العدد 3543 - السبت 19 مايو 2012م الموافق 28 جمادى الآخرة 1433هـ

«مسرحة حقوق الإنسان» في المؤسسات التعليمية

فاضل حبيب comments [at] alwasatnews.com

.

حسناً فعلت لجنة التحكيم بمهرجان المسرح المدرسي الخليجي الخامس عندما أوصت بإدراج مادة تعليم المسرح في كل المراحل التعليمية بالمدارس.

والسؤال المعرفي هنا: لماذا تعليم المسرح؟

بدايةً لابد من الحديث عن المسرح المدرسي بوصفه لوناً من ألوان النشاط الذي يقوم به الطلبة أنفسهم في المدرسة تحت إشراف معلميهم، إما في الصفوف الدراسية أو خارجها في صالة المسرح المدرسي أو حديقة المدرسة أو الفضاء المدرسي بوجه عام.

وإذا كان بهذا المعنى فهو إذاً نشاط يندرج ضمن المقررات الدراسية، ويساهم في تكوين شخصية المتعلم وتنمية قدراته ومواهبه الفنية.

المسرح المدرسي يساعد الطلبة على التكيُّف مع البيئة المدرسية، والأهم من ذلك الاندماج في عالم المدرسة من خلال ممارسة الأنشطة التي تلامس قضاياهم وواقعهم، وصولاً إلى تعديل سلوكياتهم والذي يمثل الهدف الأسمى للتربية على حقوق الإنسان.

دعونا نتصوَّر موقفين تعليميين، الأول: يقوم المعلم بتدريس مبادئ حقوق الإنسان بصورة تقليدية جامدة، من حيث شرح المفاهيم ومناقشتها مع الطلبة حتى لو وظَّف هذا المعلم أفضل الاستراتيجيات في التدريس كالعصف الذهني والحوار والتعلم التعاوني وغير ذلك.

والآخر: تقديم مبادئ حقوق الإنسان عبر «المسرح المدرسي» وتمثيل الأدوار بين الطلبة، بأن تُقسَّم خشبة المسرح (مثلاً) على قسمين؛ قسم مؤيد لحرية الرأي والتعبير بشكل مطلق، وآخر معارض، على أن نضع «خطاً فاصلاً « في وسط الخشبة لأولئك الطلبة المحايدين الذين لديهم وجهة نظر أخرى، وليس بالضرورة (مع أو ضد).

بلا شك، فإن «مسرحة حقوق الإنسان» تكشف عن طاقات إبداعية كامنة لدى المتعلمين، وتحقق لهم قدراً عالياً من (المتعة الفكرية) إن جاز التعبير، كما وتشجع على أدب الحوار والاحترام وحتمية العيش المشترك والقبول بالآخر وإدارة الخلافات بصورة علمية بعيداً عن التعصب والإقصاء والتخوين وما شابه ذلك.

إن «مسرحة حقوق الإنسان» بالمؤسسات التعليمية عمل إبداعي بامتياز، وهو يخضع ـ كأي عمل فني مسرحي ـ لشرطين أساسيين، الأول: المضمون، ويشمل المبادئ الأممية لحقوق الإنسان المستمدة من المواثيق والصكوك والمعاهدات الدولية، والتي من المفترض أن تكون مبثوثة أصلاً في المناهج الدراسية.

والآخر: الشكل أو القالب الذي تتشكَّل منه المادة المراد تعليمها، كالمعايير الجمالية في الاستفادة من ميول الطلبة نحو الألعاب المسلية والمفيدة أو بعض الروايات أو القصص والقصائد ومسرحتها.

ثمة معايير لا تنفك عن «مسرحة حقوق الإنسان» في الفضاء المدرسي، وهي:

أولاً ـ المعيار التعليمي: إن فاعلية المسرح المدرسي كوسيلة تربوية تتفوق على سائر الوسائل التعليمية الأخرى، من خلال تحويل الموضوعات الدراسية الصامتة والجافة في العادة إلى مادة تجذب انتباه الطلبة.

ثانياً ـ المعيار الأخلاقي: بما أننا نتحدث عن «حقوق الإنسان» فإن القيم والمعايير الأخلاقية كالعدالة والحرية والمساواة والديمقراطية كلها تلامس هموم واهتمامات الشباب، فهو إذاً يشاهدها ماثلة أمامه في شخوص المسرحية والتفاعلات بين الأبعاد الثلاثة للعمل الفني المسرحي (الكلمة والصورة والحركة).

ثالثاً ـ المعيار السياسي: فالمسرحيات ذات الطابع الحقوقي تشتمل بالضرورة على قيم ومعايير سياسية، فهي تربط الطلبة بأوطانهم أو بالشكل الذي يجب أن يكون عليه النظام السياسي، كما وتربطهم بقضايا أمتهم سواء بدافع قومي أو إسلامي وما إلى ذلك.

رابعاً ـ المعيار الجمالي: فالأطفال يميلون بطبعهم وفطرتهم إلى الألعاب والألوان والفنون، وهنا تجدر الإشارة إلى ارتباط بعض التخصصات أو مسميات بعض الكليات أو الأقسام الجامعية بالتربية الفنية أو الفنون التربوية، وبالتالي فإن العمل المسرحي الراقي يحقق تطلعات ورغبات الطلبة ويشبع ميولهم الإنسانية. إنني أعني من مقترحي بـ «مسرحة حقوق الإنسان» إطلاق العنان للإبداعات الطلابية لتقول كلمتها الحقوقية وتمارس مهاراتها المتنوعة على خشبة المسرح المدرسي، بحيث تحسب هذه المشاركات والأعمال ضمن منظومة الدرجات ونظم التقويم والامتحانات للطلبة وليس مجرد ترف أو ممارسة هواية، وبالتالي نكون قد تجاوزنا الأطر التقليدية في تدريس المفاهيم الحقوقية.

ليكن شعارنا في هذه المرحلة المهمة من عملية تطوير التعليم «أعطني مسرحاً... أعطك مجتمعاً طلابياً حقوقياً».

إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"

العدد 3543 - السبت 19 مايو 2012م الموافق 28 جمادى الآخرة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 2:29 ص

      ماذا عن منتهكي حقوق الإنسان من المسرحيين

      ما قولك في انتهاك حقوق الإنسان من قبل "مربين تربويين" متخصصين في المسرح المدرسي، كانوا أنموذجاً في السلوك المشين الذي مارس الوشاية والتفتن على من حولهم وحتى أصدقائهم..هؤلاء بالذات يحتاجون لإعادة تأهيل في أحد مراكز تعليم ثقافة حقوق الإنسان والأخلاق والقيم المتعارف عليها دولياً قبل تعلمهم ماهية المسرح ودوره في المجتمع والبيئة المدرسية. وطبعاً الشعار اعطني مسرحاً اعطك مجتمعاً طلابيا..لازم يتغير إلى اعطني ضمير إنساني أعطك مجتمع طلابي صحي

اقرأ ايضاً