العدد 3508 - السبت 14 أبريل 2012م الموافق 23 جمادى الأولى 1433هـ

23 مايو المقبل الحكم بقضية تجمهر والمحامي يطالب ببراءة موكله

المحامي محمود الربيع تقدم بمذكرة للمحكمة دفع من خلالها بعدم دستورية مواد الاتهام
المحامي محمود الربيع تقدم بمذكرة للمحكمة دفع من خلالها بعدم دستورية مواد الاتهام

المنطقة الدبلوماسية - علي طريف 

14 أبريل 2012

حددت المحكمة الصغرى الجنائية الثالثة برئاسة القاضي مفتاح سليم 23 مايو/ أيار 2012 الحكم في قضية تجمهر وشغب.

وكانت النيابة العامة وجهت للمتهم تهمة التجمهر والشغب وفقا للمادتين (178) و(179) من قانون العقوبات لأنه في يوم 17 ديسمبر/ كانون الاول 2011 اشترك وآخرين في تجمهر في مكان عام ومؤلف من أكثر من خمسة أشخاص الغرض منه الاخلال بالامن العام.

وقد تقدم المحامي محمود ربيع بمذكرة دفاعية طالب في نهايتها ببراءة موكله، في الوقت الذي تقدم بمذكرة دفاعية دفع من خلالها بعدم دستورية مواد الاتهام، إذ تنص المادة رقم 178 من قانون العقوبات على أنه: «كل من اشترك في تجمهر في مكان عام مؤلف من خمسة أشخاص على الأقل، الغرض منه ارتكاب الجرائم أو الأعمال المجهزة أو المسهلة لها أو الإخلال بالأمن العام ولو كان ذلك لتحقيق غرض مشروع، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تجاوز مئتي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين».

فالبيِّن من صياغة المادة سالفة الذكر، بأنها تثير عدة شبهات في مدى دستوريتها. فأي تشريع عقابي، لابد أن يدور في فلك المادة 20/ أ من الدستور التي تنص على «لا جريمة ولا عقوبة إلا بناءً على قانون...»، ولإعمال هذا النص فلابد من أن تكون النصوص العقابية محددة لعناصر التكليف الجنائي في القاعدة الجنائية تحديداً واضحاً بحيث يفهم المخاطب به المواطن العادي الأفعال المؤثمة في هذه النصوص. فالغاية من إقرار مبدأ الشرعية هو ضمان إخطار الجمهور المخاطبين بالقانون ما هي الأفعال التي تعتبر جريمة ويستوجب على مرتكبها العقاب، الأمر الذي يستلزم معه وضوح قصد المشرع. وكل غموض في النص من شأنه أن يؤدي إلى التحكم القضائي الخطر. وتابع ربيع ان حرية الرأي والاجتماع من الحقوق الدستورية التي نصت عليها كل من المادة 23 و28 من الدستور، وهي حقوق لا يمكن للقانون أن يتجاوزها ويمارس سلطته في إسكاتها بقوة القانون وإلا كان مخالفة لما علاه من قاعدة أعلى وهو الدستور. فتلك الحقوق كما تعتر عنها المحكمة الدستورية المصرية بأنها من الحقوق التي لا يجوز النزول عنها بل إن حرية التعبير ذاتها تفقد قيمتها إذا جحد المشرع حق من يلوذون بها في الاجتماع المنظم؛ فإن هدم حرية الاجتماع، إنما يقوض الأسس التي لا يقوم بدونها نظام الحكم يكون مستنداً إلى الإرادة الشعبية؛ ولا تكون الديمقراطية فيه بديلاً مؤقتاً، أو إجماعاً زائفاً، أو تصالحاً مرحلياً لتهدئة الخواطر؛ بل شكلاً مثالياً لتنظيم العمل الحكومي وإرساء قواعده؛ ولازم ذلك امتناع تقييد حرية الاجتماع إلا وفق القانون، وفي الحدود التي تتسامح فيها النظم الديمقراطية، وترتضيها القيم التي تدعو إليها. وحيث حدد المشرع الدستوري قيدين على حرية التجمع هما أن تكون أغراض الاجتماع ووسائله سلمية، وبأن لا تتنافى مع الآداب العامة. ولما كانت المادة 178 من قانون العقوبات قد فرضت عقوبات على التجمهر المجرد المقترن لغرض غير مشروع خلافاً للقيد الذي نص عليه الدستور، مما يكون معه المادة 178 عقوبات قد وقعت في المخالفة الدستورية.

وخلاصة القول، إن جريمة التجمهر المنصوص عليها في المادة 178 من قانون العقوبات دارت في رحى عدم الدستورية لاكتنافها الغموض وعدم التحديد التي تتطلبها الشرعية الجنائية الدستورية فضلاً عن مساسها بجوهر الحق وهي حرية التعبير وحرية الاجتماع وعدم المساواة في المراكز بشأن المعاقبة على النيات والاعمال التحضيرية.

وعليه نلتمس من عدالة المحكمة تقدير جدية الدفع بعدم دستورية المادتين رقمي 178، 179 من قانون العقوبات ووقف الدعوى وتمكين الدفاع من رفع الدعوى بعدم الدستورية أمام المحكمة الدستورية.

كما دفع ربيع بعدم توافر اركان جريمة الشغب والتخريب، إذ إن النيابة العامة اسندت الى المتهم تهمة التجمهر والشغب في مكان عام، وبين لعدالة المحكمة أن الجريمة تتطلب توافر أركانها بنوعيه المادي والمعنوي والمفترض.

ففي الشق المادي لا يوجد دليل واحد يثبت ان المتهم قام بالاشتراك في تجمهر او انه قام بأي حركة من الحركات المادية لتلك الجريمة إذا ان شهادة شاهد الاثبات قد خلت من رؤيته للمتهم يشارك في التجمهر او يمارس اياً من الأفعال المادية المجرمة قانونا وفقا للمادة 178 عقوبات، واما الركن المعنوي وهو القصد الجنائي وهو علم الجاني بأنه يرتكب الجريمة وتوجه ارادته الى ارتكابها، وجريمة التجمهر من اجل تحقيق غرض غير مشروع هي جريمة عمدية يأخذ الركن المعنوي فيها القصد الجنائي الخاص، فالجناة هنا يعملون على تحقيق غرض معين واتجاه ارادة الجناة الى تحقيق هذا الغرض هو العنصر اللازم توافره لتحقق القصد الخاص، ويعني ذلك أنه يجب ان يتوافر القصد الجنائي العام بعنصريه العلم والارادة، بالاضافة الى اتجاه هذه الارادة الى تحقيق غرض من الأغراض التي عدتها المادة 178 من قانون العقوبات.

وعليه فإن افادته جاءت خاوية الدليل والاثبات وغير واضحة فيما اذا كان المتهم مع المتجمهرين الذين قاموا بتلك الافعال المنسوبه للمتهم ظلما وبهتانا دون ان يقترف شيئاً من تلك الافعال والتي لا تمت له بصلة لا من قريب او من بعيد، هي بعيدة عنه كل البعد نظرا للأمراض التي يعانيها حيث انه لا يستطيع حتى مزاولة الرياضة.

الأمر الذي تضحي معه هذه الدعوى منعدمة السند، مما يستوجب الحكم ببراءة المتهم من التهمة المسندة إليه. «إذ إن الأحكام تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال، فإذا كانت المحكمة لم تنته من الأدلة التي ذكرتها إلى الجزم بوقوع الجريمة من المتهم بل رجحت وقوعها منه فحكمها بإدانته يكون خاطئا».

كما دفع ربيع ببطلان اعتراف المتهم بمحضر الشرطة لكونه وليد اكراه، إذ انه من المقرر قانوناً أنه يتعين لكي يكون الاعتراف الصادر من المتهم دليل اثبات صحيح قانوناً ويمكن التعويل عليه في ادانة المتهم، ان يكون صادراً منه عن ارادة حرة ويقصد بالارادة الحرة قدرة الانسان على توجيه نفسه الى عمل معين او الامتناع عنه وهذه القدرة لا تتوافر لدى الشخص الا اذا انعدمت المؤثرات التي تعمل في ارادته وتفرض عليه اتباع وجهة خاصة.

وتابع ربيع بان تقرير الطبيب الشرعي المرفق بالاوراق اكد ان الآثار الموصوفة تؤكد أن وجودها ذا طبيعة رضية واحتكاكية نشأت من المصادمة والاحتكاك بأجسام صلبة وخشنة ايا كان نوعها وهي جائزة الحدوث وفقا للتصور والتاريخ الواردين بمذكرة النيابة، علما بأن الاصابات المشاهدة متمثلة في تكدم بلون مخضر باهت مقابل منتصف قصبة الساق اليسرى في مساحه 8× 7 سم، وتسحج خدشي طويل الوضع بطول حوالي 15 سم شريطي الشكل بسمك حوالي 1 سم مقابل مقدم الفخذ الايمن، وتكدم شريطي الشكل مقابل خلفية اليد اليمنى مائلة الوضع وبطول حوالي 4 سم وعرض حوالي 1سم وبلون بنفسجي، الامر الذي يثبت ان المتهم تعرض للضرب المبرح لانتزاع الاعتراف منه في مركز الشرطة الامر الذي لا يجوز معه الاعتداد بهذا الاعتراف لكونه وليد اكراه وتعذيب جسدي ونفسي.

كما دفع ربيع بنكران التهم امام النيابة العامة والمحكمة، إذ انه من المقرر فقها وقانونا ان يشترط لصحة الاعتراف أن يكون صادراً امام المحكمة حتى يتم التعويل عليه، فلما كان ذلك وكان الثابت من ان المتهم انكر التهم المنسوبة اليه أمام النيابة العامة وامام عدالة المحكمة، وبين أسباب وظروف اعتقاله بأنه تفاجأ بوجود افراد الشغب وعلى الفور تم القاء القبض عليه الأمر الذي يفقد الاعتراف الصادر منه بمركز الشرطة وذلك لصدوره عن ارادة معيبة بعيب الإكراه.

وانتهى ربيع بما جاء في مذكرته بطلب البراءة واحتياطيا استعمال منتهى الرأفة مع المتهمين بالاكتفاء بالغرامة وفقاً لمواد الاتهام أو الاكتفاء بالمدة التي قضوها في الحبس الاحتياطي أو الأمر بوقف تنفيذ العقوبة وفقاً لنص المادة 81 عقوبات.

العدد 3508 - السبت 14 أبريل 2012م الموافق 23 جمادى الأولى 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً