما تحاولي ان تخرجي من القرى تري الغربة والالم والحزن بمناطق البحرين تسمعين الضحكات بمناطق اخرى فتنظري بالعين لتري الاهات والتنهيدات
      انا ارى بلادي حزينة تنادي تستغيث
      تناجي الرب العزيز فهل من مجيب !!

    • زائر 14 | 8:53 ص

      ابكيتنا يامريم

      من اصعب المواقف ان تجد حبيبا الى فلبك ينزف دما وانت لاتستطيع ايقاف نزف الدماء مشكوره يابنت الشروقي على هذه الاهات المولمه

    • زائر 13 | 3:47 ص

      إلى متى الوطن ينزف؟

      هل هناك عصا سحريه لوقف النزيف لقد تعب الوطن من هذا النزيف الخوف ان ينهار هذا الوطن من كثر النزيف

    • زائر 12 | 2:23 ص

      شكرا شكرا

      لا يسعني إلا أن إقول .. الجرح نازف والنزيف عميق والدواء صعب مستصعب

    • زائر 11 | 1:52 ص

      بعده ارتاح

      بالرغم من كل هذه التضحيات وهذه المعاناة ،وبالرغم من كل هذا الجفى والصدود من هذه المعشوقه ،سيأتي اليوم الذي الثمها واقبل حتى تربها ،واليوم الذي سنتعانق فيه هو اليوم الذي بعده ارتاح

    • زائر 10 | 12:54 ص

      الوضع خطير

      فجر الاثنين الواحده صباحا وامام منزلنا في مدينة حمد صحوت انا وعائلتي على صراخ وفوضى فطليت من غرفتي فرايت جموع غفيره على شكل عصابات ممسكين بألواح واسياخ حديديه وبعد مداخله مع احدهم تبين لي ان اللهجه عربيه ولكنها ليست لهجتنا البحرينيه العزيزه والسلوكيات ليست من سلوكيات هلي هل البحرين فإلى اين نحن متجهون

    • زائر 9 | 12:44 ص

      ستراوي

      هكذا تعلمنا من ابائنا وامهاتنا

      يا ابني اعطيك الامانة وانت خيرة هالوطن
      انت غالي و اهيا اغلى حين تشتد المحن
      شوف هالتربة العزيزة جسمي منها انعجن
      وهذي الراية يوليدي اريد تكون مرفوعة على مر الزمن
      والولاء نعطيه لراي السديد وصاحب الخلق الحسن
      يابني اخوانك. تراني كل من يفدي الوطن
      ولاتصاحب من يريد ايبيعك ابأبخس ثمن
      واتقي شر الحقود صاحب الهم الوحيد يبتغي نشر الفتن
      وهالدعاء اللى اريدك تذكره في كل لحظة و زمن
      احفظ البحرين سالمة حرة ابية مرفوعة الشأن

    • زائر 8 | 12:41 ص

      ما خلت أن الدهر من عاداته ...

      نقتطف .... ولكن كلمات الهيام اليوم لا تنفع معشوقتي، وإنّما العمل على اصلاح الوضع هو ما تريده، والعمل لا يتم بيد واحدة، بل بأيادٍ عدّة وبتضحيات مُرهقة، لأنها لن ترضي الجميع، فلو أرضت فئة بما تطرحه معشوقتي، لن ترضَى عنه فئة أخرى، وما زلتُ أنا وهي في دوّامة الحب والغضب والرفض والتخبّط

    • زائر 4 | 11:40 م

      يادانة الحد صباح الوفاء لاوال يبنتي

      نعم اوال تنزف يبنتي من اكثر من جرح واكثر من جانب فلخناجر مازالت تغرس في خواصرها وابنائها مشغولين بما يشبه التناحر على الميراث وبعد انقضاء هذا التناحر سنكتشف ان ديرتنا بيعت لاغراب باعها من استغل الوطن والمواطن واستغفل الحاكم والمحكوم وطبق اجنده الله يعلم من وراها حيث ان ابناء الوطن يعرفون ويؤكدون ان القياده ارفع واسمى من ان تبيع جنسيات لاجانب من السند والهند مقابل مبالغ خياليه من يستحق التجنيس القياده تجنسه بدون مقابل ياسماسره الممنوع الديره تعاني ازمه اسكان صحه.تعليم بطاله ارحموا اوال يامحسنين

    • زائر 2 | 10:57 م

      حقاً إنه نريفٌ مؤلمٌ

      النزفُ المؤلم أتى من المعشوقة «البحرين» بعد أن قرّبت الغريب وأبعدت أبنائها.. وبعد أن تبنت الغريب وقدمته على أبنائها في العمل والسكن.. والأدهى والأمر بأن يمتهن الغريب الضرر بأبنائها..

    • زائر 1 | 10:27 م

      شكراً أبنتي - عصرتي قلبي ألماً

      لو كان بيدي لفرشت البحرين بين القلوب ورداً ...... و لجعلت كل قلوب البحرينين تزحف لها عشقاً
      أبنتي كما أنت تعتصري الماً على البحرين فجميعاً نعتصر ألماً مثلك و لكن فليعلم الجميع أننا جميعا نعشق البحرين و نعشق بعضنا بعضاً و ما نرضى على بعضنا و على أرضنا الغالية بنينا الوطن جميعا و ليس لأحد فضل على أحد فكلنل لحبه سواسيا فل نقبل و نعنق وطننا و بعضنا مهما كانت الجراح غائرة و مهما كانت المبررات المهم نعيش فداء الوطن فإذا كنا نحب الوطن يجب أن نحب بعضنا حتى نتجاوز كلمة بعضنا بعضنا لتصبح كلنا للوطن

اقرأ ايضاً