العدد 3522 - السبت 28 أبريل 2012م الموافق 07 جمادى الآخرة 1433هـ

الموازنة ومشروعات المجالس

مجيد ميلاد comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

وزارة البلديات هي الوزارة الوحيدة التي لا تنال دعماً من الحكومة في موازنتها السنوية، فهي وزارة تعمل بالاكتفاء الذاتي من خلال ما يتم تحصيله من رسوم واستثمارات لأملاك البلديات الخمس، وتقوم كل بلدية (المجلس البلدي + الجهاز التنفيذي) بإعداد موازنتها السنوية وتقديمها للوزارة للاعتماد وتقوم الوزارة بعد ذلك بتقطير المبالغ على البلديات بحسب تدني الرصيد البنكي لكل بلدية لا بحسب الحاجة الفعلية لصرفها وتنفيذ مشاريعها.

وتجدر الإشارة في البداية للخلاف القانوني بين الوزارة في فهمها لمواد قانون البلديات والمجالس البلدية وملخص ذلك الخلاف وجوهره أن لدى وزارة البلديات صندوقاً يسمى بـ «الصندوق المشترك»، الذي تجمّع فيه الرسوم لكل البلديات، ومن المفترض أن رسوم البيوت تدخل مباشرة في رصيد البلدية ولكن للأسف تذهب كل الرسوم للوزارة ثم تنظر في توقيت إدخالها في رصيد كل بلدية على حدة، وهذه أول مخالفة مالية على الوزارة، وثانياً تدعي الوزارة أن من حقها للصندوق المشترك الرسوم التجارية (الشقق المؤجرة) وتفصلها عن رسوم البيوت فتكون من نصيب الصندوق المشترك وتوزعها بحسب شهوتها، لذلك جاء ديوان الرقابة المالية وحَسَبَ المبالغ المتراكمة لبلدية المنامة تحت بند أسماه «الذمم المدينة على الوزارة لبلدية المنامة» حيث يفوق المبلغ الـ (12 مليوناً) قبل ثلاث سنوات حيث إن المنامة تقدر إيراداتها السنوية بـ (30 مليون دينار في العام2010 وفي العام 2003 بلغت 13 مليوناً).

ومما يعد مخالفة مالية صريحة لدى الوزارة ما تقوم بصرفه من الصندوق المشترك على موظفي ديوان الوزارة وإداراتها، وتعيش الوزارة عالةً على إيرادات البلديات الخمس، وبذلك تستنزف المخزون المالي للبلديات وتصرفه على ما لا تطلع عليه المجالس البلدية، فضلاً عن موافقتها عليه.

ومما يتصل بالموازنة هو تقسيم المناطق جغرافياً حسبما أشار إليه قانون البلديات، فتدخل في المحيط الجغرافي لبلدية المنامة كلُّ الأراضي والأملاك التابعة (سابقاً) للهيئة البلدية المركزية، وكذا بقية البلديات، فكل الأملاك العامة البلدية في محيط محافظة المحرق يجب (من المفترض قانونياً) أن تسجل باسم بلدية المحرق، مع مراسلاتنا الرسمية في هذا الصدد إلا أن الوزارة تستقصد مصادرة الأراضي والأملاك لتكون هي المهيمنة على مفاصل العمل البلدي، وهذا ما لا يجوز قانونياً.

وعندما نأتي لتقسيم الموازنات فإنّ لذلك تاريخاً بحسب الوزير وتوجيهه، فمنذ أنْ تأسست المجالس البلدية خلال العشر سنوات الماضية من 2002 حتى 2012 تناوب على الوزارة (العريض، الستري، الصالح، بن رجب، وأخيراً الكعبي)، وكان لكل وزير طريقته في تحديد موازنة المشروعات وتدوير مبالغها.

لم يعمّر العريض في البلديات حيث جيء به لتأسيس البلديات وتقسيمها وتوزيع الموظفين، وليس الكلام مناسباً في هذا الإطار حالياً، أمّا الستري فكانت البلديات تحدد سقوف موازناتها مع المشروعات، وترفع له للمصادقة النهائية، وبعض الأحيان يحدد سقف (مليون دينار) للمشروعات البلدية للبحرين، أي (200 ألف دينار) لكل بلدية ويتم تدويرها بشكل سنوي بحسب برنامج المشروعات.

ثم جاء الصالح وبغض النظر عن بصماته الإيجابية على العمل البلدي إلا أنه تفضل بطريقة جديدة وهي عدم تحديد المشروعات وعدم إدخال مبلغ (200 ألف دينار) المخصص للمشروعات، بل قال: ارفعوا مشاريعكم ونحن نخصص لها الموازنات المطلوبة، فكانت في بعض الأحيان تطير مبالغ المشروعات وتخسر المجالس مشروعاتها لشح الموازنة.

وعندما جاء بن رجب كان يعد المجالس البلدية بالموازنات المفتوحة السقف، حتى بالنسبة لموازنة مشروع البيوت الآيلة للسقوط ومشروع تطوير المدن والقرى، ولقد سمعناها آنذاك من الديوان الملكي مباشرةً أن موازنة مشروع البيوت الآيلة للسقوط مفتوحة (أي لا سقف لها) واسألوا رئيس مجلس بلدي الجنوبية سابقاً علي المهندي عن ذلك أيضاً، ولم يستطع بن رجب أن يتابع لما حدث من مجلس النواب له.

واليوم جاء الوزير الكعبي الذي يفترض أنه وُلِدَ من مخاضّ العمل البلدي وخابراً دهاليزه، ولكن للأسف الشديد، قام بحملة استقصائية لتوقيف المشروعات البلدية، وقام بالاهتمام بشئون أخرى، ولم يحظَ العمل البلدي في مرحلة بفرصته مع ما كان الأعضاء البلديون يستبشرون بقدومه لأنه عاصر مبكراً العمل البلدي ولكن للأسف قام بحلق العمل البلدي على الصفر، ولم تحظ َالبلديات بمشروعات ذات صدى مميز والمشتكى لله تعالى.

وفي كل التجارب البلدية القريبة منا والبعيدة تتطور التجربة كلما امتد بها الزمان إلا في البحرين وفي خصوص مرحلة الوزير الحالي يعتبر العمل البلدي والبلديات في تراجع كبير لضيق النظرة واستراتيجية الهيمنة والمركزية الشديدة التي يعمل عليها الوزير.

إقرأ أيضا لـ "مجيد ميلاد"

العدد 3522 - السبت 28 أبريل 2012م الموافق 07 جمادى الآخرة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً