العدد 3448 - الثلثاء 14 فبراير 2012م الموافق 22 ربيع الاول 1433هـ

دوروثي آيرين هايت... ناشطة في مناصرة الحقوق المدنية (2)

هولي كاوان شولمان comments [at] alwasatnews.com

مؤرخة في جامعة فرجينيا

في العام 1937 تركت دوروثي آيرين هايت وظيفتها في العمل الاجتماعي لتصبح نائب مديرة لدار إيما رانسوم هاوس في هارلم التابعة لجمعية الشابات المسيحيات. وهناك قابلت السيدتين روزفلت وبيثون لأول مرة وطلبت منها بيثون أن تنضم إلى المجلس القومي للنساء الزنجيات وتناضل من أجل حقوق المرأة والمساواة وتكافؤ الفرص في العمل والتعليم. وكانت تلك لحظة محورية في حياتها. فعلى رغم أنها ظلت موظفة في جمعية النساء الشابات المسيحيات حتى العام 1977 فقد كرست هايت نفسها لخدمة المجلس القومي للزنجيات ثم نادي أخوّة الطالبات الذي انتمت إليه «دلتا سيغما تيتا». وتولت رئاسة النادي من العام 1947 حتى العام 1956، ثم تقلدت رئاسة المجلس القومي للنساء الزنجيات من العام 1977 حتى العام 1998. واختيرت بعد تقاعدها رئيسة فخرية للمجلس.

برزت دوروثي هايت في الستينيات باعتبارها واحدة من قادة حركة الحقوق المدنية الرئيسيين في الولايات المتحدة. وكانت المرأة الوحيدة في المجلس الموحد لقادة الحقوق المدنية ممثلة مجلس النساء الزنجيات، المنظمة النسائية الوحيدة في حركة الحقوق المدنية حيث عملت جنبا إلى جنب مع مشاهير الشخصيات من أمثال مارتن لوثر كينغ وروي ويلكنز. وإيمانا منهما بأن النساء يشكلن أفضل مبشرات بالحرية في الجذور عند عامة الشعب، أطلقت دوروثي هايت ووالدتي مشروعا سمّتاه «أيام الأربعاء في المسيسيبي» لمناصرة «صيف الحرية» (حملة للسود في أقصى الجنوب في صيف سنة 1964 للانتخابات) وحركة الحقوق المدنية.

وقام المشروع الذي كان جميع أعضائه والعاملين فيه من النساء بإرسال جماعات مختلطة العناصر الإثنية والأديان من النساء جوا من الشمال إلى جاكسون في المسيسيبي كل يوم ثلثاء للانتشار في الولاية يوم الأربعاء ومساعدة الناشطين في العمل من أجل الحقوق المدنية في الترويج لحقوق الإفريقيين الأميركيين في الانتخاب. كانت أمي بيضاء ويهودية جعلتها ذكرى معاداة السامية في طفولتها في شيكاغو ومحرقة الهولوكوست أكثر حساسية لاسيما حيال الاضطهاد. وكما أوضحت في السبعينيات، كانت بالنسبة لها «حرية الناس السود بمثابة خطوة نحو تحقيق الحرية لجميع الناس... فما من أحد منا قادر على أن يكون حرا حتى نصبح كلنا أحرارا». والهدف المشترك في تعزيز الحقوق المدنية والكرامة الإنسانية هو الذي ربط أمي بصداقة دوروثي هايت.

ذكريات شخصية

من أحب الذكريات إلى قلبي عن دوروثي هايت كانت حدثا في العام 1966 عندما كنت أسكن شقة صغيرة في الطابق السادس من مبنى بدون مصعد في حي غرينتش فيليج. ففي إحدى الأمسيات جاءت هي وأمي وأبي، لُو، لزيارتي. ولايزال يدهشني أن الثلاثة الذين كانوا جميعا في منتصف الخمسينيات من أعمارهم صعدوا أدراج تلك الطوابق كلها لزيارتي في بيتي الأمر الذي جعلني أشعر بدواعي الغبطة والسرور باستضافتهم. جلسوا وتحدثوا: ثلاثة من أروع الناس في حياتي، فدوروثي عضو محبب في أسرة كاوان.

في فترة التسعينيات طلبت مني إجراء بعض الأبحاث عن جماعة من الإفريقيين الأميركيين الذين ركبوا البحر في سفينة اسمها بيرل (اللؤلوة). فقد كانت مهتمة بقصة إيميلي وماري إدمونسن، وهما شابتان من الأرقاء حاولتا الهرب وبيعتا في سوق للنخاسة على مفترق الشارع السابع وبنسلفانيا أفنيو في شمال غرب واشنطن – وهو موقع يقع قبالة المكاتب الحالية للمجلس القومي للنساء الزنجيات. وأذكر أن دوروثي كانت واضحة جدا بالنسبة لكيفية علاقة الماضي بالحاضر وسبب أهمية اكتشاف مصير الفتاتين إدموندسن وفي كيف أن هذه القصص يمكن أن تلهم النساء الملونات اليوم. وقد كتبت هايت في مذكراتها قائلة «أعتقد أن العناية الإلهية هي التي منحتنا فرصة امتلاك هذه البقعة لنديم عليها وجودا فاعلا من الحرية والعدالة».

لم يتراجع التزام دوروثي هايت وعملها في سبيل الأهداف التي آمنت بها ولم يهن عزمها حتى وقد تقدمت بها السن. ففي العام 1986 وقد ناهزت الـ 74 سنة شنت حملة من أجل الأسرة السوداء وألزمت المجلس القومي للنساء الزنجيات بالتنمية الدولية من أجل تحسين أوضاع المرأة والأسرة في إفريقيا والبلدان النامية. وظلت نشيطة حتى وفاتها في 20 أبريل 2010. فقد استطاعت على رغم حياتها التي لم تسنح لها إلا بأقل القليل من أوقات الفراغ تأليف كتابين، كان الأول ذكريات بعنوان «افتحوا باب الحرية على مصراعيه» صدر في العام 2003، والثاني بعنوان «حياة لها هدف» سينشر بعد وفاتها، تتقصى فيه كيف يمكن للفرد أن يدرك غرضه الحقيقي في الحياة – ويعمل لتحقيقه. وهي تعرض في هذا الكتاب الدروس التي استقتها مباشرة من أناس عظام كالسيدتين روزفلت وبيثون إلى أطفال في الهند فأمهات في المسيسيبي.

إن ذكرى دوروثي هايت الرائعة وعبقريتها في تشكيل المفاهيم مقرونة بالتزام لا يعلى عليه بالعدالة الاجتماعية ومزايا قيادية ملهمة جعلتها امرأة عظيمة. وأنا كنت محظوظة جدا بمعرفتها شخصيا، ولكنني كمؤرخة أعرف دوروثي هايت كشخصية أيقونية يدرس الأميركون ويذكرون من خلالها ماضينا المشترك

العدد 3448 - الثلثاء 14 فبراير 2012م الموافق 22 ربيع الاول 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً