العدد 3404 - الأحد 01 يناير 2012م الموافق 07 صفر 1433هـ

السوق الحرة والأخلاق أية علاقة؟

أشرف محمد أبوالفتوح comments [at] alwasatnews.com

كاتب مصري

إن تطور الاقتصاد مرهون بتطور الكائن الاقتصادي وفتوحاته في الميادين الحياتية الاجتماعية من فكرية وسياسية وعلمية، لأنه يتناول نشاطات الإنسان اليومية ويسعى لفلسفتها والأمثلة بينة على ذلك، فالثورة الفرنسية 1789م والثورة البلشفية الروسية 1917م وأزمة 1929 الاقتصادية وفكر وتخطيط دكتور (شاخت) الألماني الذي بعث الاقتصاد الألماني كاقتصاد حرب فكانت الحرب العالمية الثانية 39-1945، كذلك فإن انقسام دول العالم إلى معسكرين بعد هذه الحرب استند إلى كلٍّ من النظرية الرأسمالية التي تعود في تطورها إلى القرن السادس عشر الميلادي والنظرية الماركسية...، كما أن فكرة الحرية وهى نظرة اجتماعية وسياسية في بادئ الأمر لم تعد وقفاً على الاجتماع والسياسة بل أصبحت شأناً اقتصادياً كذلك وبأكثر من أي شي آخر، فالإنسان الجائع غير حر وكذلك العاطل ومن هنا من حدود الحرية ينطلق التطور الاقتصادي من المنتصف الثاني للقرن العشرين ليتضمن مواضيع أخرى وواقعاً جديداً يفترض العدالة الاجتماعية على الصعيد القومي لبلد من البلدان وعلى الصعيد الإنساني للإنسانية كلها. وذلك بالبحث عن كيف يتم تمكين مجتمع من التقدم إذا كان متخلفا أو من متابعة التقدم إذا كان متطوراً وفى الحالتين لا يتم ذلك إلا بالتعليم واستثمار الموارد والطاقات الإنسانية وذلك على المستوى المحلى أما على المستوى الإنساني فلا يمكن تجاهل أن معظم سكان العالم يعيشون تحت خط الفقر، وهو أمر لا يمكن ولا ينبغي دوامه في عصر تضاءلت فيه المسافات ونشطت فيه حركة المواصلات والاتصالات والإعلام ليصبح العالم وحدة تكاد تكون واحدة والحاجة أشد للتعاون الدولي لإنماء من تخلف وإنهاء لحقيقة ليست محل جدل في أن تطور الضمير الاجتماعي في هذا الصدد وخاصة لدى مواطني الدول الأكثر تقدماً. والنشاط الاقتصادي هو نشاط إلزامي بمعنى أن طبيعة الإنسان وتركيبته الاجتماعية يفترضان ضرورة عمله ليتمكن من الاستمرار في الحياة.

كما إننا ننظر إلى مفهوم القيم الأخلاقية حيث يرى cooper أن القيم هي معتقدات تحدد شكل تصرفاتنا وأهدافنا ويتفق rokeach مع الاتجاه السابق في تعريف القيم حيث يرى أن القيمة هي اعتقاد ثابت نسبياً بأن أنماطاً محددة من السلوك أو أهدافاً مبتغاة تكون مفضلة على غيرها من السلوكيات أو الأهداف الأخرى وعلى ذلك يتضح أن هناك تشابهاً بين القيم والمعتقدات. أما bengston فينظر للقيم على أنها معايير تحدد توجهات الفرد وتصرفاته، ويرى schein أن القيم عبارة عن مجموعة من المشاعر والأحاسيس الداخلية التي تؤثر في سلوكيات الأفراد وتحدد مدى توافقهم وانسجامهم مع باقي أعضاء الجماعة التي ينتمون إليها.

وتتلخص أهمية القيم في أنها تلعب دوراً مهماً في تشكيل الأفراد فهي بمثابة الصورة المرجعية التي يعمل الفرد على التوافق معها.

وأيضاً فإن الأخلاق تعني التفرقة بين ما هو صحيح وما هو خطأ وبين الحق والباطل وبين ما هو قانوني وغير قانوني… فالأخلاق قيمة اجتماعية social كغيرها من القيم الأخرى كالحق والجمال والصدق والأمانة وغيرها التي تحكم سلوك واختيارات أو تصرفات منشآت الأعمال اتجاه أطراف التعامل معها.

وتتلخص العلاقة بين السوق والأخلاق حيث إن النظام الاقتصادي الحر يقوم على دعامتين هما الحرية الاقتصادية والمنافسة حيث ينخفض أحياناً تدخل الحكومة في ميدان الأعمال أي أن حرية الأفراد في تملك وتوظيف عوامل الإنتاج مكفولة بلا حدود.

كما أن هناك بعض الالتزامات الأخلاقية تجاه الأطراف التي نتعامل معها وهي كالآتي:

الالتزام نحو المستهلكين.

ويتضح في (تقديم السلعة (الخدمة) بالسعر المناسب أو عدم المغالاة في الأسعار - عدم الغش والتضليل - توفير السلع في الوقت المناسب والكمية المناسبة - تقديم السلعة بالجودة المناسبة - الرد على جميع استفسارات العملاء).

الالتزام نحو الموردين.

ويتضح في (سداد الفواتير في موعدها التزام أساسي على المنظمة تجاه الموردين).

الالتزام نحو الحكومة.

ويتضح في (الالتزام بتطبيق القوانين المنظمة للعمل - دفع الضرائب المستحقة على الأرباح).

الالتزام نحو المنافسين.

ويتضح في (احترام حق الغير في المنافسة الشريفة وحق الغير في الابتكار والتجديد والحصول على عائد نجاحه أو ابتكاره).

الالتزام نحو العاملين.

ويتضح في (توفير ظروف عمل مناسبة - تقديم الأجر المناسب الذي يتفق مع جهد الفرد وخبرته وتعليمه - الرعاية الصحية والاجتماعية - توفير فرص الترقية - الالتزام أو عدم الإخلال بالشروط المتعاقد عليها).

الالتزام نحو المجتمع والبيئة.

ويتضح في (المحافظة على البيئة من التلوث بكل أنواعه - المحافظة على الموارد الطبيعية وضمان استغلالها جيدا أي عدم الإسراف في استخدامها - المحافظة على القيم والأخلاق والمعتقدات الدينية السائدة - المساهمة في أعمال البر والمشروعات الخيرية).

الالتزام نحو الملاك.

ويتضح في (المحافظة على أموالهم ومحاولة تعظيمها - تحقيق عائد/ربح مناسب على أموالهم المستثمرة - الالتزام بمواعيد صرف وتوزيع الأرباح - إحاطة الملاك علماً بمدى تقديم ونمو المنظمة وسياستها - تنمية ثروة الملاك - المحافظة على سمعة المنظمة).

- كما تعتبر المسئولية الاجتماعية والأخلاقية تجاه المجتمع إحدى المطالب الرئيسية لأي مجتمع تجاه أي منظمة أعمال في الوقت الراهن ولا شك أنها أصبحت نوعاً جديداً من التحديات التي تلقى مزيداً من الأعمال على مدير أي منشأة ومن ثم صارت واحدة من بين المكونات الوظيفية.

إن محاولة تعظيم عوائد منشأة ما أو فرد ما على حساب الآخرين أي بالتضحية بمصالح الآخرين تعتبر عملاً لا أخلاقياً. كما أن الجشع والانتهازية تعتبر أيضاً من مظاهر التصرفات اللاأخلاقية.

والأمر الأخلاقي والالتزام لا يقتصر فقط على منشآت الأعمال بل يمتد إلى الأفراد العاملين داخل المنشأة فمثلاً هناك تصرفات قد يقدم عليها العاملون داخل المنشأة تعتبر غير أخلاقية ويجب تجنبها مثال ذلك (سرقة العاملين لأدوات الإنتاج - التمارض أو ادعاء المرض أثناء العمل - الرشوة - إخفاء معلومات مهمة - إفشاء أسرار الشركة - سوء استخدام موارد الشركة).

كما أن وجود ميثاق عمل أو ميثاق شرف أو إعلان بمبادئ ينظم العلاقة بين أطراف التعامل (منشأة - عاملين - حكومة - عملاء - موردين - منافسين -…) كما إن هناك بعض الأمور يجب مراعاتها في ميثاق الشرف نذكر منها الآتي:

مطلوب نشر المبادئ الخاصة بأخلاقيات العمل بشكل جيد وباستخدام وسائل وأساليب اتصال فعالة.

يكون المدير نموذج يحتذى به ويكون أول من يلتزم بالسلوك الأخلاقي.

تشجيع وتحفيز العاملين الملتزمين أخلاقياً.

- كما أن هناك ما يسمى أو يصنف بالأخلاق الإدارية والتي تعرف على أنها مجموعة المبادئ وضوابط السلوك التي تفرق بين ما هو جيد أو سيئ فهي عبارة عن مرشد للتصرف واتخاذ القرارات.

- كما أنه مطلوب ميثاق شرف يستخدم كمرشد لتوجيه الأفراد من المنظور الأخلاقي.

كما أن الضمير يحدد حدود الحلال والحرام في التعامل بالأسواق وتتضح في النقاط التالية:

(الإحسان في استيفاء الدين وسائر الديون - احتمال الغبن والمغابنة - عدم حل العقد مهما كان - حسن قضاء الدين - قبول رد البضاعة - القصد عند التعامل مع الفقراء لحين ميسرة).

- في النهاية ومما سبق يتضح لنا أن هناك علاقة قوية متشابكة الأطراف بين السوق الحرة والأخلاق من كل الاتجاهات فنجد أن التحلي بالأخلاق واتباع التقاليد والقيم والمواثيق هي بمثابة أسس لبناء الأسواق الحرة والتي من مبادئ نجاحاتها الالتزام بالأخلاق وسلوكيات وقوانين العمل المختلفة...

فالالتزام بالأخلاق حتماً يؤدى إلى نجاح أي عمل لأنها ستبني سمعة قوية للمنشأة وتقوي درجة ثقة الأطراف الأخرى في التعامل التلقائي وبدون تحفظ أو خوف ما يؤدي في الأخير إلى زيادة الأرباح والنجاح في الأعمال التي نقوم بها

العدد 3404 - الأحد 01 يناير 2012م الموافق 07 صفر 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً