العدد 3426 - الإثنين 23 يناير 2012م الموافق 30 صفر 1433هـ

قراءة دستورية في مرسوم السلامة الوطنية (9-9)

عبدالله الشملاوي comments [at] alwasatnews.com

محامٍ بحريني

تاسعاً: بطلان تحقيقات النيابة العسكرية:

لقد جاءت تحقيقات النيابة العسكرية باطلة ومخالفة لنصوص الدستور والقانون؛ ذلك أنه لما كان المستقر عليه فقهاً وقضاء وقانوناً، أن النيابة سواء كانت، العامة أو العسكرية، تُعتبر شُعبة من شُعَبْ القضاء الذي تتبعه وترتبط ارتباطاً لا يجوز ولا يمكن فصلها عنه. وتأسيساً على قولنا بانعدام الأساس القانوني في تشكيل محكمة السلامة الوطنية التي يتولى عملياً القضاء العسكري القيام بنظر الجرائم الواقعة في حالة السلامة الوطنية، وِفقاً للدستور، واستناداً لمبدأ التدرج في القانون؛ ذلك أنه لا يجوز للمرسوم الملكي بصفته ذي مرتبة أدنى من القانون فضلاً عن الدستور، أن يخالف الدستور أو أن يعطل أحكامه وفقاً لنص المادة (123) من الدستور سالفة الذكر ولما جاء من شرح لهذه المادة في المذكرة التفسيرية للدستور، التي لها صفة الإلزام كما تكرر القول؛ وعليه فإنه ووفقاً للتأسيس أعلاه تكون النيابة العسكرية غير مختصة بالتحقيق في هذه الواقعة بصفتها شُعبة من القضاء العسكري؛ مما يكون معه والحال كذلك تحقق بطلان جميع تحقيقات النيابة العسكرية لمباشرتها من سلطة غير مختصة بذلك قانوناً ولمخالفتها الصارخة للمادة (105) من الدستور البحريني ويلحق البطلان أحكام محكمة السلامة الوطنية لابتنائها على تلك التحقيقات الباطلة فتكون مثلها في البطلان.

ولا ينال من ذلك نص المادة (7) من المرسوم الملكي رقم 18 لسنة 2011 بإعلان حالة السلامة الوطنية، التي أسندت للنيابة العسكرية اختصاص التحقيق في هذه الجرائم، فكما ذكرنا أعلاه؛ ولكون النيابة العسكرية شُعبة من شُعب القضاء العسكري فإن الجرائم التي يجوز لها التحقيق فيها هي الجرائم التي يختص القضاء العسكري بنظرها، وعليه فإن المادة رقم (7) من المرسوم الملكي رقم 18 لسنة 2011 ، تكون قد خالفت المادة رقم (105/أ) من الدستور.

والخُلاصة: فإنه إذا أتى تشريعٌ مخالفاً للدستور ومثياق العمل الوطني الذي تم التوافق عليه فيما يشبه الإجماع، وتجافى ذلك التشريع مع مواثيق حقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، التي انضمت إليها البحرين والتزمت بها وصارت جزءاً من نسيجها التشريعي، إلا أن ذلك التشريع صار يُدين على الدلائل والشُبُهات، متشدداً إلى حد التشنج، فضفاض الصياغة إلى حد الغموض مُوغِلاً في مُضاعفة الحدود القصوى للعقوبات السالبة للحرية، وفي تقرير حكم الإعدام في أكثرنصوصه؛ فإن ذلك يجعله متخلفاً عن ركب الحضارة والتمدين القانوني؛ وخصوصاً أن عقوبة الإعدام قد ألغاها الفراعنة منذ سنة 703 قبل الميلاد، فإذا أضفنا لها 2012 سنة، فنكون متخلفين عن مسيرة النظم القانونية العريقة المتمدينة بألفين وسبعمئة وخمس عشرة سنة فقط، وهو أمر لا يدعو للفخار، ويجعل الإنسان ينظر لهذا المرسوم بقانون وهو واجماً مما كان خائفاً مما سيكون، فذلك وضع يقتل الإبداع ويُدخل الوطن في حالة انعدام الوزن والتوازن ويخلع عن البلاد وصف دولة القانون والمشروعية

إقرأ أيضا لـ "عبدالله الشملاوي"

العدد 3426 - الإثنين 23 يناير 2012م الموافق 30 صفر 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 1:23 م

      قانون السلامة...

      إذا ثبت عدم شرعية قامون السلامة وانه أدنى من الدستور والميثاق الوطني فلماذا المحاكمات ما زالت مستمرة بشكل يومي لمتهمين في فترة قانون السلامة الوطني والذي إثبت من خلال الكاتب المحامي القدير عدم شرعيته وسلامته قانونياُ ودستورياُ!!!!!.

    • زائر 2 | 11:25 ص

      القانون يدين ولا يدان

      من البديهي أن المملكة دولة قانون و بها عباد وهي من البلاد. فلا حرج أن الجميع متاساوون لدى القانون ، والمعنى لا يحتاج تفسير الغاية منه السفير.
      فجميع الناس على هذه البقعة من الارض- أنام، والقانون ينظمهم ويساوي بينهم و لا أحد يعلو فوق القانون.
      و
      "من ضاق الحق عليه كان الباطل اضيق"

اقرأ ايضاً