العدد 3567 - الثلثاء 12 يونيو 2012م الموافق 22 رجب 1433هـ

العنف ليس خياراً لتحقيق الديمقراطية

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

المفكر جين شارب يذكر في أحد كتبه أن استخدام المعارضة للعنف ليس خياراً حسناً لمن يسعى لتحقيق الديمقراطية، والعنف في نهاية المطاف يُبرّر استخدام القوة المفرطة ويضع الحركات الديمقراطية في موقع ضعيف. شارب يعتبر أحد أكبر منظّري مفهوم «اللا عنف في السياسية» يُحذّر أيضاً في كتاباته من مخاطر الاعتماد على القوى الخارجية للوصول إلى أهداف سياسية.

ولو نظرنا إلى ما يحدث اليوم في المشهد السياسي العربي فإن الربيع العربي بدأت ملامحه تتغيّر مع مطلع هذا العام 2012 عند مقارنة الأوضاع مع مطلع العام الماضي (2011)، إذ إن بعض الحركات في المنطقة أخذت تتحدث عن استخدام العنف كوسيلة استراتيجية، وهذه الاستراتيجية تحوّل الخيار السياسي إلى خيار أمني

.كما أن استخدام العنف من جهة الشارع المطالب بحقوق سياسية حتى ولو بشكل محدود قد يعود بالضرر ويعطى فرصة لاستخدام سبل القوة المفرطة ضدها.

الفكرة التي طرحتها الصحوة العربية في 2011 هي أن الانضباط في السلمية وإعتماد «اللا عنف» يعتبر مفتاح النجاح للانتقال من وضع غير ملائم لتطلعات شعوب المنطقة لبى وضع ديمقراطي لائق، وهذا النهج يجب المحافظة عليه، وعدم الإستماع للتبريرات التي قد يتحدث عنها البعض. وتُشير الاحداث الماثلة أمام أعيننا الى أن اللجوء الى العنف يتسبب في دمار ووقوع ضحايا من القتلى والجرحى أكثر بكثير من الحالات التي يخلو فيها العنف. ثم ان إمكانية التعافي في حالة «اللا عنف» أفضل بكثير من حالة «العنف».

لقد أشار الكاتب الجزائري عمارة لخوص في مقال له العام الماضي إلى أن الحالة السلمية تعتبر أهم إنجازات الصحوة العربية، منوهاً الى اعتقاده بأن «ابتعاد الشباب في تونس ومصر عن العنف مثّل نقطة تحول في العالم العربي». وأشار الى أنه «في الثمانينات كان في إحدى الثانويات في الجزائر، وأن أستاذ التاريخ (مجاهد خلال الثورة الجزائرية) لم يكن يضيع أية فرصة للتقليل من شأن المهاتما غاندي، وكان يقول: «لم تكن الجزائر لتحصل عن استقلالها باتباع عقيدة اللاعنف التي نادى بها ذلك الرجل النحيف شبه العاري، لقد حصلت بلادنا على الاستقلال بفضل دماء أبنائها». ثم انتقل للإشارة الى ما حدث في العام 1991 عندما ألغيت نتائج الدور الأول من الانتخابات التشريعية التي فازت بها الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر»، وحينها «توصل المتطرفون الى استنتاج تراجيدي مفاده ان العنف هو الوسيلة الوحيدة للحصول على السلطة... أذكر أنني رأيت في أحد الأحياء الشعبية شعاراً على جدار مكتوب بخط عريض يقول: رفضتم الصناديق فتكلمت البنادق!»، وإن هذا الطرح «تسبب في كارثة كبيرة إذ قتل خلال سبع سنوات ما لا يقل عن 150 ألف شخص، أغلبهم من المدنيين. من حسن الحظ، لم ينجح الإرهابيون في البلدان العربية الأخرى في تقليد السيناريو الجزائري؛ ما قلل من مخاطر القتل والتدمير».

وعليه فلقد كان الجانب الأهم الذي جذب أنظار العالم لحركات الصحوة العربية الديمقراطية في 2011، هو انها اعتمدت منطق السلمية بصورة اساسية، ودعا الكاتب الى «نقد ذاتي جاد حول العنف وعقيدة الجهاد وإدماج فكر المهاتما غاندي في المنظومة الفكرية العربية والإسلامية».

من هنا لابد من من مراجعة ما حدث منذ مطلع 2012، لأن الشباب العربي الذي انطلق في مختلف البلدان العربية العا 2011 إنما خرج واثقاً بنفسه واعتمد خطاباً يحترم حقوق الآخرين الذين يختلفون في وجهات النظر، ولاسيما أن أوضاعنا ساءت في المنطقة العربية على مر السنوات لأنها لم تفسح المجال لوجهات النظر بالتفاعل بصورة ديمقراطية.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 3567 - الثلثاء 12 يونيو 2012م الموافق 22 رجب 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 20 | 12:04 م

      السلم نهج ديننا الحنيف

      اتفق معك تمامآ ومايحز في نفسي ان المسيرات السلميه يرد عليها بالعنف احيانآ انا اتكلم عن الدول العربيه بشكل عام لذ فهم يفتحون المجال الى استخدام العنف من قبل الشعوب لتحدث الفتنه وتضيع المطالب واليمن خير دليل والشعب الليبي واجه النظام واسقطه وانا اراهن لو انهم استخدموا السلميه لما تردد القذافي في مسحهم من الخريطه

    • زائر 19 | 10:52 ص

      قطع الطرقات

      ايهما انكى قطع الطرقات ام قطع الارزاق وايهما اشد ايلاما نار الاطارات ام نار الفتنه المذهبيه والطائفيه اجيبونا ياعقلاء ان كنتم تعقلون

    • زائر 17 | 7:14 ص

      مواطن حر يشكر صاحبة المقال عسى وعجل يدخل في الاذهان والقلوب

      نحن الفئة الصامتة لا نستطيع ان نعبر عن ما يجول في اذهاننا في باحة المجتمع الطائفي ذو المسار والعقلية الواحدة بفعل التعاليم المتوارثة والاعلام الموجه لكن قد نستطيع ايصال رأينا عبر الصحافة التي تحاول ان تتجاوز هذا الخط رغم الخطوب التي تحوم بها ، اني اقدر عاليا مقالك الذي يأتي في زمانه ومكانه وانتهز الفرصة لكي اعبر عن ما يجول في ذهني من اعتراض لسياسة العقاب الجماعي وفي الوقت نفسه اعبر عن رفضي التام لسد الطرقات امام المواطنين بحجة النضال والتي يقوم بها في الغالب المراهقين ممن لا يفقهون السياسة

    • زائر 16 | 6:32 ص

      أستاذة ريم الصراحة الكلام ضايع .

      ياريت يسمعون الكلام بعض الناس ويتركون عنهم قطع الطرقات عن المواطنين لأنهم في النهاية المواطن هو المتضرر .ويتركون عنهم اشعال الأطارات في المناطق لأن المتضررين أهالي المناطق ..و و و و و .

    • زائر 15 | 6:23 ص

      ياريت

      صح لسانك ، بس ياريت نسمع ادانات واضحة

    • زائر 1 | 11:36 م

      السلمية هي خيرنا.

      السلمية هي الخيار الامضى والاقل تكلفة لتحقيق ما يصبو اليه الشعوب التواقة للحرية.

اقرأ ايضاً