العدد 3599 - السبت 14 يوليو 2012م الموافق 24 شعبان 1433هـ

مسخ العقول

أحمد العنيسي comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

للإعلام دوركبير وهائل في مسخ العقول، لاسيما إذا ما تناول الكذب، والنفاق السياسي على أيدي مهرة متخصصين في سلب هذه العقول، أو ما يُعرفون بـ (الفسيفساء السياسيون).

المشكلة لدينا في زيادة انتشار سوق النخاسة لبيع الضمائر، تبعها اندثار أخلاقي وديني مقابل المال، وهؤلاء الباعة يتميزون بالنفاق السياسي، في سوق مهيأة لمسخ العقول.

هؤلاء -ممسوخو العقول- ينقسمون إلى ثلاثة أقسام، منهم من يقبل بسلب عقله للحصول على مغانم ومناصب يصبو لها، ومنهم من يخاف على خسارة نفوذه أو تجارته أوعلاقاته بالحكم إذا ما رفض سلب إرادته، وآخر ينتابه هاجس الخوف الذي قد يعرضه للمهانة والذل في بلدي، ووصم المعارض بالخيانة، ما يقوده إلى أشد العذاب والتنكيل.

فمن هؤلاء من لديه تفكير حر ونزيه وشفاف، ولكن أهدوا عقولهم لغيرهم ليفكروا عنهم، وكلما يقوله هذا الرمز والقائد يعتبرونه من المسلمات، حتى أصبحوا لا يميزون الغث من السمين، والحق من الباطل، والصدق من الكذب.

مع أن البعض منهم رجع لرشده، بعدما اتضحت له الصورة الحقيقية، بأن شركاءه في البلد ليسوا خونة، وأن مطالبهم عادلة، وأجنداتهم غير خارجية، إلا أنه لم يكن لهم دور في التفاعل السياسي، ولزموا الصمت تحت شعار «الصمت أسلم».

هذه مشكلة البلد العظيمة، التي ليس لها دواء، لأنه من يعتل بهذا المرض لا يعي بدائه، ولا يميز بين الفاعل والمفعول، والحق والباطل، والجاني والمجني عليه.

ومن أمثلة سلب العقول، والاستهزاء بها على المستوى المحلي، تصديق هراء وجود أسلحة «كلاشنكوف» بمستشفى السلمانية، أو قتل الأطباء للمرضى، فأين العقول من مقولة: حدث العاقل بما لا يُعقل، فإن صدَّقَ فلا عقل له!

من خلال تفحصنا لأوضاعنا، نجد أن لدينا الكثير من هذا البشر، الذي يستسلم ويقتنع بكل هراء يُقال هنا أو هناك، وتلعب مشاعره وعاطفته في تصديق هذا ونفي ذاك، مما أسهم ذلك بشكل كبير في الهوة التي حدثت بين أبناء الوطن.

للأسف في بلدي، البعض منهم لا يملكون رأياً سياسياً ذاتياً، وإنما تُحشا أدمغتهم بأفكار تضليلية، من قِبل أناس تدفعهم مصالحهم الخاصة، وهذا خلاف ما عهدناه من الشعب البحريني، الذي لا يقبل الوصاية على عقله وتفكيره، فكان لديه بصيرة بعيدة المدى، تقرأ الواقع، وتتفهم ما يدور حوله منذ أمد بعيد، فما الذي حصل؟!

علينا أن لا نقبل أن لا نقبل بتشويه عقولنا بوضعها في يد الغير، ولنحرر عقولنا، ونجرد تفكيرنا من الخزعبلات، التي من المخزي أنها انطلت حتى على النخبة من أصحاب الفكر والعلم والقلم.

أخيراً، نوجه رسالتنا إلى الشعب البحريني الأبي، بأن يحصِّن عقله وفكره، فلا يسمح لأحد بمسخ نعمة الله، وأن يبتعد عن الشائعات غير المنطقية، ويفكر في القول، ويحلله بالفكر، ولايكون لقمة سائغة بيد الحمقى والحاقدين والمنافقين. والله من وراء القصد.

إقرأ أيضا لـ " أحمد العنيسي"

العدد 3599 - السبت 14 يوليو 2012م الموافق 24 شعبان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 1:56 م

      حفظ الله الأقلام الحرة

      مقال يستحق الإشادة ، لما فيه من بيان لواضحات وضوح الشمس ، إلا أن البعض لم يزل لا يراها ، و هذا بحق دافعاً نحو اللحمة الوطنية.

    • زائر 4 | 9:48 ص

      كلام قوي ويستحق الإشادة

      خاصة اخر فقرة في الصميم، شكرًا للكاتب المتنوع في الطرح والا
      الافكار
      حسن الستراوي

    • زائر 3 | 7:19 ص

      صدقت يابن الديرة

      شكرا يا صاحب القلم الحر، وشكرا للتوضيح والامانة
      التي يتحلون بها كتاب هذه الجريدة الغراء

    • زائر 2 | 4:01 ص

      اين الديمقراطية

      الاعلام المحلي مأجور ،، ولاا يعطي لأحد الحق فِ الحديث عماا يجري على بلدهـ او عليه .. حرية التعبير مكفولة << صدق !!

    • زائر 1 | 1:22 ص

      تحكيم العقل

      11 - ينبيء عن عقل كل امرءٍ لسانه ويدل على فضله بيانه

اقرأ ايضاً