العدد 3494 - السبت 31 مارس 2012م الموافق 09 جمادى الأولى 1433هـ

الخَيَّاطة مريم

عباس المغني abbas.almughanni [at] alwasatnews.com

ولدت مريم يتيمة الأب، في أسرة أعدمها الفقر، ليس لها مدخول، إذ تعيش على عمل الأم في غسيل ثياب وتنظيف منزل الجيران مقابل وجبة طعام، وبعد سنوات توفيت الأم.

وكان لمريم 7 أخوان، و9 أخوات، على رغم حصول اثنين من أخوانها على عمل، إلا أن وضع الأسرة لم يتحسن إذ إن راتبهما لا يكفي لنصف الشهر.

فكرت مريم ماذا تفعل لأسرتها التي تتجرع مرارة الفقر والحرمان، حتى أن أغلب ليالي الشهر ينامون دون وجبة عشاء، وأصوات بطونهم تدل على ألم الجوع.

مرضت مريم، فأمر الطبيب بوضعها في المستشفى حتى تتحسن، وكان بجانبها طفلة صغيرة مريضة اسمها ريم.

وحيث إن مريم صاحبة قلب حنون، وبرغم الألم قامت تعتني بريم، وترسم البسمة على وجهها، تضحكها وتملأ الجو مرحاً وسرورا.

عندما أخبر الطبيب ريم، بأنها ستغادر المستشفى في صباح غد، سهرت مريم طوال الليل تصنع قبعة من الصوف عليها وردة لتقدمها كهدية إلى ريم بمناسبة شفائها. وكانت مريم تجيد الحياكة والخياطة لأنها تعلمتها من والدتها عندما كان عمرها 5 سنوات.

ريم فتاة جميلة، ولبست قبعة جميلة، فكان منظرها يسر الناظرين، وكل امرأة تراها تسأل من أين اشتريت القبعة؟

بينما كانت مريم جالسة في منزلها تفكر بوضع الأسرة، طرق الباب، وذهبت لتفتحه، وإذا بنساء يطلبن منها أن تصنع قبعات بألوان مختلفة، وأنهم مستعدون لدفع الثمن الذي تطلبه.

فصدمت مريم وكأنها في حلم، فأدركت أن في يدها حرفة، وهذه الحرفة كنز، من خلالها ستحصل على المال لتساعد أسرتها.

وبعد شهر، صنعت مريم ثوباً شعبياً بشكل جميل ومبدع، وعندما رآها الناس طلبوا أن تصنع لهم مثله، وحيث إن مريم تعتمد على أدوات بدائية في الخياطة باستخدام إبرة اليد، نصحوها بشراء مكائن خياطة، فذهبت للبنوك لإقراضها، فرفضت البنوك تمويلها، لأنها لا تمتلك ضمانات كمنزل أو أرض.

مريم تنظر إلى الأمور بتفاؤل، قامت تدخر جزءاً من مدخولها من الحياكة والخياطة، حتى جمعت 150 ديناراً، واشترت بها مكينة خياطة، وهكذا تدريجياً حتى تمكنت من شراء المكائن والمعدات التي تحتاجها.

زاد الطلب، وفكرت أن تفتح محل خياطة وتوظف أخواتها العاطلات عن العمل، فذهبت إلى البنوك للحصول على قرض لفتح المحل، لكن البنوك كعادتها ترفض تقديم التمويلات للفقراء الذين لا يملكون الضمانات.

فاستمرت مريم تعمل في المنزل، حتى جمعت مالاً كافياً لفتح محل خياطة، وبعد سنة توسعت وفتحت لها شركة لإنتاج الملابس، وقامت بتوظيف أخوانها وأخواتها العاطلين برواتب مجزية.

وابتكرت مريم تصاميم جديدة أكثر إبداعاً، فزاد الطلب على منتجاتها، وأصبحت شركتها واحدة من كبرى شركات الملابس في بلدها، وحققت حلمها بمساعدة أسرتها، إذ اشترت منزلاً لكل واحد من أخوانها وأخواتها، ووفرت لهم وظائف، بل وفرت وظائف إلى مئات الشباب العاطلين عن العمل وحسنت من مستوى معيشتهم.

وتؤمن مريم بأن كل فتاة مهما كانت فقيرة، يمكنها أن تحقق النجاح وتبدأ من الصفر وتعتمد على ذاتها في تحسين معيشتها وتغيير حياتها وحياة أسرتها إلى الأفضل.

وفي سؤال عن أهم سبب في نجاحها، قالت: «أهم سبب لنجاحي، هو أن أمي علمتني حرفة الحياكة والخياطة، وأنصح الأمهات والآباء أن يعلموا أبناءهم وبناتهم الحرف فإنها طريق النجاح في الحياة». وتعتقد مريم أن في كل إنسان كنزاً من المواهب والإبداع، وعليه أن يكتشف هذه الكنوز لتحقيق النجاح.

إقرأ أيضا لـ "عباس المغني"

العدد 3494 - السبت 31 مارس 2012م الموافق 09 جمادى الأولى 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 7:14 ص

      abeem

      قصه حلوه تفتح النفس ( أحسن من قصة شح الأراضي )

    • زائر 7 | 5:19 ص

      4

      صعدت "سارة بلاكيلي" إلى قائمة المليارديرات بسرعة البرق، قدرت فوربس ثروتها بمليار دولار. وبدأت حياتها في 2000 عندما قررت استخدام جميع ماتملكه آنذاك وهو 5 الاف دولار لتصميم ملابس داخلية نسائية.
      وأسست "بلاكيلي" بعد 6 أشهر من بدايتها شركة "Spanx"، وكانت هي الموظفة الوحيدة التي تقوم بالتصميم والتسويق انطلاقا من شقتها، إلا أنها حققت نجاحات متوالية ليزيد عدد المنتجات والموظفين.

    • زائر 6 | 4:54 ص

      الرد علي زائر 4

      سارة باركلين
      أمرأة ملياردية.
      ثروتها من تصاميم ثياب داخلية.
      مشكلة الخياطين في البحرين، أنهم ما يطورون من أنفسهم ويتوسعون، يبقون على دكان طول حياتهم.

      أما سارة باركلين الأميركية، صممت ثياب داخلية، وقامت المصانع بصناعتها، وتم تسويقها في المجمعات التجارية.
      سوت ليها علامة تجارية. وأصبحت من فقيرة إلى واحدة من أغنى النساء في العالم.
      فكرة مشروعها ثياب داخلية.

    • زائر 4 | 4:15 ص

      ونعم المهنة مهنة الخياطة

      هذا نفس قصة الشخص الي اشتغل بأربعين دينار وبعدين فتح اليه دكان صغير مال الالمنيوم وتالي اشترى لكل واحد من إخوانه بيت .
      فكرة ممتازة تمشي الحال في هالبلد بس ما اعتقد خياط يقدر يشتري بيت واحد فما بالك ببيوت .

    • زائر 3 | 2:36 ص

      قصة رائعة

      سلمت يداك أخي
      قصة مشوقة
      بس ياريت عرفتنا على الشخوص الحقيقية اذا كانت القصة حقيقة وأتوقع بأنها كذلك

    • زائر 2 | 2:27 ص

      الله يطول عمرها

      ساعدت الكثير من الناس.
      الله يطول عمرها، ويلبسها ثوب الصحة والعافية.

      أمرأة بمعنى الكلمة، عن ألف رجل

    • زائر 1 | 1:45 ص

      واقع ام خيال؟

      اهي قصة من نسج الخيال ام قصة واقعية؟

اقرأ ايضاً