العدد 3624 - الأربعاء 08 أغسطس 2012م الموافق 20 رمضان 1433هـ

طاقات إعلامية معطلة

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

الثروة الأولى والأهم في أي بلد هي ما تحتويه من مبدعين في كل المجالات. فالطاقات البشرية هي المورد الأساس لأي تطور اقتصادي أو اجتماعي أو تعليمي أو معرفي. وكلما كان هؤلاء المبدعون متميزين كلما أمكن وصول أسماء بلادهم لدى من لا يعرفها بشكل أسرع وأبهى وذلك من خلال منجزاتهم وما يحققون.

وما حدث في السنوات الأخيرة من بعد ميثاق العمل الوطني والانفتاح النسبي في حرية الإعلام الذي واكبه صدور العديد من الصحف والاهتمام بالطاقات الشابة في مجال الإعلام المرئي والمسموع، أدى إلى بروز طاقات إعلامية في مجال الكتابة الصحافية والإذاعة والتلفزيون، إضافة إلى التصوير الفوتوغرافي والتدوين والكاريكاتير. الأمر الذي مثّل دافعاً لدى الكثيرين في اقتحام الساحة العربية لإيصال أصواتهم وأعمالهم من خلال المشاركة في المسابقات العربية والعالمية أحياناً، ومن خلال العمل كمتعاونين أو موظفين بدوام كامل أحياناً أخرى.

الأسماء المتميزة التي ظهرت في الساحة الإعلامية المحلية، والتي وصلت إلى الساحات الخليجية والعربية كثيرة، وكانت سبباً في إحراز الجوائز لهيئة شئون الإعلام وللصحف المحلية، إضافةً إلى إثبات وجودٍ لبعض الأسماء التي شاركت بصفة فردية فأحرزت الجوائز والمناصب الأولى وخصوصاً في مجال الفوتوغرافيا والكاريكاتير، والأمثلة كثيرة في هذا المجال.

البديهي في أي بلاد تحترم الموارد البشرية التي تملك وتقدرها، أن يتم تكريم هؤلاء والاعتزاز بمنجزهم من خلال منحهم أفضل فرص العمل وتوفير الأجواء المناسبة لتنمية إبداعاتهم وتعزيز مواهبهم وتطوير قدراتهم من خلال إدراجهم ضمن برامج تدريبية ودراسية متى ما توافرت لديهم الرغبة في التخصص أكثر علمياً في مجالاتهم، ولكن ما حدث في البحرين من بعد فبراير/ شباط العام الماضي كان عكس هذا تماماً؛ إذ تم الاستغناء عن خيرة الكوادر الإعلامية في هيئة شئون الإعلام وفي الصحف المحلية، ولم تكتفِ بعض المؤسسات بهذا الاستغناء فحسب بل رافقها سوقهم للجان تحقيق داخلية ولتحقيقات في مراكز الشرطة كما سمعنا وقرأنا عن كثير من الحالات وما عانته ولاتزال.

اليوم وبعد مرور عام ونصف العام على تلك الأحداث وهذا العقاب غير المبرر، لا تزال أسماء كثيرة رائعة ومميزة غائبة عن الساحة الإعلامية بسبب استبدالها بأسماء ما سمعنا بها من قبل، ولا تعرف هي كيف تبدأ مشوارها الإعلامي بطريقة صحيحة ومهنية، إذ بات بعضهم بوقاً لأقلام الكبار في الوسط الصحافي والذين يعدون أبواقاً أخرى لأصوات أخرى لا تريد الخير لهذه البلاد. أسماءٌ لا تكتب أنفسها بقدر ما تكتب ما يملى عليها، وبالتالي لن تستطيع يوماً الاستقلال بأصواتها ومعرفة ما تريد تحقيقه من أهداف، إلا إذا تمردت قبل فوات الأوان.

لسنا ضد دخول أسماء جديدة عالم الإعلام، فمن الصحي والجميل أن تتجدد الدماء دائماً في كل المجالات، ولكننا ضد استبدال الجيد بمن لا مستقبل له من خلال إمكاناته المتواضعة التي لا تبشّر بتألق أبداً مع علم المسئولين بهذا. استبدال لا سبب له سوى الانتقام والرغبة في الإقصاء.

أي صوت وطني لابد وأن يكون ضد سحب الفرص من أسماء محلية أثبتت جدارتها وروعة وجودها في مجالاتها حتى غابت تماماً عن الساحة الإعلامية بسبب أحداث 14 فبراير؛ فقط لأن مواقفها لم ترُقْ للمسئولين في المؤسسات التي كانت تعمل بها، فأصبح غيابها يمثل خسارة فادحة للإعلام المحلي، حتى غادر بعضها المملكة واتجه لإعلام الدول الأخرى ليمارس المهنة التي يعشق.

أي صوت وطني لابد وأن يكون ضد إهمال أي صوت أو عدسة أو قلم أو ريشة مبدعة، حظيت بكل الحضور العربي المميز وأحرزت كل تلك الجوائز المتوالية من غير أن يكون لها مصدر رزق في بلادها ومساحة للتعبير عن آرائها وعرض إبداعها. فهناك إعلاميون مميزون ينتظرون الفرج بأن ينفتح الإعلام المحلي وتؤسس صحف جديدة ليستطيعوا العودة لمجالاتهم التي أبدعوا فيها من غير خوف من تضييق أو تشهير.

هنالك إعلاميون لايزالون ينتظرون عودتهم إلى أماكنهم لنشر الروح الوطنية وتخفيف السعار الطائفي الذي دنس إعلامنا المحلي طوال عام ونصف العام. إعلاميون يحلمون بالعودة للقلم والكاميرا والسماعة والميكرفون ليقولوا في الصباح: «صباح الخير يا بحرين» من غير أن يستثيروا أحداً أو يحرّضوا على أحد.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 3624 - الأربعاء 08 أغسطس 2012م الموافق 20 رمضان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 7:40 م

      اين الطاقات

      تعمد ان جلب العمالة لان الاجنبي لايفكر الافي راتبة وايطاعة الاوامر ولاكن البحريني له نضرة ابعد من ذالك .

    • زائر 5 | 10:56 ص

      الإعلام والأعلام والكراسي بلا أقلام الإعلام والأعلام والكراسي بلا أقلام

      من المشهور بل معلوم كل بلد لها علم تعرف به، كما من النذر أن لا يكون فيه أعلام!
      ألم يتعلم أحد؟ أم لا توجد بهذا البلد جامعات ولم يدرس خارج البلاد أحد؟ أم لازالوا مشغولين بالدراسة؟
      أم أن الكراسي المسيقية أسقطت العلم وبقى الكرسي في المقدمة؟
      فلا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم

    • زائر 4 | 10:41 ص

      الام مدرسة ومدرسة الام

      غير مسجل بشهادة ولا بدليل بـأن أم الاختراع الحاجة، لكن أين أبناء وبنات الحاجة التي لم تحج قط؟
      ليس تحولا نوعي الى كمي ولا كمي الى نوعي، إنما من طاقة الى أخرى. فالطاقة لها وبها قدرة تحتاج الى قود محرك لانتاج طاقة أخرى.
      لكن فما فائدة طاقة بلا قدرة؟ وما عائدة وقود بلا محرك؟

    • زائر 3 | 7:03 ص

      ليس في الاعلام فقط

      ارجوا منكم التركيز مستقبلا على مثل هالمواضيع لان فعلا هناك حملة لنحر واعدام الطاقات المتميزة في مجالات عديدة والشواهد كثيرة

    • زائر 2 | 7:00 ص

      امثله

      ياريت استاذة سوسن ذكرتي امثلة من الاسماء لهذة الطاقات الاعلامية المتميزة ولكوني قريب من وزارة الاعلام اذكر المخرج المبدع القفاص والمذيعتين المتميزتين بنت الخواجة وبنت طريف ونقلهم التعسفي ورميهم في المطبعة

    • زائر 1 | 3:43 ص

      كل الطاقات معطلة

      صدقت استاذة سوسن طاقات البحرين معطلة في كل الاصعدة وكل تامجالات وليس الاعلام فقط وقد بدأ هذا منذ عشرات السنين

اقرأ ايضاً