العدد 1410 - الأحد 16 يوليو 2006م الموافق 19 جمادى الآخرة 1427هـ

حلال وحرام

هشام عبدالرحمن خليفة comments [at] alwasatnews.com

قد يكون قطاع المصارف الإسلامية من أهم التطورات المالية التي حدثت في الثلاثين سنة التي مضت. واليوم لدينا أكثر من مجرد ودائع غير ربوية. فمن الاستثمارات العقارية الإسلامية إلى محافظ الاستثمار الإسلامية إلى التأمين عن طريق التكافل، يبدو بأن كل منتج أو خدمة مالية تقليدية (أي مشيدة بمعاملات وعقود ربوية) لديها نظيرها في القطاع المصرفي الإسلامي.

أول بنك يمكن أن يعتبر إسلامياً هو بنك الادخار الذي أسسه أحمد النجار في مصر في العام 1963. وبمنطلق لا يعتمد على الفائدة أو الربا، قدم البنك قروضاً لسكان بلدة ميت غمر. وأثبتت هذه التجربة رغبة الناس وتقبلهم لمعاملات تتوافق مع مبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية السمحة.

فديننا الحنيف يرى بأن البشرية أجمعها عائلة واحدة لا فرق فيها بين شخص وآخر. وإذ أن الفائدة أو تلك الكلفة المحددة المضافة إلى الأموال المقروضة هي بمثابة ضغوط وخطورة على المقترض غير مشتركة مع مانح القرض، فهذه العملية تعتبر منزوعة من النزعة الإنسانية والأخلاقية. ولهذا حرم الربا وأحل البيع.

فالمال لا يجب أن يحصد أو يكون من المال نفسه عن طريق الفائدة. بل على المال أن يجنى من العمل ومشاركة الناس في العمل ومخاطر العمل. ليطالب المصرف سداد القرض والفائدة من دون الأخذ في الاعتبار ظروف العمل أو نجاح المشروع هو عبارة عن ابتزاز، إذ المصرف لا يبالي إن استنزف العميل ليسدد الأموال المقروضة. ومن جانب المنطق العملي، فالمصرف ليس بحليف في هذه الحالة، ولديه أهداف مستقلة تماماً عن زبائنه غير مرتبطة بربحية المشروعات التي يمولها. وهذه الأهداف أقل خطورة للسعي إليها؛ لأنها تمتلك مستقبل العميل الاقتصادي في حالة نجاحه أو فشله. لكن المسلم الحق عليه المشاركة في المخاطر بصفته ممولاً لمشروع أو فكرة ما.

على رغم وجود ما يقرب ثلاث مئة مصرف إسلامي في العالم، مازال القطاع في بدايته. فلا يمكننا أن نقول إنه متناسق تماماً ويلتزم بمواصفات موحدة. ولهذا السبب، فنرى الأسواق المالية الإسلامية محدودة، وخصوصاً في تحويل المضاربة وغيرها من المعاملات الإسلامية إلى سندات يمكن تداولها.

لكن عبر تطور قطاع الصكوك ومبادرة المختصين مثل: «مركز إدارة السيولة المالية» حتماً سيتغير الوضع، وستنفتح الأبواب لمنتجات وعقود مالية مشتقة من المعاملات الإسلامية. وعبر هذا سيتمكن ليس فقط الطرفان (صاحب المشروع والمصرف) من المشاركة في الخطورة، بل أي شخص آخر.

لكن في الوقت الراهن، علينا أن نشجع المبادرة الجادة في مجال التمويل الإسلامي. فإن الحس الاقتصادي والإنساني الذي توفره الشريعة هو خير سفير لديننا الحنيف مهما تكن البلد ومهما يكن المستثمر.حب الم

العدد 1410 - الأحد 16 يوليو 2006م الموافق 19 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً