العدد 3572 - الأحد 17 يونيو 2012م الموافق 27 رجب 1433هـ

أشياء لا تشترى

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ربما يمكنك أن تدافع وتبرّر كل الانتهاكات والتجاوزات التي طالت الكثيرين... إلا محاكمة الأطباء وهدم المساجد ومسّ النساء واستهداف الأطفال.

الأطفال زينة الحياة الدنيا، وحين يستهدف رجل أمنٍ طفلاً في الرابعة مباشرةً، ويصيبه عمداً برشة من الرصاص الانشطاري، تنتج عنه فقدان إحدى عينيه، فهذا عمل يحتاج إلى تحقيق وتوقيف ومحاسبة، لئلا تصبح دماء الأطفال أرخص من التراب. وهو ما يتناقض تماماً مع مشاريع وزارة التنمية الاجتماعية الكبرى في الدفاع عن حقوق الأطفال وحماية الطفولة وغيرها من الكلاشيهات التي شبعنا منها.

قضية الطفل الصغير أحمد النهام، التي سجلت وثقت بالصورة والفيديو، تدين الفرقة التي تورّطت في هذا الحادث الجلل، ومن السهل تعيين الشخص المخطئ، ولا يحتاج ذلك إلى لجنة تقصي حقائق جديدة وقضاة دوليين حتى نعرف الحقيقة. فالطفل سيبقى يعاني طوال حياته من عاهةٍ دائمةٍ تسبّب فيها رجل أمن من أفراد وزارة الداخلية.

المحزن في الأمر أن أحمد ليس هو الوحيد الذي فقد عينه، فقد فوجئنا قبل أشهر، حين دعا الناشط الحقوقي الموقوف نبيل رجب من تعرضوا لإصابات في العين إلى منزله، كان يتوقع أن يقابل عشرين شخصاً، لكنه فوجئ وفوجئ معه الرأي العام بوجود أكثر من ثمانين حالة. هؤلاء الضحايا سيبقون يعانون طوال حياتهم من هذه العاهة، وستتأثر كل مناحي حياتهم بها، وهم من أحق الناس ببرامج حماية مدى الحياة، من الدراسة والسكن والعمل، لأنهم من ضحايا استخدام العنف المفرط الذي استخدمته الدولة لأشهر طويلة، وانتقدته لجنة بسيوني وكان محل انتقاد شديد في مجلس حقوق الإنسان في جنيف الشهر الماضي، بحضور أكثر من ستين دولة.

وزيرة التنمية الاجتماعية تحدثت أمس عن وضع «خطة وطنية شاملة في مجال الطفولة والشباب»، و «جنوح الأطفال» و «جرائم الناشئة»، بينما ما يحدث على الأرض، وفي عشرات المناطق ذات الكثافة السكانية، هناك إصاباتٌ مباشرةٌ وإطلاقٌ متعمّدٌ يتعرّض له الأطفال؛ واستهدافٌ مباشرٌ للمارة حتى من النساء كبيرات السن؛ فضلاَ عما تتسبب فيه سياسة إغراق الأحياء السكنية بالغازات السامة من حالات إجهاض واختناق. وهي مآسٍ نكتب عنها ونحن على الأرض، ولسنا معلّقين في برج عاجي بأحد الطوابق العلوية في إحدى الوزارات المطلة على البحر.

لتضع هذه الوزارة استراتيجيةً وطنيةً لرعاية هؤلاء الضحايا، ممن فقدوا أعينهم، على أن تكون شاملة لضحايا التعذيب داخل وخارج السجن. وهو مطلب مازالت تلحّ عليه التيارات السياسية الحقيقية في البحرين منذ عشر سنوات، وقد تضاعفت الحاجة إليه مع زيادة أعداد الضحايا خلال الستة عشر شهراً الماضية. وهو مطلبٌ محقٌّ تماماً وواقعي وإنساني، وخصوصاً بعدما تبنت إحدى الجهات الرسمية اتفاقية لتصحيح وإعادة النظر لـ 4 آلاف مواطن صومالي قبل أسبوعين، والأقربون أولى بالمعروف، ولاشك في أن المواطنين من ضحايا الاستخدام المفرط للأسلحة الخطرة أقرب جغرافياً.

