العدد 1451 - السبت 26 أغسطس 2006م الموافق 01 شعبان 1427هـ

قضايا وطنية لها صفة الاستمرارية وعلى درجة عالية من الخطورة

هادي الموسوي hadi.ebrahim [at] alwasatnews.com

رياضة

توخيا للاختصار والمباشرة في العرض وحرصا على تجنب السرد الإنشائي بخصوص العنوان أعلاه أود الإشارة إلى أهم القضايا التي يعيشها الواقع السياسي والاجتماعي في البحرين:

1- تدل كثير من القضايا الوطنية التي نعيش تطوراتها وتراكماتها، يوما بعد يوم، على أن ثمة تضارب في المصالح بين «الرسمي» و«الشعبي»، وخصوصا أن بعض هذه القضايا تبدو كأن تحقيق نجاح لأي طرف من الطرفين لمصالحه يعني وأحيانا يؤدي بالنتيجة إلى إخفاق الطرف الآخر في النجاح في تحقيق مصالحه.

2- على رغم هامش الحريات النسبي ونسبية الانفتاح المتاح في المناخ السياسي والاجتماعي في البلد، فإن فعلي التصحيح والتقويم اللذين يقوم بهما «الشعبي» كمعارضة ومؤسسات مجتمع مدني وفعاليات دينية وتجمعات أهلية، فيما يتعلق بقضايانا الوطنية، يبدو «الشعبي» كأنه يتكلم ويتحاور ويتفاهم ويحتج بلغة تحتاج إلى عقود من الزمن حتى يتمكن «الرسمي» من فهمها واستيعابها!

3- يقطع المراقبون الموضوعيون والمحايدون وبلا أدنى شك، في أن القضايا الوطنية المصيرية هي مما لا تقبل تعدد الاحتمالات، فهي إما ابيض وإما اسود، إما صلاح وإما فساد، إما أمانة وإما خيانة.. و هلمّ جرا، إلا أن ما يلاحظ على الموقف «الشعبي» تجاه مسارات الوقائع هنا وهناك، غياب الاصطفاف والتخندق من اجل تلك القضايا في مواجهة «الرسمي»، ويرجع ذلك إلى أن جزءاً من «الشعبي» يحتسب مراهناً، على أن الضرر أو المنفعة من هذه القضية أو تلك متناصفين في حقه بالذات، وكأن المنطقة الرمادية لها وجود في القضايا المصيرية! ضرر بنسبة 50 في المئة ومنفعة بنسبة 50 في المئة، ففي رأيه، لماذا الاصطفاف إذاً؟

4- إصدار الاحكام المسبقة، من كلا الطرفين «الرسمي» و«الشعبي» تجاه بعضهما بعضاً حيال القضايا الوطنية المفتقرة في حال التعاطي معها إلى الحد الأدنى من الثقة اللازم توافرها عند كل طرف لتحقيق المقتضى في حينه، في اقصر وقت وأوجز طريق واقل كلفة وأعلى جودة.

5- تراجع المؤشر البياني للحريات العامة وللصعود المطرد للأجواء الديمقراطية وتراجع مؤشر التفاؤل «الشعبي» الذي يعد الضمان الوحيد للشعور «الرسمي» بتحقيق النجاح للتجربة الإصلاحية التي بات الإصلاح فيها بحاجة إلى إصلاح.

6- ضعف لمعان أجواء بدت لامعة في بداية عهد الإصلاح، لامعة إلى الدرجة التي ابهر شعاعها وبريقها الجميع، لا يستطيع أحد أن ينال أو يقلل من صحة ودقة دعوى المروج لها، كخلو السجون من المعتقلين، والتسهيلات في الإدارات الرسمية استجابة وتلبية المتطلبات الطبيعية بشكل تلقائي ومرن، وشيوع رغبة «الرسمي» في تقديم الخدمات إلى «الشعبي» على أتم وجه في كل الأطر والمسارات.

7- النفس القصير الذي يعاني منه «الشعبي» والغياب الواضح للتخطيط الاستراتيجي الموازي للتخطيط الاستراتيجي «الرسمي» حيال قضايا وطنية تفرض أهميتها في أن تتمتع - على الدوام - بملف يحافظ على سخونته بصورة مستدامة، وصولا إلى نقطة الحل النهائي. وذلك بإيعاز المهمات لأفراد على قدر عال من الهمة والإبداع، وإمكان التخصص والاحتراف فيها.

وبعد هذه النقاط السبع، أود الولوج في مفاصل نقاطها لطرح قضية وطنية ذات أهمية كبرى لجهة استمراريتها وخطورتها على خريطتنا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والمعيشية والأمنية. مسألة التجنيس التي ما إن بدأت معالم بروزها حتى صار خطها البياني بين هبوط وصعود واحتلت أعلى الدرجات على سلم الأولويات كما كان قبل سنتين وكما هو الحال في هذه الأيام ومرت بها مراحل وهي في أدنى الدركات من الاهتمام «الشعبي».

تجتمع النقاط السبع في هذه القضية «التجنيس» كما في كثير من قضايانا الوطنية، فالتضارب في المصالح بين «الرسمي» و«الشعبي» حاصل فيها، كما أن «الشعبي» يبدو كأنه يتكلم ويتحاور ويتفاهم ويحتج بلغة تحتاج إلى عقود من الزمن حتى يتمكن «الرسمي» من فهمها واستيعابها! أضف إلى ذلك ان هناك جزءا من «الشعبي» يحتسب مراهناً على أن الضرر أو المنفعة من قضية التجنيس متناصفين في حقه بالذات، ضرر بنسبة 50 في المئة ومنفعة بنسبة 50 في المئة. كما انه ما من عنصر يحتل أهمية بدرجة عنصر فقدان الثقة بين «الرسمي» و«الشعبي» المفضي إلى الميل لتجنيس أعداد كبيرة في وقت زمني محدد.

كل ذلك يسهم في هبوط معدل المؤشر البياني للتفاؤل «الشعبي» الذي يجب ألا يراهن «الرسمي» على اقل منه قيمة ووزناً في تعاطيه مع «الشعبي» في المطلق.

المشروع الإصلاحي هو الآخر جزء من مكونات «الرسمي» إذ يقع على عاتقه الحفاظ على مكتسباته والدفع بتطويرها، لا أن يدفع بالتجنيس لإفساد ما حققه من منجزات. وأخيرا فان على «الشعبي» أن يتخصص في رسم مسارات واضحة تؤمن لكل قضية وطنية على درجة عالية من الأهمية والخطورة؛ ويجعل من عملية التعاطي معها مسألة تتحرك مع الزمن بأعوامه واشهره وأسابيعه وأيامه. وتتحرك مع التطور بكل المستجدات والممكنات وهنا سيجد «الرسمي» نفسه أمام يقظة «الشعبي» إذ إن الأخير هو، وليس غيره، الحصانة وصمام الأمان لـ «الرسمي» والتعويل على غيره عبث وسفه

إقرأ أيضا لـ "هادي الموسوي"

العدد 1451 - السبت 26 أغسطس 2006م الموافق 01 شعبان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً