العدد 3611 - الخميس 26 يوليو 2012م الموافق 07 رمضان 1433هـ

الجمهوريون يسعون لإبعاد ناخبي أوباما عن صناديق الاقتراع

لم تثر قضية حقوق الناخبين في الولايات المتحدة منذ حقبة الحقوق المدنية هذا القدر من الجلبة مثلما تفعل خلال فترة الانتخابات الرئاسية المقررة في وقت لاحق العام الجاري.

ووفقاً لتقديرات مركز للدراسات القانونية بجامعة نيويورك، يمكن لمجموعة من القوانين الجديدة التي أقرتها المجالس التشريعية التي يسيطر عليهم الجمهوريون، إبعاد حوالى 5 ملايين أميركي عن صناديق الاقتراع خلال الانتخابات الرئاسية المقررة في 6 نوفمبر/ تشرين الثاني القادم. والأكثر تضرراً من هذه القوانين هم الأميركيون من أصول لاتينيه وإفريقية والشباب والمسنين، أي بعض من نفس الدوائر الانتخابية التي خرجت في أعداد قياسية لتحمل المرشح الديمقراطي، باراك أوباما إلى البيت الأبيض العام 2008 والتي تعتبر عنصراً أساسياً في محاولة إعادة انتخابه الصعبة أمام منافسه الجمهوري ميت رومني. وحتى صدور قانون حقوق التصويت العام 1965، كان يتم إبعاد الأميركيين من أصول إفريقية عن صناديق الاقتراع بشكل روتيني في بعض الولايات من خلال ممارسات شملت ضرائب الانتخابات واختبارات الأمية، وحتى بطلب حساب عدد الفقاعات الموجودة في قطعة صابون. وكان يطلق على هذه القوانين «قوانين جيم كرو»، نسبة إلى ممثل في القرن التاسع عشر كان يسخر من الزنوج. وتقول هيلاري شيلتون من الرابطة الوطنية للنهوض بالملونين إن القوانين الجديدة - التي تتطلب صوراً رسمية لتحديد الهوية وتطهير القوائم الانتخابية ممن يشتبه في أنهم مهاجرون غير شرعيين، وزيادة صعوبة إمكانية التسجيل أو التصويت في وقت مبكر- تعد بمثابة إحياء للحواجز القديمة. وقالت شيلتون لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): «قمنا بعمل شاق لتمرير قوانين في الستينيات (من القرن العشرين) ويجب أن يكون لدينا القدرة أخيراً على دفن (قوانين) جيم كرو... لكن رغم ما فعلناه، لايزال جيمس أي كرو المبجل على قيد الحياة وبحالة طيبة، بل وأصعب من أي وقت مضى، فيما يتعلق بحرمان الناخبين من التصويت». وطلبت ولايتان فقط بطاقة هوية مثبت بها صورة شخصية من كل ناخب العام 2010. ووفقاً للمؤتمر الوطني للمجالس التشريعية للولايات، هناك ما لا يقل عن 13 ولاية مررت قوانين بمتطلبات جديدة منذ العام 2011، بينها ولايات الترجيح وهي فلوريدا وأوهايو وبنسلفانيا وفيرجينيا، وكذلك تكساس وويسكونسين وكانساس. وأوقف حكام خمس ولايات، أو محاكم بها، هذه القوانين، ووفقاً لمركز برينان من أجل العدالة بكلية الحقوق في جامعة نيويورك، فإن عدد الولايات التي تتطلب تحقيق شخصية مرفق به صورة، ارتفع الآن إلى عشر ولايات بعدما بدأ تنفيذ القوانين الجديدة في الولايات الثماني المتبقية. وقادت وزارة العدل الأميركية المعركة الاتحادية لمنع القوانين، بمشاركة منظمات خاصة مثل مركز برينان. وفي يونيو/ حزيران، أقام مسئولو وزارة العدل دعوى قضائية ضد مبادرة تطهير قوائم ناخبي ولاية فلوريدا، على أساس أنها انتهكت قانون تسجيل الناخب الوطني للعام 1993 وأنها تحتوي على «أخطاء تضر وتربك الناخبين المؤهلين للتصويت». وأوقفت فلوريدا نفسها عملية التطهير ثم استأنفتها باستخدام قوائم اتحادية، وخصوصاً لتأكيد المهاجرين غير الشرعيين، ولايزال المسئولون الاتحاديون يراقبون الوضع عن كثب في فلوريدا وغيرها من الولايات.

وفي الوقت الذي من المقرر أن تجرى فيه الانتخابات بعد أشهر قليلة، لايزال الارتباك الذي أشار اليه مسئولون اتحاديون يتنامى بالنسبة للكثير من الناخبين الذين يخشى الخبراء أنهم ببساطة سيبتعدون عن صناديق الاقتراع. ويقول الجمهوريون إن القوانين الجديدة تهدف إلى منع التلاعب في الانتخابات، مشيرين إلى أن مركز بيو غير الحزبي قد خلص إلى هذه النتائج التي أشارت مؤخراً الى أن هناك 8ر1 مليون متوف لايزالون في قوائم الناخبين. وفي ولاية فرجينيا، وهي ولاية كانت عاملاً أساسياً في فوز أوباما في 2008، أعلن الحاكم، روبرت ماكدونيل أن قانون إثبات الشخصية سيعطي سكان الولاية «الإيمان بأنه لم يتم حدوث تلاعب في التصويت».

ورغم ذلك، يبدو التلاعب في أصوات الناخبين في بلد به 150 مليون ناخب مقيد حدثاً نادراً. فقد عثر الاتحاد الوطني للمحاميين الجمهوريين المحافظ العام الماضي على 400 دعوى قضائية فقط بحدوث تلاعب في أنحاء الولايات المتحدة على مدار عشر سنوات. واعترف ميك تورزاي أحد أبرز النواب الجمهوريين عن ولاية بنسلفانيا، بوجود دافع حزبي وراء هذه القوانين، معلناً أن المطلب الجديد بولايته بتقديم بطاقة هوية مرفق بها صورة «سيسمح للحاكم رومني بالفوز في ولاية بنسلفانيا». ويرجح أن يكون الامتثال لمتطلبات تحقيق الشخصية المرفق به صورة أصعب بالنسبة للفقراء والأقليات والشباب. ويقول مركز برينان إنه، على سبيل المثال، لايملك حوالى 25 في المئة من السود بطاقات هوية مرفق بها صورة مثل رخصة قيادة أو جواز سفر أميركي مقارنة بـ 8 في المئة من البيض. ويسمح قانون ولاية تكساس الجديد ببطاقات الهوية التي يحملها مالكو الأسلحة التي لايعلن عنها، ولكن ليس بطاقات هوية الطلاب. وقال كيشا جاسكينز وهو محام بارز بمركز برينان لوكالة الأنباء الالمانية (د.ب.أ) إن القانون «سيقيد الناخبين من إصول إسبانية ولاتينية»، وهم أقل احتمالاً أن يكون لديهم بطاقات هوية مقارنة بالناخبين البيض. وأرسلت ولاية فلوريدا التي يسيطر عليها الجمهوريون رسائل إلى آلاف الناخبين المسجلين للمطالبة بـ «دليل على المواطنة» في غضون 30 يوماً، وإلا فقدوا حق التصويت. ووصلت واحدة من هذه الرسائل إلى بيل انترنيكولا(91 عاماً)، أحد قدامى المحاربين في الحرب العالمية الثانية الذي حصل على النجمة البرونزية لدوره في معركة الثغرة. وقال انترنيكولا لصحيفة «ميامي هيرالد»: «تملكني الغضب». وعلى العكس من معظم الدول، لا تصدر الولايات المتحدة بطاقات هوية وطنية مرفق بها صورة شخصية، وهو الأمر الذي تقول عليه سيما أودوبي التي عملت مراقبة للانتخابات ومستشارة في أوروبا الشرقية ووسط آسيا، إنه يعكس ليس فقط اتحادية الولايات المتحدة ولكن أيضاً «عدم الثقة الأساسي الذي يكنه الأميركيون تجاه سلطة الحكومة». والنتيجة هي نظام معقد للغاية يفتقر للوحدة، وواحد معرض للتلاعب الحزبي وألاعيب السياسة التي يوعظ بها المسئولون الأميركيون والمنظمات المدنية خلال جهودهم الدولية.

العدد 3611 - الخميس 26 يوليو 2012م الموافق 07 رمضان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً