العدد 3463 - الأربعاء 29 فبراير 2012م الموافق 07 ربيع الثاني 1433هـ

الكرامة مفتاح المستقبل السحري

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أطلق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تقريراً عن مسارات التنمية وتحدياتها في الدول العربية، مثل توفير فرص العمل في ظل تفاقم معدلات البطالة بين الشباب.

اشتعال الانتفاضات كان إعلاناً بفشل تجارب التنمية العربية في الخمسين عاماً الأخيرة، فقد وجدت شعوب المنطقة أنها تزداد فقراً وتهميشاً، فيما تزداد النخب الحاكمة غنىً واستبداداً واستئثاراً. والمؤكد أن هذه الشعوب ما كانت لتنزل إلى الميادين والساحات العامة لتعلن صرختها لولا أنها وجدت نفسها في طريق مسدود، بلا أملٍ في الحاضر ولا في المستقبل.

بعض المحللين يذهبون إلى أن الربيع العربي تأخّر عشرين عاماً، نظراً لما شهدته أوروبا الشرقية من ثورات أطاحت بعددٍ من الأنظمة الدكتاتورية. ويذهب آخرون إلى تأخر الربيع العربي ثلاثين عاماً، نظراً لما عصف بالجوار من تطورات أطاحت بشاه إيران رضا بهلوي، وماركوس في الفلبين، وهيلاميريام (اثيوبيا)، وسياد بري (الصومال)، ونميري (السودان).

كان العالم العربي بحيرةً راكدةً، فيما تمور دول الجوار بالحركات والانتفاضات والثورات، حتى رانت على قلوب الكثيرين حالة من اليأس في التغيير. وانعكس ذلك على كتابات المثقفين وأصحاب الرأي يأساً وقنوطاً وجلداً في الذات.

كانت العوامل الداخلية قد وصلت إلى نهاياتها القصوى. التنمية تحوّلت إلى استثمارات واستئثارات، ونخب رأسمالية فاسدة، وتوسعت رقعة الفقر مع إضعاف وإذلال الطبقة الوسطى. كان الفساد قد أرخى سدوله، وبدأت تقرأ في كل البلدان كتاباتٍ عن محاربة الفاسدين دون أن يُقبض على فاسدٍ واحدٍ متلبس بالجرم.

على الجبهة الخارجية، أثبتت الأنظمة العربية إفلاسها وعدم إحساسها بالمسئولية القومية، وفي الوقت الذي عرضت هذه الأنظمة مبادرة «السلام العربي»، ردّ عليهم أرييل شارون بإرسال قواته لمحاصرة زميلهم ياسر عرفات في غرفته، ومنعه من التخاطب مع الرؤساء والزعماء في قمة بيروت بالهاتف النقّال.

الاستهتار بالمصير العربي بلغ ذروته في حرب غزة، حين وقف العرب يتفرجون على مذبحة الرصاص المصبوب على رؤوس مليون ونصف مليون عربي، دون أن تنتفض شواربهم. وجلس 260 مليون عربي يشاهدون في انكسارٍ، وقائع الحرب التي أعلنتها وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني من قلب القاهرة، وهي تضحك إلى جوار أبوالغيط، وزير خارجية أكبر دولة عربية. وسبق ذلك بعامين موقف النظام العربي الذي وقف متفرجاً شامتاً بل ومحرّضاً على لبنان المقاوم، ونصف أراضيه تتحوّل إلى أنقاض.

كان النظام الرسمي العربي قد فقد شرعيته كما فقد حياءه، ولم يعد الشارع العربي يحمل أي احترام لجامعة العرب الرمزية. لقد وصل الوضع إلى انهيار في الداخل، وتخاذلٍ واستسلامٍ للعدو التاريخي، وتسليم الأمور للسياسات الدولية المتحكمة بالمنطقة. لذلك جاءت الغضبة عارمة، أطاحت خلال عام واحد بأربعة حكام من أصدقاء الغرب، وخلخلت الأوضاع في مناطق ودول أخرى.

تقرير الأمم المتحدة الإنمائي أشار إلى أن نظام الاقتصاد السياسي ونموذج الدولة الريعية التي تكرّس تزاوج السلطة والثروة أدى إلى هذا السخط الشعبي الواسع. لم تكن كل تلك الحمم البركانية طبعاً بفعل البطالة، وإن كانت قد أطلقت الشرارة الأولى، ولم تكن الأسباب اقتصاديةً فقط، بل وجدنا إجماعاً على ترديد مفردات جديدة في كل الساحات والميادين العربية: مساواة، حرية، كرامة. مفرداتٌ يجهل كثيرون أنها مفاتيح المستقبل العربي السحرية

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3463 - الأربعاء 29 فبراير 2012م الموافق 07 ربيع الثاني 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 14 | 12:31 م

      رائع

      مقالك‏ أصاب قلب الحقيقة وأصاب أكبادنا . إنهابالجملة أنظمة عربية فاسدة ، لا تتعض ولا تفهم أي لغة للنصيحة . فالحل الوحيد هو رحيلها.

    • زائر 13 | 5:12 ص

      الشعوب العربية الذي أثارها أخيرا هو أهدار الكرامة

      العوامل الاخرى كانت محفزة للثورات لكن النواة التى اطلقت هذه الشرارة الكامنة منذ زمن بعيد هي الهدر المستمر للكرامة علي يد اقزام في هذه الدول ، او كما قيل "يافرعون من فرعنك قال اللي ساكت عني ويغني لي"

    • زائر 12 | 3:29 ص

      سبب بقاء الامة العربية هو فعالية وعاض السلاطين

      ان احد اكبر اسباب بطئ الحراك العربي في الاتجاه الصحيح هو عملية تشويه الدين واستخدامه اداة للجم الشعوب بالاضافة الى ترسيخ مفاهيم خاطئة عن الرضى و القبول باي شيئ وانه امتحان عليك ان تموت جوعاً لتثبت انك نجحت فيه !! عليك ان تتحمل الضربات هكذا اراد الله ان يراك !! استغفر الله ربي و اتوب اليه .. الدين جاء ليحرر الانسان من كل شيئ ويجعله محترم ومصان وهو محور الدولة ونبضها لا الوتر الذي يلعب به .

    • زائر 8 | 1:33 ص

      هي الكرامة

      هي الكرامة ما معنى الكرامة إلي اناس لا يعرفون معنى الحرية دمت ودام قلمك ياسيدنا وشكرا لك ياديهي حر (السيدة

    • زائر 6 | 12:57 ص

      صباح الخير سيدنا

      هي الكرامه ياسيد ومن قبل ان يعيش بلا كرامه فلا تلومه لان الكرامه لاتكتسب انها في جينات المخلوق نفسه فلو تجمعت اساتذه الكون جميعها وحاولت تغيير احوال مخلوق من عبد الى حر لفسر الماء بعد الجهد بلماء يعني ما فيه امل سيد هي في الجينات في الحليب في الاصلاب في الارحام وهكذا لو زرعت الحر في مجتمع عبيد وعدت له بعد عشر عشرين سنه ستلاقي نفس السمات المتاصله فيه سابقا موجوده لم يطراء عليها تغيير وكذلك العبد لووضعته بين احرار سيد هي شغله في الهندسه الوراثيه يعنى لازم تلعب في الجينات..........ديهي حر

    • زائر 5 | 12:55 ص

      أنظمة عربية تبني مستوطنا للاسرائيلين

      بلغ بنا السوء الى أن تقوم احد الانظمة العربية ببناء مستوطنات للاسرائيلين ! الى هذه الدرجة بلغ بنا الانبطاح العربي!
      ماذا بعد وماذا ننتظر

    • زائر 4 | 12:27 ص

      الأبواب و المفاتيح

      لا يوجد مفتاح لجميع الأبواب، ولا توجد أبواب مفتوحة دوما مثل باب التوبة. فباب التوبة مفتوح .. فهل يحتاج هذا الباب لمفتاح؟؟
      من المفاتيح المعروفة- مفتاح يبدأ بحرف وينته بحرف ومجموع أحرفه هما الحرفان، وسحرهما له مفعول يفوق السحر..
      الــــ ح ب – حب .. وتغير مواضع الحرفان ..الـ ب قبل الــ ح ينتج بح. فلا سلام بدون حب ولا حب بلا سلام ..
      فأين يصنع هذا المفتاح؟؟؟

    • زائر 1 | 11:41 م

      بس...

      بس يا سيد البعض لن يستوعبوا هذه المفاهيم الا بعد مرور قرن كامل من الزمان.

اقرأ ايضاً