العدد 1415 - الجمعة 21 يوليو 2006م الموافق 24 جمادى الآخرة 1427هـ

غوغل تتصدر المتسابقين في حلبة محركات البحث

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

وأخيرا أعلنت شركة محرك البحث (غوغل) عن أرباحها للربع الثاني من هذا العام التي حققت أرباحا تزيد على الضعف، متجاوزة بذلك توقعات أكثر المحللين تفاؤلا. إذ بلغت إيراداتها ما يربو على 721 مليون دولار، أو ما يعادل 2,23 دولار للسهم الواحد، مقارنة مع 342,8 مليون دولار، بما يعادل 1,19 للسهم الواحد خلال الفترة ذاتها من العام الماضي. وبعد خصم كلفة أسهم الموظفين وبعض النفقات الأخرى التي تدفعها الشركة لمرة واحدة فقط، تؤكد الشركة انها ستجني ما قيمته 2,49 للسهم الواحد، متجاوزة بذلك توقعات مؤسسات مالية من أمثال ثومسون فايننشال (Thomson Financial) التي لم تذهب إلى أكثر من 2,22 دولاراً للسهم الواحد. وبلغ الدخل الإجمالي للشركة نحو 2,46 مليار دولار بزيادة قدرها 77 في المئة من 1,38 مليار دولار قبل سنة واحدة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذا الإنجاز المالي يأتي حتى بعد أن نفذت غوغل التزاماتها التي أعلنت عنها، فاستثمرت كثيرا في البنية التحتية، وخصوصاً الحواسيب، وكذلك في استقطاب موارد بشرية ماهرة، فوظفت هذه الشركة الفتية التي لم تتجاوز السابعة من العمر 1152 موظفا خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ليصل عدد موظفيها إلى 7942 موظفا. وعلى رغم ذلك ماتزال الشركة متخمة بالسيولة المالية التي بحوزتها، والتي تبيح لها مثل تلك التوسعات التي تقوم بها بمنتهى الجرأة والثقة.

وفي إبريل/ نيسان الماضي كانت شركة غوغل قد حققت ما قيمته 2,07 مليار دولار من ثاني عملية لبيع الأسهم تقوم بها خلال سبعة أشهر. وحينها تمكنت غوغل، التي أدرجت في سوق الأسهم للمرة الأولى في شهر أغسطس/ آب من العام 2004 من بيع 5,3 ملايين سهم بسعر 389,75 دولارا للسهم الواحد. وتم بيع الأسهم لمؤسسات تتابع مؤشر »ستاندرد آند بورز 500« بعد أن حلت »غوغل« مكان شركة بورلنتون النفطية.

وأثبت تقرير نشر أخيراً أن 4 من 10 أبحاث في شبكة الانترنت في الولايات المتحدة تتم باستخدام محرك البحث (غوغل)، وهو ما منح الشركة ما يقارب 42 في المئة من حصة السوق في شهر فبراير/ شباط.

وهذا ما جعل غوغل تتصدر محركات البحث على الصعيد العالمي. وحاول منافسوها جاهدين لاقتصاص جانب من حصتها في السوق. وسعيا منها للحفاظ على مكان الصدارة شرعت غوغل في اقتحام مجالات أخرى وقامت بشراء شركات أخرى لتوسيع هيمنتها على سوق الإعلانات على شبكة الانترنت.

وتضررت حصة غوغل في السوق خلال الأسابيع الأخيرة من شهر أبريل الماضي، فخسرت أكثر من 6 في المئة في العام الجاري بسبب مخاوف المستثمرين من عدم تمكن الشركة من الاستمرار في تحقيق الأرباح كما في السابق. إلا إن أسهم الشركة استطاعت على رغم كل التخوفات تحقيق نتائج جيدة منذ أن أدرجت ببورصة الأسهم وتضاعفت قيمتها خلال الاثني عشر شهرا الماضية. ولعل النتائج الحالية ستعزز من ثقة المستثمرين ومن ثم مكانة غوغل في السوق المالية.

هذا على مستوى الأداء المالي الذي لم يكن ليتأتى لولا النجاح الذي حققته غوغل على مستوى الخدمات والمنتجات التي باتت توفرها غوغل لزوارها، والتي مكنتها من ابتزاز منافسيها من محركات البحث الأخرى وفي مقدمتهم الياهو ومايكروسوفت.

ففي الربع الثاني من هذا العام بلغ عدد زوار غوغل من السوق الأميركية نحو 95,2 مليون زائر، بزيادة قدرها 25 في المئة عن السنة الماضية، وعلى رغم أن شركات أخرى مثل ياهو ومايكروسوفت و تايم وورنر مازالوا في المقدمة إذ يتجاوز عدد زوارهم الـ 100 مليون، لكن أيا من محركات البحث تلك لم يتجاوز نموها السنوي ما بين 4 في المئة - 9 في المئة، ما يعني أن المستقبل في صف غوغل، خصوصا بعد الصعوبات التي يواجهها الياهو المنافس الأكثر خطورة على غوغل.

هذه النجاحات تأتي لتكرس الإنجازات التي وافقت خروج غوغل من الكثير من المعارك الجانبية الأخرى التي اضطرت إلى الدخول فيها خلال هذا العام. ففي مارس/ آذار من هذا العام أمرت محكمة فدرالية أميركية محرك البحث على الانترنت غوغل بتسليم معطيات تقنية لوزارة العدل، بما في ذلك عناوين 50 ألف موقع الكتروني.

لكن القاضي جيمس وير رفض طلبا من الحكومة بان تعطي الشركة لائحة بابحاث المستخدمين، تريد الاستعانة بها لمحاربة المواقع الجنسية على الانترنت.

وقال القاضي انه رفض هذا الطلب احتراما لحريات الاشخاص وحقهم في الخصوصية، كما قال انه لا يرى نفعا في معرفة الموضوعات التي يبحث عنها المستخدمون.

وقالت محامية غوغل نيكول وونج ان قرار القاضي مطمئن لانه عزز الحق في الخصوصية، وبرهن ان لا الحكومة ولا غيرها يمكنها ان تطلب ما تشاء من شركات الانترنت. يشار هنا إلى ان ثلاثة من منافسي غوغل، وهي شركات أميركا اونلاين (أي او ال) وياهو وام اس ان خضعت هي الاخرى لبعض فصول الحكم المذكور.

وفي مايو/ أيار من هذا العام أيضا، وفي خطوة تهدف لمواجهة عملاق الانترنت غوغل، أعلن كل من محرك البحث ياهو وموقع المزادات على الانترنت إيباي (EBay) عن تحالفهما لتقديم عدد من خدمات الانترنت المشتركة. ووفقا للاتفاق بينهما فإن ياهو، وهي أكبر شركة خدمات اعلامية عبر الانترنت، ستكون الوحيدة التي ستمد إيباي بالإعلانات التجارية على موقع الأخيرة على الانترنت. وفي المقابل فإن ياهو ستجعل مستخدميها يدفعون لخدماتها عبر طريقة الدفع المتبعة في موقع إيباي وهي باي بال. وتأتي الصفقة في الوقت الذي تواجه فيه الشركتان منافسة حادة من عملاق البحث على الانترنت (غوغل).

ما غوغل؟

بقى أن نعرف أن أصل كلمة (Google) هي تلاعب على كلمة (googol)، التي اخترعها ملتون سيروتا (Milton Sirotta)، ابن أخت عالم الرياضيات الأميركي إدوارد كاسنر ( Edward Kasner)، للدلالة على رقم 1 يتبعه مئة صفر على يمينه. ويعكس استخدام Google لهذه الكلمة إصرار الشركة على تنظيم الكمية الهائلة من المعلومات المتوافرة على الشبكة وفي العالم.

وتم تأسيس غوغل عندما قام لاري بايج (Larry Page) وسيرجي برين (Sergy Brin)، اثنان من طلاب الدكتوراه في جامعة ستانفورد، بتأسيسه العام 1998. وأعلنت هذه الشركة الخاصة في يونيو/ حزيران 1999 أنها حصلت على تمويل بقيمة 25 مليون دولار أميركي. ويشمل شركاء الشركة في التمويل Kleiner Perkins Caufield & Byers mSequoia Capital.

ولو تم إحصاء براءات اختراعات غوغل، لوجدنا أن غوغل قد حصلت على 72 براءة اختراع في الأشهر الستة الأولى من العام 2005، مقارنة بـ 47 براءة اختراع بين العامين 2001 و2004. الأرقام تؤشر إلى قفزة عملاقة. فغوغل تنوي استخدام ألياف سريعة التوصيل وشبكات لاسلكية لنقل المعلومات.

بعد 7 سنوات من تطور غوغل من مجرد محرك بحث بسيط (وسريع جدا) إلى الشركة الكبيرة التي نعرفها اليوم، يبدو ان كل الدلائل تشير إلى أن شركة غوغل ستبقى موجودة في عالمنا لفترة طويلة، ونهاية مطافها أو ماهية الخدمات التي تقدمها ليس لها حدود ظاهرة. فعندما نرى شركة كهذه، يمكننا الخوف منها وما قد تفعله، أو يمكننا أن نرحب بها بصدر واسع ونتوقع منها أن تمنحنا أكثر مما نظن.

يكفي أن نسترجع أنه خلال الفترة ما بين تهاوي أسهم معظم شركات مواقع الإنترنت في نهاية العام 2000 واسترداد بعض تلك الشركات عافيتها من جديد صعد نجم شركة »غوغل« (Google) باعتبارها أهم محرك بحث على الإنترنت، وكانت قمة صعوده عندما أعلنت الشركة في إبريل 2003 عن طرح أسهمها للاكتتاب العام في بورصة نيويورك، ما سيجلب للشركة نحو 3,3 مليارات دولار، وسيقفز بالتقييم المالي للشركة إلى نحو 22 مليار دولار.

كل ذلك يجعل غوغل تتصدر المتنافسين في حلبة الإنترنت التي ستكون الحلبة الأشرس تنافسا في سوق تقنية المعلومات والاتصالات لفترة مقبلة ليست بالقصيرة

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1415 - الجمعة 21 يوليو 2006م الموافق 24 جمادى الآخرة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً