العدد 3401 - الخميس 29 ديسمبر 2011م الموافق 04 صفر 1433هـ

مرايا غير عاكسة

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

هل نظرت إلى وجهك في المرآة قط؟ هل وجدتَ أنّكَ هو الشخص نفسه الذي بالداخل والخارج؟ أم أنّ هناك وجهاً آخر لا يعرفه أحد عنك؟ فقد تكون طيّباً من الخارج وخبيثاً من الدخل، وقد تكون صادقاً من الخارج وكاذباً من الداخل!

لابد من أن تكون لديك أسرار لا تريد إطلاع أحد عليها، وقد تكون هذه الأسرار بسيطة، ولكن على درجة الضمير الذي تربّيت عليه؛ فتتفاوت عظم الأسرار، ولا أحد هنا يدّعي الكمال، فنحن بشر نخطئ ونُصيب، وما هذه الأسرار إلا حياتك الخاصة التي لا تريد لأحد أن يتدخّل بها أو حتى يراها عاريةً أمامه.

قد يراك الناس أميناً محبّاً لوطنك، ولكن في باطن سرّك أنتَ كارهٌ حاقدٌ على هذا الوطن، وقد تكون أنتَ نفسك لا تدري إن كنتَ محبّاً أو كارهاً، ولكن النفوس الطيبة شفّافة لا تعرف مداراة المشاعر ولا الأسرار، فهي واضحة وضوح الشمس في كبد السماء.

لا أحد يعلم سر تعقّد النفس البشرية ولا كيفية وجود الأسرار في حياتنا، وما نعيشه اليوم في البحرين من تشكيك للنوايا ما هو إلا إعصار وعدم وجود رؤية واضحة تكشف ما بداخل النفس، فقد تُتّهم بالخيانة، مع أنّك أوفى الناس لوطنك ولقيادتك ولشعبك، وقد تكون أخلصهم، ولكن ليس لدينا ذلك المجهر الذي يمحّص الحقائق فتنكّشف للجميع.

وقد يختلف فيك اثنان، أحدهما يراكَ مخرّباً والآخر يجدكَ وطنياً، ولكن لا يعلم النيّات ولا يعلم السرائر إلا الله، وما بينك وبين الله لا يستطيع مخلوق بسيط ضعيف أن يكشفه، ومهما حاول، فانّ محاولاته فاشلة لا محالة.

أتذكّر تلك الفتاة الطيّبة البريئة التي اتّهمت في عرضها بسبب فيديو قام أحد الخبثاء بتصويرها فيه، ولم تقم هي في ذلك الفيديو إلا بمحادثة الشاب الذي باغتها بالكشف عن «صدرها»، أحدهم قال إنّها سعت إلى خراب سمعتها بالجلوس إلى الشاب، وآخر قال إنّها كانت تحدّثه بأدب ولكنّه فاجأها بحركته، وفي النهاية اكتشف البعض أنّ هذا الشريط ما هو إلا «فبركة» من أجل الإطاحة بتلك الفتاة، فكيف لنا أن نحكم عليها؟! أهي عاهر، أهي ساذجة، أهذا الشريط مفبرك ولا دلالة لصحته؟! العلم عندَ الله، وللأسف كثير منّا لا يعلم إلا إساءة الظن، وغير تارك النّاس في شأنهم، فما بينهم وبين الله يجب أن تكون له خصوصيّته. ونسوا حديث النبي (ص): «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه».

