العدد 3511 - الثلثاء 17 أبريل 2012م الموافق 26 جمادى الأولى 1433هـ

الحراك السلمي للصحوة الديمقراطية العربية

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

ودعنا العام 2011 الذي شهد مرحلة تحولات جذرية وعاصفة بدول المنطقة العربية، وذلك عبر انطلاق ربيع من الانتفاضات السلمية، وبدأت مع ذلك صحوة ديمقراطية تعمقت في وجدان مجتمعات المنطقة. وقد تتنامى ملامح وأدوات هذه المرحلة بمساحات واسعة داخل المنطقة لأن الصحوة الديمقراطية العربية مستمرة مع استمرار توق الشعوب العربية للحرية والعدالة.

النضال السلمي ميزة الصحوة العربية، وأي انحراف عن هذه الصفة يضر بها. السلمية ميزت بعض ثورات الربيع العربي ووضعت المعادين للديمقراطية في مأزق وورطة، ولذا فهم يحاولون حرف الحراك الشعبي إلى اتجاهات غير سلمية وإلى توجهات طائفية، وانشغلت جهات معينة في نسج قصص ومؤامرات لمنع التحول نحو الديمقراطية.

وفي هذا الصدد كتب المحلل السوري ميشيل كيلو في صحيفة السفير (19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011) حول أثر وأهمية النضال السلمي في الثورات العربية قائلاً: «إن اتساع النضال الشعبي وانتشاره إلى كل مكان من بلادنا، وعجز القوى السلطوية المسلحة عن إخراج الشعب من الشارع. هذا العامل يمكن شرحه من خلال عامل ذكره الاستراتيجي الصيني الكبير صن تسو، يقول بكل بساطة: إذا عجزت عن إنزال الهزيمة بعدوك، يكون عليك منعه من إنزال الهزيمة بك. هذا المبدأ له تطبيق ملموس في حالتنا السورية هو منع النظام من إخراج الشعب من الشارع، ومن استعادة السيطرة عليه. يفتح هذا باب السياسة على مصراعيها ويضيف إلى فنون النضال السلمي مجالات السياسة المتعددة والمتنوعة، التي تتحول عندئذ إلى سلاح شديد الفاعلية في يد المواطنات والمواطنين، كما تقول لنا ثورات كثيرة عرفها التاريخ».

من هنا لابد من الإشارة إلى أن التجارب في العالم أثبتت أن كثرة الظلم تفجر رغبات جامحة وبفطرة سليمة نحو الخلاص والتغيير من أداة تزعج وترهق الشعوب متمثلة في نظام لا يعرف إلا لغة العنف والقمع والدم.

الشعوب العربية التي لا تنجح في هذه الفترة في تحقيق الديمقراطية فإنها تلعب دورها التاريخي، وهي تواجه كل ما يخطط له من يستخدم سياسة الإقصاء والفرقة من أجل استمرار الدكتاتورية. ولكنَّ هناك وعياً يحث المجتمعات الى عدم التراجع الى الوراء وألا تنسى ما تعرضت له ومازالت من خسائر كبيرة بسبب استعبادها وسلب حقوقها. ولذا نرى ان العكس يحصل في مناطق عديدة اذ ازداد إصرارا وصمود الناس ضد سياسات أمنية وعسكرية أرهقت البلدان وقدمت خيارات فاشلة لم تحل أي أزمة سياسية.

وهو ايضا ما نبه إليه ميشيل كيلو في عرض الحالة السورية معلقا «يحوله إصراره على البقاء في الصراع إلى معركة استنزاف حقيقية تؤكد قرائن وعلامات عديدة أن النظام شرعا يخسرها ويفقد ما كان له تفوق فيها، وأن الكرة تنتقل اليوم إلى ملعبه، حيث يمكن أن تتقدم إلى واجهته قوى وجهات لا توافق على السياسات الأمنية الصرف، التي أرهقت النظام وألزمته بخيارات فاشلة، واختارت طرقا ووسائل لحل الأزمة السورية لا تصلح أساسا لحلها أو لإضعاف تأثيرها السلبي على قدراته».

واضاف كيلو «انطلقت من جهل مطبق بأسس وعوامل الصراع بين نظام أمني وشعب مصمم على نيل حريته، وعجزت عن فهم الواقع، وهو أن ميزان القوى العسكري لا ينطبق على الصراعات الاجتماعية والسياسية، وأن زمن الصراع الاجتماعي مختلف كل الاختلاف عن زمن الصراع العسكري، وأن قوة الجيش في صراع داخلي ليست هي عينها قوته في صراع خارجي، وأنها لا تستخدم، ولا يمكن أن تستخدم بالطريقة ذاتها في نمطي الصراع هذين».

إن استمرار الصحوة العربية الديمقراطية في مقاومة خريف الدكتاتوريات المتهالكة هو نضال يمتد لجذور مشكلة مستمدة من واقع سياسي مخادع يتحايل على حقوق المواطنين. لذا فالتلاعب في مصطلحات مثل الديمقراطية، الإصلاح، او التغطية على معاقبة مرتكبي جرائم حقوق الانسان بشتى أنواعها لا يمكن ان يخدم الدول العربية الغنية والفقيرة التي اعتقدت كثيرا بان منطقتنا بعيدة عن التغيير وتساهلت كثيرا في حل مشكلاتها مع المجتمعات، وتراكمت بسبب ذلك الازمات السياسية والاقتصادية.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 3511 - الثلثاء 17 أبريل 2012م الموافق 26 جمادى الأولى 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 6:08 ص

      اذا شفتها في جارك بتوصل ديارك!!

      من المعروف أنه قد حل الاتحاد السوفيتي وحلف وارسو من أجل الديمقراطية – فقد كانت عدد من دول ما اطلق عليها اروبا الشرقية التي يشترك شعوبها في اصولهم الـ سلافية ، بالاضافة الى دول البلطيق ومجموعة من دول أسيا الوسطى. وهذه العملية اطلق عليها البريسترويكا – فاعيد البناء و أصبحت كل جمهورية دولة ديمقراطية مستقلة.
      فهل ما نشهده من حراك أقرب الى بريسترويكا (2 ) يوصل الى تحول الى الديمقراطية؟؟؟

    • زائر 5 | 3:40 ص

      شعوب الخليج العربي :الله لا يغير علينا

      لانريد التغيير في الخليج بل نريد التطوير ..
      فمن غير المؤكد ان يأتي التغيير بافضل من الحالي و الامثله كثيرة بينما التطوير يكون الي الافضل حتمي و مضمون..

    • زائر 4 | 3:23 ص

      فاقد الشئ لايعطيه

      حكوماتنا العربيه لاتعرف ولم يمر عليها شي اسمه ديمقراطيه او حقوق إنسان فالحقوق هي حقوق الحاكم انما المحكوم ليس له حقوق ومن يطالب بحقوقه ستقوم عليه قبل الحاكم فئة من الشعب وللأسف بعضهم من ليس له حقوق ليحاربو من يطالب بإيصال الحق له ولهم

    • زائر 3 | 2:06 ص

      السطات في الوطن العربي غير سلمية لذلك لا تقبل بالحراك السلمي

      من يقبل بالحراك السلمي هو شخص في اساسه ومن داخله سلمي

    • زائر 2 | 12:27 ص

      غير موفق

      ميشل غير موفق فى موضوع سوريا و ذلك بسبب بسيط و هو عدم تطرقه الى دعم الغير سلمى للمعارضه .

اقرأ ايضاً