العدد 1407 - الخميس 13 يوليو 2006م الموافق 16 جمادى الآخرة 1427هـ

بيان... لإثارة الفتنة أم لوأدها؟

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

من المؤسف له حقا نقولها وبكل مرارة، أن هناك من يحاول الصعود والارتقاء من خلال النيل من الآخرين، بل ان هناك من يدعو الله ليل نهار بأن تعود عقارب الساعة إلى الوراء، ليكون المستفيد والرابح الأول.

حقيقة... أشعر بالشفقة على مثل هؤلاء لضحالة تفكيرهم وسطحيته، لأنهم ببساطة يضطرون حينها إلى التخلي عن مبادئهم ويجرون وراء السراب. وليس هذا الكلام ضرباً من ضروب المبالغة أو التهويل، ولكن ما جاءت به بعض الصحف المحلية وما جاد به بعض أصحاب الأقلام المدفوعة الأيام الماضية، من تحليلات خيالية بعيدة عن الواقع، فهو ما يثير الاستغراب والاستهجان. بل ان الأمر وصل إلى استخدام أدوات قديمة وأكل عليها الدهر وشرب، ولكن لايزال هناك من يعشقها ويتمسك بها لأنها تحقق أهدافا له. بيانات غطت نصف صفحات بعض الصحف المحلية، والغريب أن عنوانه لا يتفق مع مضمونه بل يعاكسه تماماً، بغض النظر عن النوايا العقيمة التي تحمله روح البيان.

الأدهى والأمر أن 24 جهة تحالفت وتضامنت ووقعت على البيان، بل ان التوافق احتاج 12 يوما بالتمام والكمال لكي يصلوا إلى «تفاهمات» و«تسويات» معينة ينطلقون منها عبر بيانهم المثير للفتنة، مع ان «الفتنة أشد من القتل»، فكيف نصدقك بينما تستخدم أسلوباً رخيصاً هو عين الفتنة. فمثل هذا الاجتماع ببساطة شديدة يثير فتنة، بغرض قتل أحد الرموز الوطنية الحريصة على سلم وأمن الوطن، والاصطفاف الذي يسعون إليه بين الفينة والأخرى، بل واستغلال الفرص بغرض الاستفادة من الاصطفاف الطائفي وإثارة العصبيات، إنما تكرس لواقع مريض مرضاً مستعصياً لا ينفع له لا طب ولا طبيب. وفي كل مرة نفاجأ باستمرار حال المرض المزمن، فهناك 10 جمعيات و13 صندوقاً خيرياً ومركزاً يتم إقحامها في السياسة، بغرض تحقيق هدف واحد، هو محاولة النيل من أحد الرموز الوطنية، باعتقاد أنها فرصة ذهبية للنيل منه.

البيان الذي نشر في الصحافة المحلية جاء بعدة نقاط مهلهلة لن أخوض فيها توفيراً لوقت القارئ الكريم، ولكن سأركز على الفقرة الأخيرة: «لا يخفى على كل منصف أنه لا يجوز اللجوء إلى أسلوب التهديد بالعنف واستخدام السلاح لفرض آرائه أو أجندته السياسية أو تحدي خيار الشعب الذي تلاقت عليه جميع القوى السياسية في البلاد، كما ندعو جميع الأخيار والحكماء من أبناء الوطن سنة وشيعة للوقوف صفاً واحداً في وجه هذه التصرفات اللامسئولة التي تهدد الأمن والسلم الاجتماعي، ولنا في ما يجري في بعض دول الجوار عظة وعبرة»

التعليق على ما جاء به البيان: أولاً أصحاب بيان «الفتنة أشد من القتل» لم يستمعوا أصلا إلى كلمة الأستاذ عبدالوهاب وبالتالي لم يوفقوا فيما سعوا إليه، وكان لابد لهم من التأكد بشكل مادي قبل إصدار الأحكام، ونتمنى عليهم أن يرجعوا إلى تاريخ هذا الرجل الوطني ليكتشفوا أنه من أشد المتمسكين بالنهج السلمي والأدوات السلمية. كما عرف عنه أنه يحذر من استخدام القوة والعنف لأنهما ليسا في مصلحة الحركة المطلبية والوطن.

أعتقد بأن أصحاب البيان عجزوا عن تحقيق الدعوة التي وجهوها في بيانهم من اجل اصطفاف السنة والشيعة، بدليل أن الجهات الموقعة على البيان كلها جهات من طرف واحد، ولم تستطع استقطاب شخص واحد من الطرف الآخر. ولا ندري هل خطت الجماعة خطوات في سبيل ذلك وتعثرت خطواتهم أم أنهم لم يفكروا أصلا في ذلك.

المسألة الأخرى، هو أن الصناديق الخيرية أنشئت لغرض تحقيق أهداف معينة، فما لها وللسياسة والبيانات السياسية؟ فهلا تركت هذه الجهات التي يجري تسييسها، هلا تترك السياسة للجمعيات السياسية وتصرف جهودها إلى القضايا والمشكلات الاجتماعية التي تعج بها مناطق البحرين بدلاً من القيل والقال؟

إن مثل هذا البيان، من بين التصرفات اللامسئولة التي تهدد الأمن والسلم الاجتماعي، ومن أدوات الحقبة السابقة، والبلد ليس بحاجة إليها، بل هو بحاجة إلى أن يطور من الأدوات الديمقراطية، والذين يفشلون في أن يكونوا وطنيين فعلا، فإن ذلك لا يعطيهم مسوغا لرمي الآخرين بالحصى، أو إعطاء أنفسهم الحق في قذف أي وطني صاحب رؤية وكلمة مسموعة بغرض التقليل من مكانته أو النيل منه. وعلى أصحاب البيان أن لا ينسوا أنفسهم، وأن يتأملوا جيداً فيما يجري في الدول المجاورة لأخذ العبرة والموعظة. فاتركوا الخطابات التحريضية التي تجيش الشارع وتخاطب مشاعر الآخرين، ولا تتسرعوا في إصدار البيانات... من أجل مصلحة هذا الوطن ووحدته

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 1407 - الخميس 13 يوليو 2006م الموافق 16 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً