العدد 3598 - الجمعة 13 يوليو 2012م الموافق 23 شعبان 1433هـ

هل يصبح محمود جبريل زعيم ليبيا القادم؟

بعد تقدم تحالفه المكون من 60 حزباً على الأحزاب الإسلامية المنافسة

يصور محمود جبريل الاستشاري الذي تدرب بالولايات المتحدة الذي انشق عن إدارة الزعيم الليبي الراحل، معمر القذافي نفسه على أنه قادر على توحيد القوى فيما تخرج البلاد من أربعة عقود من حكم الرجل الواحد.

ويتجه تحالف القوى الوطنية الذي ينتمي له جبريل الذي كان رئيساً للوزراء خلال الصراع لتحقيق فوز ساحق على الأحزاب الأخرى بعد فرز الأصوات في انتخابات المؤتمر الوطني التي جرت يوم السبت وهي أول انتخابات تشهدها ليبيا منذ عقود.

وفي حين إن هذه مجرد خطوة أولى ضمن سلسلة من الأحداث التي ستؤدي إلى تشكيل حكومة انتقالية جديدة ووضع دستور جديد وإجراء انتخابات برلمانية في وقت ما من العام القادم فإن التكهنات تزايدت بأن يصبح جبريل زعيماً للبلاد.

ويشير فرز جزئي للأصوات إلى حصول ائتلافه الذي يتكون من 60 حزباً معتدلاً على دعم واسع النطاق من مختلف انحاء البلاد. ولا تؤدي هذه المكاسب تلقائياً إلى الهيمنة على المؤتمر الوطني المكون من 200 مقعد والذي سيختار رئيساً للوزراء قبل الإعداد لانتخابات 2013. وتم تخصيص 80 مقعداً لمرشحي الأحزاب مما يعني أن المرشحين المستقلين الذين يصعب تحديد ولاءاتهم سيفوقونهم عدداً.

لم يخض جبريل نفسه الذي يتحدث الإنجليزية بطلاقة الانتخابات لكن وجهه ظهر بصورة متكررة على لافتات الدعاية الانتخابية للتحالف. ويتحدث الكثير من الليبيين عنه باعتباره أول رئيس محتمل لليبيا إذا نص الدستور الذي ستوضع مسودته العام القادم على هذا المنصب.

لكن جبريل (60 عاماً) رفض هذا يوم الأحد وعرض إجراء ما وصفها بالمحادثات المخلصة والصادقة مع الأحزاب السياسية الليبية التي يتجاوز عددها 150 حزباً ليشكل ائتلافاً كبيراً. وقال للصحافيين إن التحالف يزخر بالشخصيات المؤهلة من كل الأطياف. وأضاف أنه قد يلعب دور مستشار في الحكومة، مشيراً إلى أن فعالية الدور هي التي تهم وليس الدور نفسه. وفي دولة تمتلئ بالأسلحة حيث الخصومات الإقليمية والقبلية عميقة ركز جبريل على ضرورة المصالحة بين الجماعات المختلفة. وقبل إنشاء التحالف قال جبريل الذي ينتمي إلى قبيلة ورفلة إنه يجوب البلاد ليصغي إلى الشعب الليبي. وقال لـ «رويترز» في فبراير/ شباط إن الناس بحاجة إلى مناقشات وجهاً لوجه وإلى أن يشعروا بأنهم جزء من هذا البلد. واستفاد جبريل من بروزه باعتباره واحداً من الشخصيات الرئيسية في انتفاضة العام الماضي ويعتبره كثير من الليبيين يداً أمينة لإعادة إعمار الاقتصاد الذي عانى من الركود في عهد القذافي.

وقال الكاتب الليبي، عز الدين عقيل الذي خاض الانتخابات كمرشح مستقل في طرابلس إن أولويات الشعب الليبي هي التنمية الاقتصادية والأمن، وأضاف أن الشعب الليبي يعتقد أن جبريل قادر على تحقيق مطالبه على عكس الإسلاميين. ويعتبر تحالف القوى الوطنية المؤلف من مجموعة متنوعة من الشخصيات على طرف أكثر تقدماً من الطيف السياسي الليبي. لكنه يرفض وصف العلماني ويصف نفسه بأنه كيان إسلامي سياسي معتدل. وقال جبريل لـ «رويترز» إنه مسلم متدين منذ كان في الرابعة عشرة من عمره، مضيفاً أنه يصلي بانتظام ويخرج الزكاة. وقال إن الدين مسألة مهمة جداً لليبيين وأضاف أنه جزء من هويتهم. ويظهر الفرز فوز تحالف القوى الوطنية بأصوات من شتى أنحاء البلاد من الليبراليين في طرابلس ورجال القبائل بالجنوب الصحراوي إلى بلدات مثل درنة التي تعتبر معاقل للإسلاميين في الشرق.

ويقول محللون إن حملة الدعاية الانتخابية هي التي يرجع لها الفضل في تصوير جبريل على أنه خيار جدير بالثقة. وقال عامر أبو ضاوية الأستاذ بجامعة طرابلس إن الليبيين رأوا رجلاً صورته مختلفة عن القذافي إذ رأوا رجلاً هادئاً. وأضاف أن الكثير من الليبيين صوتوا من أجل هذا الرجل دون أن يعلموا حتى بقية أعضاء التحالف. وفي دولة منتجة للنفط حيث تحتاج الموارد اللازمة لسداد تكاليف الإعمار والرعاية الصحية العاجلة ربما تفيد الخلفية الاستشارية لجبريل وخبرته الدولية في العلاقات مع المستثمرين.

وقال تحالف القوى الوطنية إنه يؤيد الخصخصة لكنه أكد أن على ليبيا إعادة إعمار بنيتها التحتية أولاً. وقال رئيس تحرير جريدة «المسار» المستقلة، جبريل زعبية إن جبريل قدم نفسه على أنه شخص له برنامج تنموي طموح. وأضاف أنه وعد بتحسين مستوى المعيشة وهو أمر سعى له الشعب الليبي منذ زمن طويل وكان السبب في اندلاع الانتفاضة.

وقال إن بعض مؤيديه يعتقدون أنه قادر على تمهيد الطريق لتصبح البلاد ماليزيا الأخرى أو دبي البحر المتوسط في المستقبل.

درس جبريل الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة ودرس للحصول على درجة الماجستير في جامعة بيتسبرج ببنسلفانيا. وهو متزوج وله ثلاث بنات وابن وقام بتدريس التخطيط الاستراتيجي في تلك الجامعة الأميركية لسنوات قبل أن ينتقل إلى القاهرة في منتصف الثمانينيات بعد أن عمل مستشاراً وكان يتردد بشكل متكرر على منطقة الخليج. وحين طلب منه الحديث عن موقفه السياسي يوم الأحد قال إن العصر الحالي هو عصر المعرفة وأضاف أن المجتمعات اليوم تبنى بالمعرفة وليس بالأيديولوجية.

في العام 2007 ضمه سيف الإسلام ابن القذافي إلى الحكومة ليعمل بمجلس التنمية الاقتصادية الوطنية لتشجيع الخصخصة وسياسات الاستثمار الأجنبي. وكان ينظر إلى سيف الإسلام ذات يوم على أنه إصلاحي والواجهة التجارية لليبيا.

وقال جبريل إن قبول المنصب فرض عليه. ووصفته برقية دبلوماسية أميركية مسربة من مايو/ أيار 2009 بأنه «محاور جيد يفهم وجهة النظر الأميركية.» وقالت برقية من عام 2010 إنه «يبدو محاوراً متفتحاً جداً يرغب في الانخراط في حوارات وعمليات عصف ذهني من موضوع الى آخر بسلاسة».

غير أن البعض مازالوا يتشككون في دور جبريل باعتباره كان من الدائرة الداخلية لإدارة القذافي. وقالت هناء القلال الناشطة بمجال الدفاع عن حقوق الإنسان والمحامية إن جبريل لايزال ينتمي للنظام القديم لأنه لم يقدم سجلاته المالية أو يذكر الشركات التي لايزال شريكاً فيها إذا كانت مازالت لديه شركات.

وفي مقابلة مع «رويترز» يوم الاربعاء قال محمد صوان زعيم الذراع السياسية لجماعة «الاخوان المسلمين» في ليبيا إن جبريل حليف سابق للقذافي على حد قوله. وانشق جبريل عن النظام في الأيام الأولى من انتفاضة العام 2011 وأصبح مبعوثاً يجوب العالم ممثلاً للمعارضة وحشد الدعم من خلال خطب صيغت بعناية أسهمت في حصول المعارضة الليبية على دعم حلف شمال الأطلسي الذي تمثل في حملة قصف جوي بتفويض من الأمم المتحدة. وكان هو الذي أقنع الرئيس الفرنسي، آنذاك نيكولا ساركوزي بأن المجلس الوطني الانتقالي منظمة جديرة بالثقة حين أصبحت فرنسا أول دولة تعترف به. استقال جبريل من منصب رئيس الوزراء في أكتوبر/ تشرين الاول بعد أيام من مقتل القذافي على أيدي مقاتلي المعارضة في خطوة قال إنه خطط لاتخاذها متى يرحل القذافي. وقال مصدر دبلوماسي غربي «إنه ذكي ومخطط استراتيجي. وهو يحظى بإعجاب الغرب».

العدد 3598 - الجمعة 13 يوليو 2012م الموافق 23 شعبان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً