العدد 1465 - السبت 09 سبتمبر 2006م الموافق 15 شعبان 1427هـ

ناشطة حقوقية مسلمة... «جي» انموذجاً

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

قد يطرح الحجاب الكثير من الأسئلة. تجيب عليها دائمًا شزيرة أحمد زواوي، الفتاة الماليزية المسلمة البالغة من العمر 27 سنة. شزيرة، المعروفة بلقب «جي» بين رفاقها، ناشطة في مجال حقوق الإنسان من ماليزيا، وهو البلد الذي يتجه بسرعة وبشغف نحو دعم القانون الإسلامي. عند وجودها في مؤتمر لحقوق الإنسان في كندا، تلقّت جي الكثير من النظرات والأسئلة، «كيف يتناسب حجابك مع نشاطاتك المتعلّقة بحقوق الإنسان؟»

من الواضح أنّ الذين طرحوا هكذا سؤال تفاجأوا لوجود الحجاب في مناسبة تختص بحقوق الإنسان. سئلت جي عن رأيها بشأن مسائل تتعلّق بحقوق الإنسان بما فيها المثلية الجنسية، وتعدّد الزوجات، وحقوق المرأة. أوحت تلك الأسئلة بأنّ خيارها لوضع الحجاب على رأسها يجعلها تعارض المثلية الجنسية وتدعم تعدّد الزوجات وتتجاهل حقوق المرأة. ومع ذلك، أجابت جي على سؤالهم: «نعم، أنا مسلمة، ولكنني إنسان في الدرجة الأولى». تنظر جي إلى غيرها من الناس على أنهم بشر في الدرجة الأولى ويتمتّعون بالحقوق، قبل أن ترى هويتهم، سواء كانوا مسلمين أم مسيحيين أم غير ذلك.

ربما لم يعلم الذين طرحوا هذا السؤال بأنّ جي تشكّل جزءاً من إسلام «فاعل» على عكس الإسلام الراكد. يشكّل هذا الإسلام الفاعل ديانة تنبع من قلبها في حياتها اليومية. ديانة يسهل عليها التعايش مع التعدّدية، ديانة تحبّذ إقامة الحوار مع غيرها من الديانات الموجودة. بتعبيرها الخاص، «أعيش في إسلام لا يحكم بالخطأ أو الصواب».

منذ البداية، نشأت جي في محيط يتلاءم مع المعارضة. كان ينتمي جدّها، حاجي محمود، إلى حــــــزب مــــالايا مـــــلايو الوطنـــــــي Malayan Melayu National Party، «حركة يسارية» في حقبة الاستعمار، مزجت بين روح الإسلام والقومية والاشتراكية. كذلك وخلال انتظارها لامتحانات الدخول إلى الجامعة، رغبت جي في التطوّع كمعلّمة لغة إنجليزية للأطفال ضمن برنامج تابع للحزب الإسلامي الماليزي، وهو الحزب المعارض الأكثر مثابرة في ماليزيا.

إنّ المناقشة المنفتحة والناشطة بشأن الإسلام، والتي تجريها تلك المعارضة، هي ما دفعت بجي للانضمام إلى جمعية الطلاب المسلمين PMI، عندما كانت طالبة في جامعة مالايا.

ولكن لم تشكّل PMI المكان المناسب لجي التي لطالما ألهمها الإسلام الفاعل والمنفتح، والناشط بقدر ما هي الحياة. في PMI، غالبًا ما تلقّت جي توبيخا من الأعضاء القادة بسبب حجابها، إذ لم يُعتبر القماش الذي يكسو رأسها كافياً ليمثّل «الزي الإسلامي». تعرّضت جي لضغوطات من أجل ارتداء حجاب أسود أوسع وأطول، يكسو رأسها وكتفيها وصدرها. لقد رفضت في حين ألحّ القادة من الأعضاء على ذلك. فتح ذلك سجالاً، فأصرّت جي على أنها ترتاح لحجابها الخاص وأبت تبديل زيّها.

أرادت جي أن تظهر بأنّ ما هو «إسلامي» لا يرمي إلى إخضاع «الآخر» أو «ما هو مختلف» للتجانس، وإنما هو الانفتاح وتقبّل التعدّدية كفسيفساء غنية من الإسلام. فضلاً عن ذلك، وكونها من البشر، لطالما آمنت جي بأنّ هناك الكثير من الأديان في العالم التي يجب أن توجد إلى جانب الإسلام. لذلك رفضت جي الانضمام إلى مظاهرة قامت بها PMI اعتراضاً على حفل موسيقي سيُقام في حرم الجامعة. لم يتخلّل الحفل موسيقى الروك الغربية، وإنما موسيقى هندية. أدركت جي أنّ الذين عارضوا الحفل الموسيقي خشوا بغالبيتهم من فقدان «الطابع الإسلامي» الخاص بحرم الجامعة.

أما اليوم، تفضّل جي العمل في الدّفاع عن حقوق الإنسان للمواطنين الأصليين في ماليزيا. فهي إنسان ترغب بإحداث تغيير ما في الإنسانية، ليس لمجرّد كونها مسلمة تساعد باسم دينها. عندما تستمع جي لقصّة الحكومة التي سلبت أراضي الشعب الأصلي في ماليزيا، ثم تنحّت جانباً لتشاهد أطفالها يتضوّرون جوعاً وتقاليدها تذهب سُدًى، ينظر الجميع نحو الإنسان بداخلها ويغضّون النظر عن حجابها.

ربما قد بدأوا يدركون تدريجيًا أنّ جي تعيش إسلامًا فاعلاً ومنفتحًا يتقبّل البشر على اختلاف أعراقهم وحضاراتهم ولونهم ودينهم. من خلال تفهّمنا وتقديرنا لهذه التعدّدية، نأمل أن يدرك الناس أكثر وأكثر أنّه على رّغم فرادة هوياتنا، فنحن جميعًا من البشر.

في نهاية نيسان/ أبريل 2006، كانت جي منهمكة بعملها الإنساني داخل مكتب في كوالالمبور. ولكن إذا أنصتّ جيدًا، لأمكنك سماع موسيقى الروك تنبعث من مكبّر الصوت الخاص بجهاز الكمبيوتر، لتملأ الغرفة. كانت جي تستمع إلى ذا وولز The Walls، أغنية من نوع روك لـ «ستيلارستار» Stellarstar، وهي فرقة موسيقية من بروكلين، نيويورك. على يسارها، تجد تذاكر مستعملة لحفلة روك موسيقية، كتذكار من مهرجان لموسيقى الروك في بانكوك، تايلند. تشير جميع تلك الأمور إلى أنّه «نعم، أنا مسلمة، ولكنني إنسان في الدرجة الأولى».

مجتبى حمد

رئيس التحرير السابق لمجلّة «سيرأة» الإندونيسية، والمقال ينشر بالتعاون مع خدمة «كومن غراوند

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1465 - السبت 09 سبتمبر 2006م الموافق 15 شعبان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً