العدد 1395 - السبت 01 يوليو 2006م الموافق 04 جمادى الآخرة 1427هـ

في ذكرى الشيخ علي النچاس

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أحيت البلاد القديم مساء الجمعة ذكرى الشيخ علي النچاس، رجل الدين الضرير الذي قضى في سجون «أمن الدولة».

ابتدأ الحفل بعرض تمثيلية قصيرة تناولت لمحات من حياة الشهيد، مذ كان طالباً يتلقى القرآن في «الكتّاب» على يد المعلّم «خلف»، حتى نشأ خطيباً، انتهى به الأمر إلى الدعوة من فوق المنبر إلى الإصلاح السياسي وعودة البرلمان وحرية التعبير، وإطلاق المعتقلين السياسيين (وبعضهم علماء دين) الذين اتهمهم بعض المدلّسين بالفكر الشيوعي، إذ دافع عنهم بأنهم طلاب حق. وفي المشهد الختامي عرضٌ للحظات الأخيرة من حياة الشهيد في زنزانته، مع خلفيةٍ صوتيةٍ كان يتحدث فيها الشيخ عن طلبه من الله أن يرزقه الشهادة في سبيله.

وفي فيلم وثائقي، تحدّث ابنه البكر عبدالله عن ذكرياته، وكيف تلقى خبر وفاته وهو في سجن «القرين» الصحراوي من أحد الضباط. الشاهد الثاني كان أحد الذين تتلمذوا على يديه فن الخطابة، فسرد بعض ذكرياته معه. أما الشاهد الثالث فعالم دين صحبه في السجن، وقدّم تفاصيل دقيقة عن الأيام واللحظات الأخيرة للشهيد، إذ قضى بسبب ضيق التنفس في زنزانةٍ ضيّقةٍ غير مكيفة، في عزّ الصيف (//)، وذكر كيف حمل بعض السجناء جثمان الشهيد إلى خارج الزنزانة بطلبٍ من رجال الشرطة، وأنهم كانوا يراقبون الموقف الرهيب من شقوق الباب.

الشهادة الأخيرة في الفيلم قدّمها حسن مشيمع، الذي أكّد أقواله السابقة أمام وفد الصليب الأحمر الذي زارهم لاحقاً في السجن، من أن الإهمال ومنع الدواء عن الشيخ كان السبب المباشر في «قتله». وهذا الإصرار على قول الحقيقة صريحةً استفز «بعض الأجهزة» فعوقب بالعزل في زنزانة انفرادية لمدة عامين.

الشيخ علي سلمان أشار في كلمته إلى أن الجميع كانوا يتوقّعون أن يبدأ عهد الإصلاح السياسي بحلّ ملف السجناء وإنصاف المظلومين، لكن الحكومة للأسف الشديد أخذت تماطل وتطاول وتسوّف في الحل، وتعمّدت إهمال الملف حتى الآن ليبقى نازفاً، وسيبقى كذلك حتى يأتي يومٌ يحصل كل المظلومين في هذا الوطن على حقوقهم.

ابن الشهيد حين تحدّث عن التعويض قال: «إنني يمكن أن أتنازل عن حقي وعن حقوق عائلتي، ولكن أفضل تعويض يمكن أن أحصل عليه هو أن يحصل الشعب على حقوقه السياسية كاملة، من خلال برلمان حقيقي يمثل الشعب ويدافع عن مطالبه».

تلكؤ ومماطلة الحكومة في حلّ هذا الملف وغيره، هو أسهل طريقةٍ للهروب السريع من الاستحقاقات المعلّقة، وهو لن يحل المشاكل وإنما سيراكمها، والحقوق لا تسقط بالتقادم مهما طال الزمن. وليس أدلّ على سياسة الإهمال مما تعرضت له عائلة الشيخ، فقبل عامين نقلت تغطيةً خبريةً لحفل التأبين، وكتبت في هذا العمود أستنهض مروءة وزارة الداخلية، لتسهيل إصدار «شهادة وفاة» فقط، تسهيلاً لمعاملات العائلة الرسمية، لأن وزارة الصحة ليس لديها توثيق للوفاة، ولم يكن أحدٌ يجرؤ في الماضي على سؤال الداخلية عن سبب وفاة معتقل.

اليوم، وفي الذكرى التاسعة لرحيل «شيخ الشهداء»، كما يسميه الشارع البحريني، مازالت الداخلية تحتجز جواز السفر، ولم «تتفضل» بتسهيل إصدار شهادة الوفاة، ومازالت العائلة عاجزة حتى عن تغيير عنوان سكنها بعد تغيير مسكنها منذ خمس سنوات. هل تغيّر الداخلية شيئاً من تقاليد «أمن الدولة»، أم ستنتظر حتى نذكّرها بخطأ المماطلة مرةً أخري في الذكرى العاشرة؟ عموماً... رحم الله الشيخ علي النچاس

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1395 - السبت 01 يوليو 2006م الموافق 04 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً