العدد 3411 - الأحد 08 يناير 2012م الموافق 14 صفر 1433هـ

فضاء النص العربي والأوكسجين المفقود

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

يبدو زنزانة ذلك الفضاء المشار إليه في عنوان هذه الكتابة.

زنزانة وإن بدت بنافذة تطل على فضاء الآخر. وهو بهذا المعنى مرتهن لمساحته وللقيود المفروضة على تلك المساحة.

النص الذي لا يربك الفضاء من حوله، ولا يحدث تأثيراً ذا بالٍ ومعنى، لا يعدو كونه ثرثرة لا قول فيها ولا معنى لذلك القول. ينتبه الواحد منا على هذا الركام من «القول» ولكنه يصعق لندرة الفعل في ذلك القول وحجمه.

أعتمد في فهمي للنصوص من حولي على التأثير والتغيير الذين تحدثهما فيّ وفيما حولي، بغض النظر عن حجمهما. تأثير وتغيير ولو بحجم زفير ينتاب الواحد منا كلما بدا له أنه انتهى من قراءة النص. مثل ذلك الزفير يتيح لك حالاً من التمييز، بين كتابة تأخذك إلى الأنفاق المظلمة حيث الارتطام بالأشياء وبين كتابة تأخذك إلى «متاهات الهدى» أو «هدى المتاهات» لا فرق.

مثل ذلك الزفير الذي يتركه النص فور الانتهاء منه هو بمثابة الإضاءة والإضافة. الإضاءة لعتمتك والإضافة إلى نقصانك وعرائك وتيهك الذي كثيراً ما يلوح لك من دون جدوى.

في الفضاء المفقود في النص العربي تتبدَّى لك غابات من القيود، وحُزم من الإكراهات، وقائمة طويلة من الإرغام ووصفات جاهزة مما يراد لك قوله وقراءته وحتى رؤيته. فيما على الجهة الأخرى من فضاءات النصوص تتبدَّى لك تناسلات لتلك الفضاءات وحُزم من الخيارات وقائمة لا نهائية من الاختيارات ووصفات عفوية وبديهية مما لك الخيار في رفضه عدا قبوله.

مثل ذلك الزفير الذي يتركه النص حال الانتهاء من قراءته هو بمثابة الروح المفقودة. الروح المغيبة تطلع عليك لتضيف إلى روحك روحاً، وإلى معناك معنى وإلى جدوى وجودك جدوى وجود يتم تعميقه كلما تناسلت تلك النصوص بفضاءاتها وشهيقها وزفراتها.

الزفير الذي ينتجه نص ما إما أن يكون زفير رضا أو سخط، وفي النص العربي الغالب على الساحة ينتابك زفير نادر حتى تشعر وكأنك أنهيت قراءة قصة لما بعد النوم مرغماً من أجل إسعاد طفل من دون أن تشعر بأهميتها واستمتاعك بأسطرها.

النص العربي الأدبي بحاجة إلى إعادة نبضه ليكون مفتاحاً لمن يقرأه لمزيد من القراءة والاطلاع، والنص العربي الصحافي يقف حاجزاً بين المرء وضميره تارة وبين المرء وقلبه تارة أخرى، ونادراً ما يكون رسولاً لمزيد من النبض وأوكسجين الضمير.

نحن بحاجة إلى نص يعيد للقارئ دورة تنفسية كاملة تشعره أنه على قيد الاطلاع، على قيد النبض، على قيد المحبة

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 3411 - الأحد 08 يناير 2012م الموافق 14 صفر 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 1:44 ص

      صحيح جدا

      النص العربي اليوم مليء بالخيبات ومليء بمن لا يعرف الكتابة ومليء بالرقابات ومليء بمن يكتب من دون أن يطبق
      شكرا لك على هذا المقال الجميل الذي عبر ع ما نريد قوله في الكتابات العربية هذا اليوم

    • زائر 2 | 1:36 ص

      فخورين بك

      العزيزة سوسن وحده العالم الاقصى للكتابة يعرف ما تقولين تكتبين من الدرر ما يعحز لساني عن شكرك عليه رائع قلمك رائعة خطواتك الواثبة باتجاه الكتابة المتميزة التي تخطت الكثير من الاسماء التي وجدت قبلك.
      فخور بوجودك في الصحيفة التي اقرا كل يوم وفخور لانكابنة ارضي

    • زائر 1 | 12:33 ص

      جيفري

      تشعره أنه على قيد الاطلاع، على قيد النبض، على قيد المحبة

      وتشعره بأنه على قيد الحياة

اقرأ ايضاً