العدد 1486 - السبت 30 سبتمبر 2006م الموافق 07 رمضان 1427هـ

دارفور وظهر البعير الأميركي

عزوز مقدم Azzooz.Muqaddam [at] alwasatnews.com

يبدو أن أزمة إقليم دارفور في طريقها إلى التفاقم أكثر على مستوى المواجهة بين المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة وحكومة الخرطوم على رغم أن الواقع الميداني في المنطقة لا يستوجب التصعيد. فوزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس التي تواجه بلادها أزمة داخلية بين الجمهوريين والديمقراطيين بشأن تقرير يتحدث عن العلاقة بين حرب العراق والإرهاب العالمي، خرجت علينا بتقليعة جديدة وجهت من خلالها تهديداً مبطناً لحكومة عمر البشير مفاده «تعاونوا في دخول القوات الأجنبية إلى دارفور أو واجهوا الغزو».

ويستغرب المراقب للشأن الدارفوري هنا الاهتمام المتزايد لواشنطن والأمم المتحدة بإرسال قوات دولية للإقليم على رغم أن القرار الدولي يشترط موافقة الخرطوم على استقبال تلك القوات وهو ما لم يحدث. أي مادام السودان لم يوافق على تدنيس أرضه بقوات الاستعمار الحديث فإن القرار الأممي يظل كأن لم يكن. فلماذا إذاً ينفذ تحت تهديد سياسة العصا والجزرة؟كما أن الواقع على أرض الإقليم تجافي ما ذهبت إليه المنظمات العاملة هناك من أن هناك إبادة جماعية تجري حتى الآن وذلك في مسعى تحريضي فاضح. والحقيقة أن الوضع في دارفور آخذ في التحسن في الشهور الأخيرة إذ إن ولايتين في الإقليم من أصل ثلاث تشهدان استقراراً كاملاً ولا تجري فيهما أي أعمال عدائية وهما ولاية جنوب دارفور وعاصمتها نيالا وولاية غرب دارفور وعاصمتها الجنينة أما الولاية الثالثة (الشمالية) التي حاضرتها مدينة الفاشر فهي الوحيدة التي تشهد أطرافها الحدودية النائية اشتباكات متقطعة بين الجيش السوداني القومي والجماعة الرافضة لاتفاق السلام الموقع في أبوجا بعد أن وافقت عليه أكبر فصائل التمرد. وكان الأجدر بالمجتمع الدولي أن يوجه جهوده نحو محاربة رافضي السلام الذين يمثلون الآن قطاع طرق لقوافل الإغاثة والمساعدات الإنسانية وهم الذين ينتهكون حقوق الإنسان في الإقليم.أما مليشيا الجنجويد المفترى عليها زورا فقد أحجمت عن الدخول في مواجهات مع التمرد وسلمت أسلحتها إلى الحكومة.

لذلك فإن توقيت التصعيد الأميركي الآن غير مناسب. فكل الإقليم يتحدث في الوقت الراهن عن سبل تنفيذ اتفاق السلام بينما تدق واشنطن طبول الحرب وتحشد العالمين لإخضاع دولة ذات سيادة وعضو في الأمم المتحدة. وحتى المواطن البسيط في الإقليم أصبح في حيرة من أمره فبدلاً من أن تقدم له المساعدات الحياتية ووسائل للتنمية نجده يبشر بالمساعدات العسكرية. لكن يبدو أن شيطان أميركا هذه المرة لا يقبل بأقل من أن يجعل من دارفور القشة التي قصمت ظهر البعير الذي يمتطيه بوش في المنطقة

إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"

العدد 1486 - السبت 30 سبتمبر 2006م الموافق 07 رمضان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً