العدد 3511 - الثلثاء 17 أبريل 2012م الموافق 26 جمادى الأولى 1433هـ

الطائفية تنخر جسم الغرفة التجارية

أحمد العنيسي comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

سبقني بعض الاخوة بالكتابة عن موضوع انتخابات غرفة التجارة، الذي يمس شريحة كبيرة من المجتمع، وغطت الصحافة الانتخابات وما جرى حولها من مناوشات وعتاب ضد مجلس الإدارة، لِما اتخذوه من إجراءات خارج إطار القانون بفصل أعضاء من مجلس الإدارة دون الرجوع إلى الجمعية العمومية، التي تعتبر المشرع القانوني في تلك الأمور بحسب أنظمة مؤسسات المجتمع المنتخبة.

من الصعب الإبحار أو التطرق - إعطاء رأي - في موضوع كتب عنه بعض الاخوة في أعمدتهم، ولاسيما الزميل قاسم حسين لإلمامه بالأمر وتغطيته الحدث من جميع جوانبه، حيث اعتاد السبق في تناول القضايا الحساسة التي تبرز مع الحدث. لكنني وددت إبداء رأيي في الموضوع بسبب أهميته، ولتعلقه بالسواد الأعظم من الشعب، وسأدخل من زاوية عدم قانونية الفصل وأثره على العملية التجارية بالبحرين وأبعاده في انقسام المجتمع.

لا جدلية في أن قرار الفصل غير حكيم، وكان له دور محوري في تمزيق المجتمع التجاري جراء الاصطفاف الطائفي في عمليتي البيع والشراء (المساندة والمقاطعة)، ما خلق عدم توازن في السوق وإرباكاً في العملية التجارية. ونستطيع القول بكل ثقة إنه خطأ جسيم، لأنه ساهم في إفلاس بعض التجار، الذي كان من المفترض أن تكون الغرفة حاميةً لهم، وبيتاً جامعاً لجميع التجار بعيداً عن السياسة والمعتقدات والايديولوجيات.

من المفترض أن أي جسم يتكون من خلايا متعاونة، كجسم الغرفة التجارية حيث تكون المصلحة مشتركة، وكل شركة تساهم في تقوية الأخرى ومساندتها لتكملة مشاريعها، فلا تستطيع شركة تقوية الشبكات الكهربائية أو رصف الطرقات من غير مساندة شركة حفريات، وليس بإمكان شركات المقاولات تكملة مشاريعها من غير مؤسسات هندسية أو معمارية أو حتى كهربائية. لكن ما حدث في عدم تعاون الخلايا (الشركات) المشتركة المساندة لبعضها نتيجة لهذا القرار غير الحصيف، والذي ولَّدَ اصطفافاً طائفياً مقيتاً، أضعف حركة السوق والعمران معاً، ما نتج عنه ضعف في المردود الاقتصادي على الوطن والمواطن.

إن هذا الاصطفاف التجاري الطائفي المنبثق من مجلس الإدارة خلق أيضاً، عدم توازن في ترسية مناقصات الدولة على الشركات التجارية الخاصة المهتمة بشئون العمران والخدمات العامة. ومن هذا القرار استغلال البعض الآخر للموقف في «التحويش» على المناقصات الحكومية، وأدى ذلك إلى خلق عداوات بين الخلايا المشتركة في الجسم التجاري بسبب عدم التعاون من جهة، وغياب المنافسة الشريفة من جهة أخرى.

اجتماع الجمعية العمومية، تميز بالمصارحة وكأنه جلسة استجواب، وتلقى مجلس إدارة الغرفة هجمات مباشرة وانتقادات حادة. وعندما بدأ رئيس الغرفة بمناقشة الآراء المتعلقة بإرجاع عضوي مجلس الإدارة المفصولين، صرخ أحد الحضور «لا نقبل دراسة الإرجاع، بل لا نعتبرهما مفصولين أصلاً لأن ما بني على باطل فهو باطل». وطالب آخر بتقديم الاعتذار على ما بدر من مجلس الإدارة خارج إطار القانون. ورفع بعضهم رفع سقف الاعتذار للجمعية العمومية، وطرح سؤالاً عمّن أمر بفصل العضوين وعلى أي أساس اتخذت هذه الخطوة المهينة لزملاء بالمهنة ومجلس الإدارة.

باختصار... شاب الجلسة انعدام الثقة بعد أن تواصل الهجوم والانتقادات الشديدة، بين مجلس الإدارة وأعضاء الغرفة التجارية، وخصوصاً لمن اتخذ قرار فصل زملاء المهنة، وسادت حالة من عدم التوافق بين الجميع طيلة الجلسة.

