العدد 1435 - الخميس 10 أغسطس 2006م الموافق 15 رجب 1427هـ

رسالة إلى عبدالله فخرو في ذكرى رحيله

عبدالله مطيويع comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

هذه المرة يا ابن عمي ليست مثل كل المرات، وهذه الرسالة يا ابن عمي ليست مثل كل الرسائل. وقد هاتفني ابنك علي قبل أيام وقال: ولد عمي... الذكرى الثانية لرحيل الوالد 6/8/2006 وفهمت مغزى الكلام. وعبارة ابن عمي ليست عبارة اخترعها عبدالله فخرو إلا للتدليل على ما كان يلقن اهله منذ الصغر أنا وابن عمي على الغريب. والغريب يا ابن عمي هذه المرة تسنى له أن يوظف طابوراً جديداً ليس لنا به عهد طوال تاريخ وطننا البحرين. لكنه لم يباغتنا، لأننا منذ طفولتنا كانت أمهاتنا تردد علينا «يايمه رأسي ويعنى قومي شديه... ترى شد الغرايب ما نفعني»

ولم أكن يا أباعلي أفهم المعنى لأنني كنت صغيراً، وأنت بلا شك تذكر أم عبدالرحمن، القابلة التي قامت بتوليد كل نساء (الفريج)، التي تقف بكل ثقه وتتحدث مع نساء ورجال «الفريج»، يومها لم يكن يغطي وجهها نقاب هذه الأيام، بل كانت «الدفة» و«الملفع» وأحياناً البطولة هي ما كانت تتلفع به نساء تلك الأيام.

حين ألم يوماً صداع بأحد أبناء الفريج، وعجزت كل المهدئات من تهدئة ألمه، خلعت الأم «ملفعها» (رداء الرأس)، وعصبت به رأسه، فتماثل للشفاء... كانت رائحة الأم هي التي تشافى بسببها الابن. ترى يا ابن عمي. من يفهم هذه المعاني؟

كنت قد كتبت لك رسالة بعد ان واريناك الثرى، وقمنا بتصوير كل مشاهد تغسيلك ودفنك، وأرجو أن تعذرني في ذلك، كانت عدة التصوير معي طوال الوقت، مذ أخبرنا أبناء عمي (بناتك وأبنائك) أن الوالد أرسلناه إلى الخارج لتلقي العلاج الأفضل. كنت حزيناً جداً للطريقة التي ارسلوك بها. دخلت المغتسل واقتربت من دكة الموتى، وكان معي موسى المصور الذي كان يخشى أن يخرج علينا أحد «المتأسلمين» ويقول: التصوير حرام. وهو ما حدث بعد قليل فقلت له: أرجوك، بلا مزايدات، فأصر على موقفه، وقتها يا ابن عمي اقتربت منه بهدوء وقلت له: «إذا عندك مرايل چان منعت تصوير جنازة الشيخ... فصمت صمت القبور، وانصرف».

يا اباعلي... ليتك كنت معنا الجمعة الماضي (4/8/2006)، فقد حققنا ما عجز عنه الآخرون، فقد انطلقت مسيرة من حالة بوماهر من عند مدرسة عبدالرحمن الناصر، وكانت مسيرة تعبّر عن حلمك القديم «سنة وشيعة، عرب وعجم نساء ورجال، أطفال وكهول وكلهم هتفوا لبيك نصرالله». ونصرالله يا ابوعلي عمل العجب العجاب، فيا ليتك كنت معنا لتفرح معنا... بل سيجلجل صوتك كما عهدناك وتهتف معنا:

«الله أكبر، الله أكبر فوق كيد المعتدي

والله فوق الغادر المتجبر

يا هذه الدنيا أطلي وأسمعي

جيش الأعادي جاء يبغي مصرعي...»

يومها قمنا بطباعة «بوستر»: على اليمين أحمد ياسين (شهيد المقاومة)، ويساراً صورة حسن نصر الله (سيدالمقاومة). وفي الوسط صورة بطل العروبة ناصر. وذيلناه بعبارة رموز الكرامة، رموز المقاومة. وحملها رجال ونساء وأطفال المحرق، وهم يرددون «يا الله يا الله احفظ لنا نصرالله».

المعذرة يا اباعلي على الإطالة... فأنت لا تدري ماذا فعل نصرالله. لقد قال وفعل، ولو كنت معنا لطرت فرحاً لما يفعله مقاتلو حزب الله، فلأول مرة في تاريخ الصراع العربي الصهيوني، يتمكن حزب واحد لا يتعدى مقاتلوه بضعة آلاف من التصدي للآلة العسكرية الصهيونية ويحققوا نصراً معنوياً أولاً، وعسكرياً ثانياً لم تحققه كل الجيوش العربية في كل حروبها الخمس، وتمكنت هذه الجماعة من أن تلحق ضرراً ووجعاً بأعداء الإنسانية.

ختاماً... سلاماً يا ابن عمي. سلاماً لأصحابك الذين يرقدون بقربك، محمد بونفور، وعبدالله أبونوره، وعبدالله بن علي المعاودة، وجاسم فخرو، وللعم إبراهيم بن محمد حسن فخرو، وسلطان حافظ، ومحمد غلوم، وسعيد العويناتي، والشيخ جمال العصفور وهاشم العلوي. ولكل الذين سطروا أروع التضحيات بدمائهم الزكية، لكي يحصل ناس هذا البلد على حقوقهم.

هل أطلت عليك يا ابن عمي؟المعذرة، فلن توفيك حقك كل الكتابات... ولك مهجتي ودمي

إقرأ أيضا لـ "عبدالله مطيويع"

العدد 1435 - الخميس 10 أغسطس 2006م الموافق 15 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً