العدد 3609 - الثلثاء 24 يوليو 2012م الموافق 05 رمضان 1433هـ

لا يفوتكم الفوت

عيسى سيار comments [at] alwasatnews.com

-

يخطئ من يعتقد أو من يدعي أو يزعم بأن الحل الأمني المرن الذي يستخدم في البحرين في مواجهة حراك المعارضة الوطنية في منع المسيرات والاحتجاجات، بالإضافة إلى الرهان على الوقت، سوف يعمل على انحسار واضمحلال الحراك الشعبي المطلبي الذي تقوده المعارضة. ومن لايزال يعتقد ذلك فهو واهم، وعليه أن يتعظ من دروس وعبر تاريخ حركات التحرر العالمي في الشرق والغرب ورياح الربيع العربي، والتي أكدت بما لا يدع مجالاً للشك أن لا أحد يستطيع أن يوقف عجلة التاريخ أو أن يؤخر الربيع، فهذه سنة الحياة التي أوجدها الخالق جلت قدرته ولن تجد لسنة الله تبديلا.

إن الحصافة السياسية التي يجب أن يتمتع بها أي نظام سياسي تكمن في القراءة الواعية والواقعية للظروف الذاتية والخارجية، فمن كان يتوقع سقوط أنظمة قوية كنظام مبارك وبن علي والقذافي وصالح، والأسد الذي هو الآن على قارعة الطريق.

إن تلك الأنظمة الشمولية كانت تملك من الأجهزة الأمنية والقمعية أكثر من عدد أصابع اليد ولكنها تفككت وانهارت أمام الإرادة الوطنية لشعوب تلك الدول، وهنا نقول: على كل من يمتلك الحصافة السياسية أن يسأل نفسه: لماذا واجهت شعوب تلك الدول الأجهزة الأمنية القمعية بصدور عارية؟ الجواب الذي لا تريد أن تفهمه الأنظمة القمعية أو قد تفهمه متأخرةً كما حدث لمبارك وبن علي والقذافي وصالح والأسد حالياً، أن الشعب إذا أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر كما قال الشاعر التونسي أبوالقاسم الشابي. والشعب البحريني، كغيره من الشعوب العربية، يعشق حياة الحرية والعدالة والمساواة، وتاريخه النضالي يشهد على ذلك. فهذا الشعب يمتلك تاريخاً نضالياً ضد المستعمر والاستبداد، يمتد على مدى أكثر من نصف قرن من الزمان. وهو ليس بأقل من شعوب الربيع العربي تطلعاً إلى استنشاق عبير الديمقراطية التي تكفل له مشاركة حقيقة لا شكلية في صنع القرار السياسي.

وعلى رغم الاحتقان السياسي والمذهبي بسبب سيطرة الأطراف الراديكالية من هذا الفريق أو ذاك على المشهد السياسي، وعلى رغم اعتقاد حفنةٍ من المأجورين ممن باعوا نفوسهم مقابل المال في سوق النخاسة الدينية والإعلامية من أجل بث نار الفرقة وكراهية الآخر بأنهم قادرون ومن يقف وراءهم على ضرب مطالب الشعب البحريني في مقتل، فإن الشعب البحريني يقول لكم أنتم واهمون، فالشخوص تذهب وتبقى الشعوب وبيننا وبينكم التاريخ.

وعلى رغم انشطار وتشرذم المجتمع البحريني وكان آخره انشقاق الحركة العمالية والتي تقف وراءها أطراف معروفة باتت مكشوفة، يضاف إلى ذلك أخطاء استراتيجية وتكتيكية ارتكبتها جميع أطراف العملية السياسية، فإنه لاتزال أمامنا فرصة عظيمة يجب استثمارها من أجل رأب الصدع وتنقية الأجواء من الاحتقان السياسي والمذهبي، وكذلك من الغاز المسيل للدموع! هذه الفرصة تتجسد في أجواء شهر رمضان المبارك الذي أنزل فيه القرآن، هذا الشهر العظيم بأجوائه الإيمانية وروحانياته يجب أن يستفيد منه الجميع في جسر الهوّة وتليين القلوب التي تخشبت واخشوشنت حتى أصبحت الشخصنة والتصيد في الماء العكر والمناكفات العقيمة سمة التعامل وسيدة الموقف، حيث غيبت بقصد أو دون ذلك مصلحة الوطن والمواطن.

إن الليالي الرمضانية البحرينية بأجوائها الحميمية المعروفة من شأنها أن تقرب المسافات وتذيب الجليد، فأهل البحرين بطيبتهم ونبل أخلاقهم قادرون على السمو على خلافاتهم وجراحاتهم، وعلينا ألا نفوّت هذه الفرصة، فمن فاته الفوت ما ينفعه الصوت.

إن منظومة الحكم في البحرين هي المعنية رقم واحد بالأمر، وبالتالي عليها أن تقرن الأقوال بالأفعال ولا تفوت الفرصة، وأن نرى وبمناسبة هذا الشهر الكريم دعوة صادقة وصريحة من منظومة الحكم للقوى الوطنية لحوار منتج ومتكافئ وغير مشروط. وأعتقد جازماً بأن الشعب البحريني الأصيل يريد الحوار الذي يؤدي إلى أن يكون الشعب مصدر السلطات جميعاً كما ورد في دستور 2002 وهذا أمر ليس بدعة بل نصت عليه جميع الشرائع السماوية قبل الوضعية.

إن الشعب البحريني الأصيل الذي خرج في 14 فبراير/ شباط وفي فزعة الفاتح، لن يقبل مهما طال الزمن أن يعود الوضع السياسي والمعيشي إلى ما قبل 14 فبراير 2011، ومن يعتقد غير ذلك فعليه أن يأخذ دورات خاصة في ألف باء السياسة. فالقوى الوطنية على مختلف توجهاتها وانتماءاتها المذهبية والعقائدية والتي تقود الشارع السياسي، تتفق على أكثر من 80 في المئة من مطالب الإصلاح و20 في المئة الباقية قابلة للتفاوض ويمكن تزمينها، فالسياسة لا تؤمن بالمستحيل.

إن استمرار الجمود السياسي في البحرين لا يخدم إلا حفنة قليلة والتي تقتات على هذا الجمود، وإن استمرار منظومة الحكم في البحرين في المراهنة على الوقت والحل الأمني المرن واستراتيجية خنق التظاهرات التي تنظمها المعارضة الوطنية، يضع القوى الوطنية البحرينية قاطبةً أمام مسئولية وطنية جسيمة وبالتالي يتوجب عليها اليوم قبل الغد التداعي إلى حوار وطني صريح وشفاف وغير مشروط، وذلك لكي يتم الاتفاق على سقف مطالب محددة للإصلاح، تمثل الإرادة الوطنية للشعب البحريني بجميع مكوناته يتم تقديمها حزمة واحدة لمنظومة الحكم. حينها لا أعتقد بأن مثل هذه المطالب المجمع عليها من قبل القوى الوطنية سوف ترفضها أو تتجاهلها القيادة السياسية.

لذا فإن رمضان فرصة عظيمة أمام الجميع، فاغتنموها وعضّوا عليها بالنواجذ واحضنوها كما تحضن الأم وليدها، لا تضيعوها كما ضاعت فرص عديدة من قبل لأن البديل هو ترك البحرين وشعبها إلى المجهول... «فإن فاتكم الفوت ما ينفعكم الصوت»... فمن يرفع الشراع؟

إقرأ أيضا لـ "عيسى سيار"

العدد 3609 - الثلثاء 24 يوليو 2012م الموافق 05 رمضان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 22 | 1:38 م

      بارك الله فيك

      والله انت انسان شريف تحب الوطن وتهمك مصلحتك ..... واخوان سنه وشيعه ومحد يقدر يفرقنا بنت اوال

    • زائر 21 | 10:52 ص

      علي نفسها جنة براقش

      هل بحثنا بجد لماذا أناس مع الظام وآخرين ضد الظام ؟ ولماذا واحد يحب وآخر يكره ؟

    • زائر 18 | 8:57 ص

      Logic

      Wel ldone

    • زائر 17 | 6:31 ص

      من طول الغيبة ياب الغوانم

      مبارك عليك الشهر الكريم .... وبرك الله فيك يا استاذ عيسى

    • زائر 16 | 6:22 ص

      التشخيص أكبر من العلاج

      وها أنت يا يبن سيار، لا فقط تعطي تشخيصا دقيقا لمجريات الأمور في الوطن العزيز بجميع مفاصله؛ لا بل تشدد على الدواء بعد وصفه والعلاج، قبل تفاقم المرض وتفشيه فهنيئا لنا باعتبارنا شعب يتوق للحرية وللسماحة وللهدوء.. بمعطياتك الفكرية السياسية، كما هو الحال بحرقتك على بني جلدتك.. وترب أراضيهم.. وصيانة منجزاتهم وعقولهم ورقيم..
      كما أنك لا تنسى استغلال الأزمنة في تحلحل الوضع الذي يزريك ويزري كل غيور.. فكل رمضان وأنتم يا بن سيار وجميع المواطنين بالف خير ،، د.عبدالأمير زهير

    • زائر 14 | 4:35 ص

      ماذا عن المحاكمات التي تغص بها المحاكم كل يوم

      لو تتوقف المحاكمات والأعتقالات التعسفية اولادنا في السجون ونحن في شهر الله ، بل يحاكمون في هذا الشهر الفضيل بتهم باطلة كالتجمهر وهو مقبوض عليه في الطريق ، ماذا سيكون رد فعل الناس المحكومة من هذه الأجراءاءت وهم يرون ابناءهم يساقون للسجن لمدد سنة فما فوق لمجرد تهمة كالتجمهر ن هل سيرحبون بما يقوله المسئولون على الورق وحملة التجميل وان الشهر الفضيل فرصة للتآلف والكلام المعسول بينما الدولة نفسها لا تلتزم بذلك وتوقف تلك المحاكمات الظالمة وفي الشهر الكريم .

    • زائر 13 | 4:23 ص

      نرفع الشراع معك

      وين هلغيبه ياولد المحرق ولله افتقدناك

    • زائر 11 | 4:20 ص

      رغم طيبة الشعب لكنه لن يرجع للخلف مرة أخرى

      ماعانى منه شعب البحرين من ألم وجراح تدفعه قسرا للامام ولن تعيده للخلف أبدا وشهر الرحمة نستمد منه الثبات على الحق والمبادئ السامية التي نادى بها كل شعب البحرين النجباء والرجوع والإنبطاح هما من سمات المنافقين والشياطين وشعب البحرين أسمى من ذلك بكثير ، نعم للتآلف والقلوب الصافية التي لا تعرف الحقد، ولا للذل والرضوخ للفراعنة المستكبرين ....

    • زائر 10 | 4:09 ص

      حتى 20% لو يبتدون بها بعد زين مو 80%

      لاكن الرزيل رزيل ولو طاف الاربعين

    • زائر 9 | 3:57 ص

      لا حل الا بالحوار الجاد

      صدقت يااخ عيسى.. فإن الفرص تمر مر السحاب وهذا شهر رمضان شهر المحبة والغفران, وينك ياولي العهد ياقائد المستقبل يبوعيسى اجلس مع الشيخ علي سلمان وتوافقوا على المباديء السبعة وستحقق المصالحة الوطنية وسترى البحرين ناهضة من جديد وفي مقدمة الدول ولاتحتاج لهذه الجيوش,بل تحتاج لمن يرفع الشراع كما يقول كاتبنا المخضرم والوطني عيسى سيار المحبوب من جماهير الشعب. وشكرا....

    • زائر 8 | 3:43 ص

      كثر الله من أمثالك

      كلامك عين الصواب
      اذا فات الفوت لا ينفع الصوت
      نشكرك على هذه المقالات الرائعة وخصوصا اذا كانت تصدر من أناس وطنيين أمثالكم يا ابن المحرق
      تحياتي ابن الدير

    • زائر 5 | 2:39 ص

      شكرا استاذ

      ((وعلى رغم اعتقاد حفنةٍ من المأجورين ممن باعوا نفوسهم مقابل المال في سوق النخاسة الدينية والإعلامية من أجل بث نار الفرقة وكراهية الآخر بأنهم قادرون ومن يقف وراءهم على ضرب مطالب الشعب البحريني في مقتل، فإن الشعب البحريني يقول لكم أنتم واهمون، فالشخوص تذهب وتبقى الشعوب وبيننا وبينكم التاريخ.)) .. فأين المتعظ؟

    • زائر 4 | 2:35 ص

      اخوي عيسى

      ابارك لكم جميعا الشهر الكريم . وكما ذكرت كم هي الفرصة سانحة أكثر من ذي قبل . وما على الجميع خصوصا الحكومة إستغلاله في ما يرجع على الوطن بالخير واليمن والبركات . ارجوكم ثم ارجوكم أن تضعوا حلا جذريا . والا تكون قسمتكم طيزا .
      ويعطيك العافية يا ولد سيار .

    • زائر 2 | 1:28 ص

      بارك الله فيك يابن سيار

      كلامك عين الصواب وكثر الله امثالك

    • زائر 1 | 11:28 م

      كربابادي

      وصلت إلى مرحلة فقدت فيها الأمل بالإصلاح. انظر للمعطيات الإقليمية وخطاب المسؤولين الكبار في البحرين ستعرف أن الحكومة (ممنوع) عليها أن تبدأ بالإصلاح بسبب ظروف إقليمية. وافهمها بحصافتك يا أستاذي

اقرأ ايضاً