العدد 1467 - الإثنين 11 سبتمبر 2006م الموافق 17 شعبان 1427هـ

واشنطن تضع السرية المصرفية في مهب الريح

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

السرية المصرفية مسألة من المسائل الجوهرية التي يراعيها الأفراد والمؤسسات على حد سواء عند اختيارهم المصارف التي ينوون إجراء معاملاتهم المصرفية (توفير، تحويلات... إلخ) معها. واشتهرت سويسرا ومصارفها بتمتعها بدرجة عالية من السرية المصرفية شجعت الكثير على اللجوء إلى خدماتها. لكن هذه السمعة بدأ يشوبها بعض الجدل بعد انتشار حديث بأن وكالة المخابرات المركزية الأميركية تجسست على المبادلات المالية الدولية المارة عبر خدمات شركة سويفت.

ففي إطار «الحرب على الإرهاب»، فرضت وكالة المخابرات المركزية الأميركية رقابة على المبادلات المالية التي تتم عبر خدمات سويفت SWIFT شبكة الهيئة العالميّة للاتصالات المصرفيّة والمالية). هذه الشركة، التي يوجد مقرها الرئيسي في بروكسل، والتي تأسست في العام 1973 بغرض أتمتة التيليكس. وأصبحت فعلاً البنية الأساسيّة المعتمدة في تبادل الرسائل المصرفية والمالية ومرجعا ثابتا في مجال التقييس وتوحيد المعايير المعتمدة من قبل المجموعة الماليّة الدوليّة. وتربط شبكة «سويفت» بين 7350 هيئة منتشرة في كافّة أرجاء العالم، تُحوّل عبرها يوميا ما يزيد على 5 مليارات دولار، وهو ما يعادل تقريبا 7 ملايين رسالة (أي 1.5 مليار عملية ماليّة سنويّا).

وأثارت قضية التجسس هذه، فزعا في سويسرا. وطرحت عدة تساؤلات عما إذا كانت وكالة المخابرات الأميركية بتجسسها على شركة سويفت قد عملت على انتهاك السرية المصرفية؟

وهو السؤال الذي ردت عليه الحكومة السويسرية بالنفي، معتبرة أن لا مجال لاتخاذ إجراءات إضافية. ويشاطر هذا الرأي الناطق باسم جمعية أرباب المصارف السويسرية آلان بيكسل، إذ يرى ان السرية المصرفية التي يتشبث بها السويسريون كثيرا لم يتم انتهاكها نظرا إلى كون العملية مست فقط المعطيات المتعلقة بالتحويلات الدولية وهذا بعد ان تم إبلاغ شركة «سويفت» بها وبشكل طوعي.

لكن أندري روتنبيلر من جمعية «الساحة المالية السويسرية» يعتبر «أن السرية المصرفية لم يعد لها وجود» تجاه الولايات المتحدة الأميركية. ويستشهد على ذلك بالاتفاق المبرم في العام 2001 بين واشنطن والمصارف السويسرية، والذي يرغم قسم مهم منها على فتح حساباته أمام مراجعين يعملون لحساب إدارة الضرائب الأميركية.

ويعترف الخبير السويسري من زيورخ هانس غايغر بأن المصارف السويسرية ليست لديها القدرة لمواجهة وكالة المخابرات الأميركية. ولكنه ينتقد الصمت الذي التزمته تلك المصارف تجاه زبائنها. إذ يعتبر «بأن من واجب أي مصرف ان يدافع عن مصالح زبائنه. وإذا لم يستطع فعليه إشعار الزبون بذلك لكي يتمكن من الدفاع عن نفسه بنفسه».

أما وزراة المالية السويسرية وجمعية المصارف السويسرية فقد علمتا بوجود تلك النشاطات التجسسية منذ صيف العام 2002، وأن البنك المركزي السويسري هو الذي أخبرهما بذلك. والخلاصة هي: أن الكل كان على علم بذلك باستثناء الزبائن.

مرة أخرى تنتهك واشنطن حرمة الخصوصية المالية للفرد والمؤسسة تحت شعار «محاربة الإرهاب» وتضع سمعة، وبالتالي، أداء المؤسسة المالية العالمية في مهب الريح لا لشيء أكثر من الترويج لمشروع عالمي يصادر الكثير من الحريات التي انتزعها الإنسان عبر مراحل من نضاله، ويقلص هوامش الليبرالية المالية وبعدها السياسية التي لابد وأن تتراجع في ظل مسلكيات من النوع التي باتت واشنطن تطالب المؤسسات المالية العالمية الخضوع له

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1467 - الإثنين 11 سبتمبر 2006م الموافق 17 شعبان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً