أفاد عدد من المديرين المساعدين والمعلمين الأوائل خلال حديثهم لـ «الوسط» بأن وزارة التربية والتعليم قررت إبقاء المعلمين حتى الثالثة عصراً مرتين شهرياً بحجة زيادة كفاءة المعلمين وتطويرهم مع بداية الفصل الدراسي الثاني الذي سيشهد أيضاً تمديد الدوام للطلبة حتى الثانية والربع ظهراً بدعوى تحقيق 1000 ساعة تعليمية للطالب في العام الدراسي.

وأشار المعلمون إلى أن الوزارة ستصرف الطلاب وفقاً للنظام الحالي في الأيام التي سيبقى فيها المعلمون حتى الثالثة عصراً.

يأتي ذلك في اللقاء الذي نظمته الوزارة للمديرين المساعدين والمعلمين الأوائل بمدرسة الحورة الثانوية للبنات نهاية الأسبوع الماضي بشأن تمديد الدوام المدرسي، والذي ذكروا فيه أن شريك تحسين أداء المدارس نعيمة غلام أوضحت أن الوقت المتبقي بعد انصراف الطلاب (105 دقائق) سيخصص لتدريب وتطوير كفاءة المعلمين مرة كل أسبوعين، ما يعني أن المعلم سيبقى حتى الساعة الثالثة عصراً مرتين شهرياً.

وتابعوا أن خبير شركة ماكنزي العالمية الذي تحدث في اللقاء أشار إلى أن المكافأة التي ستخصص للمعلمين ستكون بحدود 12 في المئة سنوياً، لافتاً إلى أنها خاضعة لاشتراطات عدة وصفها بعض المديرين المساعدين والمعلمين بـ «المعقدة»، ومن بينها عدم التأخر عن الحضور الصباحي لأكثر من 30 دقيقة بغض النظر عن المبرر، مع ضرورة حضور الدورات التدريبية والتمهينية، وعدم التغيب عن العمل حتى بعذر طبي لأكثر من 10 أيام خلال شهرين، مع ملاحظة أن الخصومات المعتادة في حال الغياب والتأخر ستطبق كالعادة وفق قانون ديوان الخدمة المدنية على الراتب الأساسي.

وأضافوا أن غلام أوضحت أن التمديد بدأ بالثانوية على أن يطبق بعدد من المدارس الإعدادية بدءاً من العام المقبل، موضحة أن البدء بالمدارس الثانوية يرجع لحصولها على نسبة 45 في المئة بتقدير «غير ملائم»وأنها لفتت إلى أن التعليم في البحرين يواجه أربعة تحديات تتمثل في التدريس الجيد والسلوك السيئ لبعض الطلاب وإنجاز المعلم ومفهوم القيادة المدرسية.

وواصلوا أنها نوهت إلى أن تحقيق معيار الجودة وفق دراسة ماكنزي سيتم من خلال جزءين: تمديد اليوم الدراسيّ ليزيد 45 دقيقة، مع إعادة هندسة اليوم الدراسي لتكون الحصة ساعة كاملة مع تقليص أيام الامتحانات مع التركيز على الحصص الأساسية التي زادت بنسبة 80 في المئة.

وفي سياق ذي صلة، ذكروا أن وكيل وزارة التربية والتعليم المساعد للتعليم العام والفني ناصر الشيخ أشار إلى أن تهيئة البيئة التعليمية لتمديد الدوام المدرسي ستقتصر على زيادة دورات المياه ونقاط الشرب، مع تبديل المكيفات بمكيفات جديدة فقط، من دون الإشارة إلى ما يخص توفير مظلات وتحسين الوجبات المقدمة.

مداخلات على هامش اللقاء...

البقاء لـ 3 عصراً غير قانوني

وإجابة عن سؤال إحدى الحاضرات بخصوص قانونية التمديد، أجاب ممثل شركة ماكنزي بأن القانون البحريني الخاص بالقطاع العام يفرض بقاء الموظف من الساعة السابعة حتى الثانية والربع، لكنه لم يشر لقانونية إبقاء المعلم حتى الساعة الثالثة عصراً، وهو ما اعتبره كثير من الحضور إجراء غير قانوني تتعمد الوزارة تجاهل مناقشته. ولتفت ممثل ماكنزي إلى أن الحوافز والعلاوات المتعارفة لا علاقة لها بالمكافأة المقررة للمعلمين الخاضعين للتمديد وفق الاشتراطات، إذ ستكون العلاوات والحوافز والمكافآت وفق النظام السابق.

معلم: انقلبت حياتي مع تمديد الدوام

وتعليقاً على القرار، أشار أحد المعلمين إلى أن زوجته تعمل في مدرسة المحرق الثانوية للبنات التي استبقت المدارس بتطبيق تجربة التمديد، وأوضح أن حال الأسرة انقلب رأساً على عقب، إذ تعود زوجته قرابة الثالثة عصراً وهي تشعر بالتعب الشديد، فيضطر هو للبقاء مع الأطفال ريثما تأخذ الأم استراحة، ومع المغرب تبدأ بإنجاز التكليفات المضنية المكلفة بها.

وكشف أنه يعاني من صعوبة التكيف، متسائلاً عن الوضعية التي ستكون عليها الأسرة في حال كان الوالدان يعملان مدرسين.

معلمون ينتقدون قرار «التربية» بتمديد دوامهم

من جانبها، انتقدت إحدى المعلمات قرار وزارة التربية، التي رأت أنه يخالف المواثيق والعهود الدولية، وأن ليس من حق الوزارة إبقاء المعلم في العمل أكثر من الوقت المخصص تحت أية ذريعة، لافتة إلى أن الوزارة تغري المعلمين بالمكافأة التي ترتبط للحصول عليه باشتراطات كثيرة تحول دون استحقاقها كاملة.

بدوره أكد أحد المعلمين الحاضرين بالورشة أن الوزارة تذرعت لتمديد الدوام بأن المعلمين يشتكون من قصر وقت الحصص، لافتاً إلى أن يمكن تمديد وقت الحصص من دون تمديد الدوام عبر إطالة الحصة لما بين 50 و60 دقيقة، بعد تقليص عدد الحصص إلى 6 وهو ما سيطبق مع تمديد الدوام، ما يعني تقليص الحصص وإسقاط بعض الحصص غير المجدية التي تؤثر على دور المعلم وتشغله عن عملية التعليم والتعلم.

وأوضح المعلم أن تمديد الدوام لن يحقق جودة للتعليم، إذ سيبقى النظام التعليمي بأنظمته ومناهجه هو المسيطر، فيما التجويد يتحقق بإعادة النظر في مناهج التعليم لتكون أكثر ارتباطاً بسوق العمل. وقال المعلم: «كيف يتم تمديد الدوام بلا استشارة المعلمين ولا أولياء الأمور، ولا مؤسسات المجتمع المدني».

أعباء مالية وأزمة مرورية خانقة

وانتقد عدد من أولياء الأمور الذين تم استطلاع آرائهم قرار التمديد، لافتين إلى أن التمديد سيتسبب في تأخير تسلمهم لأطفالهم وأبنائهم، وسيتسبب في رفع مبالغ الروضات والحضانات، إذ ستضطر معلمات الرياض للبقاء وقتاً أطول، ما يعني أن المكافأة لن تكون ذات نفع حقيقي. فيما أشار آخرون إلى أن عدم المرونة في حضور المعلمين والتشدد في انصرافهم سيتسبب في تعقيد الأزمة المرورية الخانقة، حيث سيخرج جميع موظفي الحكومة في وقت واحد مع طلاب المدارس، متخوفين من أن تكون هذه المشكلة سبباً في تأخير انصراف الموظفين وصولاً لما يسمى بالدوام المرن الذي سيفسد الحياة الاجتماعية والأسرية.

ولم ينسَ المعلمون وأولياء الأمور الإشارة إلى أن معظم دراسة الطلبة تكون في أشهر الصيف وهو ما يضعف التركيز، وعليه يكون التأخير في الدوام سبباً في تعقيد العملية التعليمية. ولفتوا إلى وجود بدائل يمكن دراستها بعد التفكير واستشارة المجتمع المدني استشارة حقيقية.

نواب وتربويون: القرار متسرع

وكان عدد من النواب أشاروا إلى وجود استياء عام من القرار الذي لم يراعِ استشارة أحد، فيما تصر الوزارة إلى أنها ماضية في تطبيق القرار، من دون تأخير، الفصل المقبل، والذي وصفه بعض التربويين بـ «المتسرع»ولقي اعتراضاً من بعض النواب، إذ بدا لافتاً أن برنامج تلفزيون البحرين مؤخراً بالإضافة لعدة تصريحات صحافية من نواب وتربويين بشأن قرار التربية بالتمديد عكس صدوداً من «التربية» لمناقشة القرار، مع استياء شعبي ونيابي من قرار التمديد، إذ لم يستطع ممثلو الوزارة إقناع الحضور بوجهة نظر الوزارة.

يذكر أن تربويين دعوا خلال حديثهم لـ «الوسط» سابقاً وزارة التربية والتعليم إلى إعادة النظر في قرار تمديد الدوام الدراسي، لافتين إلى ضرورة تنظيم الدوام وإزالة ما وصفوه بالحشو في المناهج وتقليصها بدلاً من تمديده، مع التركيز على جودة المتعلم لا شكليات التعليم التي يركز عليها كثيراً مبعوثو الجودة.

المعلمون الأوائل يطالبون بتقليص النصاب

من جانبهم، لفت المعلمون الأوائل إلى أن الوزارة تنوي تمديد الدوام وتكليفهم بأخذ 8 ساعات تعليمية أسبوعياً، وهو ما يتسبب في ضغط هائل لا ينسجم مع التكليفات والأعباء الملقاة على عاتق المعلم الأول من متابعة وتدريب وتطوير. وانتقدوا نية الوزارة تطبيق مفهوم التعليم المزدوج الذي لن يكون له محل في ظل هذا الضغط الهائل على المعلم بفرض ما بين 16 و20 ساعة إلزامياً على كل معلم، لا لشيء إلا لجعل المعلم مستحقاً مكافأة تمديد الدوام، ما يعني أن الكل سيبقى حتى 2:15 ولكن لن يحصل الجميع على مكافأة التمديد