العدد 1432 - الإثنين 07 أغسطس 2006م الموافق 12 رجب 1427هـ

عندما بكى السنيورة

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قبل ثلاثة أسابيع، رفض اللبنانيون الجرحى أن يستقلوا طائرة أردنية لنقلهم إلى عمّان احتجاجاً على الموقف الرسمي بداية العدوان. وقبل ثلاثة أيام واجه النازحون اللبنانيون في سورية مبعوثة «عربية» جاءت لتواسيهم، ورفضوا تسلم مساعداتها «الأممية»، فالغضب مازال متأججاً في نفوس اللبنانيين من المواقف العربية «غير المسئولة» التي طعنتهم في الظهر.

أما يوم أمس، مع التئام الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب، فربما كان لسان حال بيروت: «أن تأتي متأخرة، خير من أن لا تأتي أبداً»! خصوصاً بعد أن تركهم العرب أربعة أسابيع وهم يتفرجون كأن الأمر لا يعنيهم، إلى درجة أن رئيس دولة عربية كبيرة تكلم عن «عدم اختصاصه» بالدفاع عن لبنان أو غير لبنان، وهي غير اللهجة التي سمعناها منه يوم غزا صدام حسين الكويت، إذ أخرجت اتفاقات الدفاع العربي المشترك من الجوارير!

الاجتماع الطارئ جاء على خلفية فجوة نفسية عميقة شعر بها اللبنانيون منذ اليوم الأول من العدوان، حين انطلقت التصريحات التي مثلت غطاء وتشجيعا للعدوان، وأصر رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت على استثمارها في خطاباته الأخيرة، مذكرا بـ «تأييد عدد كبير من الدول العربية والإسلامية لموقف بلاده لأول مرة في تاريخ الصراع مع العرب» كما قال.

المفارقة أن لبنان في بداية الحرب كان ينتظر من العرب مجرد السكوت و«إغلاق الفم» باعتباره أضعف من «أضعف الإيمان»، وهو ما لم يلتزم به العرب للأسف الشديد! أما اليوم فمع الحراك الشعبي العربي وما أصاب الحكام من إحراج أمام شعوبهم الغاضبة، ومع انه لا ينتظر الكثير ممن جاءوا إلى لبنان بعد أخذ الإذن والأمان من «إسرائيل»، إلا أنه يطالبهم بـ «أضعف الايمان»! وهكذا دعاهم رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة أمس إلى «المساعدة للتوصل إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار»، ودعم خطته «ذات النقاط السبع»، في مواجهة مشروع القرار الأميركي الفرنسي، خصوصاً مع إصرار كوندوليزا رايس للدفع بقوة لإصدار القرار الذي يلبي جميع مطالب «إسرائيل» على حساب لبنان ومطالبه وتماسكه الداخلي.

لبنان من الوهلة الأولى للإعلان عن مشروع القرار، طلب رسمياً من مجلس الأمن مراجعته، على اعتبار أن «(إسرائيل) لم تكسب الحرب لكنها حصلت على مكاسب كثيرة من القرار، مع انها لم تطالب بكل ما أعطي لها» على حد تعبير نبيه بري، الذي أكد أن الأخطر فيه أنه يعني «تفجير الوضع الداخلي اللبناني وخلخلة الوضع بين لبنان وجيرانه العرب».

السنيورة أثناء إلقاء كلمته أمس لم يتمالك نفسه، وهو يذكر «أشقاءه» العرب بانتماء لبنان العربي، وان «عروبتنا... ليست مشروطة وليست بالإرغام، إنها عروبة الاختيار والانتماء والالتزام».

وفي لغة اختلطت فيها العاطفة بالدموع، أضاف «إننا نستند إلى أحزان الأمهات الثكالى والأطفال القتلى ومئات الجرحى والمشردين... ووقوفكم معنا حق وواجب ومسئولية علينا وعليكم»، وذكرهم بأن «الأمن العربي أمن واحد والمستقبل العربي مستقبل واحد».

الاجتماع الذي تحول بعد كلمة السنيورة إلى اجتماع مغلق، تمخض بعد ساعتين عن إرسال عمرو موسى مع وزيري خارجية دولتين خليجيتين صغيرتين، للمطالبة بإجراء تغييرات على مشروع القرار الأميركي الفرنسي... فيما لم تكلف نفسها عناء المحاولة الدول العربية الكبار... فلبنان ليست الكويت

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1432 - الإثنين 07 أغسطس 2006م الموافق 12 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً