العدد 3594 - الإثنين 09 يوليو 2012م الموافق 19 شعبان 1433هـ

البشير... وشذاذ الآفاق!

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

هل بدأ الربيع العربي يتجه نحو السودان؟ الإجابة عن هذا السؤال في غاية الصعوبة، فمن ناحية أستطيع القول إن هناك علامات لا يستهان بها تقود إلى الإجابة بنعم، وهناك علامات تجعل دخول السودان في هذا الربيع أمراً مشكوكاً فيه إلى حد بعيد!

إذا نظرت إلى الحالة السورية فإن إهانة طفل درعاوي ثم إهانة ذويه قادت إلى هذا الربيع الذي أرجو أن يكتمل قريباً، وفي حالة السودان فإن وصف الرئيس البشير لمجموعة كبيرة من مواطنيه بـ «شذاذ الآفاق وفقاقيع ستزول»، قاد الآلاف من الشعب السوداني إلى الخروج في مظاهرات في معظم مدن السودان مطالبين بإسقاط النظام. والواضح أن هذه المظاهرات ستستمر ولاسيما أن بوادر تعامل النظام معها لا تختلف كثيراً عن أسلوب الأنظمة العربية الأخرى التي آلت إلى السقوط.

في السودان فقرٌ يعاني منه الكثيرون، وقرارات الدولة الأخيرة برفع الدعم عن البترول وبعض السلع الأساسية الأخرى جعل الفقراء يزدادون فقراً، كما ساهم في إدخال الآلاف إلى دائرة الفقر. هذا الإجراء دفع الكثيرين للاحتجاج عليه، كما دفع الحكومة للتعامل مع المحتجين بصورة سيئة.

الجمع السودانية بدأت، هناك جمعة «لحس الكوع» وجمعة «شذاذ الآفاق»، وربما نسمع عن جمع أخرى، ونشاهد ما يجري فيها من أحداث! الرئيس البشير تحدث بعد تسعة أيام من بداية الاحتجاجات لكنه أخطأ في بعض عباراته، كما أخطأ سابقاً في بعض العبارات التي أطلقها على الجنوبيين. وكان من المفروض أن يدرك السيد البشير أنه رئيس دولة وليس متحدثاً عادياً ولكنه ربما نسي كل ذلك فكانت كلماته وبالاً عليه.

تعامل الحكومة السودانية مع المتظاهرين لم يختلف كثيراً عن تعامل بقية دول الربيع العربي: غاز خانق، سجن النساء والرجال، محاصرة المساجد، واعتقال بعض الصحافيين، ثم حديث عن المظاهرات وكأنها لا قيمة لها على الإطلاق.

المعطيات السابقة تقود إلى الاعتقاد أن السودان مقبل على مصائب لا طاقة لها بها وأسأل الله ألا يجعلها كذلك، لكن اختلاف الزعامات التقليدية للمعارضة وخصوصاً حسن الترابي والصادق المهدي، وكذلك فشل هذه الزعامات في إدارة البلاد عندما كان لها نفوذ واسع، يجعل طائفة كبيرة من السودانيين لا تثق بهما وترى أنهما يبحثان عن مصالح خاصة لا علاقة لها بالسودان وأهله. لكن الاختلافات قد لا تنقذ الرئيس البشير ولا السودان من بوادر الربيع العربي إذا مضت الحكومة في سياساتها الفاشلة في طريقة التعاطي مع المتظاهرين. فقد تنقلب الحسابات ويصبح الانتقام والثأر جزءاً مهماً من المشكلة. على السيد البشير أن يصارح شعبه بسبب الإجراءات التي اتخذها وبكل صدق، وأن يتحدث عن الفترة التقريبية التي ستستمر حتى انتهائها. وعلى البشير أن يكون جريئاً في الاعتراف بتقصيره الذي أدى إلى هذه الأزمات؛ فهو مسئول مع آخرين، عن انفصال الجنوب وعن توقف تصدير النفط، وعن مشاكل دارفور وسواها. ولعله إن فعل ذلك، يجنب السودان ويلات هو في غنى عنها.

أخيراً... فإن قطر قد فعلت الكثير من أجل السودان، وأمير قطر – وفقه الله – بذل الأموال الطائلة من أجل الإصلاح بين كل الفرقاء المتنازعين، ووزير خارجيته تحرك كثيراً من أجل هذا الموضوع، ومن المهم أن يستفيد الرئيس البشير من كل ذلك لمصلحة السودان وأهله.

الربيع العربي لن يستثني إلا المصلحين... فهل يكون السيد البشير واحداً منهم أم يسقطه شذاذ الآفاق؟

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 3594 - الإثنين 09 يوليو 2012م الموافق 19 شعبان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 1:27 م

      البشير... وشذاذ الآفاق!

      شكرا أخى بروفسور محمد على الهرفى فقد كنت دوما مع السودان فى افراحة واتراحه وليس غريب عليك وانت من قلائل المفكرين العرب الذين زاروا السودان وعايشوا آلامه واحلامه ولك فى قلوب وذاكرة العديد من مثقفية الكثير واحمد الله الذى منحنى فرصة الارتباط معك بالكثير الذى اساله ان يدوم
      السودان اليوم يعيش اللحظات الاخيرة لمخاض ثورة
      ليست إمتدادا للربيع العربى فالسودان إعتاد على هذا الامر منذ ثورته عام 1964 والتى ادهشت وحركت المياه الراكدة فى

    • زائر 1 | 2:54 ص

      كلنا نحن الشعوب شذاذ آفاق والحكام فقط هم المواطنون

      نعم نحن الشعوب شذاذ آفاق

اقرأ ايضاً