بعض الحضور اتهم المجلس بتلقي أوامر من جهات خارج الغرفة، دون الرجوع لممثلي الجسم التجاري، واتخاذ قرار حاسم ولكنه غير سليم يشوبه البطلان.

كما تحدث آخر بأن خبر فصل العضوين، مع أنه باطل إلا أنه صعقه، وواصل الحديث: «لن نأتمن لأعضاء بهذا السلوك غير المتوافق مع اللائحة الداخلية للغرفة التجارية».

أحد المفصولين احتج وطالب الحضور بانتخاب أعضاء مكتب لإدارة الحوار، وبصورة ديمقراطية ونزيهة.

خلاصة القول... كان الاجتماع حامياً، لأن كثيراً من منتسبي الغرفة على صفيح من ساخن، فأغلبهم كانوا حانقين على ما تم اتخاذه من قرارات باطلة ومجحفة بحق ممثليهم من المفصولين.

مع أن الغرفة التجارية من أقدم مؤسسات المجتمع المدني وتتسم بالرتابة والنظام والعمل المخلص للبلد، وتبعد عن السياسة مسافات، إلا أن المرض العضال (الطائفية) أصابها في العام الماضي، عندما تدخلت بها السياسة، التي تستهدف كل من يختلف معها في الرأي، لأسباب سياسية أو مذهبية بحتة.

في النهاية، رجع المفصولان، فلابد للحق أن يرجع لأصحابه ولا يصح إلا الصحيح، ونتمنى أن تزول الخلافات بين أعضاء الغرفة التجارية ومجلس إدارتها، ويتكاتف الجميع على الخير والمحبة. كما نتمنى أن ترجع بقية مجالس الإدارات الأخرى التي استبعدت من قيادة مؤسسات المجتمع المدني، بعد وقف الطروحات الإقصائية والتخوينية، ومنع الاصطفافات الطائفية واحترام إرادة الشعب.

لن تبحر سفينة الغرفة التجارية إلا بأفرادها المنتخبين، وكذلك لن تعبر المراكب الأخرى بر الأمان إلا بمشغليها ومسيّريها الحقيقيين.

إقرأ أيضا لـ " أحمد العنيسي"

العدد 3511 - الثلثاء 17 أبريل 2012م الموافق 26 جمادى الأولى 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • قلم أسود | 11:16 ص

      لابد أن يعود الحق لأهله

      صحيح قد سبقك آخرون ولكنك أبدعت في الطرح
      مدحك لمن يستحق وهو الكاتب المتألق قاسم حسين دليل على احترامك لاراء الاخرين
      أرجو مواصلة الكتابة حول هذا الموضوع وبالخصوص أعضاء المجالس البلدية

    • زائر 8 | 3:26 ص

      قانون انشتاين

      كل هذا ردة فعل للحراك الطائفي فردة الفعل طائفية,,,,وهذي حقيقة البحرين

    • زائر 7 | 2:27 ص

      تلك سنة البلد بأكمله ومن يقل غير ذلك فليبرهن

      البعض يسأل عن الاسباب التي اودت بالبلد الى هذا الحال! الآن الممارسات التي أخذت تتصاعد وتيرتها مستغلة الاوضاع الحالية وابعاد البعض هي نفسها السبب الرئيسي الذي اودى بالبلد الى هذا المستوى وأقولها وليسمعها من بيده القرار. عن نفسي توقعت ما حصل والآن اقولها وسأذكركم بعد فترة أنه سوف يحصل ما لم يكن بالحسبان اذا تواصلت هذه الاعمال
      الاقصائة والعنصرية بهذا الاسلوب المقيت.
      إن هناك من يحاول جرّ البلد الى امور هو نفسه لا يدرك فداحة او ربما يدرك ولكن لا يهمه
      وعلى الدار السلام

    • زائر 2 | 12:03 ص

      بل المصلحه الشخصيه تنخر جسم الوطن كامل استاذي

      خساره على الديره اللي انبنت بسواعد الاباء والاجداد تكون مرتهنه عند اشخاص لايعرفون الا مصالحهم ولا يهمهم لا هم يعزفون على وتر الطائفيه البغيض لان هذا اللحن يطرب له كثيرون من قليلى العقل وضعيفي الايمان هولاء لاحبا في الحكومه يعادون الشعب ولا كرها في الشعب يساندون الحكومه هولاء كعباد الشمس يدورون حيث وجدت المصلحه انها الانانيه المطلقه يخرب اللي يخرب ويدمر اللي يدمر بس مصالحهم تبقى على حساب الحكومه على حساب الشعب على حساب الوطن مو مهم اهم شيء يقبضون المقسوم...ديهي حر

اقرأ ايضاً