في قصيدته الشهيرة يقول الشاعر المصري الراحل أمل دنقل، يتساءل على لسان إحدى الشخصيات التاريخية: «أترى حين أفقأ عينيك ثم أثبت جوهرتين مكانهما هل ترى؟ هي أشياء لا تشترى». لا العين ولا نقاء الضمير ولا الشعور بالكرامة يمكن أن تشترى.

نتكلم عن مبدأ نسيه بعضنا في حمأة الحقد الطائفي المجنون. فكلّ تعويضات الدنيا لا تعوّض طفل الرابعة أحمد النهام عن عينه اليسرى. اعدلوا هو أقرب للوطن.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3572 - الأحد 17 يونيو 2012م الموافق 27 رجب 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 27 | 1:05 م

      نسيت امرا

      وهو ان هناك من هو قابع خلف القضبان و قد فقد عينه

    • زائر 26 | 8:39 ص

      الى الزائر 24

      يا اخي اتقي الله في نفسك وراجع نفسك. الطفل كان ذاهباً لأبيه ليأخذ منه فلوس ليشتري له ايسكريم كما يفعل طفلي وطفلك، وأطلق عليه رجال الامن رصاص الشوزن، من اين اتيت بقصة المولوتوف؟ اتق الله.

    • زائر 25 | 6:34 ص

      إذن لا تلومون من يخرج

      وبعد ذلك يطلع اليك واحد ويقول بأن المسيرات والمظاهرات السلمية تعطيل للمصالح العامة....
      طفل بفقد عينيه من رجل أمن؟
      ماذا تنظنون شعوره عندما بكبر وشعور والديه وشعورنا أمام هذه الحالة؟

    • زائر 24 | 6:18 ص

      لماذا

      والله عيب ، بدلا من ان نالب بحماية اطفالنا من ممارسة الافعال الطائشة واستفزاز الامن ، نبرر لهم ؟ عجبا وهل دخل الشرطة على الطفل في بيته ام هو خرج ليرشق الامن بالمولوتوف ؟ خافوا الله في اطفالنا

    • زائر 23 | 5:50 ص

      آخر دولة تتكلم عن حقوق الطفولة البحرين

      بعد ان قتلوا الطفولة الان يريدوا عمل تشريعات وضوابط وقوانين لحماية الطفولة والتوحد . لا .. هي حماية الكراسي ومزيد من اللهف عبر استحداث وظائف وتكديس موظفين برواتب ومزايا عالية وسفرات للخارج بحجة ورش عمل ومؤتمرات وندوات وكله خرطي . هذا تنمية مجتمع وطفولة ... هذا الكلام مكرور وشبعت الناس منه.

    • زائر 22 | 5:10 ص

      تعليق 16 زائر 19

      السيد الكاتب لم يعمم بل لو قرأت المقال بتمعن تجده واضحا محددا جدا
      أما بخصوص عبارتك ( كلك عورة أو عيوب وللناس أعين) لها مورد آخر غير ماتفضلت به

    • زائر 21 | 4:16 ص

      ما يؤلم أكثر

      انه طفل لا يدري ما الغاية ولم يأتي بجناية ،، نظرات البراءة الطفولية على ملامحه وحاله يقول لماذا كل ذلك يفعل بنا ؟ ولو افترضنا جدلا ان الذين تعرضوا للأنتهاك نسوا في يوم من الأيام ، كيف سينسى أحمد انه من ضمن المستهدفين الذين نالوا نصيبهم وسيتذكر مدى الحياة لأن جرحه معه ( فقدان بصره ) .

    • زائر 19 | 4:11 ص

      لماذا

      المخاطبة للجميع ....كما تؤمنون ونؤمن في كل طائفة الظالم والحاقد والكذاب والطيب والخبيث والمستصلح والمنافق ..أرجو عدم التعميم فكلك عورة ولناس عيونا

    • زائر 18 | 3:18 ص

      نعم ياسيد لاتشترى

      العين ونقاء الضمير لكن ماذا تترجى من قومن خلوا من طيب السيرة والسريرة؟؟؟؟؟

    • زائر 17 | 2:57 ص

      بدون انسانية

      شكرا يا استاذ على المقال، من لا يراعي حرمة بيت الله ماذا يتوقع منها مع عبيد الله.
      مع العلم هتك حرمة المؤمن من اعظم حرمات الله.
      و الله المستعان.

    • زائر 16 | 2:42 ص

      انها لا تعمى العيون ولكن تعمى القلوب التي في الصدور

      علامات .....
      إن قال كذب
      وإن وعد أخلف
      وإن أتمن خان

    • زائر 15 | 2:35 ص

      الميّت لا يستجيب للنداء

      لافض فوك يا سيّد. ولكن اسمح بالقول بأنك في محاولتك ايقاظ ضمير هذه النوعية من البشر الميتة ضمائرهم، وضعت نفسك في موقف أصعب بكثير من موقف الشاعر حين حاول أن يقنع الفتاة اليتيمة على النهوض ولكنها لم تفعل بسبب ما أصابها من هزال شديد، فصوّر ردّها عليه بقوله:

      قلت انهضي قالت أينهض ميّت ** من قبره ويسير شنٌ بالٍ

      إذا فشل الشاعر في جعل تلك الفتاة تنهض وأرجع عدم قدرتها على النهوض للموت وهي بالطبع لم تمت حقيقة، فكيف ستنجح في إيقاظ ضمائر ميتة بالفعل؟

    • زائر 14 | 2:34 ص

      هناك إصاباتٌ مباشرةٌ وإطلاقٌ متعمّدٌ يتعرّض له الأطفال؛ واستهدافٌ مباشرٌ للمارة حتى من النساء كبيرات السن؛ فضلاَ عما تتسبب فيه سياسة إغراق الأحياء السكنية بالغازات السامة من حالات إجهاض واختناق

      نعم..البارحة كدنا نموت خنقا بفعل الغازات السامة أثنار رجوعنا للمنزل وقد خفت حقيقة على والدي (70سنة) ووالدتي (60سنة) بالرغم أن المسافة بين كراج سيارتي وباب المنزل قريبة جدا وهذا دلالة على قوة الغازات وشدة أثرها السيئ على الانسان مما جعلني على يقين بأنها بالفعل مميته وكان الله في عوننا وهو حسبنا ونعم الوكيل

    • زائر 13 | 2:26 ص

      سيظل المصاب حاقد على من اصابه

      لا يمكننا تطهير قلب وعقل الفاقد لعينه من الحقد والكراهية على من كان السبب في فقدانه لنعمة انعمها الله عليه وسيبقى يتذكر ويدعوا وكل ما رفع يده بالدعاء فإن ابواب السماء لن تمنع عنه اجابتها وهو مظلوم، ربما يستهتر البعض لكلامنا لأن الاستجابة لا تكن مباشرة احيانا وهذا امر طبيعي لأن الله يعطي العبد فرصة التوبة واذا استمر في غيه فإن قدرة الله تطاله بما شاءت من اسباب العذاب وقد رأينا الكثير من الامراض الصعبة والمعضلة تزداد وكل ذلك بما كسبت ايدي النا ليذيقهم بعض الذي عملوا

    • زائر 12 | 2:17 ص

      خلق عاهات للشعب

      لقد اوقفتني كلماتك سيد وحيرتني،
      إن هذا الموضوع يجب ان يكتب بماء من الذهب لأنه تطرق لأهم الامور التي حصلت لهذا الشعب فقد ضرب هذا الشعب في اغلى ما عنده وهذه الامور اكبر من ان تصفها كلمات او مقال. فإن الكلمات مهما كانت بليغة فلن تستطيع وصف واحدة من المآسي والجروح الغائرة التي اخترقت حجب الطيبة في هذا الشعب فأنّ لها أنين يقطع القلوب إذا أنه لم يكن يتوقع ان يحصل له
      مثل هذه الاعمال وعلى ارضه ومن إخوة كان يعدهم له في النائبات اعوان واذا بهم العكس

    • زائر 11 | 2:07 ص

      لقد أسمعت لو ناديت حيا

      ولكن لا حياة لمن تنادي!!! أنت تؤذن في خرابة يا صاحبي.

      أستفيق كل يوم لأرى أو اسمع تصريحا أو مؤتمرا رنانا هنا أو هناك، وفي نفس اليوم أرى وأسمع حادثة أو جريمة أو عقاب يحرق ماقاله المسئولون كلهم. ولذا فلن أصدق أي مسئول منهم أبدا حتى لو أعطاني ماءا وحلف أنه ماء، فلن أصدقه لأني متأكد من كونه، الماء، سما قاتلا.

    • زائر 10 | 1:34 ص

      تفقأون العيون وانتم لا تعلمون ... مسخرة

      سلبتم ما سلبتم لن نستسلم اليكم
      لعيني اليسرى أنتم فقأتم ولليمنى أيضا أردتم
      أردتم ما أردتم فحسبي الله عليكم
      اليوم فيه ما أرتم والغد فيه ما تركتم
      عار عليكم كل ما فعلتم فالله حسبي عليكم
      لن تملكوا الأرض ولا الزمان
      فكل هذا عائد للرحمن
      كيف تريدون وطن أمان؟
      وفيه الناس تداس وتهان
      الله يجلى الغبرات وأنتم تثيرون النعرات
      ياخالق الخلق إقضى في أمرنا بالدعوات
      فكلنا صبرا جميلا يا قاضي الحاجات

    • زائر 9 | 1:29 ص

      خطة وطنية شاملة في مجال الطفولة والشباب!!

      لسنا بحاجة ملحة لخطة وطنية ل«جنوح الأطفال» و «جرائم الناشئة» بل قرار سياسي لوقف جنون رجال مكافحة الشغب والجرائم التي وثقها تقرير تقصي الحقائق والتي فاقت ماتم قبل التقرير كما ونوعا. واضح ان هناك من يدفع الامور لحافة الهاوية تحت شعار علي وعلى أعدائي!!!

    • زائر 7 | 12:53 ص

      بارك الله في قلمك

      انت قلم صدع بالحق وقلب نبض بالحقيقة وضمير احتفظ بنزاهته في عصر اعمته الطائفية ونخرت نسيجه الأحقاد والمزايدات .. بوركت يا بن السادة النجباء .

    • زائر 6 | 12:48 ص

      الخلاصة

      نتكلم عن مبدأ نسيه بعضنا في حمأة الحقد الطائفي المجنون
      اعدلوا هو أقرب للوطن.

      لمن له قلب

    • زائر 5 | 12:38 ص

      القربة

      قلنا ليك يا سيد بنجيب ليك قربة مقضوضة تنفخ فيها مارضيت الظاهر تبي قربة جديدة

    • زائر 4 | 12:29 ص

      نحن أملنا الوحيد في العدل الالهي وسحب المتهمين واحداً واحداً..

      نتكلم عن مبدأ نسيه بعضنا في حمأة الحقد الطائفي المجنون. فكلّ تعويضات الدنيا لا تعوّض طفل الرابعة أحمد النهام عن عينه اليسرى. اعدلوا هو أقرب للوطن..

    • زائر 1 | 11:44 م

      جميع الملايين لا تعوض الانسان حينما يفقد عينه أو يصاب باعاقة دائمة ..... ام محمود

      واضح انك متأثر جدا بما أصاب الطفل أحمد و أمس شبهته بطفلك الصغير و الام والاب اذا أصاب طفلهم مرض بسيط أو سخونة لا يستطيعون النوم و يقلقون عليه بشدة فما بال بمن أصابهم رصاص و شوزن و شظايا و آلام لا تحتمل
      أخطاء الكبار و رجال الأمن انعكست على الصغار و الشباب و النساء و المسنين و حان الوقت لتصحيح هذه الانتهاكات و سوء استخدام السلاح في الاماكن السكنية و بدون أسباب قوية و الا سندخل في موجة جديدة من العنف و الانتقام
      80 اصاية مباشرة في العين ليست سهلة و كل التعويضات لن تنفعهم في استعادة الجوهرتين

اقرأ ايضاً