العدد 3440 - الإثنين 06 فبراير 2012م الموافق 14 ربيع الاول 1433هـ

البنوك السويسرية... جنة السارقين والهاربين من الضرائب!

عمران الموسوي comments [at] alwasatnews.com

.

استكمالاً لمقالي السابق «منتدى دافوس... حاميها حراميها»، جاءت المقالة بردود فعل كثيرة غير متوقعة، ومن توجهات مختلفة، شملت الاقتصادي والمهني، والكاتب، والأديب والفنان. وأهم الأسئلة التي أثيرت عن هذا الموضوع هو: ما هو السر في جعل سويسرا تستحوذ على حصة الأسد من ودائع الهاربين من الضرائب والمتنفّذين والانقلابيين في القارة السوداء وغيرهم ممن استطاعوا أن يحققوا ثروات مالية طائلة في فترات وجيزة؟

وقبل الإجابة على السؤال أو محاولة كشف السر، دعونا نذهب إلى بداية القرن الماضي وتحديداً بعد نشوب الحرب العالمية الأولى، فمنذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا ظلت سويسرا بلداً محايداً لا تتدخل في شئون الآخرين، ولم تنضم إلى أي تحالف عسكري أو سياسي أو حتى اقتصادي، بل ظلت دائماً واحة سلم وأمان للكثيرين ممن يرغبون في العيش في بلد يتمتع بكل وسائل الراحة والاستجمام.

ولكن الأهم من ذلك الحياد، وسر جذب معظم الودائع والأموال والأصول والتحف الثمينة في مصارفها ومؤسساتها المالية هو أن هذا القطر لديه خاصية لا توجد في أية دولة أخرى في العالم، وهي «السرية التامة في النظام المصرفي»، وهذه الخاصية أو الميزة هي التي تغري جميع الأثرياء في العالم في إيداع أموالهم وحفظها في خزائن البنوك السويسرية حتى أن الأميركان مستاؤون جداً من هذه السرية التي تفرضها البنوك السويسرية على الودائع، فهناك أيضاً الآلاف من المودعين الأميركيين الذين يخفون ودائعهم في المصارف السويسرية تهرباً من الملاحقة ودفع الضرائب المستحقة عليها، فمنذ عهد الرئيس جورج بوش وللآن حصلت هناك اتهامات وتصريحات بالغة القوة بين الأميركان والسويسريين، الهدف منها كسر هذه السرية، حتى وإن استطاعت أن تكسر جزءًا من هذه السرية المفروضة على الحسابات في سويسرا لم يستطع الأميركان الوصول إلى حجم المبالغ المودعة والخاصة بحمَلَة الجوازات الأميركية، وحجم الضرائب المستحقة عليها. هذه السرية على الحسابات جعلت سويسرا تتبوأ هذه المنزلة من بين الدول الأوروبية، وأصبحت جنة الهاربين من العدالة والهاربين أيضاً من دفع الضرائب!

وقد يسأل أحدكم: هل المطلوب تحرك دولي وشعبي لكسر الطوق والوصول إلى هذه الأموال المكدسة في المصارف السويسرية وتوجيهها لحل الأزمات الاقتصادية التي تلفّ الكون؟

وقد يكون خافياً على البعض أن هناك مليارات الدولارات، إن لم تكن مئات المليارات تخص أُناساً قد فارقوا الحياة منذ فترة طويلة، وظلّت أموالهم في حسابات سرية وتحت أسماء خاصة لا تمتّ لصاحب الاسم الحقيقي بأي صلة، ما يسهّل الأمر على المصارف للاستيلاء عليها والاستفادة منها، وما يبعث على القهر والغصّة أن هناك مليارات الدولارات تخص قادة الأمة العربية، وحتى لا تذهبوا بعيداً أخصّ هنا الرؤساء العرب دون غيرهم، فهم الذين كانوا يتشدقون بالشعارات الطنانة، المستهلكة التي لا يمكن نسيانها ومنها: «الوحدة الوحدة»، «أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة»، «الموت الموت للإمبريالية»، «النصر النصر للأمة العربية» وما شابه من شعارات رنانة الهدف منها تضليل الشعوب واستغفالها، ومن ثم السيطرة على مقدراتها وثراوتها وتحويلها إلى المصارف الأوروبية في حسابات خاصة وتحت أسماء مستعارة!

وأحسن ما فعله مهرج الجماهيرية الليبية الرئيس المغدور معمر القذافي أنه أغدق على كل الفنانين الذين أتيحت لهم الفرصة لزيارة «الجماهيرية المقهورة»، فكان لهم من ثروة الشعب الليبي نصيبٌ، وبأرقام كبيرة. أما مصير ما أودعه في المصارف الأوروبية فالعلم عند الله، فلا أظن أن هناك مخلوقاً على وجه الأرض قادر على فك الشفرة ومعرفة حجم الأموال التي هرّبها رؤساء الأمة العربية على امتداد فترات حكمهم وحتى لو استطاعت الحكومات الجديدة معرفة هذه الحسابات، فمن الصعب الوصول إليها واسترجاعها، و»يا بخت السويسريين في أموال الأمة العربية»

إقرأ أيضا لـ "عمران الموسوي"

العدد 3440 - الإثنين 06 فبراير 2012م الموافق 14 ربيع الاول 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 11:54 م

      سويسرا المتوسدة أموال الشعوب

      إلى الأمام يا عمران .. وإلى المزيد من المقالات الجديدة والجيدة في الشأن الاقتصادي.

      واصل الكشف .. واصل الفضح .. نحن نقرئك.

      دمت سالما

اقرأ ايضاً