العدد 3613 - السبت 28 يوليو 2012م الموافق 09 رمضان 1433هـ

أولمبياد لندن والربيع العربي

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

انطلق مساء الجمعة حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية 2012 في العاصمة البريطانية (لندن)، بمشاركة فرق رياضية من أكثر من مئتي دولة عبر العالم.

كان واضحاً أن البريطانيين كانت تسيطر عليهم عقدةٌ بضرورة تخطي افتتاح أولمبياد بكين الذي أبهر العالم حينها، ولذلك أخرجت بريطانيا فلذات أكبادها وعباقرة فنها وممثليها - بمن فيهم مستر بين - لتخرج بافتتاحٍ يبقى طويلاً في ذاكرة العالم. بل فكّر المخرج للإتيان ببدعةٍ كبرى، حين اختار إيصال صاحبة الجلالة الملكة إليزابيث إلى الملعب عن طريق الإيحاء بنزولها عبر الباراشوت بصحبة الممثل جيمس بوند! ولو كنت بريطانياً لانتقدت هذه البدعة التي لم تحفظ للملكة وقارها وجلالها ومنزلتها، لتنزل الملعب وكأنها صبيةٌ في العشرين!

افتتاح بكين ركّز على الجانب الثقافي والحضاري، بينما ركّز افتتاح لندن على الجانب الاجتماعي والموسيقي والتاريخي لبريطانيا، مهد الثورة الصناعية التي غيّرت وجه العالم خلال القرنين الماضيين. وربط الافتتاح الأخير حلقات التطور الحضاري من الزراعة إلى صناعة الصلب وانتهاءً بعصر الإنترنت... حلقات متتابعة يصل بعضها بعضاً.

الحفل شاهده أكثر من مليار شخص حول العالم كما تقول الـ «بي بي سي»، وربما يكون الرقم أكبر. وقد تزامن تنظيمه مع منتصف الليل وانتهى وقت السحور في المشرق، حيث أُجبِر كثيرون من أمثالي على متابعته، ولو كان في وقتٍ آخر لاكتفينا بقراءة ما يُنشر من تقارير صحافية صباح اليوم التالي.

الحفل حضره زعماء أكثر من مئة دولة، واختار المنظّمون أن يكون الانطلاق مبهِراً، بأن تنتقل الشعلة الأولمبية عبر نهر التايمز على متن بارجة حربية، حيث تلقّفها شخصٌ عسكري، وسلّمها لمجموعةٍ من الشباب مختلفي السحنات، لتوقد بعدها الشعلة الرئيسية تمهيداً للافتتاح بكلمة الملكة.

في الاستعراض، حمل علم الأولمبياد مجموعةٌ من الشخصيات العالمية، في مقدمتهم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، حيث لبس الجميع ملابس بيضاء شبه رياضية، وخطر ببالي سؤالٌ عن عدد البروفات التي خضع لها بان كي مون من أجل الأداء على أحسن وجه!

وسط هذا العرض كله، استوقفني منظرٌ مؤثر، حين ركّزت الكاميرا على وجهٍ بدا مألوفاً، حيث وقفت ممرضةٌ - ربما - تلقن شخصاً كلاماً في أذنه، وقد ارتدى نظارةً شمسيةً، وهو يهزّ رأسه بتثاقل. بدا كفيفاً وثقيل السمع، وظهرتْ كمن يشرح له ما يجري حوله من ضجيج. هل فعلاً كفّ بصر وسمع محمد علي كلاي... عملاق الملاكمة الذي عرفناه منذ نعومة أظفارنا؟ هل انتهى ذلك الملاكم الرشيق المعروف بحركة الفراشة... إلى رجل مصاب بالرعاش يتحرك على مقعد متنقل؟

كانت الفرق تدخل الملعب تتقدمها أعلامها، وكان واضحاً أن أكبر الدول تمثيلاً، بالإضافة إلى البلد المضيف، الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي. هذه الدول، فضلاً عن مستوى الرفاه الاجتماعي، تتمتع بديمقراطياتٍ ثابتةٍ، وشعوبٍ تتفرغ للإبداع في شتى المجالات، بدل حرق السنوات الطويلة من أعمارها وجهودها جرياً وراء انتزاع حقوقها الأساسية من الطبقات المستأثرة بالمال والسلطة والنفوذ، في اعتراضاتٍ لا تنتهي، وشباب مهمش عاطل عن العمل، يحرق نفسه احتجاجاً.

سماء لندن أضاءت بشعلة الألعاب الأولمبية الضخمة، بينما تضيء سماوات مدن الربيع العربي بسحب الغازات السامة والرصاص المطاطي وتختنق بمسيلات الدموع.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3613 - السبت 28 يوليو 2012م الموافق 09 رمضان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 14 | 12:43 م

      عندنا المهرجانات الليله

      يات مناسبات كثيره علي البحرين دوليه ومحليه ولكن اللي مغرق الناس في الظلاميه والافكار السلبيه والمضلوميه مو قادرين يتعايشون مع الاخرين. بسنا تقوقع طاف اسبوع من رمضان وحنا للان متفرقين علي عكس ما انحاول نبديه والمجالس متطافنه للاخر بسنا عاد ماباقي من العمر شي كثير

    • زائر 13 | 7:51 ص

      محرقية

      كل الدول العربية التي قامت بها ثورات شعوب الانظمة كانت لا تعترف بهذه الثورات وقالت عنها انها مدعومة من الخارج وراجعوا كلام رؤساء الدول ..... كل قوانين حبر على الورق... والدليل ان الكل يعترف بشئ اسمه واسطة يعني القانون يمشي على ناس وناس... واذا اردنا ان نعيش في وطن واحد علينا ان نلبس لباس الوطنية بعيدا عن الطائفية

    • زائر 12 | 6:47 ص

      جملة خطأ

      أخر جملة خطأ يا أستاذ- ليس بمدينة من مدن الربيع العربي ما تدعي . مصر ليس بها , ولا ليبيا ولا تونس . اليمن بها قتال مع جماعات مدعومة من إيران ومن القاعدة ولكن ليس بها مطاطي ولا عازات مسيلة . إن كنت تقصد سوريا, فهناك القصف بطائرات الميغ والقنابل الذكية يا أستاذ. أما إن كنت تقصد البحرين هذا أيضا خطأ - البحرين ليست جزءا من الربيع العربي ولا صيفه .

    • زائر 10 | 3:20 ص

      البحرين في لندن

      البحرين في أولمبياد لندن ليست هي البحرين التي تعيش في داخلي وأعيش فيها وعلى ترابها.

      لم أكن بحاجة إلى التأمل مليًّا في صور الرياضيين الذين مثلوا البحرين في لندن لأقول أن هذه ليس البحرين التي يعرفها الناس.

      الاحترام كل الاحترام إلى الإنسان، ولكن يؤسفني أن أرى البحرين تُمثًّلُ بأجسادٍ يدفع لها أجر جهدها، ولا طعم للإنجاز الذي تحققه إلا في حدود من استأجرها لهذه المهمة.

    • زائر 9 | 2:24 ص

      مواطن اصلي

      ناس وناس هاذهي الحيات ناس مرتاحه وناس حتا في بيوتهم خائفه لاكن الامل بي الله قوي اليس الصبح بقريب

    • زائر 8 | 2:20 ص

      رائع يا أبو عمار

      خلاصة الموضوع الفقرة الأخيرة و اكيد وصلت إلى من يهمه الأمر إذا كانت فيهم ذرة حية باقية .

      تحياتي / أبو سيد حسين

    • زائر 6 | 2:12 ص

      اوافقك و لكن ...؟

      سيد نسيت شيئا ان تذكره و هو ان هذه الدول وصلت لما وصلت اليه عن طريف المكر وخداع الشعوب الشرقيه المسالمه فهم يحيكون المؤامرات تلو المؤمرات في انصاف الليالي من اجل النيل منا نحن الشعوب المسالمه و التي لا تعرف للمكر و الخديعه سبيل
      انهم وصلو لما وصلو اليه عن طريق انحطاط كامل في انسانيتهم

    • زائر 5 | 1:23 ص

      لاعبي الأولمبياد لا يقولون كان أبي بل ها أنا ذا

      رائعٌ ووفيٌّ ودقيق جداً ما رسمه الكاتب للافتتاح في هذا العمود. وهذا يدعو للتمعن ومشاهدة لقطات الصوره والتوقف عند الشخوص والافكار الفنية والتاريخية. ففي حين أن بكين لم تستحضر فلاسفتها ولا سورها العظيم، بل ابداع الرياضيين والفنانين كان كفيل بفعل ذلك. أما لندن فأظهرت لتذكر العالم برموز مثل: الملكة ، بارجة عسكرية، الأمين العام للأمم المتحدة، ومحمد علي كلاي.
      فما علاقة البارجة العسكرية بالالعاب ألألمبية؟ وهل الامين العام للأمم المتحدة من أبطال أولمبياد بكين أم اليونان؟

    • زائر 4 | 1:18 ص

      إسلام بلا مسلمين ومسلمين بلا إسلام.. والسبب إستئثار قاعدة (أينما تذهبي يأتيني خراجك)..

      الدول الغربية، فضلاً عن مستوى الرفاه الاجتماعي، تتمتع بديمقراطياتٍ ثابتةٍ، وشعوبٍ تتفرغ للإبداع في شتى المجالات، بدل حرق السنوات الطويلة من أعمارها وجهودها جرياً وراء انتزاع حقوقها الأساسية من الطبقات المستأثرة بالمال والسلطة والنفوذ، في اعتراضاتٍ لا تنتهي، وشباب مهمش عاطل عن العمل، يحرق نفسه احتجاجاً..

      سماء لندن أضاءت بشعلة الألعاب الأولمبية الضخمة، بينما تضيء سماوات مدن الربيع العربي بسحب الغازات السامة والرصاص المطاطي وتختنق بمسيلات الدموع..

    • زائر 3 | 12:11 ص

      لو تفتح عمل الشيطان ولكن لو...

      صدقت يابوهاشم لو اعطية الشعوب الإسلامية والعربية كامل حقوقها الطبيعية والمشاركة في إتخاذ القرار مع الأنظمة السياسية الحاكمة لنافسنا الولايات المتحدة وأوربا في الميداليات ولتفوقنا عليهم لأن شبابنا مبدع وفي حجم التحدي،ولكن للأسف يقتل الإبداع في أوطاننا وتدفن الطاقات في مقابر التهميش والإقصاء الإثني والمذهبي والسياسي،ولتحول وفد دولة عربية خليجية إلى وفد اثيوبي أو صومالي أفريقي لا يستطيع أن يمزه أحد لولا العلم الذي يتقدمه وبعض المواطنين قد تميزهم بعد عناء.هذا واقعنا المؤلم نسأل الله الفرج للجميع.

اقرأ ايضاً