العدد 1452 - الأحد 27 أغسطس 2006م الموافق 02 شعبان 1427هـ

التنسيق بين الوزارت: تمخض الجبل فولد فأراً

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

كثيراً ما كنا ومازلنا نؤكد ونصر عليه، أهمية التنسيق بين وزارات الدولة والمؤسسات المعنية، بل وذهبنا إلى ما هو أعمق من ذلك ونقصد بذلك الشراكة المجتمعية، ولكن للأسف الشديد لطالما ننصدم بواقع مرير لا يحتمل عمليات التنسيق بل لا يتفاعل معها ونستطيع أن نصفها بأنها المهمة الصعبة بل في أحيانا أخرى نراها المهمة المستحيلة، هذه المرة ولا أعرف لحساب من؟ ولكن ما حصل أن أصبحت هناك بين ليلة وضحاها عمليات تنسيق كبيرة بين وزارة التربية والتعليم ووزارة العمل وجامعة البحرين، واتفقوا على أن كلية التعليم التطبيقي ستكون فرصة كبيرة لتقليص الفجوة الموجودة بين التخصصات المطروحة من قبل جامعة البحرين وسوق العمل هكذا توصلوا من دون سابق إنذار فقرروا ما قرأناه في الصحف المحلية وما سمعنا عنه من قبل الطلبة المقبولين في الكلية ذاتها وما يردده أولياء أمورهم إذ تم قبول ما يزيد على 3 آلاف طالب بمعدل ثلثي الطلبة المقبولين وبنسبة لا تقل عن 68 في المئة، بل تم قبول الطلاب الحاصلين على معدلات 70 في المئة فما فوق وصولا إلى المعدلات 93 في المئة، ضاربين بعرض الحائط رغبات الطلاب وميولهم وتوجهاتهم بل مواجهين فيها أحلامهم وآمالهم فبدلا من الاحتفاء بهؤلاء المتفوقين الحاصلين على معدلات تجاوزت الـ 90 في المئة نجدهم يضعونهم في سجن يحاصر طموحهم، فجاء التنسيق الذي لطالما تحدثنا عنه ليذكرنا بأن الجبل قد تمخض فولد فأرا ميتا أو يحتضر على مشارف الموت، لكي يلفت نظرنا إلى الحذر كل الحذر بالمطالبة مجددا بالتنسيق إذ إنها البداية وليست النهاية، فعقلية التنسيق جاءت لتحاكم هؤلاء الطلاب على أدائهم في امتحان القدرات فجاء الحكم النهائي بأن يكونوا في كلية التعليم التطبيقي بغض النظر عن معدلاتهم الذي جاءوا بها من الثانوية العامة. فالمطلوب من الطالب أن ينسى كل الجهود التي قام بها في سبيل الحصول على المعدل الذي جاء به بمجرد أن يملأ استمارة في جامعة البحرين، في هذا الصدد نقول لجامعة البحرين: من حق الجامعة أن تضع المعايير والاشتراطات المحددة لقبول الطالب بل ولا نشكك أبدا في امتحان القدرات بل على العكس ننظر إليه نظرة إيجابية ولكن من حق الطلبة علينا أيضا أن نوضح لهم حقيقة الأمر بل نوعيهم بأهمية أدائهم في الامتحان لأن ذلك سيحدد مصيرهم الأكاديمي لا يترك الأمر مبهماً غامضاً.

الكلية التطبيقية التي كتب عليها أن تحتضن 3 آلاف طالب هذا العام هي ايضا تعاني مثل ما يعاني الطالب المقبول فيها فهي غير مجهزة وغير قادرة على استيعاب الصدمة هي الأخرى فليس الطلبة فقط المذعورين وغير مهيأين ويأتي عدم قدرتها الاستيعابية لتحمل هذا العدد على رأس قلق هؤلاء الطلبة فكيف لهم أن يؤمنوا بأنهم فعلاً سيكونون خريجين فنيين ترحب بهم سوق العمل وأساسا الدراسة لن تتم إلا ضمن الإطار النظري فقط؟ إلى جانب أن المدرسين الذين يُدَرِّسون هؤلاء هم من حملة شهادات البكالوريس بل إن بعضهم فنيو مختبرات لا يملكون شهادات أكاديمية أصلا؟ فعلى الجامعة أن توضح كل المعلومات والحقائق المتعلقة بالتعليم التطبيقي.

ولنا أن نسأل عن الدراسات التي تدعي الجامعة أنها قد قامت بها واتضح من خلالها أن كلية التعليم التطبيقي سيكون لها دور كبير في تعديل أوضاع سوق العمل هل سيكون ذلك من خلال طلاب لحملة الدبلوم؟ الآن الوضع في البحرين حملة شهادات البكالوريوس وأيضا الدراسات العليا مثل الرز ولا يمكن لهم أن يجدوا مكاناً يتناسب مع طموحهم ويوفر لهم العيش الكريم هل يعني ذلك أن التعليم التطبيقي يملك من خلاله الطالب العصا السحرية أو مفتاح الحظ؟

المراقبون يؤكدون أنه جاءت كلية التعليم التطبيقي في وقت تعاني منه جامعة البحرين من أزمة مالية، وهذا ما تؤكده الجامعة نفسها بدليل تصريحات المسئولين التي تؤكد أن الكلية نفسها قد افتتحت العام الماضي بلا موازنة مرصودة على أمل أن يأتي هذا العام بالخير الكثير من خلال قبول ثلثي الطلبة إلى جانب أن طلاب التعليم التطبيقي لا يعفون من الرسوم الجامعية وبالتالي فكرة الكلية مستوحاة من أصل مشكلة الجامعة جاءت لتحسن الوضع المادي للجامعة بعدها يتم فصلها بشكل كلي عن الجامعة بعد أن تحقق الهدف الأساسي من إنشائها، فالأصل محاصرة الطالب في طموحه فالطالب الذي ينتمي إلى أسرة ضعيفة الحال وأعتقد أنهم الأكثرية لا يمكنه الهروب من الكلية التطبيقية إلى الجامعات الخاصة لغلائها هي الأخرى.

الأصل في الموضوع يجب من البداية أن تلتزم الجامعة بخطاب واضح شفاف وصريح مع هؤلاء الطلبة تطلعهم من خلاله على مستقبلهم الأكاديمي والمهني وتترك للطالب قراره النهائي من الانضمام إليها أو لا، كما عليها ألا تفرط بهؤلاء الطموحين الراغبين في الالتحاق بتخصصات أخرى وعليها دراسة قراراتها بشكل متأن خصوصا أن التعليم التطبيقي كأنما نسخة مطورة من التعليم المستمر على رغم أن التعليم المستمر يتضمن في أوجه عدة إيجابيات غير متوافرة في التعليم التطبيقي ومع ذلك اعترفت الجامعة بأن التعليم المستمر غير ناجح.

على الجامعة أن تقوم بدراسات جدوى تبين نتائجها للطلاب وأيضا توضح للشارع كل الحقائق المتعلقة بها، كما عليها الإفصاح من الآن عن المعايير والاشتراطات الواجب توافرها في الطالب ليستطيع من خلالها الانتقال من شهادة الدبلوم إلى البكالوريوس لا تكون المعايير رهينة اللحظة، لابد من النظر إلى الطالب على أنه طرف مهم في العملية وأن يكون هناك بمثابة عهد الشرف فهناك حقوق وواجبات بين الطرفين، ليس من العدل الاستهانة برغبة الطالب فالرغبة بعد مهم ولو أنها لم تتوافر وحاولنا وسعينا إلى إيجادها لوجدنا أنفسنا في «حيص بيص» فلا نقلل الآن من أهميتها.

أتفق مع الجامعة في أن الهرم لدينا مقلوب في الكثير من الدراسات الأكاديمية والقليل من الدراسات الفنية وعلينا جميعا السعي من أجل إعادة الهرم إلى وضعه الصحيح ولكن أختلف مع الجامعة في الأسلوب والآلية، فليس من الحصافة أن يدفع الطالب المدفوع بطموحه وأحلامه ضريبة إعادة الهرم إلى شكله الطبيعي إلا إذا قرر أن يكون واحدا من جنود هذا الهدف الذي ترجو الجامعة تحقيقه، لا يكون ذلك قسرا بل اختياراً أمام الطالب أن يقرر بعد التشخيص الذي قامت به الجامعة، لا ننسى أن الطالب أساسا لم يكن متهما في ذلك ولكن السياسات غير الواضحة وانعدام الخطط الاستراتجية إلى جانب التخبط والعشوائية والقرارات غير المدروسة كلها ساهمت في أن يكون وضعنا بهذا الشكل وعلى المسئولين تحمل تبعات تلك الأوضاع لا أن يزجوا بالطالب وبولي أمره

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 1452 - الأحد 27 أغسطس 2006م الموافق 02 شعبان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً