منذ أيام، انتهت الفنانة البحرينية فاطمة عبدالرحيم من تصوير مشاهد فيلمها السينمائي الأول «ارتياب» وذلك خلال فعاليات الدورة الخامسة لمهرجان الخليج السينمائي.
المفاجأة التي قدمتها عبدالرحيم للجميع هي أن الفيلم القصير الذي يؤمل عرضه في مهرجان العام المقبل، هو من إخراجها ومبني على قصة وضعت فكرتها بناء على حادثة تعرضت لها خلال الدورة الرابعة للمهرجان التي أقيمت في شهر أبريل/نيسان 2011.
لن تتجاوز مدة الفيلم عشر دقائق، صورت جميع مشاهده خلال فترة انعقاد الدورة الخامسة من المهرجان التي أقيمت في الفترة مابين 10و16 أبريل الجاري بفندق الإنتركونتنينتال في دبي سيتي فستيفال. المشهد الأخير تم تصويره خلال حفل المهرجان الذي أقيم مساء الاثنين 16 أبريل الجاري، تماماً كما حدث قبل عام.
ترفض فاطمة الحديث عن تفاصيل الموقف الذي تعرضت له والذي دفعها لصناعة الفيلم، لكنها تقول: «لم يكن أكثر من سوء فهم لكنه سبب لي ضيقاً شديداً لساعات. لكنه سرعان ما انتهي مع وضوح موقف الطرف الآخر» وتواصل مبتسمة «لا أريد أن أسرد المزيد من التفاصيل، يمكنني أن أقول فقط إنه حصل خلال حفل اختتام الدورة الرابعة من المهرجان في العام الماضي، أثناء مرورنا على السجادة الحمراء ثم تفجر في داخل القاعة. أثر بي الموقف كثيراً ويمكنني أن أقول إنه جعلني أتوقف لساعات في مواجهة مع كثير من المفاهيم والقناعات التي أحملها. لقد شكل هذا الموقف مفارقة مهمة لي؛ إذ طرح في داخلي تساؤلات كثيرة أتساءل عمّا يمكن أن تعنيه النجومية وعن نظرة الناس للنجوم وعما يعيشه النجوم أنفسهم من متاعب سواء بسبب مهنتهم أو خلال حفلات افتتاح أو اختتام المهرجانات».
تشير فاطمة إلى أنها أرادات أن يصور الحدث بواقعية شديدة لذلك جاءت إلى دبي لتصور فيلمها خلال المهرجان؛ إذ توضح «صورت جزءاً منه داخل ردهات الفندق، كما استخدمت غرفة المخرج البحريني بسام الذوادي للتصوير بعدها انتقلت إلى قاعة حفل الختام لأصور ما تبقى من المشاهد».
وتواصل «لن تزيد مدة الفيلم على عشر دقائق، وسأتحدث فيه عن أجواء المهرجانات والنجوم والسجادة الحمراء والإعلاميين والمعجبين ثم سأعرّج على أجواء التصوير وسأسلط الضوء على بعض المواقف التي تحدث بين الفنانين وبعضهم»، وتوضح «سأقدم الموقف بشخصياته الحقيقية وسأقدم شخصيتي الحقيقية كذلك».
استعانت فاطمة بالروائي وكاتب السيناريو فريد رمضان ليقوم بصياغة الموقف ذاك في قصة يحبكها في سيناريو يصلح لأن يقدم في فيلم قصير تدور قصته حول فنانة تشعر بالارتياب والخوف عند حضورها حفلات ختام المهرجانات وحال إعلان نتائج المهرجانات وتوزيع الجوائز؛ الأمر الذي يمنعها من حضور هذه الحفلات المهمة.
هل أثارك الموقف الذي حصل إلى الحد الذي جعلك تقرري فيه أن تنتقلي من صفوف النجوم إلى كرسي المخرج؟
- موضوع الإخراج يشغلني منذ عامين، حتى في بعض مواقع تصوير الأعمال التي شاركت فيها، أجدني أهتم كثيراً بجميع تفاصيل العمل وأبدي رأيي في المشاهد سواء التي أظهر فيها أو التي لا تعنيني. فعلت ذلك في الأعمال التي أسندت للمخرجين الذين تربطني بهم علاقة قوية مثل بسام الذوادي وعلي العلي وأسامة سيف. الثلاثة كانوا يعرفون رغبتي في التوجه إلى الإخراج، وكانوا يسمحون لي بمناقشتهم في كل تفاصيل المشاهد؛ بل إنني رشحت في إحدى المرات للمشاركة في إخراج مسلسل.
استشرت الذوادي في الأمر، فنصحني بأن أبدأ بفيلم قصيرة أتعلم من خلاله كل تفاصيل العملية الإخراجية وأقيس قدرتي على تحمل مسئولية إخراج عمل؛ إذ رأى أن ذلك أفضل من إخراج مسلسل كبير يمكن أن يضعني أمام مسئولية مضاعفة قد أفشل فيها؛ ما يؤثر على نجوميتي وشعبيتي لدى جمهوري.
وبحسب رأي الذوادي فالفيلم القصير سيتيح لي فرصة الاشتغال على النص بنفسي وأن أناقش الكاتب في كل التفاصيل لأضمّن هذا النص ما أريد. أخذت كلام بسام بشكل جاد وقررت أن أعطي لنفسي فرصة التفكير في الأمر سواء فيما يتعلق بالإخراج أو بموضوع شعبيتي التي لا أريد أن أخسرها.
حسم الأمر إذن حال تعرضك للموقف في حفل الختام؟
- نعم، تقريباً فموقف العام الماضي أزعجني كثيراً وعلى رغم انتهائه بعد ساعات قليلة حين اتضحت الحقيقة إلا أنه ظل ثابتاً في ذهني ومؤثراً في نفسي، استرجعته بعدها كثيراً، بكل تفاصيله. هنا تذكرت كلام بسام، وتذكرت ما أخبرني إياه من أن الأفلام القصيرة قد تأتي نتاج حالة أو موقف، وهذا موقف حدث لي فلماذا لا أصوره.
بعدها التقيت الذوادي وأسامة سيف ومدير مهرجان الخليج السينمائي مسعود أمرالله خلال مهرجان دول مجلس التعاون الخليجي السينمائي الأول، وتحدثت معهم بشأن رغبتي في تصوير الموقف في فيلم. في البداية لم يأخذوا الأمر بشكل جاد، لكنني عدت بعدها والتقيت بهم خلال تصوير فيلم ترويجي خاص بمهرجان الخليج السينمائي، هذه المرة تحدثت في الأمر مع السيناريست الإماراتي محمد حسن أحمد والمخرج الإماراتي محمد سالمين، وأقنعتهم بجديتي في الأمر فشجعاني على الأمر، فتوجهت إلى بسام مرة أخرى فنصحني بالاستعانة بفريد رمضان لكتابة القصة والسيناريو وبالفعل التقيت فريد الذي أحب الفكرة كثيراً وصاغها لي وبعدها رتب لي مسعود للحصول على كل التصاريح الخاصة بتصوير العمل خلال المهرجان.
الآن وقد بدأت الإخراج فعلياً، كيف تجدين المسئولية الجديدة وكيف هو الانتقال من أضواء النجومية إلى كرسي المخرج؟
- في الحقيقة، بسام لم يخل من قسوة معي في توجيهه منذ البداية، وكان أول درس علمني إياه هو أن أفصل بين كوني ممثلة ورغبتي في الإخراج. ما حدث هو أنني اتفقت مع فريد لكتابة القصة والسيناريو، وبعدها انتظرت منه أن يتواصل معي بخصوص الأمر لكني لم أسمع منه. عاد لي بسام وسألني عن النص وقال كيف تريدين أن تصوري الفيلم خلال مهرجان الخليج ولم يجهز نصه بعد، أخبرته أن الموضوع لدى فريد فرد علي غاضباً بأن فريد لن يعرض علي دوراً لأنتظر اتصالاً منه، قال لي أنت المخرجة وأنت من يجب أن يتابع مع الكاتب. قال لي انسي كونك نجمة يجب أن تتابعي كل التفاصيل ثم إن أي جهة تستضيفك ستعاملك بشكل مختلف الآن. وتواصل «أشعر بأنني أمام مسئولية كبيرة على رغم وجود جميع أصدقائي حولي، بسام وفريد وأسامة وجميع الشباب، إلا أنني أعرف أن هذا الوضع لن يكون كذلك في جميع أعمالي المقبلة، وإنني سأعمل مع أشخاص آخرين وستلقى عليّ مسئولية أكبر وسيكون وضعي مختلفاً.
لماذا لم تفكري في الاستعانة بممثلة تقوم بأداء دورك في الفيلم، ألا تعتقدين أن ذلك سيسهل موضوع الإخراج بالنسبة لك، بدلاً من أن تقومي بدورين في آن واحد وتتحملي مسئوليتي التمثيل والإخراج؟
- لا أجد حاجة للاستعانة بممثلة وإقناعها بالعمل، ثم تحمل تكاليف حضورها للمهرجان، ثم إن العمل يتم بتعاون جماعي؛ إذ ليس هناك جهة منتجة له وليس لدي موازنة كافية. ثم إن بسام وفريد رائعان معي، وكذلك باقي الشباب، جميعهم يدعموني بشكل لا يصدق. وبعيداً عن ذلك أريد أن أقدّم الدور بنفسي لأنني عشت الموقف وأعرف تماماً كيف أقدم الإحساس الذي شعرته.
وتواصل مبتسمة «كما إنني أريد أن أبدأ بالمهمة الأصعب، التي أًصبح فيها ممثلة ومخرجة في آن معاً، وبعدها إن نجحت قد أتخصص في الإخراج فقط في عملي المقبل».
هل أنت مستعدة لرد الفعل على فيلمك بعد عرضه، قد يحتمل أن يكون إيجابياً أو سلبياً، هل ستحبطك قسوة النقاد وتمنعك من الاستمرار في حال حصل الفيلم على ردود قاسية ومحبطة منهم؟
- أعلم أن الأفلام السينمائية تعيش وتظل في ذاكرة الجمهور والنقاد، وأعلم أن النقاد يظلون دائماً محتفظين بأخطاء تلك الأفلام، بل وربما ذكروا المخرجين بها بين الحين والآخر. بصراحة لم أفكر في هذا الأمر مسبقاً، لكن بسام لفت انتباهي لهذا الأمر، نصحني بأن أزيد من إطلاعي لأكتسب ثقافة ووعياً سينمائيين يمكناني من هذه المهمة.
انتهت فاطمة عبدالرحيم من تصوير فيلمها مع انتهاء الدورة الخامسة من مهرجان الخليج السينمائي في 16 أبريل الجاري. تأمل أن تتمكن من المشاركة به في المسابقة الرسمية لدورة العام المقبل (2013) من المهرجان.
يضم طاقم عمل فيلم «ارتياب» أسامة آل سيف في التصوير والمونتاج وعمار الكوهجي ومحمد جاسم ومحمد بوعلي وحسين الرفاعي وأسامة الماجد كمساعدين فنيين. كما يضم الكاتب والصحافي محمد فاضل والمخرج محمد جناحي. ويشارك في تمثيل أدوار الفيلم كل من فاطمة عبد الرحيم والمخرج البحريني بسام الذوادي اللذين يظهران بشخصيتهما الحقيقية، يشاركهما حميد كريمي الذي شارك أخيراً في عدد من الأفلام البحرينية القصيرة المشاركة في دورة هذا العام من المهرجان، وبعض موظفي إدارة المهرجان.
العدد 3513 - الخميس 19 أبريل 2012م الموافق 27 جمادى الأولى 1433هـ