مرايا غير عاكسة بيننا وبين أنفسنا، لا يستطيع أحد رؤيتنا من الداخل، فقد تكون نفوسنا طيّبة بريئة، وقد تكون شريرة خبيثة، ولكنّنا نعلم بأننا لم نولد خبثاء أو أشراراً، بل الظروف والبيئة والتنشئة الاجتماعية خلقت تلك النفوس، فلنحاول البحث عن ماهيّة ذواتنا، ولتكن المرآة عاكسة بما نبطن، أي ما تراه في الصورة الخارجية هو موجود بالداخل، من أجل إراحة الضمير! وجمعة مباركة

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 3401 - الخميس 29 ديسمبر 2011م الموافق 04 صفر 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 5:09 ص

      لمَ هذا التشاؤم في كتاباتك

      بنت الشروقي لم هذا التشاؤوم في كتاباتك ، ترى الدنيا بخير و في ناس ما تظن ظن سوء ، شكرا
      ولد لمحرق

    • زائر 6 | 2:48 ص

      إييييييييييييه يا اختي مريم

      دشي المدارس وشوفي المناكر
      الله يرحم ذيك الايام والناس اللي مسكت الادارات وتركض توحد القلوب لو افترقت

    • زائر 5 | 2:30 ص

      هل يكفي الظن بالآخرين لتلفيق التهم

      سعت إحدى المتمصلحات ومن ذوات المشاكل إلى إساءة الظن بزميلاتها اللواتي يفقنها إخلاصا وعطاء ولفقت لهن التهم الكاذبة وتم التحقيق معهن من قبل لجنة تفتقر الخبرة والقدرة على التمييز بين الحق والباطل وتم إيقاف بعض الشخصيات المخلصة في عطائها ......نقول لهذه المتملقة المعروفة بمشاكلها وعدم تركيزها حسبنا الله ونعم الوكيل

    • زائر 4 | 1:40 ص

      لقد أخرجونا عن ملّة الاسلام لمجرد مطالب اصلاحية

      يا بنت الحلال لم تكن المطالب كلها في بداية الامر اكثر من الاصلاحية وكان الجميع معنا فيها قلبا وقالبا
      ولكن مقابلة هذه المطالب بعنف مفرط وغير متوقع
      جعل من البعض يصعد من بعض المطالب.
      ونرى البعض انه رأى فعل جهة معينة ولم يرى ما هي حيثيات الفعل اي لماذا صعد الناس من مطالبهم التي كانت في البداية معقولة لدى الكل.
      اصبحنا الآن خارجين عن الملة بل وحاسبنا البعض وادخلنا الى نار جهنم وكأن الله اعطاهم مفاتيح الجنة والنار. هل تغير شعب البحرين الموصوف بطيبته

    • زائر 2 | 12:42 ص

      مريم الشروقي

      عجزت كلماتي ماذا أعلق

      رحم الله والديك
      المهم إذا نظف ما في القلب سينظف الوجه أو بالأحرى كلما كن القلب نظيفا استضاء وأشرق الوجه
      هنا من مقالك استوحيت فكرة راااااااااائعة لمشروعي بالمدرسة
      هنيئا لمن يحقد عليهم ولا يستطيعون الحقد وهنيئا لمن يحقد عليهم ويمتحنون في كيف يتعاملون مع من يحقدون عليهم أحيانا يظن الحاقد أن حسن التعامل معه - الطرف الثاني الطيب - بأن هذا الشخص غبي وساذج الله يرحمنا برحمته ولا يمكننا من الحقد للآخرين

    • زائر 1 | 12:15 ص

      لا الكثير بل الغالبية العظمى لايعلم بل يعرف الا إساءة الظن والشكوك الزائفة

      ولا يترك الناس فى شأنهم ولا يدعوا الخلق للخالق ولا يتثبتوا عن اية حقيقة ما هم يظنون بها على المرء بل هذا ديدنهم الشك والظنون والريبة والغيبة والنميمة واصدار احكام دون مسوغ على شخصا يكون بريئا مما ينسبون اليه- وانا اعرف شخصا مايزال محاربا من حتى اقرب الناس اليه حتى اسلام ممنوع عليه منهم رغم علمهم وتأكدهم بانه مازعم بحقه كله هراء ودجل نتيجة احقاد واضغان وحسدا اعمي بصرهم وبصيرتهم فى آن ولكن لانقول الا المشتكي لله عزوجل عليهم كم هو ظلم ان تنهك قدسية وكرامة أمرء نتيجة ذلك العمي حسبي الله ونعم الوكيل

اقرأ ايضاً