العدد 3541 - الخميس 17 مايو 2012م الموافق 26 جمادى الآخرة 1433هـ

المعجم الزراعي البحراني: أنواع الأراضي

هناك أربعة معايير أساسية تستخدمها العامة في البحرين لتصنيف الأراضي المزروعة وهي: مساحة الأرض, وطريقة الري المستخدمة فيها, ومدى قرب الأرض المزروعة من المناطق السكنية, ومدى تباعد أو تقارب الأشجار وتشابكها مع بعضها البعض. وعلى هذه الأسس أوجدت العامة عددا من المصطلحات التي تستخدمها في وصف الأراضي المزروعة, ولم يعد يستخدم من هذه المصطلحات حالياً إلا القليل. وقد اعتمدت في تعريف هذه المصطلحات على مرجعين أساسيين (بالإضافة لعملية الجمع الميداني) هما كتاب «القبيلة والدولة» لفؤاد خوري (أنظر خوري 1983, ص 62 – 64), وعلى كتيب «قانون مياه النخيل» الذي صدر العام 1960م وترجمه Serjeant وتم نشر الأصل والترجمة العام 1993م ضمن كتاب Bhrain through the ages, the history. ويمكننا أن نصنف أنواع الأراضي المختلفة في ثلاث مجموعات أساسية: أراض لا تسقى, وأراض زراعية صغيرة لا تحتاج لعيون أو آبار أو آلات ري معقدة, وأراض زراعية كبيرة.

الأراضي الزراعية التي لا تسقى

يمكننا تميز أربعة أنواع من الأراضي الزراعية التي لا تسقى وهي الرفض والجلحة والمغارس والبرية, وتتميز هذه الأنواع الأربعة من الأراضي الزراعية بأنها لا تسقى من أي مورد مائي وإنما تروى مباشرة من المياه السطحية المتوفرة في الأرض, وذلك عن طريق حفر حفرة حتى تخرج المياه الجوفية (وتعرف هذه الحفرة حينها بالمغرس) وبعد ذلك توضع الفسيلة في الحفرة وبذلك تستمد الفسائل مياهها من المياه السطحية مباشرة. ويعتنى بالنخيل سنة بعد سنة حتى يصل إلى سطح التربة. ويتأخر النخيل المزروع بهذه الطريقة ولكنه لا يحتاج إلى الري متى اكتمل نموه. وتختلف هذه الأنواع الأربعة باختلافات طفيفة وربما عمم اسم واحد على هذه الأنواع جميعها. فالرفض عبارة عن قطعة أرض صغيرة مزروعة لكنها غير مروية لارتفاعها عن مستوى المياه المحيطة بها. أما المغارس فهي أرض مستوية لكنها بعيدة عن مصادر المياه وتكون قريبة من المنازل السكنية. أما الجدحة فهي قطعة أرض في الغالب منخفضة تحيط بها مرتفعات وتكون نخيلها قريبة جداً ومتداخلة, بينما البرية تتميز بكونها واسعة الأرجاء وأشجار نخيلها أكثر تفرقاً وانتشاراً من أشجار الأراضي الزراعية السالفة الذكر.

الأراضي الزراعية الصغيرة

ويمكننا تمييز خمسة أنواع من الأراضي الزراعية الصغيرة وهي: العكرة والجوبار والسطر والصرمة والدالية, وتتميز هذه الأنواع من الأراضي الزراعية بصغر مساحتها, وتتميز الأنواع الثلاثة الأولى منها (أي الجوبار والسطر والعكرة) بأنها ذات أشكال غريبة ومساحات مختلفة وقليلة القيمة الزراعية وتتداخل بين قطع وبساتين كبيرة, ولكل نوع من هذه الأنواع الثلاثة ميزة تميزها عن الأخرى فالعكرة هي قطعة صغيرة جداً تترك عادة دون زراعة لأنها تقع ضمن ممتلكات الغير. أما الجوبار والسطر فهي عبارة عن شريط ضيق من الأرض يقع على مجرى مياه الري أو بين قطعتين كبيرتين.

أما الصرمة أو القطعة فتختلف عن الأنواع الثلاثة السابقة في الشكل والقيمة ولكن مازالت تعتبر من الأراضي الزراعية الصغيرة, فالصرمة عبارة عن بستان صغير عرضه 9 امتار – 15 مترا وطوله بين 15 و 30 مترا, و يقع عادة بالقرب من القرية, وكثيرا ما يستخدم لزراعة الخضار. وأما الدالية فهي بستان من النخيل مربع الشكل أكبر من الصرمة طوله بين 18 و30 مترا, والاسم مشتق من الدلو وهو الوعاء المستخدم في الري, حيث تسقى الدالية باليد باستخدام الدلو وهو وعاء يصنع من الجلد. والمسميات دلو ودالية وردت في اللغة الأكدية والآرامية بالمعنى نفسه (CAD 2004, v. 3, pp. 56 - 58).

الأراضي الزراعية الكبيرة

وهي ثلاثة أنواع: الدولاب والزراعة والنخل. أما الدولاب فهو بستان كبير مخصص في الغالب لزراعة النخيل طوله بين 60 و122 مترا وعرضه بين 30 و60 مترا, وهو يسقى بالزاجرة. ومنه جاء اسمه دولاب حيث اشتق الاسم من الدولاب وهو العجلة التي تدور. وأما الزراعة فهي القطعة المخصصة لزراعة الخضار وعلف المواشي, ويتراوح طولها بين 183 و213 مترا وعرضها نحو 183 مترا. وتزرع أحياناً بها أشجار النخيل التي ما ان تبلغ نضجها حتى تسمى الأرض حينها «نخل» (أو انخيل). والنخل, وهي الأنواع الأكثر انتشاراً, وهي عبارة عن أرض يتراوح طولها بين 300 و1524 مترا وعرضها بين 60 و153 مترا, و قد تكون مربعة الشكل أو مستطيلة أو دائرية أو نصف دائرية. ويوجد نوعان من النخل:

أ – نخل السيح وهو النخل الذي يروى عن طريق «الساقية» أو «السيبان» أي القنوات المائية العميقة التي تنقل المياه من أقرب الينابيع العذبة.

ب – نخل الغرافة وهو النخل الذي يسقى بالغرافة, وسنأتي على تفاصيل الغرافة لاحقاً.

ويلاحظ أن كل قطعة من بساتين النخيل أي «النخل» تعطى اسماً يبين حجمها وموقعها أو يدل على الانتماء الديني أو الأصل العائلي لصاحبها.

طرق الري القديمة

تتشابه الأراضي الزراعية الكبيرة من حيث التخطيط فجميعها يخطط بحسب المحاصيل التي ستزرع فيها بحسب التخطيط الذي سبق لنا ذكره في فصل سابق, من حيث تقسيم الأرض إلى شروب ومشاعيب وتوصيلها بقنوات الري التي تحفر في الأرض أي السواقي. وأياً كان مصدر الماء الذي يروي الأرض إلا أن طريقة الري وقوانينه لهذه الأراضي الزراعية تكون واحدة, وهي طريقة الربط والهد. الماء يجري في القنوات المائية من المصدر (عين أو بئر) إلى الأحواض المائية, وتوجد هناك نقطتان للتحكم في جريان الماء, الأولى عند تفرع القناة الفرعية (تسمى أحياناً الجدول) من القناة الرئيسية (تسمى أحياناً الساب), والثانية عند دخول الماء إلى الأحواض المزروعة, فلكل حوض (شرب أو مشعاب أو خافور) عدد معين من الفتحات التي يدخل عن طريقها الماء وتعرف هذه الفتحات باسم مَداوِر والمفرد مِدوَر. والهداد هو ترك الماء يجري في السواقي دون أن يوقفه شيء, أما الربط فهي عملية سد السواقي في إحدى النقطتين السالفتي الذكر, ويتم ذلك باستخدام ملابس قديمة تعرف باسم «السكرة», وتسمى عملية السد بالسْكار, وهذه اللفظة وردت في اللغة الأكدية سَكارُ أو سِكيرُ بالمعنى نفسه (CAD 2000, v. 15, pp. 74 & 210), وهي كذلك في اللغة الآرامية, ويرجح Holes أن أصل اللفظة أكدي (Holes 2002).

قوانين الري

وضعت عدة قوانين لتنظيم عملية الري (سبق أن تناولناها بالتفصيل) لأن الأراضي الزراعية في السابق لم تكن مستقلة عن بعضها البعض في مصدر مياه الري بل كانت كل مجموعة من الأراضي لها عين أو بئر مشتركة وعليه وجب وجود تشريعات تنظم عملية ري كل أرض بحسب مساحتها واحتياجاتها على أن يتكفل كل من يستخدم العين بصيانتها ودفع رسوم للقائم عليها. ويتم تقسيم وقت العين اللازم لري أرض معينة بوحدة زمنية تسمى «وضح», والوضح في اللغة هو الضوء, جاء في معجم تاج العروس (مادة وضح): «الوضَحُ، محرّكة: بَياضُ الصُّبْحِ, وقد يراد به مُطلقُ الضّوْءِ».

أما العامة في البحرين فقد كانت تقصد بالوضح نصف يوم إما من طلوع الشمس حتى غروبها أو من غروب الشمس حتى نصف الليل الأول, ويكون لكل عين وضحان في اليوم أي أربعة عشر وضحاً في الأسبوع. وقد وصلتنا تفاصيل الوضح من خلال كتيب «قوانين ري النخيل» حيث جاء فيه:

«العين تشتمل على أربعة عشر وضحا إذا كانت لها ساقية واحدة أو اكثر والوضح من طلوع الشمس إلى غروبها إن كان صيفا أو شتاء ونصف الوضح من طلوع الشمس إلى وقت الزوال ليكون نصف اليوم إذا كان نهاراً وكذلك من وقت الزوال إلى غروب الشمس وليلاً من غروب الشمس إلى نصف الليل الأول أو من نصف الليل الأخير إلى طلوع الشمس وثلث الوضح ثلث النهار أو ثلث الليل وكذلك ربع الوضح ربع أو ربع الليل»

العدد 3541 - الخميس 17 مايو 2012م الموافق 26 جمادى الآخرة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً