العدد 1411 - الإثنين 17 يوليو 2006م الموافق 20 جمادى الآخرة 1427هـ

غلطان يا نصر الله!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لماذا فعلت ما فعلت يا حسن نصر الله؟ ألم تعلم بأن التوقيت غير ملائم على الإطلاق للقيام بأسر جنديين إسرائيليين؟ ألم تعلم بأن موازين القوى في غير صالح الأمة العربية؟ ألم تعلم بأن «إسرائيل» لديها قوة نيران ضاربة يمكن أن تحوّل لبنان في أيامٍ إلى ركام؟ وهل ببضعة مقاتلين تريد أن تعدّل ميزان القوى المختل في المنطقة منذ نكسة حزيران؟ وهل تطمح إلى أن تقوم مجموعتك الصغيرة بما عجزت عنه 22 دولة عربية بجيوشها وطائراتها ودباباتها ومخابراتها وجواسيسها؟

إنهم اجتمعوا في القاهرة، العاصمة العربية التي قاتلت 20 عاماً ضد «إسرائيل»، حتى ألقت السلاح واختارت «السلام» و«طريق الشجعان»، فنفضوا أيديهم من لبنان ورموه على مجلس الأمن، فلماذا تورّطهم بهذه الأعمال غير المحسوبة وغير المقبولة؟

ثم انه ليس العرب وحدهم الذين وقفوا ضد مغامراتك، بل كل العالم هو اليوم ضدك: من الاتحاد الأوروبي إلى مجموعة الثماني، كلهم أفتوا بـ «وجوب» إعادة الجنديين الأسيرين البريئين إلى أحضان عائلتيهما سالمين آمنين. كوندليزا رايس أصدرت فتوى مماثلة. وقائمة الفتاوى والمفتين تطول: انجيلا ميركل، طوني بلير، جاك شيراك... حتى غير بيدرسون ممثل كوفي عنان الذي أصدر أول إدانةٍ بعد ساعة واحدة من خطف الجنديين. كل ساسة العالم ضدك، فهل يعقل أنهم كلهم على خطأ وأنت وحدك على صواب؟

ثم أليس من المفترض أن تنتظر تهيؤ كلّ الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفكرية والبرجوازية والبروليتارية في العالم العربي حتى تفكّر في مثل هذه العملية؟ ألم يكن من المفروض أن تشاور جامعة الدول العربية وتستفتيها قبل أن تلحق الضرر بالمصالح العليا للشعوب العربية؟

ثم ان كلّ الكتاب والفلاسفة والمحلّلين السياسيين والمراقبين والمتلبرنين الجدد اليوم ضدك... كلهم يقولون انك أخطأت.

كتّاب الأعمدة في اليومين الماضيين، دخلوا على الخط أيضاً، فتحوّلوا فجأةً إلى منظّرين في حرب العصابات، وضرورة اختيار التوقيت الملائم للعمليات في الحروب الشعبية، ليصحّحوا خطأك الاستراتيجي الكبير. هواة «أكل التكّة» في المطاعم الشعبية أيضاً ينتقدونك، على فعلتك غير المدروسة المعلقة بين السماء والأرض.

حتى اليساريون الذين أقاموا مآتم تأبين تشي غيفارا طوال خمسين عاماً، وملأوا أدمغة الشبيبة في السنوات الخمس الماضية بتفاصيل سيرة من حمل البندقية ورفض كرسي الوزير، حتى هؤلاء دخلوا على الخط، واعتبروا أسر الجنديين خطيئةً كبرى. فهل كلهم على خطأ ووحدك على صواب؟ و إلى مَنْ تطمح أن يقف معك؟

أنت تلعب بالنار وحدك، غسلت يدك من الرهان على الحكومات العربية، وغسلت الجامعة العربية يدها منك. حتى الشعب العربي الذي يتعرّض لعملية «عصرنة» وتحديث، وتتولى فضائيات «الدندنة» تحويله إلى شعبٍ راقصٍ طروب، سرعان ما ستجد نفسك أمام ملايين العباقرة الموهوبين في الفن والغناء، فعلى ماذا تراهن؟

لم يبق غير فقراء الشعب العربي الذين يتسمّرون كل ليلةٍ أمام الشاشة يترقّبون ما تفعله بـ «إسرائيل» كل يوم، ويحزنون لما تفعله طائراتها بكم. هؤلاء مستعدون لأن يتقاسموا معك خبزهم وحليب أطفالهم ليحيا أبناء لبنان وأطفال الجنوب، يتوسطهم شاعرٌ حالمٌ يردّد معهم على إيقاع ربابته القديمة: سمّيتك الجنوب... يا شجرَ االوردِ الذي يحترِفُ الفداء...يا جسداً يطلع من ترابِهِ قمحٌ وأنبياء

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1411 - الإثنين 17 يوليو 2006م الموافق 20 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً